انتهاكات إنسانية حوثية جسيمة في مديرية بمحافظة ذمار

TT

انتهاكات إنسانية حوثية جسيمة في مديرية بمحافظة ذمار

سلطت الجماعة الحوثية منذ سيطرتها على صنعاء وعدد من المحافظات اليمنية، عناصرها لإذلال المجتمعات المحلية وإرغامها على القبول بحكمها الانقلابي وانتهاكاتها ضد المدنيين وأعيان المجتمع على حد سواء.
وفي هذا السياق كشفت مصادر محلية في محافظة ذمار (جنوب صنعاء) عن جانب من عمليات التنكيل والبطش التي تقوم بها الجماعة الموالية لإيران ضد السكان في مديرية «وصاب السافل» التي يتسم سكانها بالسلمية والبساطة والواقعة في غرب المحافظة. وذكرت المصادر أن الجماعة الحوثية أقدمت قبل فترة على تعيين أحد عناصرها ويدعى أبو أمجد الخطيب مديرا لأمن الجماعة في المديرية مع 25 آخرين تم استقدامهم من محافظة ذمار للتنكيل بأبناء المديرية ونهب ممتلكاتهم وتوجيه أبشع الإهانات لزعماء المديرية المحليين. ويلقى القيادي الحوثي - بحسب المصادر - دعما وتأييدا من قبل قادة الميليشيات في محافظة ذمار وفي مقدمهم شقيقه الذي عينته الجماعة مديرا لأمن المحافظة إلى جانب مشرف المحافظة الحوثي المدعو فاضل الشرقي. وتحدث سكان في مديرية «وصاب السافل» لـ«الشرق الأوسط» معبرين عن استيائهم من حكم الميليشيات التي يقودها في المديرية أبو مجد الخطيب، وما عرف عنه من تسلطه على رقاب البسطاء والمسالمين.
وأكد السكان أن الجماعة من خلال هذا القيادي الحوثي تقوم عمليا بإذلال سكان المديرية وانتهاك حقها في الأمن والعدالة، وإجبار السكان على دفع الإتاوات المختلفة، وصولا إلى الضرب والاعتداءات وحتى القتل والتصفية. وأوضح السكان أن أموالهم وأعراضهم أصبحت مباحة منذ وصول القيادي الحوثي الخطيب إلى المديرية، مشيرين إلى أنه يصول ويجول دون أن يتم ردعه من أحد.
وسردت المصادر المحلية عددا من قصص الانتهاكات التي تقوم بها الجماعة في مديرية «وصاب السافل» حيث يقوم القيادي الخطيب بسجن الأعيان والوجهاء والمشايخ لأتفه الأسباب. ومن تلك القصص - وفق المصادر - أقدم القيادي الحوثي على سجن أحد شيوخ المنطقة بتهمة ملفقة مفادها أنه أطلق الرصاص في الهواء، كما أرسل حملة أمنية لاقتحام منزل شيخ آخر في المنطقة وترويع أطفاله ونسائه. وأكدت المصادر أن القيادي الحوثي أطلق الرصاص الحي على أحد السكان بعد أسبوع واحد من قدومه للمديرية، كما قام بالاعتداء على مالك صيدلية بالضرب المبرح، إضافة إلى قيامه بخطف العديد من السكان واقتيادهم إلى سجون الجماعة وإخفائهم عدة أشهر مستندا إلى منصب شقيقه الأمني. وذكرت المصادر أن سجينا في المديرية على ذمة قضية مدنية تعرض قبل أسبوع للضرب المبرح على يد القيادي الحوثي أبو الخطيب ما تسبب في إصابته جسديا في نحو 18 موضعا بحسب ما بينه لاحقا تقرير طبي حصلت عليه أسرته.
وتعتمد الجماعة الحوثية - بحسب المصادر - على اختيار أسوأ عناصرها لإذلال السكان سواء في محافظة ذمار أو في المحافظات الأخرى، بخاصة الذين تستقدمهم من صعدة حيث معقلها الرئيسي.
وكان محافظ الجماعة في ذمار الزعيم القبلي محمد حسين المقدشي قدم استقالته قبل أشهر احتجاجا على فساد عناصر الميليشيات المنتسبين إلى السلالة الحوثية والذين باتوا - كما جاء في بيان استقالته - هم المسيطرون على كل شاردة وواردة في المحافظة.
ويتولى مشرف الجماعة المدعو فاضل الشرقي عمليا - بحسب المصادر المحلية - كل أمور السلطات المحلية في ذمار، كما قام بتسليط العديد من عناصر الجماعة لتولي الإشراف على مختلف المديريات وإخضاع المجتمعات القبلية لسلطة الجماعة.
وتشكل محافظة ذمار بالنسبة للجماعة الحوثية خزانا بشريا لحشد المجندين كما تشكل مواردها من الضرائب والجمارك موردا ضخما يذهب أغلبه إلى جيوب قادة الجماعة وتمويل مجهودها الحربي.
في غضون ذلك، أفادت مصادر حقوقية في محافظة إب المجاورة بأن الميليشيات قامت بتعيين أحد أصحاب السوابق ويدعى حسن محمد بتران مديرا لمباحث المحافظة.
وقال رئيس المنظمة اليمنية لمكافحة الاتجار بالبشر، نبيل فاضل، في تصريح بثه على «فيسبوك»، إن بتران أحد أرباب السوابق في جرائم الشرف، ومطلوب لعدد من الجهات القضائية، وعليه أوامر قبض قهري إلا أن انتماءه للميليشيات جعله يفلت من العقاب في جرائم ارتكبها سابقا أثناء عمله في صنعاء حيث مارس جرائم ضد الإنسانية بأبشع صورها.
واتهم الناشط الحقوقي نبيل فاضل القيادي الحوثي بتران بأنه «ارتكب عدة جرائم في حق المدنيين وبأنه كان «أحد المسؤولين عن اختطاف واحتجاز وإخفاء مئات النساء واستغلالهن بشكل بشع في صنعاء».
وأوضح أن بتران اعتاد في صنعاء ارتكاب «انتهاكات بشعة استهدفت النساء من خلال التنصت عليهن والتجسس على خصوصياتهن وملاحقتهن والقبض عليهن وإخفائهن مع عصابته في سجون سرية، وابتزازهن بأشكال بشعة وتعريضهن للتعذيب لكونه من أرباب السوابق ومرتادي السجون».


