بيتهوفن: الفن يمنح الحياة سببا

TT

بيتهوفن: الفن يمنح الحياة سببا

العبارة التي تسود أحيانا من دون تدقيق هي أن يوهان فان بيتهوفن، ذلك الموسيقار الرائع، ألّـف ألحانه وهو أطرش وقاد الفرق الموسيقية التي كانت تعزف موسيقاه من دون أن يسمعها. لكن هذا ليس الحال تحديدا.
وحتى عام 1796 لم يكن بيتهوفن يشكو من أي عطب في أذنيه. كان بدأ وضع ألحانه قبل ذلك بسنوات. كان بدأ العزف والتلحين في مطلع التسعينات. والطرش لم يحدث فجأة، بل على مراحل، بحيث وضع بعض أفضل ألحانه بين 1798 و1802 وهو قادر على سماعها. في تلك المرحلة أيضا كان يدرّس الموسيقى لبعض العائلات الأرستقراطية ولأولاد وزوجات «البارونيين» والكونتيسات ولم يكن يشكو من الطرش وإن كان عليه أن يجهد بعد ذلك لسماع ما يدور حتى فقد القدرة على السمع تماما.
الحالة ازدادت، حسب شهادة أحد تلاميذه وهو الموسيقار التشيكي الأصل كارل زيرني، بعد عام 1810 حتى إذا ما حل عام 1812 كان بيتهوفن فقد السمع تماما. بالتالي، معظم ما وضعه بيتهوفن من أعمال خالدة جرى في مرحلة كانت حاسة السمع لديه إما صحيحة أو مقبولة باستثناء تلك الهبـة الإبداعية التي صاحبته قرابة عام 1822 مستعيدا بعض نشاطه إثر فترة خمود.
حين أصبحت هذه الحاسة شديدة الوقع بحيث ما عاد بإمكانه سماع ما يُـعزف له أو لسواه، ولا بالطبع للحديث والمشاركة في أي نقاش مجدٍ، انتقل للعيش في قرية لا تبعد كثيرا عن فيينا. قلّ ظهوره كثيرا على الصعيد الاجتماعي. لكن نشاطه لم يتأثر كثيرا. بالأحرى صار لديه الوقت لكي يكتب الرسائل والنصوص التي جمع بعضها في كتب والتي عكست وجدانياته وأفكاره.
حسب مراجع، كتب نحو 400 مؤلّـف من هذا النوع، ولو أن غالبها تعرّض للإتلاف عندما قرر سكرتيره أنطون شيندلر أنها ليست صالحة وأن ما سيكتبه هو (وقد حوّل نفسه إلى مؤلف لسيرة حياة بيتهوفن) وحده الذي يجب أن يؤخذ بعين الاعتبار.
هذا الشأن ليس له علاقة وطيدة بطرش بيتهوفن، باستثناء أن بيتهوفن كتب لبعض أصحابه أنه لولا الموسيقى لانتحر. وفي كتاب جديد حول حياته بعنوان «غضب وانتصار» وضعه جان سوافورد، أعرب عن ذلك شفهيا لبعض معارفه وذلك قبل أكثر من 15 سنة قبل وفاته في عام 1827.
إذن، طرش بيتهوفن، إذ انحسر في مرحلة معيّـنة، أدّى كذلك إلى وضع الكتب والرسائل من ناحية ولم يوقفه عن العمل إلا لفترات محدودة أنف فيها من الاختلاط أو تبعا لعضال أو عارض صحّـي. ما لا نجده واضحا، بصرف النظر عن كثرة المراجع المكتوبة عنه، هو لماذا قرر بيتهوفن عدم الاستسلام نهائيا لذلك العائق الرئيس الذي أجهض عليه متعة الاستماع إلى ما يمارسه؟
لكن ليس التكهّـن وحده ما يقف وراء الاعتقاد هنا أن حبّ بيتهوفن للفن هو الذي جعله يحب الحياة ويتمسّـك بها. أن يعرب عن رغبته في الموت أمر عادي في مثل هذه الحالة. تصوّر لو أن ممثلا أو مغنيا فقد صوته، أو أن مخرجا فقد نعمة البصر. تصوّر لو أن هذا الممثل أو المغني أو المخرج من كبار فناني عصره، ألن تكون الرغبة في الانتحار واردة؟
حب بيتهوفن للفن أنقذه من الموت، وإن لم ينقذه من منغصات الحياة ذاتها تبعا لما أصابه. كذلك الحال مثلا بالنسبة للرسّام كرستي براون الذي لم يمنعه مرض العظام الذي جعله قعيدا وملتوي البدن من الرسم مستخدما أصابع قدميه عوض أصابع يديه. الفن يمنح الحياة سببا.



«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)
أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)
TT

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)
أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى في نصف الكرة الشمالي تقع ضمن النطاق المتوقع لفصل الشتاء مع عدم الإبلاغ عن أي حالات انتشار غير عادية.

وتصدرت تقارير عن زيادة حالات الإصابة بالالتهاب الرئوي البشري (إتش إم بي في) بالصين عناوين الصحف في أنحاء العالم مع تقارير عن تكدس المستشفيات بالمرضى، مما أعاد إلى الأذهان بداية جائحة كوفيد-19 قبل أكثر من خمس سنوات.

لكن منظمة الصحة العالمية قالت في بيان مساء أمس (الثلاثاء) إنها على اتصال بمسؤولي الصحة الصينيين ولم تتلق أي تقارير عن أنماط تفش غير عادية هناك. كما أبلغت السلطات الصينية المنظمة التابعة للأمم المتحدة أن النظام الصحي ليس مثقلا بالمخاطر ولم يتم إطلاق أي إجراءات طارئة.

وقالت منظمة الصحة إن البيانات الصينية حتى 29 ديسمبر (كانون الأول) أظهرت أن حالات الإصابة بفيروسات الجهاز التنفسي البشري والإنفلونزا الموسمية وفيروس الأنف والفيروس المخلوي التنفسي زادت جميعها في الأسابيع الماضية لا سيما في الأجزاء الشمالية من الصين. وأضافت أن الإنفلونزا هي السبب الأكثر شيوعا للمرض حاليا.

وذكرت المنظمة أن «الزيادات الملحوظة في حالات الالتهابات التنفسية الحادة واكتشاف مسببات الأمراض المرتبطة بها في العديد من الدول في نصف الكرة الشمالي في الأسابيع الماضية متوقعة في هذا الوقت من العام وليست أمرا غير عادي»، وفق وكالة «رويترز» للأنباء.

ويسبب فيروس «إتش إم بي في» عادة أعراضا تشبه أعراض البرد لبضعة أيام، لكن في حالات نادرة قد يؤدي إلى دخول المستشفى بين صغار السن أو كبار السن أو المعرضين للخطر. وعلى عكس الفيروس الذي تسبب في مرض كوفيد-19، والذي كان جديدا، تم اكتشاف فيروس إتش إم بي في لأول مرة عام 2001 ويرجح العلماء أنه كان ينتشر لفترة أطول.

وأبلغت عدة دول أخرى، بما في ذلك الهند وبريطانيا، عن ارتفاع حالات الإصابة بفيروس إتش إم بي في هذا الشتاء، فضلا عن التهابات الجهاز التنفسي الأخرى بما يتماشى مع الاتجاهات الموسمية التي قد تؤدي في بعض الأحيان إلى إجهاد المستشفيات.