تركيا تدفع بتعزيزات كبيرة إلى نقاط مراقبتها في إدلب

قالت إن الجهود مستمرة لتأسيس المنطقة الآمنة شرق نهر الفرات

قادة تركيا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا في اجتماع حول سوريا على هامش قمة «ناتو» في لندن الثلاثاء الماضي (أ.ف.ب)
قادة تركيا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا في اجتماع حول سوريا على هامش قمة «ناتو» في لندن الثلاثاء الماضي (أ.ف.ب)
TT

تركيا تدفع بتعزيزات كبيرة إلى نقاط مراقبتها في إدلب

قادة تركيا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا في اجتماع حول سوريا على هامش قمة «ناتو» في لندن الثلاثاء الماضي (أ.ف.ب)
قادة تركيا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا في اجتماع حول سوريا على هامش قمة «ناتو» في لندن الثلاثاء الماضي (أ.ف.ب)

دفع الجيش التركي بتعزيزات عسكرية كبيرة إلى نقاط مراقبته العسكرية المنتشرة بمنطقة خفض التصعيد في إدلب شمال غربي سوريا أمس (الأربعاء)، ضمت عدداً من المدرعات وناقلات الجنود ومعدات بناء.
ونشر الجيش التركي 12 نقطة مراقبة عسكرية أقيمت في إطار اتفاق منطقة «خفض التصعيد» في إدلب، الذي تم التوصل إليه خلال مباحثات آستانة في مايو (أيار) 2017 بضمانة من كل من روسيا وتركيا وإيران.
وتشن قوات النظام السوري، بدعم من روسيا، هجمات على المنطقة رغم «تفاهم سوتشي» الموقّع بين تركيا وروسيا في سبتمبر (أيلول) 2018 لتثبيت اتفاق خفض التصعيد في المنطقة.
ومنذ التوقيع على اتفاق خفض التصعيد، وصلت أعداد القتلى من المدنيين في إدلب إلى أكثر من 1300 مدني، إلى جانب نزوح أكثر من مليون، نتيجة الاعتداءات التي يقوم بها النظام وحليفه الروسي.
وكان قادة كل من تركيا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا عقدوا، مساء أول من أمس، قمة حول سوريا على هامش قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو) في لندن، اتفقوا خلالها على ضرورة وقف جميع الهجمات ضد المدنيين في سوريا، بما في ذلك إدلب، شمال غربي البلاد.
وقال بيان للحكومة البريطانية نشرته على موقعها الإلكتروني، عقب القمة الرباعية التي جمعت الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، إن قادة الدول الأربع أكدوا أنهم سيعملون على تهيئة الظروف لتحقيق عودة آمنة ومستدامة وطوعية للاجئين السوريين، وإنه يجب الاستمرار في محاربة الإرهاب بجميع أشكاله.
وأضاف البيان أن القمة أكدت ضرورة توقف جميع الهجمات ضد المدنيين في سوريا، بمن فيهم المدنيون في إدلب، ودعم اللجنة الدستورية، والتشديد على أهمية قرار مجلس الأمن الدولي رقم «2254».
من جانبه، قال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، إن جميع أوجه الغموض في الشأن السوري لم تنقشع، وإن هناك إرادة حول اعتبار مكافحة تنظيم «داعش» والإرهاب، أولوية. وأضاف، في تصريحات عقب القمة، أنه يتعين الاستمرار في التعاون في موضوع اللاجئين، لافتاً إلى وجود تطابق في وجهات النظر حول ضرورة مواصلة جهود إنهاء الأزمة السورية. ولفت إلى أن هناك قضايا محل خلاف مع تركيا؛ منها «موقفها من (وحدات حماية الشعب) الكردية، الحليف في الحرب على (داعش)، ولا يمكن أن نعدّهم إرهابيين، لكن إردوغان لا يتفق مع هذا الرأي، وهذا الخلاف لم ينته»، مضيفاً في الوقت ذاته أن الاجتماع ساهم في تحقيق تقدم في الملف السوري.
وقالت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، إن القمة الرباعية التي انعقدت في لندن بين زعماء تركيا وألمانيا وبريطانيا وفرنسا حول سوريا «كانت مفيدة وجيدة... اتفقنا على أن المعركة ضد (داعش) يجب أن تستمر، وأن سلطات الدول الأربع ستواصل مناقشاتها حول هذا الأمر». وأكدت المستشارة الألمانية ميركل أنه لن يسمح للاجئين بالعودة إلى شمال سوريا إلا تحت إشراف الأمم المتحدة.
على صعيد آخر، اتهمت وزارة الدفاع التركية «قوات سوريا الديمقراطية (قسد)»، التي تقودها «وحدات حماية الشعب» الكردية، بقتل 45 مدنياً وإصابة 244 آخرين داخل تركيا وفي منطقة عملية «نبع السلام» العسكرية منذ انطلاق العملية في 9 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وقالت الوزارة، في بيان أمس، إن الجهود لا تزال مستمرة لتأسيس المنطقة الآمنة شرق نهر الفرات بسوريا، مع الالتزام بالاتفاقين المبرمين مع كل من الولايات المتحدة وروسيا في 17 و22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وبموجبهما توقفت عملية «نبع السلام»، التي كانت تنفذها القوات التركية والفصائل السورية المسلحة الموالية لتركيا.
وأشارت إلى أن 23 مدنياً قتلوا وأصيب 55 آخرون جراء هجمات نفذها عناصر «وحدات حماية الشعب» الكردية بسيارات مفخخة ضد المدنيين مباشرة في منطقة «نبع السلام» منذ 9 أكتوبر الماضي، كما أسفرت الهجمات بالقذائف على الداخل التركي عن مقتل 22 وإصابة 189 مدنياً.
إلى ذلك، تواصل عناصر الشرطة العسكرية التابعة لـ«الجيش الوطني السوري» (الموالي لتركيا)، اتخاذ التدابير اللازمة لتوفير الأمن والاستقرار في مدينة تل أبيض شمال شرقي سوريا، التي تمت السيطرة عليها من جانب تركيا والفصائل الموالية لها عبر عملية «نبع السلام».
وتقوم الشرطة العسكرية، التي دربتها تركيا، بإنشاء نقاط تفتيش على مداخل ومخارج المدينة، والعمل على حماية المدنيين من الهجمات، كما تقدم الدعم لأنشطة التمشيط المتواصلة في المدينة وأطرافها.
وقال رائد زهير، مسؤول الشرطة العسكرية في مدينة تل أبيض، لـ«وكالة أنباء الأناضول» التركية، أمس، إن أولويتهم هي توفير الأمن والاستقرار في المناطق التي تم تطهيرها عبر عملية «نبع السلام»، وإنهم يقومون بإنشاء نقاط التفتيش لتنظيم حركة خروج ودخول المركبات والأشخاص من وإلى المدينة، في محاولة لعرقلة مساعي «الوحدات» الكردية لتقويض الأمن في المدينة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.