مقالات ذات صلة

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي العام الماضي كان قاسياً على اليمنيين وتضاعفت معاناتهم خلاله (أ.ف.ب)

اليمنيون يودّعون عاماً حافلاً بالانتهاكات والمعاناة الإنسانية

شهد اليمن خلال العام الماضي انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان، وتسببت مواجهات البحر الأحمر والممارسات الحوثية في المزيد من المعاناة للسكان والإضرار بمعيشتهم وأمنهم.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أطفال جندتهم الجماعة الحوثية خلال 2024 في وقفة تحدٍ لتحالف الازدهار (غيتي)

تحالف حقوقي يكشف عن وسائل الحوثيين لاستقطاب القاصرين

يكشف تحالف حقوقي يمني من خلال قصة طفل تم تجنيده وقتل في المعارك، عن وسائل الجماعة الحوثية لاستدراج الأطفال للتجنيد، بالتزامن مع إنشائها معسكراً جديداً بالحديدة.

وضاح الجليل (عدن)
شؤون إقليمية أرشيفية لبقايا صاروخ بالستي قال الجيش الإسرائيلي إنه أطلق من اليمن وسقط بالقرب من مستوطنة تسور هداسا (إعلام إسرائيلي)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي في ساعة مبكرة من صباح اليوم (السبت)، إن الدفاعات الجوية الإسرائيلية اعترضت صاروخاً أطلق من اليمن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.