أميركا تؤكد مجدداً رغبتها في «نهاية سلمية» للأزمة الليبية

بومبيو: لا وجود لحل عسكري... ونريد العمل مع روسيا لإنهاء الصراع

TT

أميركا تؤكد مجدداً رغبتها في «نهاية سلمية» للأزمة الليبية

فيما جددت واشنطن رغبتها في «نهاية سلمية» للأزمة الليبية، أكد مايك بومبيو وزير الخارجية الأميركي، أن الولايات المتحدة ترى «ضرورة الحل السياسي» في ليبيا، وأنه لا مجال للحل العسكري هناك، معتبراً أن الحل السياسي «هو الحل الوحيد لتجنيب البلاد العنف والدمار».
وقال بومبيو في مؤتمر صحافي بوزارة الخارجية صباح أمس، إنه تحدث في الشأن الليبي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، أول من أمس، في أثناء زيارته لواشنطن، ولقائه الرئيس ترمب في البيت الأبيض، مشيراً إلى أنه تطرق إلى الوضع الليبي مع لافروف، وأكد له أن الحل السياسي «هو الوحيد لتجنب العنف في ليبيا... ولا توجد قدرة لأي من القوات المتنافسة هناك على حل الخلاف بطريقة يحققون فيها نصراً عسكرياً». مشدداً على أن «الحل السياسي هو الذي يجلب الاستقرار... ونحن نود العمل مع الروس للوصول إلى طاولة المفاوضات، وإلى موقف يسمح لتحقيق ما تسعى الأمم المتحدة لتحقيقه»، مشيراً إلى أن لافروف قال إنه مستعد للعمل على ذلك، وأنه ذكر خلال حديثه مع لافروف أن «هناك قراراً أممياً بحظر السلاح على ليبيا، وأنه لا يجب لأي دولة أن تنتهك ذلك، وهذا ينطبق أيضاً على الدول الأخرى، التي تقدم الأسلحة للأطراف المختلفة».
من جانبها، أعلنت السفارة الأميركية لدى ليبيا أن القائم بأعمالها التقى، في تونس، فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق المدعومة من البعثة الأممية، بينما أدرجت وزارة الخزانة الأميركية أحد ضباط «الجيش الوطني» الليبي، الذي يقوده المشير خليفة حفتر، على لائحة عقوباتها بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
وقال بيان مقتضب للسفارة الأميركية إن القائم بالأعمال جوشوا هاريس، اجتمع مع السراج، في تونس العاصمة، مساء أول من أمس، «كجزء من الحوار الجاري بين الولايات المتحدة وليبيا للتوصل إلى نهاية سلمية لصراع طرابلس، ودعم حوار الأمم المتحدة بشأن الحل السياسي».
كان السراج قد أعلن عن اجتماعه أيضاً، مساء أول من أمس، في تونس، مع رئيسها قيس سعيد، الذي أكد بدوره مساندة بلاده للمسار الديمقراطي في ليبيا، ووقوفها بكل إمكانياتها إلى جانب الشعب الليبي. وأشار حسب بيان لمكتب السراج إلى أن تونس تتأثر مباشرةً بكل ما يحدث في ليبيا.
وكانت وزارة الخزانة الأميركية قد أعلنت أن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لها أدرج الرائد محمود الورفلي، الضابط بـ«الجيش الوطني»، على قائمة عقوباتها التي تشمل منع السفر، وتجميد الأرصدة المالية المتعلقة به. وقالت في بيان لها إنه «مسؤول عن، أو متواطئ، أو شارك بشكل مباشر أو غير مباشر في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان». مبرزةً أن الورفلى نفّذ منذ عام 2016 أو أمر بقتل 43 محتجزاً غير مسلح في ثمانية حوادث منفصلة، وأنه تم تصوير العديد من عمليات القتل هذه، ونشرها على وسائل التواصل الاجتماعي.
ورحبت حكومة السراج بالقرار، ورأت وزارة الداخلية بالحكومة أن الورفلي مطلوب للقضاء الوطني والدولي لارتكابه جرائم قتل جماعي، دون إخضاع الضحايا لأي تحقيقات رسمية، مشيرةً إلى أنه تمت ترقيته، ويشارك في العمليات العسكرية جنوب طرابلس، بدلاً من معاقبته وتسليمه للقضاء لمحاكمته.
ميدانياً، بثت شعبة الإعلام الحربي بالجيش الوطني، لقطات مصورة لما قالت إنه جزء من عمليات قوات الجيش وتعاملها مع مدرعات العدو، مشيرة إلى أن «هذه المشاهد جزء بسيط من المهام الروتينية، التي يقوم بها أبطال وحدات (الكورنيت) التابعة للقوات المسلحة، والتي أثبتت فاعليتها بشكلٍ كبير بعد أن استطاعت تدمير عشرات العربات المسلحة والمدرعات التركية».
كان تقرير للأمم المتحدة قد كشف، أول من أمس، عن مشاركة مجموعات مسلحة من السودان وتشاد في القتال في ليبيا خلال العام الجاري، لكنه لم يذكر في المقابل وجود مرتزقة روس كشفتهم وسائل الإعلام مؤخراً.
من جهة أخرى، قال مطار معيتيقة الدولي بالعاصمة طرابلس في بيان، أمس، إن ميلاد معتوق، وزير المواصلات بحكومة السراج، أصدر تعليماته باستئناف جزئي للرحلات بالمطار، اعتباراً من اليوم بشركتي الخطوط الجوية الليبية والأفريقية، على أن تتبعهما شركتا «طيران البراق» و«الأجنحة الليبية»، الأحد المقبل.
وبخصوص الأزمة التي اندلعت بين تركيا وعدد من دول الجوار بعد توقيع أنقرة اتفاقية أمنية مع حكومة السراج، قال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أمس، إن الاتفاق الأمني بين بلاده وليبيا «لا يشمل بنداً بخصوص نشر تركيا قوات هناك».
وأوضح جاويش أوغلو أن الاتفاق الجديد يركز أساساً على التدريب. وقال في مؤتمر صحافي بأنقرة إن «الاتفاق الأمني لا يتضمن أي بنود بخصوص إرسال قوات. وقد سبق أن وقّعنا اتفاقات مماثلة من قبل، وهذا مجرد اتفاق محدّث. ليس هناك انتشار للقوات».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».