السودان: القبض على 6 عناصر تابعين لـ«بوكو حرام» وتسليمهم لتشاد

حمدوك يؤكد في واشنطن أن حكومته تتبنى استراتيجية شاملة لمكافحة الإرهاب

TT

السودان: القبض على 6 عناصر تابعين لـ«بوكو حرام» وتسليمهم لتشاد

أعلن الجيش السوداني القبض على 6 عناصر من حركة «بوكو حرام» الإرهابية، يحملون جنسيات تشادية، داخل الحدود السودانية، وسلّمهم للأجهزة الأمنية التشادية، تنفيذاً لبروتوكول أمني مشترك لمكافحة الإرهاب والجريمة العابرة للحدود مع دول بغرب أفريقيا، وبينها تشاد، بينما أعلنت الخرطوم تبنيها لبرنامج استخدام بيانات الركاب للكشف عن المقاتلين الإرهابيين الأجانب.
وقال المتحدث الرسمي باسم الجيش السوداني، العميد ركن عامر محمد الحسن، في بيان حصلت عليه «الشرق الأوسط»، أمس، إن استخبارات الجيش السوداني ألقت القبض على 6 رجال، من الجنسية التشادية ينتمون لمنظمة «بوكو حرام» الإرهابية داخل الأراضي السودانية، دون أن يحدد مكان القبض عليهم، أو تفاصيل العملية الأمنية.
وأوضح الحسن أن السودان سلّم الموقوفين للأجهزة الأمنية التشادية، إنفاذاً لبروتوكول التعاون الأمني، ومراقبة الحدود المشتركة، الموقَّع بين دول السودان وتشاد وليبيا والنيجر. وبحسب الناطق باسم الجيش، فإن السودان وتشاد اتفقا على استمرار تبادل المعلومات الأمنية، والتنسيق المتواصل بين البلدين، من أجل مكافحة الإرهاب، والجريمة العابرة للحدود.
وجدد بيان الجيش السوداني جاهزيته للكشف عن أي عناصر إرهابية تدخل الأراضي السودانية، وذلك بالتعاون مع الأجهزة الأمنية الأخرى في البلاد، وأكد عهده للشعب السوداني بتحقيق الأمن وبسط الاستقرار في البلاد.
من جهته، تعهَّد عضو مجلس السيادة الانتقالي ياسر العطا بعدم التفريط في أمن السودان «مهما كلّف الأمر»، واعتبر السلام أهم مهام الحكومة الانتقالية، وتابع: «لا نريد شهداء، ويكفي البلاد ما أُزهق فيها من أرواح»، وذلك عقب مخاطبته لورشة للسلام أقيمت في كسلا، شرق البلاد، أمس.
وجاء الإعلان عن توقيف عناصر «بوكو حرام»، بعد ساعات من عودة نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي محمد حمدان دلقو (حميدتي)، من زيارة إلى تشاد، وبحث خلالها مع الرئيس إدريس ديبي، تعزيز دور القوات المشتركة السودانية والتشادية، في تأمين الحدود ومكافحة التهريب على الحدود بين البلدين.
وتنشط حركة «بوكو حرام» في نيجيريا وحزام دول غرب أفريقيا المكون من «مالي وتشاد وبنين والنيجر»، وتعد واحدة من أذرع تنظيم «داعش» الإرهابي في أفريقيا، وأعلنت مبايعتها له في 2015.
من جهة ثانية، كشف رئيس الوزراء السوداني الدكتور عبد الله حمدوك، الذي يزور واشنطن حالياً، عن برامج وأجندة ثابتة وضعتها حكومته الانتقالية، لمكافحة الإرهاب، وأشار إلى أن الاستقرار في الإقليم لن يتحقق من دون تطبيق منهج صارم على المستويين الإقليمي والدولي للحد من الإرهاب والتطرف الديني.
وقال عقب لقاء في واشنطن مع منسق مكافحة الإرهاب، السفير ناثان سيلز، إن شعب السودان انتصر على نظام قمعي متسلّط بالسلمية، ما يجعل من مكافحة الإرهاب أمراً سهلاً بالنسبة له.
وأدرجت الولايات المتحدة الأميركية، السودان، في لائحة الدول الراعية للإرهاب، عام 1993، بسبب إيواء النظام المعزول لزعيم تنظيم «القاعدة» الإرهابي، أسامة بن لادن، وترتب عليه فرض عقوبات مالية واقتصادية، وعزله من المجتمع الدولي، ولا يزال السودان يدفع ثمن ذلك، رغم إسقاط النظام الذي كان يرتبط بالجماعات الإرهابية.
وعقب هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، اضطر نظام المعزول البشير للرضوخ للضغوط الدولية والأميركية على وجه الخصوص، وبدأ تعاوناً كبيراً مع الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) في ملفات مكافحة الإرهاب.
وفي السياق، استجاب السودان لطلب الأمم المتحدة باستقبال وفد من عدة وكالات لتقييم «قدرته الحالية»، على استخدام بيانات الركاب للكشف عن المقاتلين الإرهابيين الأجانب، وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي (2396)، عام 2017.
وأشاد الوفد الأممي الذي زار السودان خلال الفترة 3 - 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي بالسلطات السودانية، بتوجيه الدعوة للوفد، وقال رئيس الوفد مدير مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، رافي غريغوريان: «لقد وجهوا رسائل قوية تعبر عن مدى التزامهم».
ورأى غريغوريان أن «التنفيذ السليم للبرنامج المتعلق بالسفر في ميدان مكافحة الإرهاب يمكّن من مساعدة السودان، في الوفاء بالتزاماته بموجب قرار مجلس الأمن (2396)»، ويظهر استعداده ليكون شريكاً موثوقاً به في مجال مكافحة الإرهاب الدولي، وتابع: «العمل بمثل هذا النظام يساعد السودان في الحفاظ على سيادته وسلامة أراضيه، مع إتاحة تسهيل السفر المشروع وتعزيز الاقتصاد».
وينفذ برنامج الأمم المتحدة لمكافحة سفر الإرهابيين من قبل برنامج الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، وأطلق في 7 مايو (أيار) 2019، ويستخدم نهجاً شاملاً لمنظومة الأمم المتحدة، عبر شراكة مع المديرية التنفيذية لمكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، ومنظمة الطيران المدني الدولي «آيكاو»، ومكتب الأمم المتحدة لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والمنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول). ويوفر البرنامج الدعم التشريعي والتشغيلي ومشاركة صناعات النقل.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».