مصر: ارتفاع أسعار العقارات رغم انخفاض تكلفة مواد البناء

مصر: ارتفاع أسعار العقارات رغم انخفاض تكلفة مواد البناء
TT

مصر: ارتفاع أسعار العقارات رغم انخفاض تكلفة مواد البناء

مصر: ارتفاع أسعار العقارات رغم انخفاض تكلفة مواد البناء

شهدت أسعار مواد البناء في مصر موجات متتالية من الانخفاض خلال الآونة الأخيرة، وصفها بعض الخبراء بأنها «غير مسبوقة»، لتعود أسعار الإسمنت في مصر إلى أسعار ما قبل عام 2011، لكن هذا الانخفاض في أسعار الحديد والإسمنت، لم يظهر تأثيره على أسعار العقارات في السوق المصرية، التي واصلت الارتفاع، وسط حالة من الركود دفعت المطورين العقاريين إلى تقديم تسهيلات في السداد وصلت إلى عشر سنوات في بعض الشركات العقارية، وانخفض سعر الحديد بمبلغ تجاوز الألفي جنيه في الطن، بسبب تراجع أسعار خام البيليت على مستوى العالم، والذي وصل سعره إلى 410 دولارات لطن الحديد، (من 12500 جنيه مصري للطن نهاية العام الماضي إلى 9850 جنيهاً للطن حاليا)، بينما انخفضت أسعار الإسمنت الأسود بمبلغ يصل إلى نحو 80 جنيها للطن، من 850 جنيها (الدولار الأميركي يعادل 16.4 جنيه مصري) نهاية العام الماضي، إلى ما بين 760 جنيها إلى 800 جنيه بحسب النوع، وتراجع سعر الإسمنت الأبيض بمبلغ 200 جنيه مصري في الطن.
وأكد أحمد الزيني، رئيس شعبة مواد البناء بالغرفة التجارية المصرية في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» انخفاض أسعار البناء بشكل غير مسبوق في الفترة الأخيرة، موضحا أن ارتفاع سعر طن الإسمنت خلال العام الماضي، ووصوله إلى 1300 جنيه، كان بسبب توقف إنتاج بعض المصانع في سيناء، لكن اليوم بعد افتتاح مصنع للإسمنت في محافظة بني سويف (200 كيلومتر جنوب القاهرة) انخفضت الأسعار.
وافتتح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في شهر أغسطس (آب) العام الماضي مجمع إسمنت بني سويف الجديد، الذي يضم 3 مصانع جديدة، والذي يوفر نحو 20 في المائة من إنتاج الإسمنت في مصر، بمعدل 37 ألف طن يوميا، أي ما يعادل 11 مليون طن سنويا.
من جانبه قال أحمد عبد الحميد، رئيس غرفة مواد البناء باتحاد الصناعات، في تصريحات صحافية، إن «سعر طن الإسمنت انخفض بشكل كبير ليتجاوز الأسعار التي كان عليها قبل عام 2011، حيث كان سعر طن الإسمنت يبلغ 800 جنيه، بينما يصل اليوم بعد زيادة الإنتاج عن الطلب إلى 760 جنيها»، مشيراً إلى أن «انخفاض الأسعار أدى إلى تنشيط سوق مواد البناء بعد حالة الركود التي شهدتها، نتيجة ارتفاع الأسعار الناتج عن ارتفاع تكاليف التشغيل، وفرض الضريبة المضافة، وقرار تحرير سعر صرف الجنيه مقابل الدولار».
لكن انخفاض أسعار مواد البناء لم يؤثر على أسعار العقارات التي تشهد موجات متتالية من الارتفاع خصوصاً في المدن الذكية الجديدة التي تعكف الحكومة المصرية على إنشائها، فوفقا لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في تحليل سوق العقار، فإن الأسعار في العاصمة الإدارية الجديدة، إحدى المدن الذكية، شهدت ارتفاعا بنسبة 9.8 في المائة خلال الـ12 شهرا الماضية، لتصل إلى 12500 جنيه مصري للمتر السكني في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، مقارنة بـ10 آلاف و900 جنيه مصري خلال نفس الشهر من العام الماضي، والوضع لم يختلف في المناطق القديمة أيضا، فوفقا لنفس المؤشر شهد حي الزمالك بوسط القاهرة ارتفاعا في الأسعار بنسبة 12.7 في المائة خلال الـ12 شهرا الماضية ليصل متوسط سعر المتر السكني إلى 21950 جنيها مصريا للمتر السكني خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بـ18900 جنيه مصري في نفس الشهر من العام الماضي، وشهدت أسعار العقارات زيادة بنسبة 10.6 في المائة في حي المهندسين، بينما زادت الأسعار بنسبة 5.6 في المائة في منطقة التجمع الخامس، (شرق القاهرة) و8 في المائة في مدينة 6 أكتوبر (غرب القاهرة) و9.4 في المائة في مدينة الشيخ زايد، وفقا لمؤشر «عقار ماب».
ويتوقع خبراء عقارات عدم انخفاض أسعار العقارات تزامنا مع انخفاض تكلفة مواد البناء، ومن بينهم الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لن يحدث انخفاض في أسعار العقارات لأنه لا يشكل الإسمنت والحديد أكثر من 10 في المائة من التكلفة، والباقي متعلق بسعر الأرض، وتكلفة مواد التشطيب مثل الدهانات وغيرها، وهي الأمور التي شهدت ارتفاعات كبيرة في الأسعار مؤخرا».
من جانبه أكد الخبير العقاري تامر ممتاز لـ«الشرق الأوسط» أن «مواد البناء ليست عنصرا أساسيا في تحديد سعر العقار، الذي يتحكم فيه بشكل أساسي تكلفة الأرض، وحجم الطلب»، موضحا أن «أسعار الأراضي ما زالت مرتفعة، نتيجة محدودية الملكية، كما أن هناك مناطق مثل التجمع الخامس والعاصمة الإدارية الجديدة، تواجه ارتفاعا في الطلب على العقار، مما يزيد الأسعار خصوصاً مع قرب انتقال الحكومة إلى العاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة) وهو ما يزيد الطلب أيضا على المدن المجاورة لها مثل مدينة بدر»، مضيفا «بعض المناطق ستشهد تضاعفا في الأسعار نتيجة لزيادة الطلب عليها وليس انخفاضا في الأسعار».
ووفق عبد العظيم فإن «السوق العقارية تعاني حاليا من ركود نسبي، مما يدفع الشركات لتقديم تسهيلات كبيرة في البيع، تصل إلى (زيرو مقدم)، مع إمكانية السداد على 10 سنوات، حتى أن بعض المطورين يقدمون هدايا للعميل عند توقيع عقد شراء وحدة سكنية أو تجارية»، مشيراً إلى أن «العقار هو أحد أنواع الاستثمار الناجح، حتى في حالة الركود، فالعقار يمرض ولا يموت، ومع انخفاض أسعار الفائدة في البنوك، سيزيد الإقبال على شراء عقارات بتسهيلات»، بحسب وصفه.



تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».