مزاج يغلب عليه القلق والترقب يسود صناع الموضة

تقرير «ماكنزي أند كومباني» يلخص حالة الصناعة لعام 2020

عمران أميد وحالة الموضة في عام 2020
عمران أميد وحالة الموضة في عام 2020
TT

مزاج يغلب عليه القلق والترقب يسود صناع الموضة

عمران أميد وحالة الموضة في عام 2020
عمران أميد وحالة الموضة في عام 2020

صناع الموضة قلقون مما يخبئه لهم المستقبل القريب. فعام 2020 لا يُبشر بالخير ولا يتوقعون منه الكثير بسبب الاضطرابات الاقتصادية والسياسية التي يمر بها العالم عموماً، وبعض الأسواق التي كانت إلى الأمس القريب واعدة. فمن كان يتصور تباطؤ السوق الصيني مثلاً؟ ومن كان يتوقع أن تستمر المظاهرات في هونغ كونغ أو في فرنسا على يد «السترات الصفراء» وأماكن أخرى من العالم، إلى اليوم، لتصيب الموضة في مقتل؟
هذا ما تطرق إليه مؤتمر «بي أو إف فويسز» مؤخراً، وأكده التقرير الرابع الصادر عن الموقع بالتعاون مع شركة «ماكنزي أند كومباني». جاء التقرير بعنوان «حالة الموضة لعام 2020»، وأفاد بتباطؤ صناعة الموضة للعام الثاني على التوالي، الأمر الذي يتسبب في قلق كثير من الرؤساء التنفيذيين والمصممين المستقلين على حد سواء. فـ«المزاج العام يسوده القلق والخوف مقارنة بالعام الماضي، الذي كانت فيه بقع من الأمل فيما يخص بعض الأسواق، مثل أميركا الشمالية تحديداً. هذا التفاؤل اختفى تقريباً لا سيما أن أحوال كثير من الأسواق وما تمر به من فوضى سياسية، لا تبشر بالخير. والأدهى من هذا أن لا أحد يعرف ما ستنتهي عليه الأمور ومتى».
وحتى بعيداً عن الجانب الاقتصادي، فإن هناك تحديات أخرى كثيرة، حسب التقرير، تهدد عالم الموضة. فمؤشر ماكنزي للأزياء العالمية يشير إلى تباطؤ، أو على الأصح تراجع في المبيعات يُقدر بـ3 أو 4 في المائة مقارنة بالعام الماضي.
وغني عن القول أن هذه الحالة تستدعي تدخلات عاجلة من قبل صناع الموضة، تتمثل حسب المراقبين في زيادة الاهتمام بعالم الديجيتال وبالاستفادة من التكنولوجيا الجديدة، إضافة إلى تبني التنوع وموضة مستدامة، وما شابه من أمور بات المستهلك يطلبها ويُصر عليها.
لحسن الحظ أن المؤشرات ليست كلها سوداء ومتشائمة، إذ إن هناك بعض الشركات لا تزال تحقق الربح رغم الركود، ليس لأن إمكاناتها عالية جداً فحسب؛ بل لأنها تواكب متطلبات العصر، وركبت موجات التغيير بمهارة وخبرة بطرحها منتجات مترفة وعالية المستوى تروق للزبائن، ما يجعلها في وضع أفضل من ناحية استعمال مواردها بطرق مقننة، تصب في صالحها وفي صالح الاستدامة على حد سواء. ولا يمكن تجاهل أن هذه الشركات وبيوت الأزياء تتمتع أيضاً بوضع أفضل من ناحية قدرتها على جذب الزبون بعراقتها وحرفية منتجاتها، مقارنة بغيرها ممن لا يزالون يتخبطون في الوضع.
ولأن لا أحد يعرف متى سينتهي هذا الوضع المتقلب، فإن الأمر يستدعي اتخاذ قرارات سريعة واستراتيجيات أكثر مرونة للتعامل مع الوضع من قبل صناع الموضة حتى يجتازوه بسلام.
من سيصلون إلى بر الأمان، حسب التقرير، هم من سيتحركون بسرعة ويركزون على زيادة الأرباح عوض نمو الإيرادات، والتوصل إلى كيفية تحسين الإنتاجية بما يتماشى مع متطلبات العصر.
مقابل هذا التشاؤم والمخاوف، هناك شيء إيجابي يجب التفكير فيه، وهو أن من سينجحون في تجاوز هذا الوضع في الوقت الحالي أو المستقبل القريب، يبنون للبقاء طويلاً، بمعنى أنهم سيضعون أساسات جديدة وقوية لبناء مستقبل يتعدى عام 2020، على شرط قراءة ذكية للوضع العالمي وتغيراته. فرغم أهمية السوق الصينية إلى حد الآن بالنسبة لصناع الموضة والترف، فإن الاعتماد عليه كلياً كان ولا يزال خطأ فادحاً؛ لأن هناك أسواقاً أخرى مثل الهند وجنوب شرقي آسيا والشرق الأوسط وروسيا يمكن الاستثمار فيها.
وعموماً فإن خلاصة التقرير أن 2020 لن يكون عاماً سهلاً، إلا أنه سيكون مهماً بالنسبة لبعض الشركات، التي ستتبنى التنوع وتستغل وسائل التواصل الاجتماعي والتقنيات الحديثة لصالحها.

