مقتل وجرح العشرات بحريق مصنع في الخرطوم

مجلس السيادة يؤكد بدء إجراءات ملف {شهداء الثورة}

رجال الأطفاء لدى محاصرتهم حريق المصنع أمس (أ.ف.ب)
رجال الأطفاء لدى محاصرتهم حريق المصنع أمس (أ.ف.ب)
TT

مقتل وجرح العشرات بحريق مصنع في الخرطوم

رجال الأطفاء لدى محاصرتهم حريق المصنع أمس (أ.ف.ب)
رجال الأطفاء لدى محاصرتهم حريق المصنع أمس (أ.ف.ب)

قتل 23 وجرح 130 جراء حريق هائل نشب بمصنع للسيراميك بالمنطقة الصناعية بالخرطوم بحري، ونقل الجرحى لتلقي العناية الطبية بعدد من المستشفيات العامة، أثناء ذلك تظاهر الآلاف أمام القصر الجمهوري مطالبين بالقصاص لضحايا الثورة السودانية.
وقال مجلس الوزراء في بيان أمس، إن الحريق حدث نتيجة انفجار تانكر للغاز كان يقوم بتفريغ حمولته في صهاريج أرضية. وأعلن المجلس أنه سيقوم بتشكيل لجنة تحقيق لتحديد المسؤوليات وتفادي تكرار مثل هذه الحوادث المؤسفة. وأشار البيان إلى غياب وسائل وأدوات السلامة الضرورية بالمصنع، وعمليات التخزين العشوائي لمواد سريعة الاشتعال، ساهمت في تمدد الحريق وتدمير كامل للمصنع.
إلى ذلك استنفرت وزارة الصحة الاتحادية قدراتها كافة لمواجهة الموقف وأطلقت نداءً للمواطنين للتبرع بالدم لمواجهة الاحتياجات المتزايدة.
وقال البيان إن وزير الصناعة والتجارة ووالي الخرطوم توجها إلى موقع الحادثة فور وقوعه للوقوف على إجراءات مكافحة الحريق. وتقدم مجلس الوزراء بالتعازي لعائلات وزملاء وأصدقاء الضحايا، ودعا بعاجل الشفاء للجرحى والمصابين.
في غضون ذلك احتشد الآلاف أمام القصر الجمهوري بالخرطوم، في موكب دعت له أسر الضحايا للمطالبة بالإسراع في القصاص لضحايا ثورة ديسمبر (كانون الأول).
وتسلم المتحدث الرسمي باسم مجلس السيادة الانتقالي، محمد الفكي سليمان، مذكرة أسر الضحايا، مشدداً على التزام السلطات الانتقالية القاطع بالقصاص للضحايا.
وأكد الفكي لدى مخاطبته المسيرة الحاشدة، الثقة في أجهزة العدالة الانتقالية والقضاء السوداني على أداء واجبه تجاه تحقيق العدالة ومحاسبة كل المتورطين في مقتل {شهداء الثورة}.
وقال إن النائب العام بدأ إجراءات عملية في ملف الضحايا، وتقدم بطلب رفع الحصانة عن متهمين بقتل الشهيد محجوب التاج، الأمر الذي يُثبِت جدية المؤسسات العدلية في محاكمة قتلة الضحايا.
وكان عضو مجلس السيادة قد وجّه القوات النظامية بإزالة الحواجز الأمنية التي وضعت أمام المتظاهرين عند مدخل القصر الجمهوري، كما وجّه بتأمين خط سير الموكب في طريقه إلى مجلس الوزراء ورئاسة القضاء.
وأوضح الفكي أن الترتيبات كانت لقاء أسر الضحايا لتسلم مذكرتهم التي تحوي عدداً من المطالب، التي هي مطالب الثورة. وأشار إلى أن الحواجز التي وضعت عند بداية تحرّك موكب الثوار، لعدم تقديم إخطار رسمي مسبق بعنوان الموكب وتحديد مساراته. وسقط ما لا يقل عن 300 شهيد منذ اندلاع الثورة في ديسمبر الماضي، وآلاف الجرحى.
ورفضت أسر الضحايا لجان التحقيق التي شكلتها الحكومة الانتقالية، وطالبوا بتشكيل لجنة دولية مستقلة عن الأطراف الحكومية للتحقيق والتحري في مقتل الضحايا.
وكان النائب العام للسودان، مولانا تاج السر الحبر، قد وجّه النيابات بالاستمرار في إجراءات التحري في كل البلاغات التي وقعت منذ انطلاق الاحتجاجات في البلاد، بجانب اللجنة المستقلة التي شكلت برئاسة المحامي نبيل أديب للتحقيق في أحداث فض الاعتصام أمام القيادة العامة في 3 يونيو (حزيران) الماضي.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».