عمر عمادي يحلّق بمدينة طرابلس اللبنانية إلى العالمية

صوره الفوتوغرافية لـ«عروس الثورة» أحدثت الفرق

أهالي طرابلس يرسمون خريطة لبنان الجغرافية بشموع مضاءة (عدسة عمر عمادي)
أهالي طرابلس يرسمون خريطة لبنان الجغرافية بشموع مضاءة (عدسة عمر عمادي)
TT

عمر عمادي يحلّق بمدينة طرابلس اللبنانية إلى العالمية

أهالي طرابلس يرسمون خريطة لبنان الجغرافية بشموع مضاءة (عدسة عمر عمادي)
أهالي طرابلس يرسمون خريطة لبنان الجغرافية بشموع مضاءة (عدسة عمر عمادي)

كان عمر عمادي يستقر مع أفراد عائلته في أفريقيا عندما قرر العودة إلى لبنان، وبالتحديد إلى مدينته الأم طرابلس، لإكمال دراسته الجامعية. واليوم أصبح عمادي أحد أشهر المصورين الفوتوغرافيين في لبنان، وصاحب لقب «مصور الثورة». فابن الـ27 ربيعاً المجاز بشهادة جامعية في مجال الهندسة الداخلية، استطاع أن يجذب بالصور التي يلتقطها للحراك المدني الجاري في مدينته أنظار العالم. «لقد شعرت مع انطلاق الاحتجاجات الشعبية في مدينتي كما غيرها من المدن اللبنانية بأن مهمتي اليوم اختلفت عما كانت في الماضي. وعليّ أن أظهر الوجه الحقيقي لمدينتي التي أعشقها بعد أن انطبعت لمدة طويلة بصبغة الإرهاب والتطرف اللذين لا يشبهانها في الحقيقة». يوضح عماد عمادي في حديث لـ«الشرق الأوسط».
ومع طائرات الدرونز الصغيرة والسهلة الاستعمال بدأ مشوار عمر عمادي مع التصوير الفوتوغرافي. وانطلاقاً من أول صورة التقطها للمحتجين المحتشدين في ساحة النور في طرابلس استطاع أن يلفت أنظار وسائل إعلامية عالمية وفي مقدمها مجلة «بلاستيك ماغازين» الأميركية التي شاركته منشوره هذا من على موقع «إنستغرام» خاصتها. وبعدها كرّت السبحة لتتحول أنظار وسائل إعلام غربية غيرها نحوه كـ«سي إن إن» و«سكاي نيوز». «لقد كانت وسائل الإعلام الغربية في غالبيتها تنقل الصورة السيئة عن الحراك في البداية من عجلات سيارات مشتعلة وما شابه. وبعد أن شاهدوا جمالية الصور التي التقطتها تغيرت طريقة تناولهم للموضوع». يشرح عمر عمادي في سياق حديثه لـ«الشرق الأوسط». وتعد الصورة الفوتوغرافية (united together) التي تظهر المحتجين يحتشدون في ساحة النور، وهم يحملون الأعلام اللبنانية ويؤلفون في وسطها دائرة بشرية تمسك بأيادي بعضها البعض الأشهر التي تناقلتها تلك الوسائل. فحققت على صفحة «سي إن إن «(CNN connect the world) أعلى نسبة مشاهدة فاقت 80 ألف شخص لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الفائت. «إنها لا تزال حتى الساعة تحصد نسب مشاهدة عالية، وهي تتصدر الصفحة الإلكترونية التي ذكرتها».
ويشير عمر عمادي إلى أن تقنية التصوير الفوتوغرافي التي يستخدمها مع طائرات الدرونز سمحت له بالتقاط زوايا ومشاهد لا يمكن أن تتحقق مع الكاميرا الفوتوغرافية العادية. «في هذه التقنية تصبح للصورة الفوتوغرافية آفاق أخرى تدرج في التقنية ثلاثية الأبعاد. فالتصوير من فوق يكشف عن مكامن جمال الصورة، وعلى المصور أن يعرف كيف يستفيد منها». يقول عمر عمادي، الذي يشير إلى أن مصورين كثراً باتوا اليوم يلجأون إلى طائرات الدرونز للتصوير، ويغطون بها الاحتجاجات الدائرة في مناطق لبنانية مختلفة.
وبين صوره لساحة النور والسلسلة البشرية التي امتدت على طول الساحل الطرابلسي، وصولاً إلى الجنوب، إضافة إلى أخرى استخدم فيها معالم معروفة من طرابلس لتشكل مواقع تصوير تواكب موجة الاحتجاجات التي تشهدها اليوم، توسّعت دائرة عمر عمادي التصويرية حيث لا يزال حتى اليوم يبرهن أنه فنان تصويري بامتياز. «لا أزال حتى الساعة أكتشف زوايا تصويرية جديدة والأهم أني استطعت إيصال رسالتي حول طرابلس الثقافة والمحبة والوحدة. وبعد أن تمت استضافتي في محطات تلفزة عالمية كـ(سي إن إن) ولمدة 120 ثانية كاملة أدركت أني أنجزت مهمتي ووصلت رسالتي بعد أن طالت فضاء العالمية».
ويؤكد عمادي أن الصور التي يلتقطها غالباً ما تكون عفوية. فهو التقط حتى اليوم مئات منها. وبينها التي تبرز مساندة أهل طرابلس لمناطق لبنانية أخرى وهم يضيئون الشموع راسمين معها خريطة لبنان الجغرافية، أو التي تسلط الضوء على احتجاجات أقامها الطرابلسيون على المراكب الشراعية في عرض البحر واستخدمتها محطات تلفزة محلية.
ولم يغب الفن التصويري الذي يجيده عمر عمادي عن أجندة نجوم فنانين مشهورين أمثال هيفاء وهبي التي وضعت إحدى صوره الفوتوغرافية «بروفايل» لها على حساباتها الإلكترونية. وهي كناية عن مشهد صوّره من فوق لساحة النور، يتجمع فيها الطرابلسيون ممسكين بأيادي بعضهم ويتوسطهم العلم اللبناني المرسوم على الأرض.
«هي مبادرة فردية وشخصية قمت بها انطلاقاً من واجبي الوطني، ورفضت أن تتحول إلى تجارية، رغم عروض مغرية تلقيتها لشراء هذه الصورة أو تلك». يقول عمر عمادي في معرض حديثه لـ«الشرق الأوسط» مؤكداً أن لا جهة معينة تقف وراء نشاطاته الفنية ولا توجيهات خاصة يتلقاها من هنا وهناك. «لقد قررت أن أحلق بطرابلس عالياً وهناك مشروعات مستقبلية أحضر لها كي أضع مدينتي على الخارطة السياحية اللبنانية والعالمية. فهي ثاني أكبر مدينة في لبنان بعد بيروت وعاصمة الشمال وتستحق منّا أن نعطيها حقّها الذي فقدته من جراء دمغها بشبهات دينية وسياسية ألصقت بها رغم إرادة أهاليها».



حزن في مصر لرحيل «القبطان» نبيل الحلفاوي... رجل «الأدوار الوطنية»

نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)
نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)
TT

حزن في مصر لرحيل «القبطان» نبيل الحلفاوي... رجل «الأدوار الوطنية»

نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)
نبيل الحلفاوي في لقطة من مسلسل «رأفت الهجان» (يوتيوب)

سادت حالة من الحزن في الوسطين الفني والرسمي المصري، إثر الإعلان عن وفاة الفنان نبيل الحلفاوي، ظهر الأحد، عن عمر ناهز 77 عاماً، بعد مسيرة فنية حافلة، قدّم خلالها كثيراً من الأدوار المميزة في الدراما التلفزيونية والسينما.

وكان الحلفاوي قد نُقل إلى غرفة العناية المركزة في أحد المستشفيات، الثلاثاء الماضي، إثر تعرضه لوعكة صحية مفاجئة، وهو ما أشعل حالة من الدّعم والتضامن معه، عبر جميع منصات التواصل الاجتماعي.

ونعى رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي الفنان الراحل، وقال في بيان: «كان الفقيد قامة فنية شامخة؛ إذ قدّم عبر سنوات إبداعه الطويلة أعمالاً فنية جادة، وساهم في تجسيد بطولات وطنية عظيمة، وتخليد شخوص مصرية حقيقية خالصة، وتظلّ أعماله ماثلة في وجدان المُشاهد المصري والعربي».

