أنقرة «غير راضية» على الدوريات العسكرية شرق الفرات

أعلنت أن خطتها لـ«المنطقة الآمنة» شمال شرقي سوريا لم تلقَ دعماً أوروبياً

TT

أنقرة «غير راضية» على الدوريات العسكرية شرق الفرات

قال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن تركيا لم تحصل حتى الآن على النتيجة المرجوة من تسييرها دوريات مشتركة مع القوات الروسية والأميركية في شمال شرقي سوريا.
وأضاف إردوغان أن تركيا طلبت من الولايات المتحدة وروسيا انسحاب من سماهم «الإرهابيين»، في إشارة إلى عناصر وحدات حماية الشعب الكردية التي تقود تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد) من شمال سوريا، لكنهما «لم تقما بهذه المهمة بعد».
وتابع إردوغان، في مقابلة مع التلفزيون الرسمي التركي ليل الاثنين/ الثلاثاء، قائلاً: «نحرز تقدماً نحو الأفضل، لكن لم نحصل على النتيجة المتوقعة حتى الآن».
ولفت إلى إمكانية توطين 530 ألف شخص في المنطقة الممتدة بين مدينتي المالكية ورأس العين بمحافظة الحسكة، و405 آلاف بين مدينتي رأس العين وتل أبيض بمحافظة الرقة شمال شرقي سوريا.
وقال إردوغان: «هدفنا وخطتنا تتمثل في توطين مليون شخص في المناطق الآمنة بين تل أبيض ورأس العين»، مشيراً إلى أنه أطلع زعماء الدول خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في لندن الأسبوع الماضي، على خطة تركيا حيال الشمال السوري، التي تتضمن تشييد مستشفيات ومدارس ومبانٍ حكومية في المنطقة الآمنة.
وأضاف: «اتفقت في القمة الرباعية الأخيرة لقادة تركيا، بريطانيا، وألمانيا وفرنسا، حول سوريا، التي عقدت في لندن على هامش قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو)، مع قادة الدول الثلاث على خطة تركيا، ولكن قلنا إنه يجب أن نتوصل إلى الدعم المادي، فمن دون الدعم لا يمكن اتخاذ أي خطوات، ومن المفترض أنهم وعدوا بذلك».
ولفت إلى أن تركيا ستستضيف في فبراير (شباط) المقبل، قمة رباعية جديدة حول الشأن السوري.
من ناحية أخرى، جدد إردوغان رفض تركيا «القاطع» إجراء لقاءات مع قائد قوات «قسد» مظلوم عبدي، الذي وصفه بأنه «إرهابي أجرم بحق أرواح المئات من المواطنين والجنود الأتراك»، (في إشارة إلى اللقاءات الأميركية معه)، قائلاً إن تركيا أكدت أنها ستحيد هذا الإرهابي أينما وجدته.
في سياق متصل، ناقش وزير الدفاع التركي خلوصي أكار مع نظيره الروسي سيرغي شويغو الوضع في شمال سوريا وسير تنفيذ المذكرة الروسية التركية الموقعة في سوتشي في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بشأن انسحاب الوحدات الكردية من مناطق في شمال شرقي سوريا وتسيير دوريات مشتركة تركية - روسية إلى حين إقامة المنطقة الآمنة.
وقالت وزارة الدفاع التركية، في بيان، إن اتصالاً هاتفياً جرى الليلة قبل الماضية بين الوزيرين التركي والروسي، تم خلاله بحث التطورات الأخيرة في منطقة عملية «نبع السلام» (شمال شرقي سوريا)، والوضع في إدلب وغير ذلك من القضايا الأمنية.
وتواصل الشرطة العسكرية الروسية تسيير دوريات مشتركة مع القوات التركية في شمال سوريا، تنفيذاً لمذكرة تفاهم سوتشي التي وقعتها روسيا وتركيا خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى روسيا في أكتوبر الماضي.
وتنص المذكرة الروسية - التركية على انسحاب الوحدات الكردية من المناطق الحدودية بشمال سوريا، وانتشار حرس الحدود السوري على الحدود مع تركيا وتسيير دوريات مشتركة للقوات الروسية والتركية لمراقبة الأوضاع في المنطقة.
من ناحية أخرى، قالت وزارة الدفاع التركية إن القوات الخاصة التركية (الكوماندوز) أبطلت مفعول 565 قذيفة هاون في شرق مدينة رأس العين في شمال شرقي سوريا.
وأضافت، في بيان أمس (الثلاثاء)، أن قوات الكوماندوز التركية أبطلت مفعول 565 قذيفة هاون عثرت عليها في منزل شرق رأس العين السورية خلال عملية أمنية.
وأشار البيان إلى أن عناصر وحدات حماية الشعب الكردية قاموا بتفخيخ المنزل بمئات قذائف الهاون، مشيراً إلى أن العملية التي قامت بها قوات الكوماندوز التركية منعت حدوث كارثة في المدينة.
وأكد مواصلة «كوماندوز» أعمال التمشيط والبحث عن الألغام والمتفجرات لتوفير الأمن والاستقرار للأهالي، ولإعادة الحياة إلى طبيعتها.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».