أهم النقاط التي أشار إليها التقرير:
- هناك حالة تأهب قصوى بسبب مخاطر الركود الاقتصادي، وتبعات عدم الاستقرار الجيوسياسي، وازدياد التوترات التجارية.
- ستظل الصين سوقاً مهمة ولاعباً قوياً في عالم الموضة العالمية؛ لكن هذه السوق الضخمة والمتمددة جغرافياً، بدأت تؤكد أن اختراقها أصعب مما كان الغرب يتصور. من هذا المنظور أصبح لزاماً النظر إلى أسواق أخرى والاستثمار فيها سريعاً.
- الاستثمار بشكل جيد في الجيل الجديد من رواد وسائل التواصل الاجتماعي. فالتجارب التقليدية التي اعتمد عليها صناع الموضة إلى الآن من أجل خلق حوار مع الجيل الجديد، أكدت أنها لم تكن دائماً ناجحة، وهو ما يستدعي إعادة النظر في بعض الاستراتيجيات المتعلقة بالعمليات الترويجية والإعلانية تحديداً. بمعنى آخر، لن يصح إلا الصحيح، ولن يبقى في الساحة سوى من لهم القدرة على التأثير فعلياً على السوق.
- رغبة المستهلك في موضة قريبة منه جغرافياً، يستمتع بها من دون أن يتنقل إلى أماكن بعيدة. والحل هنا هو افتتاح محلات صغيرة تقدم تجارب ممتعة وشخصية، عوض مجمعات ضخمة في أماكن بعيدة. صحيح أن التسوق الإلكتروني يزداد قوة، إلا أن هناك من لا يزال يعشق التسوق فعلياً، ولمس الأشياء وتجربتها قبل شرائها.
- لا يختلف اثنان على أن صناعة الموضة من أكثر الصناعات تلويثاً للبيئة واستهلاكاً للطاقة، لهذا فإن إعادة النظر في طرق الإنتاج، أصبحت أمراً ملحاً. ورغم أن هناك خطوات إيجابية باتجاه الاستدامة وتدوير الموضة وما شابه، فإنها تبقى في أولها تحتاج إلى دفعة أقوى. وأشار التقرير إلى أنه من المهم أن يتم تفعيل الشعارات بالفعل وليس بالقول فحسب؛ خصوصاً أن هذه القرارات يطلبها المستهلك ويرى أنها أساسية لبناء ولاءاته.
- هناك ثورة في صناعة مواد حديثة تحركها محاولات مصممين وبيوت أزياء، فيما يتعلق بابتكار خامات أكثر استدامة، ولا تتطلب استنزاف الموارد الطبيعية. وهذا يعني تطوير مواد مستقبلية بمواصفات تجعلها تبقى معنا للأبد، أو تتحدى عوامل الطبيعة. دان وايدماير، مؤسس شركة «بولت ثريدز» سلط الضوء في حديثه في مؤتمر «بي أو إف فويسز» على هذه النقطة، شارحاً بأنه يعمل على فكرة مبتكرة تعتمد على استعمال مواد حيوية، وإيجاد بدائل مصنوعة من بكتيريا الفطريات.
- احتضان الاختلاف والتنوع أمر لا يمكن تجاهله بعد الآن في الشركات الكبيرة، سواء كان الأمر بتوظيف عاملين من جنسيات وألوان مختلفة في مراكز عالية، أو بالاستعانة بعارضات لسن شقراوات بالضرورة. ويبدو أن هذه الخطوة بدأت فعلاً لكنها ستزيد لتصبح من الأولويات.
- ستواجه صناعة الموضة العالمية منافسة شرسة من قبل نظرائها في آسيا. فهذه السوق لم تعد تكتفي بالبقاء في الظل والاعتماد على الغرب لتسويق منتجاتها؛ بل وجدت طرقاً مباشرة للتعامل مع المستهلك العالمي من خلال البيع عبر المواقع الإلكترونية وبأسعار زهيدة.
- لأن عدد اللاعبين في مجال الموضة الإلكترونية يزدادون، أصبح لزاماً إعادة النظر في التسويق الرقمي. فهذا العدد وصل إلى نسبة يصعب حصرها أو التحكم فيها، ومع ذلك فإن الأغلبية تتفق حول أهمية التسوق الإلكتروني، لهذا يستثمرون فيه بقوة. الجميل في الأمر أن هذه المنافسة تُشجع على بناء نماذج مبتكرة تصب في صالح المستهلك كما في صالح الاستدامة؛ خصوصاً إذا أخذنا بعين الاعتبار أن بعض هذه المواقع تتخصص حالياً في تدوير منتجات مستعملة.