الفنان الراحل نبيل الحلفاوي (حسابه على «إكس»)

وعبّر عددٌ من الفنانين والمشاهير عن صدمتهم من رحيل الحلفاوي. منهم الفنانة بشرى: «سنفتقدك جداً أيها المحترم المثقف الأستاذ»، مضيفة في منشور عبر «إنستغرام»: «هتوحشنا مواقفك اللي هتفضل محفورة في الذاكرة والتاريخ، الوداع لرجل نادرٍ في هذا الزمان».

وكتبت الفنانة حنان مطاوع: «رحل واحدٌ من أحب وأغلى الناس على قلبي، ربنا يرحمه ويصبّر قلب خالد ووليد وكل محبيه»، مرفقة التعليق بصورة تجمعها به عبر صفحتها على «إنستغرام».

الراحل مع أحفاده (حسابه على «إكس»)

وعدّ الناقد الفني طارق الشناوي الفنان الراحل بأنه «استعاد حضوره المكثف لدى الأجيال الجديدة من خلال منصات التواصل الاجتماعي، حيث اعتاد أن يتصدّر الترند في الكرة والسياسة والفن»، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الحلفاوي رغم موهبته اللافتة المدهشة وتربيته الفنية الرّاسخة من خلال المعهد العالي للفنون المسرحية، لم يُحقّق نجوميةَ الصف الأول أو البطل المطلق».

وعبر منصة «إكس»، علّق الإعلامي اللبناني نيشان قائلاً: «وداعاً للقدير نبيل الحلفاوي. أثرى الشاشة برقِي ودمَغ في قلوبنا. فقدنا قامة فنية مصرية عربية عظيمة».

ووصف الناقد الفني محمد عبد الرحمن الفنان الراحل بأنه «صاحب بصمة خاصة، عنوانها (السهل الممتنع) عبر أدوار أيقونية عدّة، خصوصاً على مستوى المسلسلات التلفزيونية التي برع في كثير منها»، لافتاً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «السينما خسرت الحلفاوي ولم تستفِد من موهبته الفذّة إلا في أعمال قليلة، أبرزها فيلم (الطريق إلى إيلات)».

حنان مطاوع مع الحلفاوي (حسابها على «إنستغرام»)

وُلد نبيل الحلفاوي في حي السيدة زينب الشعبي عام 1947، وفور تخرجه في كلية التجارة التحق بالمعهد العالي للفنون المسرحية الذي تخرج فيه عام 1970، ومن ثَمّ اتجه لاحقاً إلى التلفزيون، وقدّم أول أعماله من خلال المسلسل الديني الشهير «لا إله إلا الله» عام 1980.

ومن أبرز أعمال الحلفاوي «رأفت الهجان» عام 1990 الذي اشتهر فيه بشخصية ضابط المخابرات المصري «نديم قلب الأسد» التي جسدها بأداءٍ يجمع بين النبرة الهادئة والصّرامة والجدية المخيفة، بجانب مسلسل «غوايش» و«الزيني بركات» 1995، و«زيزينيا» 1997، و«دهشة» 2014، و«ونوس» 2016.

مع الراحل سعد أردش (حسابه على «إكس»)

وتُعدّ تجربته في فيلم «الطريق إلى إيلات» إنتاج 1994 الأشهر في مسيرته السينمائية، التي جسّد فيها دور قبطانٍ بحريّ في الجيش المصري «العقيد محمود» إبان «حرب الاستنزاف» بين مصر وإسرائيل.

وبسبب شهرة هذا الدور، أطلق عليه كثيرون لقب «قبطان تويتر» نظراً لنشاطه المكثف عبر موقع «إكس»، الذي عوّض غيابه عن الأضواء في السنوات الأخيرة، وتميّز فيه بدفاعه المستميت عن النادي الأهلي المصري، حتى إن البعض أطلق عليه «كبير مشجعي الأهلاوية».

نبيل الحلفاوي (حسابه على «إكس»)

ووفق الناقد محمود عبد الشكور، فإن «مسيرة الحلفاوي اتّسمت بالجمع بين الموهبة والثقافة، مع دقة الاختيارات، وعدم اللهاث وراءَ أي دور لمجرد وجوده، وهو ما جعله يتميّز في الأدوار الوطنية وأدوار الشّر على حد سواء»، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «لم يَنل ما يستحق على مستوى التكريم الرسمي، لكن رصيده من المحبة في قلوب الملايين من جميع الأجيال ومن المحيط إلى الخليج هو التعويض الأجمل عن التكريم الرسمي»، وفق تعبيره.