المفوضية الأوروبية عقب إقرار تبادل تلقائي للمعلومات الضريبية: السرية المصرفية ماتت

سيوفر سنويا 1000 مليار يورو للاتحاد الأوروبي

المفوضية الأوروبية عقب إقرار تبادل تلقائي للمعلومات الضريبية: السرية المصرفية ماتت
TT

المفوضية الأوروبية عقب إقرار تبادل تلقائي للمعلومات الضريبية: السرية المصرفية ماتت

المفوضية الأوروبية عقب إقرار تبادل تلقائي للمعلومات الضريبية: السرية المصرفية ماتت

رحبت الأوساط والفعاليات الأوروبية في بروكسل بقرار مجلس وزراء المال والاقتصاد في دول الاتحاد الأوروبي بالتبادل التلقائي للمعلومات بين الإدارات الوطنية بشأن الفوائد وأرباح الأسهم والدخل المالي وأمور أخرى، تساهم في مكافحة التهرب الضريبي، ووصف أعضاء البرلمان الأوروبي من الديمقراطيين والاشتراكيين، قرار وضع نهاية للسرية المصرفية بأنه خطوة إلى الأمام في مكافحة التهرب الضريبي، وقالت المفوضية الأوروبية، إنها تستطيع أن تقول في أعقاب هذا القرار «إن السرية المصرفية ماتت».
ورحب أعضاء الكتلة الحزبية داخل المؤسسة التشريعية الأعلى في الاتحاد الأوروبي بالقرار وقالت ماريا رودريفيز نائب رئيس الكتلة للشؤون المالية والاقتصادية إن نهاية السرية المصرفية من خلال التبادل التلقائي للمعلومات بين الإدارات الضريبية الوطنية تعني تحقيق تقدم كبير في مجال مكافحة التهرب الضريبي الذي يتسبب في خسارة سنوية للدول الأعضاء تقدر بـ1000 مليار يورو.
وأشار بيان لكتلة الديمقراطيين والاشتراكيين إلى أنها شاركت خلال السنوات الأخيرة في حملة من أجل محاربة الاحتيال والتهرب الضريبي، وأكدت أن هناك حاجة إلى تحقيق المزيد من التقدم في هذا الصدد «ولكن إذا أرادت أوروبا أن تكون أكثر كفاءة في هذا الميدان، فعليها أن تتخذ إجراءات قوية تضع حدا للملاذات الضريبية، وخطط الشركات الكبرى في استغلال الثغرات الضريبية»، وقالت البرلمانية إيفا كايلي من الاشتراكيين والديمقراطيين، إن إنهاء السرية المصرفية هو المفتاح لاقتصاد سليم وديمقراطي، ومن الضروري إيجاد حلول للثغرات الضريبية ومكافحة غسل الأموال والملاذات الضريبية، حتى ننتقل من مرحلة الأزمة إلى التركيز على تحقيق النمو المستدام وخلق الوظائف في ظروف مناسبة.
ويأتي ذلك بعد أن أقر الاجتماع الوزاري في لوكسمبورغ الثلاثاء اتخاذ خطوة جديدة على طريق مكافحة التهرب الضريبي، تنطلق في عام 2017 من خلال تبادل المعلومات الضريبية بشكل تلقائي بين الإدارات الوطنية الضريبية وبالتالي نجح الوزراء في توسيع دائرة التعاون المشترك في إطار قرار صدر قبل 3 سنوات يتعلق بتبادل للمعلومات حول المعاشات والممتلكات والتأمين على الحياة وابتداء من العام المقبل سيتم تبادل المعلومات حول الحساب الادخاري وبالتالي يكون تمديد التوجيه الذي صدر في 2011 استمرارا في المشاركة بالتحرك الدولي في مكافحة التهرب الضريبي وتصاعد الشعور لدى الدول الصناعية بأهمية زيادة تبادل المعلومات الضريبية في إطار مواجهة التحايل والتهرب الضريبي.
