مرصد حقوقي ينتقد حديث الحكومة المغربية عن إعادة فتح «معبر سبتة»

TT

مرصد حقوقي ينتقد حديث الحكومة المغربية عن إعادة فتح «معبر سبتة»

عدّ «مرصد الشمال» لحقوق الإنسان بالمغرب حديث الحكومة عن قرب عودة نشاط التهريب لمعبر سبتة، بعد إغلاقه النهائي منذ أسابيع «إهداراً لكرامة وحياة المواطنين، وتخريباً للاقتصاد المحلي، وضياع فرص حقيقية لتنمية المنطقة».
وأضاف المرصد الحقوقي في بيان، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أمس، أن تصريحات الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، الحسن عبيابة، تعدّ «رضوخاً للضغوطات الإسبانية، حيث أدى إيقاف نشاط التهريب منذ نحو شهرين، إلى شلل عام واختناق بسبتة المحتلة».
واستغربت الهيئة الحقوقية ذاتها من حديث المسؤول الحكومي عن قرب عودة الأمور إلى ما كانت عليه في السابق بالمعبر الحدودي للمدينة، الواقعة تحت الاحتلال الإسباني، مؤكدة أن التهريب يمثل إحدى «ركائزها، والمآسي اليومية من انتهاكات لكرامة الإنسان المغربي وقودها».
وقال عبيابة، رداً على سؤال صحافي حول إغلاق السلطات المغربية بشكل نهائي معبر سبتة، خلال اللقاء الصحافي الأسبوعي لمجلس الحكومة: «في القريب العاجل ستعود الأمور إلى نصابها، وستعود كما كانت عليه سابقاً»، دون أن يقدم تفاصيل أكثر حول الموضوع.
وكانت السلطات المغربية قد قررت الإغلاق النهائي لمعبر «باب سبتة» أمام تجار السلع المهربة، بحسب ما أوردته وسائل إعلام إسبانية ومغربية. وقالت وسائل إعلام إسبانية الثلاثاء الماضي، إن «مصالح الجمارك المغربية أبلغت السلطات الإسبانية بالقرار النهائي، المتعلق بغلق المعبر أمام من تسميهم ممتهني التهريب المعيشي». وذكرت أن السلطات الإسبانية تلقت القرار بشكل رسمي، خلال لقاء مع مسؤولين مغاربة في إدارة الجمارك، عُقد على المعبر (لم تحدد تاريخ عقد الاجتماع).
وأفاد مرصد الشمال لحقوق الإنسان بأن رقم المعاملات، الذي يحققه نشاط التهريب بشتى أنواعه لفائدة المدينة المحتلة يصل إلى 700 مليون دولار سنوياً، مشدداً على أن التهريب عبر «باب سبتة»، «ترافقه مآسي الآلاف من النساء والرجال، مقابل الفتات»، وتستفيد منه «سلطات سبتة المحتلة وتجارها من جهة، ومافيا التهريب المنظم، من جهة أخرى».
واستغرب «مرصد الشمال» من عجز الحكومة المغربية عن إيجاد «حلول تنموية للمنطقة وسكانها، عبر مشاريع ووظائف تضمن كرامتهم وكرامة أبنائهم، وزفها لبشرى عودة التهريب من سبتة كأحد الإنجازات الكبرى لسجلها». كما عبر المرصد الحقوقي عن أسفه الشديد لـ«استمرار الحكومة وعدم قدرتها على محاربة الفساد، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وإجراء مصالحة مع أجزاء من الوطن الجريح، والنهوض بالتعليم والصحة»، لافتاً إلى أنها تكتفي بـ«الحلول الترقيعية تلو الأخرى، في ظل سياق وطني يتميز بالاحتقان الشديد، وفقدان الأمل في تغيير حقيقي».
وحذرت الهيئة ذاتها مما تعيشه المنطقة من هزات «عنيفة بين الفينة والأخرى، أساسها الحق في الحياة والديمقراطية والعيش الكريم»، في إشارة إلى الحراك الذي تعيشه الجارة الجزائر منذ أشهر، وعدد من البلدان العربية الأخرى، مثل لبنان والعراق.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.