تونس: دور الدولة والقطاع الخاص على مائدة منتدى «أيام المؤسسة»

TT

تونس: دور الدولة والقطاع الخاص على مائدة منتدى «أيام المؤسسة»

احتضنت مدينة سوسة التونسية يومي 6 و7 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، أعمال منتدى «أيام المؤسسة»، التي نظمها المعهد العربي لرؤساء المؤسسات، وجمعت أكثر من ألف مشارك من بينهم رؤساء سابقون، على غرار الرئيس التونسي محمد الناصر، والرئيس التركي السابق عبد الله غول، ووزراء اقتصاد من بينهم الألماني ديرك نبيل واليكسيس تسيبراس رئيس الوزراء اليوناني السابق، ومجموعة من الخبراء في الشأن الاقتصادي من البرتغال وألمانيا واليونان وجنوب أفريقيا... والذين تناولوا بالبحث خلال المناقشات «المؤسسة والدور الجديد للدولة».
ونظمت لهذا الغرض عدة ورشات متخصصة، طرحت الحالة التي ستكون عليها العلاقة بين القطاع العام ممثلا في الدولة والقطاع الخاص ممثلا في المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال، في ظل الأزمات الاقتصادية التي تعرفها مجموعة من الدول من بينها تونس.
وأكد يوسف الشاهد رئيس الحكومة التونسية، على أهمية دور الدولة اليوم، وضرورة التركيز على القطاعات الاستراتيجية والاجتماعية. وأشار إلى دعم القطاع الخاص في المجالات التنافسية، مضيفا أنه من الأولويات إعادة هيكلة المؤسسات العمومية في إطار تشاركي بين جميع المتدخلين في الشأن الاقتصادي. ودعا إلى ضرورة استكمال الإصلاحات في مجالات الطاقات المتجددة والرقمنة والمالية العمومية.
ومن ناحيته، أكد عبد الله غول الرئيس التركي السابق على ضرورة محافظة الحكومة على الفصل بين السلطات ومراقبتها، إضافة إلى محافظتها على ألا تتأثر بانعكاسات الصراعات الحزبية. ودعا السلطات التونسية إلى فتح اقتصادها على مختلف المجالات الاقتصادية والتشجيع على المبادرة، وفتح المجال للاقتصاديين وأصحاب المؤسسات لجلب الاستثمارات وخلق فرص العمل وتجاوز معضلة البطالة.
وفي السياق ذاته، قال التونسي الطيب البياحي، رئيس المعهد العربي لأصحاب المؤسسات، إن اختيار المعهد لموضوع «المؤسسة والدور الجديد للدولة» يعود إلى الرهانات والتحديات التي تتطلب مساهمة جميع الأطراف في ظل ما تعرفه تونس من أزمة مالية كبيرة، أنتجت وضعا مؤلما للمؤسسة وعجزا تجاريا قياسيا وعجزا في موازنات المؤسسات العمومية والخاصة وارتفاع نسبة البطالة وتدهور الخدمات العامة في التعليم والصحة والنقل.
ودعا البياحي إلى ضرورة بلورة رؤية اقتصادية وسياسية تكسب ثقة التونسيين، وتمكن من إنقاذ البلاد وإصلاح اقتصادها المتهالك.
ويذكر أن تونس قد صادقت على قانون للشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص بغرض تنفيذ مشاريع حكومية بين الطرفين، لكن النتائج الاقتصادية المحققة كانت ضعيفة، خاصة بعد أن أكدت هياكل الدولة التونسية أن نسبة النمو الاقتصادي مع نهاية السنة الحالية لن تتجاوز 1.5 في المائة في أفضل الحالات.
وكانت «أيام المؤسسة» قد تناولت عدة محاور هامة، من بينها «فاعلية المؤسسات العمومية وكيفية تحسين الحوكمة وتحقيق الإصلاحات»، و«تقلص الموارد المالية للدولة» و«جودة الخدمات العمومية وتحسين ظروف عمل الموظفين»، إضافة إلى كيفية بناء دولة قوية يمكنها احتضان المبادرات الخاصة وتوجيهها نحو القطاعات الاستراتيجية.



«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
TT

«إتش إس بي سي» ينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين

مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)
مقر بنك «إتش إس بي سي» في العاصمة البريطانية لندن (رويترز)

قالت مصادر مطلعة لـ«رويترز» إن بنك «إتش إس بي سي» سينسحب من أعمال بطاقات الائتمان في الصين بعد 8 سنوات من إطلاقها؛ حيث كافح البنك للتوسع وجعل المشروع مربحاً في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وقالت 3 مصادر مطلعة مباشرة على الأمر إن البنك الذي يركز على آسيا، توقّف عن إصدار بطاقات جديدة، ويعمل على تقليص الخدمة المقدمة لجزء كبير من العملاء الصينيين. وقال اثنان منهم إن الإغلاق المخطط له يأتي بعد محاولات فاشلة لبيع الأعمال.