من جانبها رحبت المفوضية الأوروبية وهي الجهاز التنفيذي للتكتل الأوروبي الموحد بقرار وزراء المال، وقال المفوض المكلف بشؤون الضرائب الغيرداس سيميتا، إنه اتفاق حاسم حول توسيع التعاون الإداري وتحقيق مستوى جيد لمكافحة التهرب الضريبي، والتوجه نحو الشفافية الضريبية الكاملة والدائمة في أوروبا، ويمكن القول «إن السرية المصرفية ماتت»، وأضاف أنه سيتم تطبيق التبادل التلقائي للمعلومات في أوسع صوره، وبالتالي فتح مخابئ المتهربين من الضرائب، وفي نفس الوقت تتفق الإجراءات الأوروبية مع المعيار العالمي الجديد والاستجابة للتطورات الضريبية الدولية.
وفي يونيو (حزيران) الماضي نجح الاتحاد الأوروبي في سد ثغرة، سمحت للشركات متعددة الجنسيات بخفض فواتير الضرائب، من خلال استغلال الاختلافات في القواعد الضريبية الوطنية، ورحبت المفوضية الأوروبية ببروكسل بالاتفاق الذي جرى التوصل بشأنه بين الدول الأعضاء خلال اجتماع لوزراء المال والاقتصاد.
وقال الجهاز التنفيذي الأوروبي في بيان وقتها، إن الحملة ضد التهرب الضريبي حققت تقدما كبيرا بعد إقرار الوزراء مراجعة حاسمة للشركات الرئيسة والفروع التابعة لها، وذلك لمنع استغلال ثغرة في التشريع كان يساعد بعض الشركات في تقليل فواتير ضرائبهم، وقال سيميتا، إن ما حدث يعد خبرا سارا للموازنات العامة وأيضا للشركات الصادقة في إقراراتها الضريبية، وأيضا بالنسبة للذين يعملون من أجل ضرائب عادلة في الاتحاد الأوروبي.
وأضاف المسؤول الأوروبي «نجحنا مايو (أيار) الماضي في تهدئة مخاوف دولتين هما السويد ومالطا حول هذا الصدد والآن أصبح بمقدور الدول الأعضاء الـ28 إعطاء دعمهم الكامل لتشديد القواعد المشتركة التي يستفيد منها الجميع»، وأشار سيميتا إلى أنه التقى بوزير المالية الإيطالي بيير كارلو بادوان وأن المفوضية على ثقة بأن الرئاسة الدورية الإيطالية للاتحاد الأوروبي سوف تكون قادرة على تأمين اتفاق في إطار مكافحة التهرب الضريبي وخلق بيئة ملائمة للأعمال التجارية في الاتحاد الأوروبي ودون إعطاء فرصة للتهرب الضريبي.
وقالت الرئاسة الدورية اليونانية السابقة للاتحاد التي انتهت مع نهاية النصف الأول من العام الحالي، إن اجتماع وزراء المال والاقتصاد في الاتحاد الأوروبي خلال شهر يونيو الماضي عرف توافقا بين الدول الأعضاء وجاء ذلك بعد عدة أشهر من المفاوضات، مما قد يسمح بزيادة الإيرادات الضريبية لدول الاتحاد.
ومن وجهة نظر الكثير من المراقبين في بروكسل، أصبح التهرب من دفع الضرائب للشركات قضية ساخنة في الدول الصناعية أججها الغضب العام على الشركات التي تتفادى الضرائب في زمن التقشف.
وقال جيكاس هاردوفيليس وزير المالية اليوناني: «اتفاق لسد الثغرة في الاقتراض الهجين. هناك ثغرات تولد خسائر هامة في إيرادات بلداننا وبالتالي فإننا نحرز خطوة ملموسة إلى الأمام في مجال مكافحة التهرب من دفع الضرائب».
وكل قانون للضرائب في الاتحاد الأوروبي يتطلب إجماع الدول الأعضاء، ولهذا فقد كانت أوروبا ممزقة بين مطالب الدول الصغيرة التي قاومت بشراسة تغيير الأنظمة نحو الضرائب المنخفضة التي تجذب الاستثمارات الأجنبية، وغيرها التي تشعر بالحذر من استبعاد أرباب العمل الكبار.
وفي وقت سابق، زادت المفوضية الأوروبية من الضغط على آيرلندا وهولندا ولوكسمبورغ، قائلة إنها ستحقق في ممارساتها الضريبة مع الشركات. وسيكون هناك فرصة للدول الأعضاء حتى نهاية عام 2015 لتبني التغيير الجديد في أنظمتها القانونية الوطنية.



هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
TT

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

في ظلّ الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مذهل، تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاسات التي قد تهدّد استقرار الكثير من الشركات، لا سيما في ظل استمرار الرئيس فلاديمير بوتين في التمسّك بحربه في أوكرانيا.

وفي كلمته خلال مؤتمر الاستثمار الذي نظمته مجموعة «في تي بي» هذا الشهر، لم يفوّت بوتين الفرصة للتفاخر بما عدّه فشل العقوبات الغربية في إضعاف الاقتصاد الروسي، فقد صرّح قائلاً: «كانت المهمة تهدف إلى توجيه ضربة استراتيجية إلى روسيا، لإضعاف صناعتنا وقطاعنا المالي والخدماتي». وأضاف أن النمو المتوقع للاقتصاد الروسي سيصل إلى نحو 4 في المائة هذا العام، قائلاً إن «هذه الخطط انهارت، ونحن متفوقون على الكثير من الاقتصادات الأوروبية في هذا الجانب»، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وعلى الرغم من التصفيق المهذّب الذي قُوبل به الرئيس الروسي، فإن التوترات بدأت تظهر بين النخبة الاقتصادية الروسية بشأن التأثيرات السلبية المتزايدة للعقوبات على الاقتصاد الوطني. فقد حذّر عدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى من أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم -الذي تفاقم بسبب العقوبات والنفقات العسكرية لبوتين- قد يهدد استقرار الاقتصاد في العام المقبل. وقد تتسبّب هذه السياسة في تسارع موجات الإفلاس، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية الحساسة مثل الصناعة العسكرية، حيث من المتوقع أن يشهد إنتاج الأسلحة الذي يغذّي الحرب في أوكرانيا تباطؤاً ملحوظاً.

حتى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أشار في منشور على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أن روسيا أصبحت «ضعيفة جزئياً بسبب اقتصادها المتداعي».

تحذيرات من الإفلاس

ومع تزايد توقعات أن «المركزي الروسي» سيضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا الشهر، انضم بعض الأعضاء المعتدلين في الدائرة الداخلية لبوتين إلى الانتقادات غير المسبوقة للسياسات الاقتصادية التي أبقت على سعر الفائدة الرئيس عند 21 في المائة، في وقت يستمر فيه التضخم السنوي في الارتفاع ليصل إلى أكثر من 9 في المائة. وهذا يشير إلى احتمالية حدوث «ركود تضخمي» طويل الأمد أو حتى ركود اقتصادي في العام المقبل. وبالفعل، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5 في المائة و1.5 في المائة في العام المقبل.

كما تسبّبت العقوبات الأميركية الجديدة التي شملت فرض عقوبات على 50 بنكاً روسياً، بما في ذلك «غازبروم بنك»، وهو قناة رئيسة لمدفوعات الطاقة، في زيادة تكاليف المعاملات بين المستوردين والمصدرين الروس. وقد أسهم ذلك في انخفاض قيمة الروبل إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وقد أدى هذا الانخفاض في قيمة الروبل إلى زيادة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي هذا السياق، حذّر رئيس هيئة الرقابة المالية الروسية، نجل أحد أقرب حلفاء بوتين، بوريس كوفالتشوك، من أن رفع أسعار الفائدة «يحد من إمكانات الاستثمار في الأعمال، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق في الموازنة الفيدرالية». كما انتقد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، إيغور سيتشين، البنك المركزي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكداً أن ذلك أسهم في زيادة تكاليف التمويل للشركات وتأثر أرباحها سلباً.

وفي تصريح أكثر حدّة، حذّر رئيس شركة «روس أوبورون إكسبورت» المتخصصة في صناعة الأسلحة، سيرغي تشيميزوف، من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى إفلاس معظم الشركات الروسية، بما في ذلك قطاع الأسلحة، مما قد يضطر روسيا إلى الحد من صادراتها العسكرية.

كما شدّد قطب صناعة الصلب الذي يملك شركة «سيفيرستال»، أليكسي مورداشوف، على أن «من الأفضل للشركات أن تتوقف عن التوسع، بل تقلّص أنشطتها وتضع الأموال في الودائع بدلاً من المخاطرة بالإدارة التجارية في ظل هذه الظروف الصعبة».

وحذّر الاتحاد الروسي لمراكز التسوق من أن أكثر من 200 مركز تسوق في البلاد مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع تكاليف التمويل.

وعلى الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين والخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في تقدير تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، في محاولة للحصول على قروض مدعومة من الدولة، فإن القلق بشأن الوضع الاقتصادي يبدو مشروعاً، خصوصاً أن مستويات الديون على الشركات الروسية أصبحت مرتفعة للغاية.

ومن بين أكثر القطاعات تأثراً كانت صناعة الدفاع الروسية، حيث أفادت المستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي، ألكسندرا بروكوبينكو، بأن الكثير من الشركات الدفاعية لم تتمكّن من سداد ديونها، وتواجه صعوبة في تأمين التمويل بسبب ارتفاع تكاليفه. وقالت إن بعض الشركات «تفضّل إيداع الأموال في البنوك بدلاً من الاستثمار في أنشطة تجارية ذات مخاطر عالية».

كما تحدّث الكثير من المقاولين علناً عن الأزمة الاقتصادية المتزايدة في روسيا. ففي أوائل نوفمبر، أشار رئيس مصنع «تشيليابينسك» للحديد والصلب، أندريه جارتونغ، خلال منتدى اقتصادي إلى أن فروعاً رئيسة من الهندسة الميكانيكية قد «تنهار» قريباً.

وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية بأن حالات عدم السداد انتشرت في مختلف أنحاء الاقتصاد، حيث تأخرت الشركات الكبرى والمتوسطة بنسبة 19 في المائة من المدفوعات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، في حين تأخرت الشركات الصغيرة بنسبة 25 في المائة من المدفوعات في الفترة نفسها.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد انخفض الاستثمار في البلاد، وتسببت العقوبات في ارتفاع تدريجي لتكاليف الواردات والمعاملات المالية، مما أدى إلى زيادة التضخم. كما قال مسؤول مالي روسي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «ما يحدث هو صدمة إمداد نموذجية في البلاد».

صناعة الدفاع مهددة

تأتي هذه التحديات في وقت حساس بالنسبة إلى صناعة الدفاع الروسية. فعلى الرغم من ضخ بوتين مبالغ ضخمة من التمويل الحكومي في هذا القطاع، مع تخصيص 126 مليار دولار في موازنة العام المقبل، فإن معظم الزيادة في الإنتاج كانت ناتجة عن تعزيز القوة العاملة لتشغيل المصانع العسكرية على مدار الساعة وتجديد مخزونات الحقبة السوفياتية. ومع ذلك، ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، وارتفاع خسائر المعدات العسكرية، فإن القوة العاملة في القطاع قد وصلت إلى أقصى طاقتها، وإمدادات الأسلحة السوفياتية تتضاءل بسرعة.

وتقول جانيس كلوغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التكاليف المتزايدة والعقوبات المشددة على واردات المعدات تجعل من الصعب على قطاع الدفاع الروسي بناء الأسلحة من الصفر. ووفقاً لتقرير صادر هذا العام عن الباحثَين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، جاك واتلينغ ونيك رينولدز، فإن 80 في المائة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي تستخدمها روسيا في الحرب ليست جديدة، بل جُدّدت من المخزونات القديمة. ويضيف التقرير أن روسيا «ستبدأ في اكتشاف أن المركبات بحاجة إلى تجديد أعمق بحلول عام 2025. وبحلول عام 2026 ستكون قد استنفدت معظم المخزونات المتاحة».

ثقة الكرملين

على الرغم من هذه التحديات يبدو أن الوضع لا يثير قلقاً في الكرملين. وقال أكاديمي روسي له علاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين في البلاد: «لا يوجد مزاج ذعر». وأضاف أن المسؤولين في الكرملين يعدّون أن «كل شيء يتطور بشكل جيد إلى حد ما». ووفقاً لهذا الرأي، فإن روسيا تواصل تحقيق تقدم عسكري، وفي ظل هذه الظروف، لا يرى الكرملين حاجة إلى تقديم أي تنازلات جادة.

وتزيد الاضطرابات السياسية في العواصم الغربية -بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في فرنسا، مع التصويت المرتقب في ألمانيا، بالإضافة إلى اعتقاد الكرملين أن ترمب قد يقلّل من دعمه لأوكرانيا- من الثقة داخل روسيا.

وقد تصدّى بوتين لانتقادات متزايدة بشأن زيادات أسعار الفائدة ورئيسة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، قائلاً في مؤتمر الاستثمار إن كبح جماح التضخم يظل أولوية بالنسبة إليه. ومع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البطاطس التي ارتفعت بنسبة 80 في المائة هذا العام، يواصل بوتين دعم نابيولينا وزيادات أسعار الفائدة، رغم شكاوى الشركات الكبرى. وقالت كلوغ: «من وجهة نظر بوتين، لا يمكن السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، لأنه يمثّل تهديداً لاستقرار النظام السياسي، ولهذا السبب منح نابيولينا تفويضاً قوياً».

لكن المستشارة السابقة للبنك المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو، ترى أن الضغط من الشركات الكبرى لن يهدأ. وقالت: «عندما يكون التضخم عند 9 في المائة، وسعر الفائدة عند 21 في المائة، فهذا يعني أن السعر الرئيس لا يعمل بشكل صحيح، ويجب البحث عن أدوات أخرى. أولوية بوتين هي الحرب وتمويل آلتها، ولا يمتلك الكثير من الحلفاء، والموارد المتاحة له تتقلص». وأضافت أنه من المحتمل أن تتعرّض نابيولينا لمزيد من الضغوط مع استمرار الوضع الاقتصادي الصعب.

ومع تزايد الضغوط على بوتين، أصبحت الصورة في الغرب أكثر تفاؤلاً بشأن فرص التغيير في روسيا، وفقاً لمؤسسة شركة الاستشارات السياسية «ر. بوليتيك» في فرنسا، تاتيانا ستانوفايا.

وأضافت: «بوتين مستعد للقتال ما دام ذلك ضرورياً... لكن بوتين في عجلة من أمره. لا يستطيع الحفاظ على هذه الشدة من العمل العسكري والخسائر في الأرواح والمعدات كما كان في الأشهر الأخيرة».