كوبنهاغن تسعى للحد من المضاربات في مجال إيجارات المساكن

صناديق التقاعد الدنماركية تعترض على خطة تثبيت قيمتها

صناديق التقاعد الدنماركية تركز استثماراتها خلال السنوات الأخيرة على قطاع العقارات لتعزيز عائداتها في ظل الفائدة السلبية على الودائع المصرفية
صناديق التقاعد الدنماركية تركز استثماراتها خلال السنوات الأخيرة على قطاع العقارات لتعزيز عائداتها في ظل الفائدة السلبية على الودائع المصرفية
TT

كوبنهاغن تسعى للحد من المضاربات في مجال إيجارات المساكن

صناديق التقاعد الدنماركية تركز استثماراتها خلال السنوات الأخيرة على قطاع العقارات لتعزيز عائداتها في ظل الفائدة السلبية على الودائع المصرفية
صناديق التقاعد الدنماركية تركز استثماراتها خلال السنوات الأخيرة على قطاع العقارات لتعزيز عائداتها في ظل الفائدة السلبية على الودائع المصرفية

في الوقت الذي تستعد فيه بعض صناديق التقاعد في الدنمارك لخفض محافظها المالية، قال وزير الإسكان إنه يرى أن حدوث تراجع في السوق بنسبة 10 في المائة أمر مقبول، في إطار سعيه لتعديل القانون من أجل منع المضاربات.
ووفقاً لما أوردته وكالة أنباء «بلومبرغ» الأميركية، يأتي هذا التعليق من قبل الوزير في الوقت الذي تشهد فيه الدنمارك نقاشا ساخنا، يدور إلى حد كبير حول شركة الاستثمار المالي الأميركية «بلاكستون غروب».
ويقول كار ديبفاد، وزير الإسكان في الحكومة التي يقودها الحزب الاشتراكي الديمقراطي، إن المجموعة تقدم مثالا «سيئا» في مجال السكن، حيث يتم شراء عقارات، وتطويرها ثم إعادة طرحها للإيجار في السوق بأسعار لا يتحملها المستأجرون. وتقول «بلاكستون» إنها تعمل بحسب القانون وإنها تمثل جزءا صغيرا من سوق العقارات في كوبنهاغن، بما لا يسمح لها بالتأثير على الأسعار.
وكشف الوزير في وقت سابق الأسبوع الجاري النقاب عن مقترح يستهدف حماية المستأجرين. ولكن بدلاً من ذلك، أثار المقترح انتقادات داخل دوائر المعاشات التقاعدية في الدنمارك، التي رأت أن الخطة كبيرة على نحو من شأنه أن يقوض الاستثمارات في مجال الإسكان في البلاد على المدى الطويل.
ولكن مثل هذه الانتقادات لم تكن لتدفع الوزير إلى التراجع. وقال الوزير في مقابلة مع «بلومبرغ» بثتها مؤخراً: «يمكنني التعايش مع خسائر صغيرة بما أن حجم السوق قد تضاعف خلال السنوات الخمس الماضية»، مضيفاً: «في ظل هذه الخلفية، يمكنني قبول خسائر تصل إلى 10 في المائة».
كانت صناديق التقاعد الدنماركية دخلت على خط الجدل الدائر بشأن اعتزام الحكومة منع زيادة إيجارات المساكن في البلاد لمدة 10 سنوات مقبلة بهدف الحد من المضاربات قصيرة المدى في قطاع الإسكان الدنماركي.
وقالت الصناديق إن الخطة التي تقترحها الحكومة والتي كانت تستهدف في البداية التصدي لمضاربات «بلاكستون غروب» في قطاع الإسكان الدنماركي بشكل أساسي، ستؤدي إلى خنق الاستثمار في القطاع، بحسب «بلومبرغ»، التي أشارت إلى أن صناديق التقاعد الدنماركية تركز استثماراتها خلال السنوات الأخيرة على قطاع العقارات من أجل تعزيز عائداتها في ظل الفائدة السلبية على الودائع المصرفية.
وقال ميشيل نيلمان بيدرسن، مدير الاستثمار في صندوق تقاعد «بي كيه إي»، إن الاقتراح يمثل خطوة للوراء بالنسبة للدنمارك، في حين ذكر صندوق «بي إف إيه» وهو أكبر صندوق تقاعد تجاري في الدنمارك ويدير أصولا بقيمة 100 مليار دولار تقريبا، إن خطة الحكومة تتجه إلى الهدف الخطأ.
وقال ميشيل برون رئيس القطاع العقاري في الصندوق إن «الأمر يشبه فرض حظر على استخدام الدراجات الهوائية لمجرد أن شخصا ما قاد دراجته وكسر الإشارة الحمراء» للمرور.
وأضاف: «نعرف أن بعض العاملين في هذا المجال يمثلون التفاحة المعطوبة، لكننا نتعرض الآن للعقاب لأن هناك آخرين لا يستطيعون التصرف بالطريقة المناسبة».
يذكر أن صناديق التقاعد الدنماركية تدير أصولاً بنحو 450 مليار دولار. وكان وزير الإسكان الدنماركي كاري ديبفاد اقترح فرض حظر على زيادة إيجارات المساكن المرتبطة بتجديدها لمدة 10 سنوات بهدف التصدي لظاهرة ارتفاع أسعار الإيجارات والمضاربة في السوق.



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».