تقضي مسافات طويلة للذهاب للعمل... هكذا تخفض مستوى توترك خلال رحلتك

محطة يونيفرسال سيتي لمترو الأنفاق في لوس أنجليس (رويترز)
محطة يونيفرسال سيتي لمترو الأنفاق في لوس أنجليس (رويترز)
TT

تقضي مسافات طويلة للذهاب للعمل... هكذا تخفض مستوى توترك خلال رحلتك

محطة يونيفرسال سيتي لمترو الأنفاق في لوس أنجليس (رويترز)
محطة يونيفرسال سيتي لمترو الأنفاق في لوس أنجليس (رويترز)

يعلم الموظفون الذين يستقلون المواصلات إلى العمل أن هناك أشياء لا حصر لها يمكن أن تُخرج روتينهم اليومي عن مساره، مثل غطيط الجالس بجوارك في القطار، أو ملابس العمل التي تبللت جراء المطر المفاجئ.
ولكن، هل استقلال المواصلات إلى العمل يمكن أن يُمرضك؟
أجرت شركة التأمين الصحي العامة الألمانية «دي تيشنيكر» دراسة فيما إذا كان الركاب الألمان الذين يستقلون المواصلات لمسافات طويلة إلى العمل يواجهون مخاطر صحية. وكانت الإجابة مفاجئة.
يقول ألبريشت فيهنر من شركة «دي تيشنيكر»: «في الواقع من يستخدمون المواصلات للوصول إلى العمل أفضل صحة قليلاً في المتوسط ممن لا يستخدمونها... باستثناء عندما يتعلق الأمر بالمرض النفسي... حيث إن من يركب المواصلات إلى العمل يعاني من مستويات أعلى من التوتر»، حسب ما نقلته وكالة الأنباء الألمانية.
ويُظهر البحث أن من يركبون المواصلات لمسافة طويلة إلى العمل في ألمانيا يقطعون في المتوسط 90 دقيقة في اليوم. وهناك مصادر كثيرة للتوتر ومنها التأخر الناتج عن حركة المرور والطقس وتأخر القطارات.
ولكن أحد الأشكال الأخرى للتوتر الخطير تتمثل في قلة النوم.
ويُوضح شتفين هافنر وهو طبيب متخصص في الطب النفسي الجسدي: «ببساطة لدى الموظفون الذين يركبون المواصلات لمسافات طويلة وقت أقل للنوم، ويتراكم نقص النوم على مدار الأسبوع، وفي عطلة نهاية الأسبوع غالباً ما يحاولون تعويضه، ولكن هذا صعب».
وهذا يمكن أن يؤدي إلى صعوبة في النوم وسرعة الانفعال وقابلية متزايدة للإصابة بالعدوى.
ويقول فيهنر من شركة «دي تيشنيكر» إن تعلم إدارة التوتر وتقنيات الاسترخاء إحدى وسائل التعامل مع إجهاد ركوب المواصلات لمسافة طويلة، ولكن الأمر الأكثر فعالية هو تغيير الظروف.
فربما يمكنك الترتيب للعمل من المنزل في بعض الأيام أو التحرك من المنزل في وقت لاحق لتجنب ساعة الذروة. كما أنه من المفيد جعل التنقل بالمواصلات سواء كان بالسيارة أو القطار أو الدراجة مسلياً قدر المستطاع لأنه يساعد في تقليل التوتر.
ويُعد الاستماع إلى الكتب المسموعة أو التنقل مع زميل بمثابة تحويل الانتباه عن توتر المواصلات.
ومن المهم أيضاً تقليل ضغط الوقت، «لأن هذا يزيد من مستوى التوتر وبالتالي الآثار السلبية على الصحة والحالة النفسية»، بحسب كاترين فإن راندبورج، المتحدثة باسم نادي السيارات الألماني (أداك).
وسواء كان التنقل بالدراجة أو القطار أو السيارة، يبدو أن الكثير من الموظفين على الأقل في ألمانيا يفضلون ركوب المواصلات على السكن بالقرب من عملهم، بحسب الدراسات.



مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
TT

مرايا تتعدَّى دورَها الوظيفي نحو الجمال الفنّي في غاليري بيروتيّ

مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)
مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق (ذا ميرور بروجيكت)

يُطلق المهندس اللبناني عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية. ليستْ هنا محصورةً في عَكْس وجوهٍ وأشياء تتقاطع ضمن حدودها، فتنتهي الحاجة إليها باطمئنان الرائي إلى مظهره، أو إدخال تعديل عليه، أو بلملمة انعكاسات خارجية. بمَنْحها وَقْعاً جمالياً، تتحوّل إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر، فيستوقفه ليتساءل عن ماهيتها: أهي مرآة أو لوحة فنّية، وماذا لو كانت الاثنتين معاً؟ في «ذا ميرور بروجيكت» بمنطقة مار مخايل البيروتية، مرايا تتجاوز مفهومها التقليدي لتُحلّق خارج الصندوق.

تتحوّل المرآة إلى عمل فنّي يملك تَرْك الأثر في العابر (ذا ميرور بروجيكت)

نُسِجت علاقةٌ بالمرايا في داخل الشاب البالغ 37 عاماً منذ المرة الأولى التي تسلَّم فيها مشروعاً وتعذَّر إيجاد مرآة بملامح فنّية. رفض الاكتفاء بزجاج يتيح للآخر رؤية نفسه من خلاله؛ فالمسألة بالنسبة إليه تتخطّى الدور المُعدّ سلفاً، والمَهمَّة الجاهزة. المرايا «فنّ وظيفي»، لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها وتُكافأ ببرودة الناظر إليها. يُحوّل عبد الله بركة الغاليري معرضَه الدائم، فتصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تسرق العين من احتمال الاكتفاء بالنظرة الخاطفة.