2024...عام الإقالات والتعيينات

ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)
ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)
TT

2024...عام الإقالات والتعيينات

ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)
ماثيو بلايزي مصمم «بوتيغا فينيتا» سابقاً (غيتي)

تغييرات كثيرة شهدتها ساحة الموضة هذا العام، كانت من بينها إقالات واستقالات، وبالنتيجة تعيينات جديدة نذكر منها:

تعيين ماثيو بلايزي مصمماً لدار «شانيل»

ماثيو بلايزي يدخل دار «شانيل» (غيتي)

ربما يكون هذا التعيين هو الأهم لما تتمتع به الدار الفرنسية من أهمية. بلايزي الذي كان إلى عهد قريب مصمم دار «بوتيغا فينيتا» لن يخلف في الواقع فيرجيني فيارد، التي كانت اليد اليمنى للراحل كارل لاغرفيلد لعقود، فهي لم تكن سوى محطة توقفت عندها الدار الفرنسية لجس النبض والحفاظ على الاستمرارية. بلايزي كما يعرف الجميع سيخلف الراحل كارل لاغرفيلد نفسه، بكل ما يحمله هذا الاسم من قوة. لكن خبراء الموضة متفائلون، كون بلايزي أثبت نفسه في دار «بوتيغا فينيتا»، وخلال 3 سنوات فقط، حقّق لها نقلة مهمة. تعويذته كانت الحرفية في التنفيذ والتفاصيل، والابتكار في التصميم والألوان، الأمر الذي نتجت عنه منتجات حققت المعادلة بين الفني والتجاري التي راوغت العديد من أبناء جيله حتى الآن.

هادي سليمان يغادر «سيلين»

صورة أرشيفية لهادي سليمان تعود إلى عام 2019 (أ.ف.ب)

قبل تعيين ماثيو بلايزي مصمماً لدار «شانيل»، راجت شائعات بأن المنصب سيكون من نصيب هادي سليمان، لا محالة. لكن حتى الآن لم يُعلن المصمم عن محطته التالية، فيما عيّنت «سيلين» مايكل رايدر خليفة له في اليوم نفسه، وهو ما يجزم بأن المفاوضات كانت طويلة وشائكة بين الطرفين كما أشيع حينها. فالتخلي عن سليمان بعد 6 سنوات، لم يكن سهلاً، لا سيما وأنه ضاعف إيراداتها من 850 مليون دولار حين تسلمها في عام 2018، إلى ما يقرب من 3.27 مليار دولار عندما غادرها هذا العام.

