المشهد: علي الجابري وفريقه

المشهد: علي الجابري وفريقه
TT

المشهد: علي الجابري وفريقه

المشهد: علي الجابري وفريقه

* منذ تسلم الصديق علي الجابري إدارة مهرجان أبوظبي السينمائي، تبدى هذا المهرجان على غير ما كان عليه في البداية. الآن - وهو ينطلق بعد أيام في دورة جديدة - تتضـح ملامح هذا التطور، فإذا بالدورة تعد بأن تكون أفضل دوراته قاطبة.
* شيء بالغ الأهمية يقع عندما تنتقل الإدارة من رئاسة أجنبية إلى رئاسة محلية.. أو لا يقع. حدث هذا سابقا مع مهرجان دبي، الذي انتقلت إدارته قبل عدة سنوات إلى أيد إماراتية طموحة وقادرة، وحدث مع مهرجان أبوظبي الذي تناوب عليه أكثر من مدير غير إماراتي قبل أن يستوي بين يدي علي الجابري، الذي هو من لبنة السينما الإماراتية، كونه أخرج ومثل وشارك في نهضتها قبل عدة سنوات.
* هذا الشيء بالغ الأهمية لم يقع بعد مع مهرجان الدوحة حتى من بعد تغيير إدارته. لكن هناك، كما يبدو، أسبابا جوهرية لهذا الشأن، مجالها كلمة أخرى. المهم هو أن هذا الشيء كناية عن سعي حثيث لدى الإدارة المحليـة للذود عن المهرجان عبر دعمه روحيا والسهر على نجاحه أكثر مما يفعل، في اعتقادي، مدير أجنبي يضع فيه جهده من دون بوصلة اهتمام عضوية. لا أقول إنه لا يعمل لإنجاح ما يقوم به وما عُـيـّن لأجله، لكن حب النجاح المتأتـي من حبـه الوطن، ذلك البذل الإضافي والعلاقة المسبقة واللاحقة ما بين الرئيس والمدير غير الأجنبي والبلد الذي ينتمي إليه، يبقى غائبا.
* هذا لا يعني أن المدير، أيا كان، يعمل بمفرده. هناك نظام عمل تتوزع مفرداته بين آخرين كثيرين يسهمون في إنجاح المهمـة أو إفشالها. مهرجان أبوظبي السينمائي، مثلا، محظوظ كونه يتعامل مع مدير برمجة عربية اسمه انتشال التميمي. هذا المنشـط السينمائي جلب خبرته المديدة في العمل حين انتقل إلى رحاب المهرجان المذكور. لديه معرفة واسعة بما يقوم به. ينطلق من ضرورة النجاح في المهام المنوطة به، سواء أكان مجرد السعي للحصول على فيلم، أو تشكيل برمجة عربية قويـة يدعمها حب المثقفين السينما الجادة والمتميـزة. وإذا ما كانت بعض أهم الإنتاجات العربية تذهب إليه كل سنة، فإنه السبب في ذلك.
* نظرة إلى برنامج المهرجان الكلـي الذي سينطلق يوم الخميس المقبل، تشي بأن الدورة الجديدة هي الأقوى. وسواء أخذنا في عين الاعتبار أفلامه العربية أو تلك المستضافة من حول العالم، فإن مهرجان أبوظبي تحول بدوره من ظاهرة استعراضية حول السينما ليصبح مهرجانا فعليا يطرحها لذاتها أولا.
* في عداد ذلك، لا يهتم الناقد - إلا من حيث المتابعة - ما إذا كان الفيلم المعروض لم يسبق عرضه عالميا أو في المنطقة بحد ذاتها. نعم، يعرف الفارق والأهمية الكبيرة لاستقطاب الأفلام التي يستطيع المهرجان تسميتها «وورلد برميير»، شأنه في ذلك شأن كل المهرجانات الكبيرة حول العالم. لكن، ما هو أهم بالنسبة إلى الناقد أن يجد الأفلام ذاتها قوية وجديرة. يخرج من الدورة وقد ازداد علما ومعرفة وتقديرا للمهنة التي صرف فيها حياته ولا يزال.
* إقامة المهرجانات السينمائية ليست ترفا. لم تكن كذلك يوما. ومن ينظر إلى مهرجان «كان» بصفته المهرجان الأول عالميا ويرى منه الاحتفالات والنجوم ولمعات كاميرات المصورين، عليه أن ينظر مرة ثانية. هو نتاج ثقافي هادر ومؤسَّس على نحو يخدم المخرج والمنتج وباقي أطقم العمل. الباقي ضروري للهالة، لكن الصلب يبقى الأهم وهو موزع على شكل ذلك الاحتفاء بالأفلام الجديرة ومخرجيها الكبار.



شاشة الناقد: أفلام على اختلافها لم تأتِ جيدة جداً

«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)
«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)
TT

شاشة الناقد: أفلام على اختلافها لم تأتِ جيدة جداً

«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)
«معطراً بالنعناع» (ريزون 8)

معطراً بالنعناع ★★☆

رسائل شفهية في عتمة الأماكن

فيلم محمد حمدي الأول مختلف جداً عن أي فيلم مصري (أو عربي) حٌقّق في تاريخ السينما العربية. الاختلاف بحد ذاته لا يمنح الفيلم درجة التقييم. من الممكن أن يكون مختلفاً وبديعاً أو مختلفاً ورديئاً وهو أقرب إلى التصنيف الثاني. فيلم داكن في الصورة وفي الذوات البشرية التي تسكنه. يجد المخرج لها مبررات مناسبة. هذا لأن أبطاله يتقدمهم دكتور محبط (علاء الدين حمادة)، يعيشون حالات من الكآبة المطلقة تزداد عبثاً مع تناولهم الحشيشة طوال الوقت. أي نحو 90 دقيقة من مدة عرض الفيلم (التي تبلغ 113 دقيقة). وعوض استمتاعهم بهذه «السلطنة» تبقى أدمغتهم واعية وقادرة على الحديث في مسائل وجودية وسياسية (على الخفيف) مع قليل من الشّعر وكثير من الذكريات التي تتشابك بحيث لا تتضح لها زاوية فعلية تنطلق منها أو تعود إليها.

