قمة «الناتو»... خلافات سياسية وشخصية وتوافق على مواجهة روسيا والصين

ترمب يلغي مؤتمراً صحافياً ويعود إلى واشنطن غاضباً بعد سخرية زعماء منه

بدأ اليوم الثاني والأخير من القمة مع بثّ شريط فيديو يظهر ترودو وماكرون وجونسون وروتي يسخرون من تسبب ترمب في تأخير اجتماعات الأيام السابقة... ما أغضب ترمب (رويترز)
بدأ اليوم الثاني والأخير من القمة مع بثّ شريط فيديو يظهر ترودو وماكرون وجونسون وروتي يسخرون من تسبب ترمب في تأخير اجتماعات الأيام السابقة... ما أغضب ترمب (رويترز)
TT

قمة «الناتو»... خلافات سياسية وشخصية وتوافق على مواجهة روسيا والصين

بدأ اليوم الثاني والأخير من القمة مع بثّ شريط فيديو يظهر ترودو وماكرون وجونسون وروتي يسخرون من تسبب ترمب في تأخير اجتماعات الأيام السابقة... ما أغضب ترمب (رويترز)
بدأ اليوم الثاني والأخير من القمة مع بثّ شريط فيديو يظهر ترودو وماكرون وجونسون وروتي يسخرون من تسبب ترمب في تأخير اجتماعات الأيام السابقة... ما أغضب ترمب (رويترز)

سادت المشاعر السيئة قمة حلف شمال الأطلسي حتى نهاية الاجتماع، خلال يومين من انعقاده في الذكرى السبعين لتأسيس هذا التكتل العسكري؛ حيث وصف الرئيس الأميركي دونالد ترمب رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بأنه «ذو وجهين» بعد ظهور شريط فيديو في حفل استقبال في قصر باكنغهام، تبدو فيه مجموعة من القادة الأوروبيين يسخرون من ترمب بسبب مؤتمراته الصحافية. وألغى ترمب مؤتمراً صحافياً نهائياً كان مقرراً، ليعود مباشرة إلى واشنطن، على الرغم من تفاخره بإقناع حلفائه الأوروبيين بزيادة الإنفاق الدفاعي وإقناع تركيا بالتخلي عن اعتراضاتها على اعتماد خطة دفاع محدثة لدول البلطيق وبولندا. وغرد ترمب عبر موقع «تويتر» قائلاً: «عندما تنتهي اجتماعات اليوم، سأعود إلى واشنطن. لن نعقد مؤتمراً صحافياً في ختام قمة الناتو، لأننا قمنا بكثير منها خلال اليومين الماضيين». وكان من المقرر في البداية أن يلقي ترمب كلمة للصحافيين بعد محادثات مع نظرائه الـ28 في الحلف.
وتسبب الخلاف في بداية متوترة لليوم الأخير للقمة، التي كان يأمل الحلف أن تكون عرضاً للوحدة «لأنجح حلف عسكري في التاريخ»، وتظهر كيف أن الغرب يمكن أن يقف أمام تحديات من روسيا والصين. أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فقد أثار زوبعة قبل وصوله إلى لندن، بوصفه الحلف «بالميت سريرياً». إلا أنه أكد أمس في نهاية القمة أن الدفاع الأوروبي ليس خياراً أمام «الناتو»، لكنه إحدى ركائز هذا الحلف، الذي يواجه الخلافات بشأن الإنفاق داخله، والتهديدات المستقبلية القادمة من قوى عالمية صاعدة مثل الصين، ودور تركيا في التكتل الدفاعي.
في الأسابيع الأخيرة، حاول ماكرون تغيير جدول الأعمال، من خلال المطالبة بمراجعة استراتيجية الحلف، لكن ترمب - الذي وصل متفاخراً بأنه أجبر الأعضاء على زيادة الإنفاق الدفاعي - ردّ بقوة. ولم يخفِ الرئيس الأميركي قبل القمة استياءه إزاء انتقادات نظيره الفرنسي بشأن الحلف. وقال إن هذه التصريحات «مهينة للغاية» و«مسيئة جداً»، مشيراً إلى أنه «لا أحد بحاجة إلى الحلف الأطلسي أكثر من فرنسا».
ورغم أن ترمب خفف من لهجته لاحقا، فإن ماكرون تمسك بموقفه، وقال إنه مسرور لأنه تمكن من تحويل النقاش في الناتو من المال إلى الأمور الاستراتيجية. ولم تصل سوى 9 فقط من الدول الأعضاء في الناتو إلى هدف الإنفاق المتفق عليه في قمة الحلف عام 2014 بإنفاق 2 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع قبل عام 2024. ورغم كل خلافاتهم التي ظهرت على السطح، تعهد قادته بالتضامن لمواجهة التهديدات من روسيا والإرهاب، وأقروا بالتحديات التي يمثلها تصاعد نفوذ الصين. ووافق الزعماء الـ29 على بيان مشترك، على الرغم من الانقسامات بشأن الإنفاق والاستراتيجية.
وبدأ اليوم الثاني والأخير من القمة مع بثّ شريط فيديو يظهر ترودو، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، ورئيس وزراء هولندا مارك روتي يسخرون من تسبب ترمب في تأخير اجتماعات الأيام السابقة. وأثار ذلك غضب ترمب الذي انتقد ترودو لعدم تحقيق هدف أعضاء الناتو بإنفاق 2 في المائة من إجمالي الناتج المحلي على الدفاع. وقال ترمب إن ترودو «ذو وجهين» وأضاف: «إنه شخص لطيف. أعتقد أنه شخص لطيف، لكن الحقيقة هي أنني انتقدته بسبب عدم دفعه نسبة 2 في المائة، وأعتقد أنه ليس سعيداً بذلك». وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان هدد بعرقلة خطة دفاع البلطيق المحدثة ما لم يوافق حلفاؤه على تسمية المقاتلين الأكراد في شمال شرقي سوريا الذين ساعدوا في هزيمة تنظيم «داعش» بأنهم منظمة «إرهابية». واستبعد الرئيس الفرنسي احتمال التوصل إلى توافق مع تركيا على تعريف الإرهاب. وقال ماكرون: «لا أرى أي توافق محتمل». وأضاف: «واضح أننا لسنا موافقين على تصنيف وحدات حماية الشعب الكردية وحزب الاتحاد الديمقراطي كمجموعة إرهابية، وأعتقد أن هناك توافقاً على هذا الأمر»، مشيراً إلى نظرائه في الناتو، ما عدا تركيا.
أما رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون فقال إن ألمانيا وفرنسا وبريطانيا اتفقت على إجراء مزيد من المحادثات مع تركيا بعد علمها «بالضغوط الهائلة» التي تتعرض لها أنقرة. وقال جونسون: «ندرك الضغوط الهائلة التي تواجهها تركيا»، مشيراً إلى اللاجئين والتهديد الإرهابي «الحقيقي جداً» الذي يمثله حزب العمال الكردستاني المحظور (بي كيه كيه). وأضاف جونسون: «ولذلك فقد اتفقنا على مواصلة الحوار». والتقى جونسون والمستشارة الألمانية أنجيلا الثلاثاء على هامش قمة الحلف في لندن. وأضاف: «كل ما حاولناه هو فهم خطط تركيا لمستقبل الشريط الذي تحتله في شمال سوريا»، وطالب جونسون بتجنب سوء فهم نوايا أنقرة، واختتم كلامه بالقول: «ما قررناه هو أن نواصل الاحتفاظ بهذا المنتدى وأن نواصل المحادثات». وأطلقت تركيا عملية عسكرية في سوريا في مناطق حدودية تستهدف المقاتلين الأكراد الذين تعتبرهم إرهابيين. في حين ساندت الفصائل الكردية التحالف الدولي في معركته ضد تنظيم «داعش» والمنظمات المسلحة الأخرى. وهاجم ماكرون الثلاثاء أنقرة، واتهمها بالعمل مع «مقاتلين مرتبطين» بالتنظيم المتطرف. لكن رغم الخلافات نجح القادة في الاتفاق على «إعلان لندن»، وسحبت تركيا اعتراضاتها بعد أن عقد ترمب اجتماعاً جانبياً غير مقرر مع إردوغان. وجاء في البيان: «في هذه الأوقات الصعبة، نحن أقوى كحلف، وشعوبنا أكثر أماناً». وأضاف: «إن رابطنا والتزامنا المتبادل قد كفل لنا حرياتنا وقيمنا وأمننا لمدة 70 عاماً». وهذا البيان هو الأول الذي يعترف في الحلف بالتحدي الاستراتيجي المتزايد الذي تمثله الصين. كما أكد على الحاجة إلى رد فعل منسق أقوى ضد الإرهاب.
وأبقى الحلف على احتمال إقامة «علاقة بناءة مع روسيا عندما تجعل تصرفات روسيا ذلك ممكناً»، لكنه شدد على التهديد الذي يمثله نشر موسكو صواريخ نووية متوسطة المدى.
وفي إشارة إلى المخاوف الفرنسية والألمانية بشأن الاتجاه الاستراتيجي لحلف الناتو، طلب الأعضاء من الأمين العام ينس ستولتنبرغ التشاور مع الخبراء لتعزيز «البعد السياسي» للحلف.
والثلاثاء التقى الزعماء في مجموعات مختلفة في لندن قبل حضور حفل استقبال مع الملكة إليزابيث الثانية في قصر باكنغهام. لكن ماكرون رفض سحب اتهامه بأن استراتيجية الناتو «ماتت دماغياً»، واستمر ترمب في الإصرار على أن بعض العواصم كانت «متأخرة» في دفع التزاماتها الدفاعية.
وأكدت أورزولا فون دير لاين، الرئيسة الجديدة للمفوضية الأوروبية، أهمية البند الخامس في اتفاقية حلف شمال الأطلسي، الخاصة بالدفاع المشترك. وقالت السياسية الألمانية المنتمية إلى حزب المستشارة أنجيلا ميركل المسيحي الديمقراطي، في بروكسل مساء أمس (الأربعاء): «الناتو، سيظل دائماً البند الخامس الخاص بالدفاع المشترك». وأضافت وزيرة الدفاع الألمانية السابقة أن الناتو هو أقوى حلف دفاعي في العالم. في الوقت نفسه، أعربت فون دير لاين عن قناعتها بأن الاتحاد الأوروبي، وليس الناتو، يجب أن تتوفر لديه القدرة على التحرك في بعض القطاعات، وطالبت الاتحاد الأوروبي بأن يعمل على ذلك، مشيرة إلى أن هذا الأمر يعد من واجبات المفوضية الجديدة تحت قيادتها.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».