حيدر أكرمان في دار «توم فورد»

حيدر أكرمان مصمم «توم فورد» الجديد (غيتي)

تعيين حيدر أكرمان مديراً فنياً لدار «توم فورد» أثلج صدور الكثيرين من العاملين في قطاع الموضة، لما يتمتع به من احترام لأسلوبه الخاص في التفصيل والابتكار. كان من بين الأسماء التي طُرحت لتسلم مقاليد دار «شانيل» من فيرجيني فيارد، خصوصاً أن الراحل كارل لاغرفيلد وصفه في أحد تصريحاته بأنه «خليفته المثالي في (شانيل)». لكن يبدو أن كفة ماثيو بلايزي غلبت.

جوليان كلاوسنر مديراً فنياً لدار «دريس فان نوتن»

جوليان كلاوسنر المدير الفني الجديد لدار «دريس فان نوتن» (دريس فان نوتن)

أُعلن مؤخراً تولي البلجيكي جوليان كلاوسنر منصب المدير الإبداعي للدار بعد أشهر من التكهنات إثر استقالة مؤسسها دريس فان نوتن من منصبه في شهر مارس (آذار) الماضي. المؤسس برّر قرار التقاعد في سن الـ65، بأنه نابع أولاً من رغبة في أن يُفسح المجال لدماء جديدة وشابة، وثانياً في أن يتفرّغ إلى نشاطات وهوايات أجّلها طويلاً.

«فالنتينو» تودّع بكيولي وتستقبل ميكيلي

أليساندرو ميكيلي المدير الإبداعي الجديد لدار «فالنتينو» (فالنتينو)

ربما يمكن استغناء دار «فالنتينو» عن بييرباولو بكيولي واستبداله بأليساندرو ميكيلي مصمم «غوتشي» السابق مفاجأة العام. فبييرباولو بكيولي محبوب من قبل خبراء الموضة ومتابعيها. عروضه كانت دائماً تثير العواطف والمشاعر، وليس أدل على هذا من دموع النجمة سيلين ديون وهي تتابع أحد عروضه في باريس. لكن المشاعر شيء والربح شيء آخر على ما يبدو بالنسبة للمجموعات الضخمة.

في أقل من أسبوع من خروجه، دخل أليساندرو ميكيلي، المعروف بأسلوب «الماكسيماليزم» الذي يدمج فيه الـ«فينتاج» بطريقة جريئة رآها البعض أنها لا تتناسب مع روح «فالنتينو» الرومانسية. لكن في عرضه الأول، قدّم تشكيلة أجمع الكل على أنها كانت إيجابية، على عكس التوقعات بأنه سيفرض أسلوبه الخاص ويمحي كل ما قبله، مثلما فعل في دار «غوتشي» سابقاً.

أوساط الموضة تُودّع ديفيد رين

المصمم الراحل ديفيد رين (موسكينو)

لم يمر سوى شهر فقط على تعيينه مديراً فنياً لدار «موسكينو»، حتى وافت المنية مصمم الأزياء الإيطالي ديفيد رين بعد تعرضه لمشكلة في القلب.

تعيينه خلفاً لجيريمي سكوت الذي غادرها في شهر مارس الماضي، كان خطوة مهمة في مسيرة الدار الإيطالية التي صرّحت بأن آمالاً كبيرة كانت معقودة عليه؛ نظراً لخبرته التي تمتد على مدى عقدين من الزمن عمل فيها في دار «غوتشي». كان لا بد من اتخاذ قرار سريع انتهى بتعيين أدريان أبيولازا مديراً إبداعياً جديداً لها.