وقالت المصادر إن البنك الذي لا يزال في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على الخطط، قد يستمر في خدمة بطاقات الائتمان لشريحة صغيرة من العملاء «المميزين». وقال أحد المصادر إن عملاء بطاقات الائتمان «المستقلين» لدى البنك، أولئك الذين لا يستخدمون خدمات «إتش إس بي سي» المصرفية في الصين، لن يتمكنوا من تجديد بطاقاتهم عند انتهاء صلاحيتها، مضيفاً أن هؤلاء العملاء يشكلون جزءاً كبيراً من الأعمال في البلاد.

ويؤكد قرار الانسحاب، الذي لم يتم الإبلاغ عنه سابقاً، على التحديات التي يواجهها البنك في توسيع نطاق وجوده في الصين كجزء من تعهده بالتحول إلى آسيا وتعميق وجوده في الاقتصادات الإقليمية الرئيسية.

ورفضت المصادر الكشف عن هُويتها لأنها غير مخوّلة بالتحدث إلى وسائل الإعلام. وقال متحدث باسم الشركة لـ«رويترز»، دون الخوض في التفاصيل: «كجزء من خدماتنا المصرفية الخاصة المتميزة والعالمية في البر الرئيسي للصين، نواصل تقديم خدمات بطاقات الائتمان التي تركز على السفر الدولي وميزات نمط الحياة».

وتمثل هذه الخطوة تراجعاً عن طموح البنك في تنمية أعمال بطاقات الائتمان في الصين بسرعة بعد إطلاقها في أواخر عام 2016 كجزء من محوره الآسيوي وتوسيع خدماته المصرفية للأفراد وإدارة الثروات في الصين.

وتُظهر بيانات من إصدارات البنك أن «إتش إس بي سي»، الذي يقع مقره الرئيسي في لندن، والذي يحقق الجزء الأكبر من إيراداته في آسيا، كان لديه نحو مليون مستخدم لبطاقات الائتمان الخاصة به في الصين بحلول سبتمبر (أيلول) 2019.

وقال أحد المصادر إنه في غضون 18 شهراً من إطلاق الخدمة، شهد بنك «إتش إس بي سي» وصول الأعمال إلى 500 مليون دولار من الرصيد المستحق، قبل أن يتوقف النمو وتنخفض المعاملات بسبب عمليات الإغلاق الصارمة الناجمة عن كوفيد في الصين... ومنذ ذلك الحين، شدد المستهلكون الصينيون الإنفاق في ظل تباطؤ الاقتصاد، مما أدى إلى انكماش سوق بطاقات الائتمان بشكل أكبر.

ووفقاً لبيانات من «إنسايت آند إنفو كونسالتينغ»، نما إجمالي إصدار البطاقات في 6 سنوات متتالية ليصل إلى ذروة بلغت 800 مليون بطاقة في عام 2021، وانخفض إلى 767 مليون بطاقة بحلول عام 2023.

وقالت مصادر إن «إتش إس بي سي» واجه أيضاً منافسة شديدة وقيوداً تنظيمية في أعمال بطاقات الائتمان في الصين لم يواجهها من قبل في أسواق أخرى، مثل القواعد المتعلقة بتسعير أسعار الفائدة وكيفية تعامل البنوك مع التخلف عن السداد. وأضافوا أن هذه القيود، إلى جانب ارتفاع تكلفة اكتساب العملاء والاحتيال، قوضت آفاق الأعمال.

وبصرف النظر عن نظرائها المصرفيين الصينيين، تواجه البنوك الأجنبية مثل «إتش إس بي سي» أيضاً تحديات من المنصات الرقمية الصينية التي توسعت بسرعة لتقديم خدمات القروض الاستهلاكية بتكاليف أقل بشكل حاد. ولا تقدم سوى حفنة من البنوك الأجنبية خدمات بطاقات الائتمان في الصين، بما في ذلك «ستاندرد تشارترد» وبنك شرق آسيا.

كما يراجع بنك «إتش إس بي سي» النفقات والضوابط التشغيلية في أعمال الثروة الرقمية الصينية، في خطوة قد تؤدي إلى تسريح العمال، حسبما ذكرت «رويترز»، الشهر الماضي.

وتُعد منطقة الصين الكبرى، التي تضم هونغ كونغ وتايوان، أكبر مصدر للدخل للمجموعة، لكن الصين هي السوق الوحيدة عالمياً التي لم تحقق فيها أعمال الثروة والخدمات المصرفية الشخصية في «إتش إس بي سي» أرباحاً بعد. وفي النصف الأول من عام 2024، أعلنت الوحدة عن خسارة قدرها 46 مليون دولار مقارنة بـ90 مليون دولار في الفترة المقابلة من العام الماضي.