قمة مدريد تطالب بمضاعفة الجهود لمكافحة التغير المناخي

الناشطة غريتا تونبرغ تصل إلى شبونة بقارب شراعي عبر الأطلسي

غريتا تونبرغ تحمل لافتة كتب عليها: «إضراب المدارس من أجل المناخ» لدى وصولها إلى ميناء لشبونة في طريقها إلى مدريد (أ.ب)
غريتا تونبرغ تحمل لافتة كتب عليها: «إضراب المدارس من أجل المناخ» لدى وصولها إلى ميناء لشبونة في طريقها إلى مدريد (أ.ب)
TT

قمة مدريد تطالب بمضاعفة الجهود لمكافحة التغير المناخي

غريتا تونبرغ تحمل لافتة كتب عليها: «إضراب المدارس من أجل المناخ» لدى وصولها إلى ميناء لشبونة في طريقها إلى مدريد (أ.ب)
غريتا تونبرغ تحمل لافتة كتب عليها: «إضراب المدارس من أجل المناخ» لدى وصولها إلى ميناء لشبونة في طريقها إلى مدريد (أ.ب)

خصّصت قمة المناخ العالمية (كوب 25) المنعقدة في مدريد يومها الثاني لعرض القرائن العلمية وتوصيات الخبراء وتحذيرات الهيئات المتخصصة الكثيرة التي من المفترض أن تحفّز الدول الأطراف في اتفاقية المناخ على مضاعفة جهودها لمكافحة التغير المناخي قبل فوات الأوان، ووقوع كوارث يتعذّر تعويض خسائرها بشرياً ومادياً وبيئياً. ومن المقرر أن تستمر القمة حتى 13 من ديسمبر (كانون الأول) الجاري.
وكان المكلف هذا العام برسم الصورة القاتمة للتغير المناخي في ضوء الأدلة الدامغة التي تراكمت لدى المنظمات الدولية والاختصاصيين في معاهد البحوث، هو الأمين العام للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية الفنلندي بيتيري تالاس، الذي قال إن «العام الجاري هو من أسوأ الأعوام التي مرت على العالم من حيث تراكم انبعاثات غازات الدفيئة وازدياد حدة الأزمة المناخية التي تهدد تداعياتها بكوارث غير مسبوقة في تاريخ البشرية، إذا لم تسارع الدول إلى اتخاذ التدابير الكفيلة بمعالجتها».
وقال تالاس إن «عام 2019 كان استثنائياً في ارتفاع درجة حرارة الكرة الأرضية، وذوبان الكتل الجليدية وارتفاع منسوب مياه المحيطات والبحار في مناطق كثيرة». وتفيد تقارير المنظمات الدولية بأن متوسط درجات الحرارة في هذا العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، هو الأعلى منذ بداية التسجيل العلمي للظروف المناخية في عام 1850. ويحذّر التقرير السنوي الذي أعده خبراء برنامج الأمم المتحدة للبيئة من أن ذوبان الكتل الجليدية التي يراقبها العلماء عبر السواتل منذ عام 1993 في غرووينلاند والقطب المتجمد الشمالي، بلغ معدلات غير مسبوقة تنذر بكوارث في مناطق شتّى من العالم بسبب ارتفاع مستوى مياه البحر، خاصة حول البلدان الجزرية الصغيرة في المحيط الهادئ. ويشير التقرير إلى أن البحار، التي تلعب دوراً حيوياً في ضبط حركة المناخ من خلال التأثير على درجات الحرارة وامتصاص ثاني أكسيد الكربون، تعاني من ارتفاع خطير في نسبة حموضة مياهها التي ازدادت بنسبة 26 في المائة منذ منتصف القرن الماضي. وفي التقرير السنوي الذي تعده مجموعة الخبراء الدوليين في شؤون المناخ، والذي تستند إليه الأمم المتحدة لوضع سياستها المناخية ورفع توصياتها إلى الدول الأعضاء، جاء أن الفيضانات التي شهدتها هذا العام كل من الولايات المتحدة وشمال كندا وشمال روسيا وجنوب غربي آسيا وإيران، هي دليل على ما ينتظر العالم إذا لم تتخذ التدابير اللازمة لعكس المنحى الراهن في الأنشطة الصناعية والبشرية التي تؤثر على تغير المناخ. وجاء في التقرير أن مناطق أخرى في جنوب شرقي آسيا وجنوب غربي المحيط الهادئ وأستراليا ووسط تشيلي، تعاني منذ 3 سنوات من موجات متلاحقة من الجفاف الذي بات يهدد التنوع الحيوي والإنتاج الزراعي في تلك المناطق. ويذكّر التقرير بأن فرنسا قد شهدت أواخر يونيو (حزيران) الماضي موجة حر قياسية بلغت 46 درجة مئوية، وكذلك في ألمانيا وبلجيكا والمملكة المتحدة وهولندا، حيث قُدر عدد الأشخاص الذين قضوا بسبب من تلك الموجة غير المسبوقة بنحو 3 آلاف.
وفي يوليو (تموز) الماضي، أدت موجة الحر الشديد في اليابان إلى وفاة 100 شخص، وعلاج عشرات الآلاف في المستشفيات. وفي أفريقيا، أدت موجة الجفاف إلى انخفاض إنتاج الحبوب بنسبة 8 في المائة، ما تسبب في تعرض 13 مليون شخص للنقص في الغذاء، واحتمال وقوع أزمة مجاعة إذا استمرت موجة الجفاف بعد مارس (آذار) المقبل.
وفيما كانت المنظمات الدولية تدق ناقوس الخطر أمام الدول الأعضاء في اليوم الثاني من أعمال القمة، كانت الأنباء تتوارد عن وصول الناشطة السويدية غريتا تونبرغ، التي ترفض السفر جواً تجنباً لتلويث البيئة، وذلك بعد الإبحار عبر المحيط الأطلسي، إلى ميناء العاصمة البرتغالية لشبونة وتوجّهها إلى مدريد للمشاركة في أعمال القمة، قبل أن تقود مظاهرة حاشدة يوم الجمعة المقبل في العاصمة الإسبانية. وكانت تونبرغ قد وصلت إلى لشبونة بعد 21 يوماً من الإبحار على متن زورق شراعي قادم من ولاية فيرجينيا الأميركية، بعد مشاركتها هناك في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقالت تونبرغ لصحيفة «داجينز نيهيتر» السويدية قبل وصولها بقليل: «إنه شعور غير واقعي. بالطبع أشعر بسعادة بالغة للوصول إلى اليابسة مرة أخرى». وقد سافرت الناشطة البالغة من العمر 16 عاماً إلى الولايات المتحدة لحضور قمة المناخ الرئيسية «COP25» في شيلي، إلى جانب فعاليات أخرى، ولكن تم نقل المؤتمر إلى مدريد بسبب الاضطرابات التي تشهدها تلك الدولة. وكانت تونبرغ نظمت أول «إضراب مدرسي» لها في عام 2018، أمام مبنى البرلمان السويدي، لتُلهم بذلك بتأسيس حركة بقيادة الشباب، نظمت إضرابات للاهتمام بقضايا المناخ في أنحاء العالم.
في غضون ذلك، ما زالت رئيسة مجلس النواب الأميركي، الديمقراطية نانسي بيلوسي، تستحوذ على اهتمام وسائل الإعلام بعد مشاركتها في افتتاح القمة التي تحضرها برفقة 15 من أعضاء الكونغرس، حيث أكدت: «جئنا إلى هنا لنقول للعالم إن الولايات المتحدة ما زالت ضمن الجهود الدولية لمكافحة تغير المناخ، انطلاقاً من مسؤوليتنا الأخلاقية تجاه الأجيال المقبل، واستناداً إلى القرائن العلمية التي لا ينكرها سوى المتعصبين». ويذكر أن الإدارة الأميركية كانت قد أعلنت رسمياً قرارها الانسحاب من اتفاقية باريس، وباشرت بالإجراءات القانونية التي ينتظر أن تنتهي قبيل الانتخابات الرئاسية في العام المقبل.



إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

إردوغان يعلن عن «اتفاق تاريخي» بين إثيوبيا والصومال لإنهاء التوترات

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطا الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنّ الصومال وإثيوبيا توصلتا، أمس الأربعاء، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة إلى اتفاق "تاريخي" ينهي التوترات بين البلدين الجارين في القرن الأفريقي.

وخلال مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد في أنقرة، قال إردوغان إنّه يأمل أن يكون هذا "الاتفاق التاريخي الخطوة الأولى نحو بداية جديدة مبنية على السلام والتعاون" بين مقديشو وأديس أبابا.

وبحسب نص الاتفاق الذي نشرته تركيا، فقد اتّفق الطرفان على "التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك". واتّفق البلدان أيضا، وفقا للنص، على العمل باتجاه إقرار ابرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولا إلى البحر "موثوقا به وآمنا ومستداما (...) تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفدرالية". وتحقيقا لهذه الغاية، سيبدأ البلدان قبل نهاية فبراير (شباط) محادثات فنية تستغرق على الأكثر أربعة أشهر، بهدف حلّ الخلافات بينهما "من خلال الحوار، وإذا لزم الأمر بدعم من تركيا".

وتوجّه الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي إلى أنقرة الأربعاء لعقد جولة جديدة من المفاوضات نظمتها تركيا، بعد محاولتين أوليين لم تسفرا عن تقدم ملحوظ. وخلال المناقشات السابقة التي جرت في يونيو (حزيران) وأغسطس (آب) في أنقرة، أجرى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان زيارات مكوكية بين نظيريه، من دون أن يتحدثا بشكل مباشر. وتوسّطت تركيا في هذه القضية بهدف حل الخلاف القائم بين إثيوبيا والصومال بطريقة تضمن لأديس أبابا وصولا إلى المياه الدولية عبر الصومال، لكن من دون المساس بسيادة مقديشو.

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق الذي تم التوصل إليه الأربعاء، بعد ثماني ساعات من المفاوضات، سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر. وقال "أعتقد أنّه من خلال الاجتماع الذي عقدناه اليوم (...) سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر" لإثيوبيا.

من جهته، قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبيي أحمد، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه "لقد قمنا بتسوية سوء التفاهم الذي حدث في العام الماضي... إثيوبيا تريد وصولا آمنا وموثوقا به إلى البحر. هذا الأمر سيفيد جيراننا بنفس القدر". وأضاف أنّ المفاوضات التي أجراها مع الرئيس الصومالي يمكن أن تسمح للبلدين "بأن يدخلا العام الجديد بروح من التعاون والصداقة والرغبة في العمل معا".

بدوره، قال الرئيس الصومالي، وفقا لترجمة فورية إلى اللغة التركية لكلامه إنّ اتفاق أنقرة "وضع حدا للخلاف" بين مقديشو وأديس أبابا، مشدّدا على أنّ بلاده "مستعدّة للعمل مع السلطات الإثيوبية والشعب الإثيوبي". وإثيوبيا هي أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان لا منفذ بحريا له وذلك منذ انفصلت عنها إريتريا في 1991.