في دقائقه الـ10 الأولى يؤسّس أسلوب عمله من حالات شخصية وتصوير (قام به بنفسه) وإيقاع. هذا الإيقاع خافت باستمرار والمُشاهد عليه أن يفتح أذنيه جيداً ليتمكّن من التقاط الكلمات المتبادلة. هذا لأن الإيقاع الخافت يشمل كذلك الأداء والتلقين وتشخيص الحالات. الدكتور وأصحابه (من ثلاثة لأربعة حسب المشاهد) يركضون في الظلمة مثل جرذان هاربة من مطاردين (لا نعرفهم) ويأوون دوماً إلى خرابات تضمّهم بعتمتها أو إلى شِقق هي بدورها تبدو كخرابات كلّ شيء فيها قديم وباهت. حتى في ساعات النهار فإن النور مبتسر تأكيداً أو ترميزاً للحالة التي يمر بها أشخاص الفيلم.

الصورة، على الرغم من سوداويتها، هي أهم وأفضل من الموضوع المطروح. صحيح أن رجال الفيلم يتعاطون، لجانب الحشيش، مسائل تهمّهم، لكن ليس كل ما يهم شخصية ما في فيلم ما يهم المشاهدين. بالضرورة. لذا تنحصر الحسنات في الصورة. بينما تمرّ المَشاهد بإيقاع خافت ورتيب، مما يحدّ كثيراً من قدرة الفيلم على التواصل مع مشاهديه.

* عروض حالياً في مهرجان مراكش

Maria ★★★

العمق العاطفي لماريا كالاس

«ماريا» هو ثالث فيلم بيوغرافي ينجزه المخرج التشيلي بابلو لاراين (حسب اللفظ الأسباني) بعد (Jackie) «جاكي»، 2016 و(Spencer) «سبنسر»2021. مثل سابقيه هو فيلم عن امرأة ومثلهما هو عن شخصية حقيقية هي مغنية الأوبرا ماريا كالاس (هناك حفنة أفلام عنها أهمها «Maria By Callas» لتوم وولف، 2017) إلى جانب فيلم إيطالي آخر في التحضير بعنوان «Maria‪/‬Callas» لروبرت دورنهلم.

«ماريا» (ذِ أبارتمنت)

معالجة لاراين تختلف كونها متّصلة بالكيفية التي يحاول فيها تقديم رؤيته لشخصياته فهو يسعى دائماً إلى التقاط العمق العاطفي أكثر مما يهتم لسرد السيرة حكائياً. على ذلك، «ماريا» كما يقدّمه هنا يبقى على السطح أكثر من الدخول في عمق شخصيّته. ما يشغله في سرد الأيام الأخيرة من حياة بطلته هو التصاميم الفنية والديكوراتية وتحريك الكاميرا عبرها وهذا جيد لولا إنه يأتي على حساب تحديدٍ أفضل لمن هي ماريا كالاس.

يسرد الفيلم أحداثها الأخيرة وبعض مواقفها الشخصية والفنية لكن الحكاية يمكن لها أن تكون عن أي شخصية لمغنية وإن كانت خيالية. بطبيعة الحال، وكما بات مألوفاً، يعمد المخرج إلى مشاهد استرجاعية (الفلاشباك) بالأبيض والأسود لكن أهم عنصر في هذه الدراما هي محاولة ماريا التغلّب على ذكرياتها مع أرسطو أوناسيس (الذي تركها للزواج من جاكي كينيدي، شخصية فيلم لوراين السابق).

* عروض حالياً في مهرجان البحر الأحمر

TROIS AMIES ★⭐︎

حوارات ومشاهد تُراوح مكانها

لا يبتعد المخرج موريه في فيلمه «ثلاث صديقات» عن التيمة التي اختارها سابقاً لمعظم ما حقّقه من أفلام مثل «تغيير عنوان» (Changement d'adresse) 2007، و«هل نُقبّل» (Shall We Kiss) 2007، و«الأشياء التي نقولها، الأشياء التي نفعلها» (Les Choses qu'on dit, les Choses qu'on fait) 2020. التيمة المذكورة لا تخرج عن نطاق تداول وتناول العلاقات المتأرجحة ما بين الحب والجنس، أو الحب من دون جنس أو العكس.

«ثلاث صديقات» (موبي دَك فيلمز)

القصّة في عنوانها: 3 صديقات جوان (إنديا هير)، ريبيكا (سارا فورستييه) وأليس (كامل كوتان) والعديد من الحكايات السابقة (تشعر جوان إنها مسؤولة عن موت حبيبها السابق إريك لأنها تركته)، وفي الحكايات الحاضرة يتداولن التجارب التي مررن بها مع آخرين. لا الأحداث مهمّة ولا الحوار (يمتد بلا نهاية) يعني كثيراً. كل ذلك يَرِد مثل قراءة صفحة واحدة من مجلة إشاعات ومن دون لمسات فنية تذكر. بدورها كل لقطة تشبه، تأسيساً وإدارة. ما يسبقها وما يليها.

* عروض: حالياً في صالات فرنسية

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز