مسؤول أميركي ينفي بحث «ضم غور الأردن لإسرائيل» مع نتنياهو

65 ألف فلسطيني يعيشون في المنطقة سيتضررون إذا أقبلت إسرائيل على الخطوة

جسر بين الحدود الأردنية والإسرائيلية (أ. ف. ب)
جسر بين الحدود الأردنية والإسرائيلية (أ. ف. ب)
TT

مسؤول أميركي ينفي بحث «ضم غور الأردن لإسرائيل» مع نتنياهو

جسر بين الحدود الأردنية والإسرائيلية (أ. ف. ب)
جسر بين الحدود الأردنية والإسرائيلية (أ. ف. ب)

قال مسؤول كبير في واشنطن إن مسألة ضم غور الأردن إلى إسرائيل لم تطرح على للبحث بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو، خلال الاجتماع الذي عقد بينهما الخميس الماضي في لشبونة. وأضاف ديفيد شنكر، مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأوسط، في تصريحات بثتها «شبكة الأخبار الإسرائيلية»، أن سياسة الولايات المتحدة ثابتة وترى أن مستقبل المناطق يقرر خلال مفاوضات بين الطرفين.
وتعد تصريحات المسؤول الأميركي محرجة لنتنياهو الذي قال إنه بحث هذا الأمر مع بومبيو. وقال نتنياهو، يوم الخميس، بعد لقائه وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إن لإسرائيل «الحق الكامل» بالقيام بهذه الخطوة، لكنه شدد على أن حكومة انتقالية لا يمكنها اتخاذ مثل هذه الخطوة. ووصف نتنياهو اجتماعه مع بومبيو بأن له «أهمية كبرى» لأمن إسرائيل، ويعود ذلك جزئياً إلى مناقشة ضم غور الأردن والخطة للدفع باتفاقية الدفاع المشترك بين الولايات المتحدة وإسرائيل.
وكان نتنياهو أعلن قبل لقائه بومبيو أنه سيركز في مباحثاته على المسألة الإيرانية وتشكيل حلف دفاعي مع الولايات المتحدة واعتراف أميركي مستقبلي بفرض السيادة الإسرائيلية على غور الأردن، وذلك استكمالا لمكالمة كان أجراها مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب. ويصر نتنياهو على ضم الغور بدعوى أنه منطقة حدودية، وأن المسألة متعلقة بحماية أمن إسرائيل. وفي المفاوضات مع حزب «أزرق أبيض» من أجل تشكيل حكومة مشتركة، طلب نتنياهو أن يبدأ الفترة الأولى لتشكيل الحكومة رئيساً للوزراء من أجل ضم غور الأردن، لكن المفاوضات فشلت. ولا توجد في إسرائيل حكومة دائمة بعد أن صوت الائتلاف الحكومي بقيادة نتنياهو على حل الكنيست والتوجه إلى انتخابات مبكرة. وفشلت جولتان انتخابيتان بالخروج بحكومة فيما تتجه إسرائيل لجولة انتخابية ثالثة.
وتمتدّ منطقة الأغوار وشمال البحر الميت على مساحة 1.6 مليون دونم، وتشكّل ما يقارب 30 في المائة من مساحة الضفة الغربية. ويسكن في المنطقة نحو 65 ألف فلسطيني مقابل نحو 11 ألف مستوطن إسرائيلي. وتمتدّ هذه المنطقة الشاسعة على طول الضفة الغربية شرق سلسلة الجبل، وتتميز بأراضيها الخصبة، وتشمل مساحات مفتوحة كثيرة، ما جعلها احتياطي الأرض الأكبر لتطوير الضفة الغربية. ولكنّ معظم أراضي منطقة الأغوار وشمال البحر الميت تستغلّها إسرائيل وتمنع الفلسطينيين من استخدام نحو 85 في المائة من المساحة.
ويقول مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان «بتسيلم» إن الفلسطينيين يُمنعون من المكوث فيها ومن البناء ومن وضع بُنى تحتيّة ومن رعي الأغنام ومن فلاحة الأراضي الزراعية. وأضاف المركز: «تختلف المبرّرات القضائية لفرض هذا المنع وفي بعض الحالات وُضعت تعريفات مختلفة للمنطقة نفسها: نحو 50 في المائة من المساحة معرّف كـ(أراضي دولة) - أكثر من نصفها كان معرّفاً كذلك على يد الحكم الأردني قبل بداية الاحتلال؛ 46 في المائة من المساحة أعلنها الجيش مناطق عسكرية مغلقة - تشمل المسطّحات البلدية للمستوطنات و- 11 منطقة إطلاق نار. نحو 20 في المائة منها أعلنت محميّات طبيعيّة وبقيّة المساحة معظمها مخصّص للمجالس الإقليمية خاصّة المستوطنات».
وتفرض إسرائيل على الفلسطينيين البقاء ضمن بلداتهم التي ضاقت عليهم وتمنع منعاً شبه تامّ البناء الفلسطيني في باقي المناطق. وفق معطيات «بتسيلم» في الفترة ما بين 2006 و2017 هدمت الإدارة المدنية 698 وحدة سكنيّة على الأقل في بلدات فلسطينية في منطقة الأغوار. وإضافة إلى ذلك فإنه منذ بداية 2012 وحتى نهاية سبتمبر (أيلول) 2017 هدمت الإدارة المدنية على الأقل 806 مبانٍ لغير أغراض السكن من ضمنها مبانٍ زراعيّة.
وقال تقرير «بتسيلم» إن منع البناء والتطوير الفلسطيني في منطقة الأغوار يمسّ على وجه الخصوص بنحو 10 آلاف فلسطيني يسكنون في أكثر من 50 تجمعاً سكانياً (مضارب) في مناطق C، حيث تسعى إسرائيل بشتّى الطرق لترحيلهم عن منازلهم وأراضيهم. وتمنع السلطات هذه التجمّعات من أي إمكانيّة للبناء القانوني وفق احتياجاتها وترفض ربطها بشبكتَي الماء والكهرباء.
وفي السنوات الأخيرة وخاصّة منذ بداية عام 2013 يأمر الجيش من حين لحين سكّان التجمّعات الواقعة على أراض أعلنتها إسرائيل «مناطق إطلاق نار» بإخلائها مؤقتاً، بحجّة أنّ الجيش يحتاج إجراء تدريبات عسكريّة هناك. وتمتدّ هذه المناطق على 45 في المائة من مساحة منطقة الأغوار. ووفق الأوامر التي يتسلّمها السكّان يُطلب منهم مغادرة مناطق سكناهم لفترة تتراوح بين ساعات معدودة ويومين وتشمل تحذيراً بأنّهم إذا لم يفعلوا ذلك سيجري إخلاؤهم بالقوّة ومصادرة مواشيهم وتغريمهم تكاليف الإخلاء.
وعلاوة على ذلك تتجبر السلطات المختلفة - وبضمنها الإدارة المدنية والجيش وسلطة حماية الطبيعة - في سكّان التجمّعات والمزارعين إذ تصادر مراراً وتكراراً وسائل معيشتهم الأساسية والتي لا غنى لهم عنها. ويقول بتسيلم إن إسرائيل تسعى إلى إلغاء الوجود الفلسطيني في منطقة الأغوار ومنع أي تطوير فلسطيني في المنطقة. وفي المفاوضات السابقة رفض نتنياهو أي إخلاء للمنطقة، ورفضت السلطة أي حل يتضمن بقاء ولو جندي إسرائيلي واحد هناك.
وقال تقرير إسرائيلي إن 65 ألف فلسطيني يعيشون في منطقة الأغوار الحدودية سيتضررون بشدة إذا أعلنت إسرائيل فعلياً ضم تلك المنطقة لسيادتها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.