المرايا «فنّ وظيفي» لا مجرّد وظيفة تؤدّي الغرض منها (ذا ميرور بروجيكت)

يتحدّث لـ«الشرق الأوسط» بشغف الفنان الباحث عن لمسة، ويُذكّر بأنّ الهندسة الداخلية تتطلّب عمقاً في النظرة والأفكار، وخَلْق مزاج فنّي خاص. يقول عبد الله بركة: «لا أريد للمرآة أن تتحلّى بدور واحد. ذلك حَدٌّ لها. المرايا هي الأشخاص. أي نحن حين تُرينا أشكالنا وصورنا. وهي انعكاس يمكن أن نشعر به، فإذا بإبهاره الجمالي المُعبَّر عنه في التصميم والكادر، يجَعْل ذلك الشعور متبادَلاً، فيُعدّل حالة نفسية أو يُغيّر نظرة تجهُّم. هذا فعلُ اللون حول المرآة وقالبها. بمجرّد أنها ليست تقليدية، يحدُث الأثر في الناظر».

يُطلق عبد الله بركة فكرةَ المرآة أبعد من وظيفتها الآلية (ذا ميرور بروجيكت)

لم تكن يسيرةً ولادة الغاليري. مخاضُها خليطٌ من إحباط ومحاولة. يعود إلى عام 2019 المفصلي في لبنان. كلّ شيء بدأ يتغيَّر، والمسارات تتّخذ شكل السقوط. لم يدرك مكانه في وطن شديد التقلُّب؛ مباغت، وطافح بالمفاجآت. يروي: «الفراغ كان مميتاً. أشغالٌ توقّفت ومشروعات تبخَّرت. أسوةً بشباب لبناني لمس انسداد الأفق، تراءى منزلي مساحة اختناق. في تلك اللحظة، هبَّ الأمل. اشتريتُ ألواناً ورحتُ أرسم، وصمَّمتُ أشكالاً بالطين، فلمحتُ طريقي».

لا يريد عبد الله بركة للمرآة أن تتحلّى بدور واحد (ذا ميرور بروجيكت)

من الضياع وجد الخطوة الأولى. صقل عبد الله بركة رغبته في النحت وطوَّر مهارته. أنجز الشكل وصبَّ ضمنه المرآة. أراد وضع حدّ لحقيقة أنّ غاليريهات المرايا الفنّية في بيروت نادرة. اليوم، ليس عليه أو على زملاء المهنة البحث الطويل عن مرآة مشتهاة: «تعدّدت أدوات صناعة المرايا وكثَّفتُ العمل. كلما سمعتُ إطراء أردتُ مزيداً منه. في الغاليري أعمالي وأعمال مصمّمين من أميركا وكندا وأفريقيا الجنوبية وتايلاند وهولندا وأوكرانيا... خلف مراياهم قصص. ثمة مرايا مصمَّمة بالأسيد المحروق، وأخرى بالزجاج المُطبَّع، وصنف تتداخل بكادراته ألوان مُبهِجة. ولمّا تعدَّدت أسفاري، تعرَّفتُ إلى مدارس التصميم خصوصاً في ألمانيا وإيطاليا، وتعمّقت في جَعْل هذا الشغف واقعاً. اليوم أقول: أنا شاب لبناني بلغ اليأس. فرغَ العالم من حولي. وشعرتُ بالأبواب الموصدة. ثم نهضت. استراتيجية التفكير تبدَّلت، وأصبحت المعادلة: الآن أو أبداً! انتظار الوقت المناسب يهدر العمر. كل لحظة هي وقتٌ مناسب».

تصطفّ على الجدران أشكالٌ جمالية تجذب العين (ذا ميرور بروجيكت)

أمضى شهراً ونصف شهر يُصمّم مرايا بأشكال خلّاقة حتى ساعات الليل المتقدّمة، استعداداً لإطلاق المعرض بعد تأخُّر فَرَضَه الظرف اللبناني. «4 مرايا علّقتُها على جدرانه قبل ربع ساعة من فَتْح الباب للحضور!»، يُكمل ضاحكاً. إحدى الزائرات رمت على مسمعه ما علَّم في أعماقه: «لم نكن نعلم أنّ هذه المرايا حاجة. متى أدخلناها إلى منازلنا أصبحت منّا». ومن كثافة الإقبال وحلاوة الأصداء، يُدرك أنه على السكّة التي نادته، أو ناداها؛ يمنحها كلَّه فتمنحه الإشباع الذاتي.

بعض المرايا بسيط يحوط به كادر يُجمِّل البساطة (ذا ميرور بروجيكت)

بعض المرايا بسيط، يحوط به كادر يُجمِّل البساطة. يتعامل عبد الله بركة مع تصاميمه بما يُبقي على الأساس، وهو المُتوقَّع من المرآة بوصفها زجاجاً يستجيب للانعكاسات؛ لكنه أساسٌ (Basic) لا يكتفي بنفسه، وإنما يتعدّاها إلى الغاية الجمالية والبُعد الفنّي ما دام الزجاج مقولباً بالألوان ومتداخلاً بإطار مُبتَكر. يرى في المرايا حكايات، وإنْ خلت صفحتها من أي شكل: «تُخبرني دائماً بأنّ المشاعر أصدق ما نملك. هي الدافع لنُنجز ما طال انتظاره. باستطاعتها تعويض غياب اللوحة عن الجدار. مشغولة بحبٍّ مماثل».