استراتيجية لتأمين الغذاء بالسعودية.. واستثمارات القطاع تفوق 6.6 مليار دولار

بالغنيم: أسهمنا في برنامج الغذاء العالمي بأكثر من مليار دولار

لفت د. فهد بالغنيم وزير الزراعة السعودي إلى أن القطاع الزراعي يمثل إحدى أهم الآليات المناسبة لتحقيق أهداف التنمية الزراعية المستدامة («الشرق الأوسط»)
لفت د. فهد بالغنيم وزير الزراعة السعودي إلى أن القطاع الزراعي يمثل إحدى أهم الآليات المناسبة لتحقيق أهداف التنمية الزراعية المستدامة («الشرق الأوسط»)
TT

استراتيجية لتأمين الغذاء بالسعودية.. واستثمارات القطاع تفوق 6.6 مليار دولار

لفت د. فهد بالغنيم وزير الزراعة السعودي إلى أن القطاع الزراعي يمثل إحدى أهم الآليات المناسبة لتحقيق أهداف التنمية الزراعية المستدامة («الشرق الأوسط»)
لفت د. فهد بالغنيم وزير الزراعة السعودي إلى أن القطاع الزراعي يمثل إحدى أهم الآليات المناسبة لتحقيق أهداف التنمية الزراعية المستدامة («الشرق الأوسط»)

أكد وزير الزراعة السعودي أن المملكة تنتهج استراتيجية لتأمين الغذاء في البلاد، مشيرا إلى زيادة حجم استثمارات القطاع إلى أكثر من 25 مليار ريال (6.6 مليار دولار) في خطة التنمية التاسعة.
ولفت الدكتور فهد بالغنيم، وزير الزراعة السعودي، إلى أن القطاع الزراعي يمثل إحدى أهم الآليات المناسبة لتحقيق أهداف التنمية الزراعية المستدامة للمساهمة الفاعلة في تحقيق الأمن الغذائي من خلال الوصول إلى مستويات مرتفعة من الاكتفاء الذاتي.
ونوه بأن سياسة الوزارة تركز على إنتاج السلع الزراعية والغذائية التي تتمتع السعودية بميز نسبية في إنتاجها، مع المحافظة على الموارد المائية، فضلا عن أهميتها أيضا من كونها تؤدي إلى إيجاد روابط مع الأنشطة الأخرى المرتبطة بالإنتاج الزراعي.
وقال بالغنيم: «تزايد حجم الاستثمارات في القطاع الزراعي بصورة مستمرة خلال خطط التنمية المتعاقبة ليبلغ أكثر من 25 مليار ريال (6.6 مليار دولار) خلال خطة التنمية التاسعة». وأضاف: «الوزارة لم تغفل المحافظة على مواردها المائية واستخدامها الاستخدام الأمثل في سبيل تحقيق الأمن الغذائي، حيث تقوم باتباع استراتيجية تنويع الإنتاج الزراعي والتركيز على المحاصيل ذات الاحتياجات المائية المنخفضة وذات الميزة النسبية لكل منطقة».
وأشار إلى الاستفادة من نظم الري الحديثة، مثل نظم الري بالرش والري بالتنقيط، في زراعة كثير من المحاصيل الزراعية، لما تتميز به هذه النظم من كفاءة عالية، حيث إنها تسهم في التقليل من كميات المياه المستخدمة للأغراض الزراعية.
جاء ذلك في كلمة الدكتور فهد بالغنيم، وزير الزراعة السعودي، بمناسبة مشاركة السعودية دول العالم في 16 أكتوبر (تشرين الأول) من كل عام الاحتفاء بيوم الأغذية العالمي، ويقام تحت شعار «الزراعة الأسرية.. إشباع العالم ورعاية الكوكب».
وأوضح أن منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) تهدف من احتفائها بهذا اليوم تحت هذا الشعار إلى تسليط الأضواء على دور الزراعة الأسرية والمزارع الصغيرة في القضاء على الجوع والفقر وتوفير الأمن الغذائي وتحسين سبل المعيشة، وإدارة الموارد الطبيعية، وحماية البيئة، وتحقيق التنمية المستدامة، خصوصا في المناطق الريفية.
ووفق بالغنيم، فإن الجمعيات التعاونية تلعب دورا رئيسا في الزراعة الأسرية والزراعة الريفية (صغيرة النطاق)، كما تسهم في الأمن الغذائي واستئصال الجوع، مشيرا إلى أنها تساعد المزارعين على تحقيق إمكانياتهم من خلال إقامة التعاونيات التي تتيح لهم تحسين وصولهم إلى الأسواق والتمويل، وتحسين الكفاءة والابتكار لديهم.
وقال: «الدولة قدمت الكثير من وسائل الدعم للجمعيات التعاونية بمختلف مجالاتها، منها الزراعة الأسرية والزراعة الريفية، إدراكا منها بأهمية هذه الجمعيات ودورها الحيوي في دعم مسيرة الأنشطة الزراعية المختلفة». ووفق بالغنيم أسهمت الدولة في تقديم خطوط إنتاج متقدمة للجمعيات التعاونية التي تعنى بالزراعة الأسرية وتنمية المرأة الريفية، موضحا أن الوزارة قدمت لبعضها خطوط إنتاج وتعبئة التمور، بجانب تدريبها المرأة الريفية على الصناعات والأعمال المنزلية لتحسين دخلها ومستوى معيشتها.
وأوضح بهذه المناسبة أن السعودية وهي تقوم بتحقيق أمنها الغذائي بجهودها الذاتية لم تغفل دورها الإنساني بأهمية التضامن مع الأسرة الدولية، حيث إنها مدت يدها تجاه من يعانون الفقر والحرمان في كثير من دول العالم، ووفرت موارد مالية كبيرة لمشروعات وبرامج التنمية المتخصصة لمساعدة الدول النامية.
أما في مجال توفير الغذاء ومكافحة سوء التغذية، نوه بالغنيم بأن السعودية درجت على المساهمة في برنامج الغذاء العالمي منذ إنشائه عام 1963، حيث بلغ إجمالي مساهمتها فيه حتى عام 2014 أكثر من مليار دولار للمحتاجين في شتى بقاع العالم.
وقال: «في السنوات الأخيرة قدمت السعودية هذه المعونات على هيئة معونات عينية من التمور التي تمتاز المملكة بإنتاجها، حيث تم تخصيص (4000) طن من التمور توزع ضمن برنامج الأغذية العالمي».
من جهته، أكد محمد الحمادي، رئيس اللجنة الغذائية والزراعية بالغرفة التجارية الصناعية بالرياض، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، استعداد اللجنة للعمل مع وزارة الزراعة لتحقيق استراتيجية تأمين الغذاء في السعودية.
ودعا المعنيين بتأمين الغذاء في السعودية إلى بلورة أفكار تدعم هذا التوجه، مشددا على أهمية توظيف الغرف التجارية ومجلس الغرف السعودية إمكانياتها بجانب وزارة الزراعة والجهات المعنية الأخرى، لرسم خارطة طريق تحقق هذا الهدف.
وقال رئيس اللجنة الغذائية والزراعية في غرفة الرياض: «هناك أفكار كثيرة نطرحها لتعزيز تأمين الغذاء في السعودية، من بينها إطلاق منتدى دولي يجمع خبراء الأغذية والزراعة من مختلف أنحاء العالم في الرياض للخروج بتوصيات واستراتيجيات تمكننا من رسم خارطة طريق واضحة المعالم، وتسد الفجوة الغذائية على مستوى المنطقة العربية التي تتجاوز 40 مليار دولار».



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.