جمعية أميركية تجمع فناني الأوريغامي... واللغة المشتركة بينهم هي طي الورق

الدقة والحماس هما الأساس ... والاستعانة بالتكنولوجيا تغير من طرق تشكيله

أشكال ورقية لنمر وردي وأسد وبجعة
أشكال ورقية لنمر وردي وأسد وبجعة
TT

جمعية أميركية تجمع فناني الأوريغامي... واللغة المشتركة بينهم هي طي الورق

أشكال ورقية لنمر وردي وأسد وبجعة
أشكال ورقية لنمر وردي وأسد وبجعة

«القاعدة الأهم هي عدم استخدام القص، أو الأدوات اللاصقة، كل ما نحتاجه فقط هو قطعة من الورق»، هكذا تتحدث الرئيسة والمديرة التنفيذية لمنظمة أوريغامي الولايات المتحدة الأميركية، ويندي زيشنر، عن فن الأوريغامي أو فن طي الورق، باللغة اليابانية.
وتهدف أوريغامي الولايات المتحدة الأميركية، وهي منظمة غير ربحية، لتثقيف الجمهور حول طبيعة هذا الفن، وتعود جذور المنظمة إلى خمسينيات القرن العشرين، عندما بدأت ليليان أوبنهايمر، وهي أحد المؤسسيين، في التواصل مع ممارسي فن طي الورق حول العالم، بما في ذلك أكيرا يوشيزاوا في اليابان، والذي يتم وصفه في كثير من الأحيان بأنه والد الأوريغامي الحديث، حيث كانوا يرسلون لبعضهم البعض مخططات توضح كيفية طي أشكال مختلفة من خلال استخدام ورقة واحدة مربعة، وبعد عقود من الزمن، باتت منظمة أوريغامي الولايات المتحدة تضم نحو 1700 عضو، كما تقوم المنظمة أيضاً بالإشراف على ما يقرب من 90 مجموعة أخرى للأوريغامي في الولايات المتحدة.
ويعود فن الأوريغامي لآلاف السنين، حيث تقول زيشنر إن «الأوريغامي قديم قدم الورق تقريباً»، كما يُعتقد أن تشكيل الورق على شكل الورقة التي نستخدمها اليوم قد تم في الصين في نحو 105 بعد الميلاد.
ولعمل أشكال مثل طائر الرافعة أو الضفدع، فإن الأمر يتلخص في استخدام طيتين أساسيتين من طيات الأوريغامي المختلفة، وهما طية الجبال وطية الوديان، وهما طريقتان مختلفتان لجعل الحواف تلتقي، ثم بعد ذلك يمكنك أن تبدع كيفما تشاء.
وتعد طيات مثل المتعرجة، والثنيات، والبتلة هي مجرد بعض التقنيات اللازمة لعمل أشكال مختلفة، وهناك أيضاً تقنيات نحتية مثل الطي الرطب، وهي عملية يتم فيها ترطيب جزء من الورقة، مما يؤدي إلى إضعاف أليافها ومن ثم تسهيل تشكيلها، وعندما تجف، تصبح الورقة صلبة، أما بالنسبة لمشروعات الأوريغامي ثلاثية الأبعاد، وهي الأكثر تقدماً، فإن العاملين بها يستخدمون برامج إلكترونية مثل Origamizer وهو برنامج يقوم بعمل أنماط متعددة للعمل عليها.
وقبل بضع سنوات، تمكن مهندسو وكالة ناسا الفضائية الأميركية من صنع تلسكوبات قابلة للطي، ومظلة على شكل زهرة للحماية من ضوء النجوم البعيدة باستخدام تقنيات طي الورق، وتقول زيشنر: «إذا كنت ترغب في إرسال شيء ما على متن صاروخ، فإنه يجب أن يكون صغير الحجم» وتتابع: «وللقيام بذلك فإنه يتم استخدام نفس الخوارزميات التي يتم استخدامها في فن الأوريغامي»، وينطبق الشيء نفسه على طريقة طي الوسادات الهوائية في السيارات، أو في إنشاء الخيام المنبثقة للمشردين.
وتعد الدقة والحماس هما أساسا فن الأوريغامي، وذلك سواء أكان الشخص يقوم بعمل طائر الرافعة البسيط، أو يقوم بعمل شكل معقد يضم أجزاء متشابكة، ويقول المحاضر في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ومستشار هيئة التدريس في نادي الأوريغامي هناك، جاسون كو، وإريك ديمين، وهو أصغر أستاذ يتم تعيينه في المعهد، حيث كتب أطروحته للحصول على درجة الدكتوراه، في 2001. في سن العشرين، والتي كانت عن الطي ولكن بأبعاد مختلفة، إن «غالبية الناس يكونون إما متحمسين في نهاية الأشكال البسيطة، أو في نهاية الأشكال المعقدة». فالهدف هو الوصول لأكثر الطرق كفاءة وأناقة لتحقيق تأثير معين، ويقول كو «أريد أن تكون النتيجة معقدة، لكنني أريد تبسيط الطرق التي أستخدمها للوصول إلى هذه النتيجة».
وكما هو الحال في الرياضيات، فإنه من المهم الكشف عن الخطوات التي قمت بها، وهو ما يحدث في بعض الأحيان في تجمعات الأوريغامي، مثل المؤتمر السنوي لجماعة الأوريغامي في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، حيث يأتي العاملين في مجال طي الورق من جميع أنحاء البلاد لقضاء يوم في حرم المعهد للتعرف على التقنيات الجديدة، ويمكن أن يحدث ذلك أيضاً عبر الإنترنت، وذلك من خلال مقاطع فيديو بسيطة على موقع يوتيوب مثل مقطع «كيف تقوم بعمل طائر الرافعة من الورق؟»، والذي لديه أكثر من 4 ملايين مشاهدة، فيما يقول مؤسس ستوديو تارو للأوريغامي في مدينة نيويورك الأميركية تارو ياغوتشي، إن «إظهار أسلوبك هو أحد أهم جوانب الأوريغامي».
وقبل الخمسينيات من القرن الماضي، كانت هناك أشكال من الأوريغامي التي كان تشكيلها يعد أكثر صعوبة من اليوم، ويرجع ذلك جزئياً إلى أنه لم يكن هناك مخططات موحدة، حيث كانت الكتب التي تقدم الدليل لعمل الأوريغامي تعرض النتائج فقط، دون شرح الخطوات اللازمة للوصول إلى هذه النتائج، ولكن ساعد كلا من يوشيزاوا في اليابان، وصامويل راندلت في الولايات المتحدة، على تطوير مجموعة من المخططات الدولية التي يشار إليها الآن باسم نظام يوشيزاوا - راندلت.
وتقول مهندسة البرمجيات في كامبريدج، ماساتشوستس، غينين موسيلي، إنه «قبل أن يتم تأسيس هذا النظام، كان الأمر مربكاً للغاية»، وقد اشتهرت موسيلي بالمشاريع كبيرة الحجم من الأوريغامي، مثل إسفنجة مينغر وهي عبارة عن مجموعة من المكعبات المرصوصة إلى جانب بعضها البعض لصنع مكعب عملاق، وقد قامت بعملها من خلال استخدام بطاقات العمل، وحينما قامت موسيلي بهذا المشروع فإن فكرة عدم استخدامها للورق المربع العادي قد أدى لحدوث حالة من الانزعاج في جميع أنحاء مجتمع الأوريغامي، وهو الأمر الذي يقودنا إلى نقطة أخرى وهو أن جزءا كبيرا من الأوريغامي هو كونه بمثابة الوسيط، وكما يقول كوشيرو هاتوري، أحد العاملين بالأوريغامي في اليابان، في رسالة بريد إلكترونية: «أشعر أن أعمالي من الأوريغامي هي عبارة عن تعاون بيني وبين الورق».
وفي حال لم يستخدم الشخص المواد المناسبة للشكل المُراد عمله فإن المخططات والخوارزميات لن تكون مفيدة بشكل كبير، وكما يقول جويل كاواتاكي، وهو صانع مجوهرات في نيويورك يقوم بعمل تصميمات مختلفة بالتشيوغامي، وهي ورقة تشبه الأقمشة الناعمة، إن «هذا هو الخطأ الذي يرتكبه الكثير من المبتدئين، حيث يقومون بتصفح الإنترنت لإيجاد أجمل أنواع الورق، ولكنهم يشعرون بالإحباط فيما بعد لأنهم لم يستخدموا الورقة المناسبة». ولكن حتى مع وجود ورق عالي الجودة، فإنه قد يكون من الصعب تحديد كيفية الحصول على النتيجة الصحيحة، ويقول كاواتاكي: «ذات مرة، استغرق الأمر مني نحو 10 ساعات لعمل شكل قلب، حيث لم أستطع فهم المخطط»، ويتابع: «عليك فقط أن تكون مثابراً».
وبغض النظر عن التقنيات، فإن مجتمع الأوريغامي يبقي محبي هذا الفن متحمسين دائماً، وذلك سواء من خلال التعامل بشكل شخصي مع بعضهم البعض أو من خلال التواصل عن طريق الإنترنت، وتقول موسيلي: «يجتمع الأوريغاميون من جميع أنحاء العالم لطي الورق معاً، صحيح أنهم قد لا يكونون قادرين على التحدث مع بعضهم البعض، ولكن يمكنهم طي الأوراق معاً».
- خدمة «نيويورك تايمز»



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».