«الجيش الوطني» يخوض معارك شرسة جنوب طرابلس

مجلس الأمن يدعو إلى تطبيق حظر الأسلحة المفروض على ليبيا

TT

«الجيش الوطني» يخوض معارك شرسة جنوب طرابلس

أعلن الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، أن قواته خاضت معارك شرسة جنوب العاصمة طرابلس ضد الميليشيات الموالية لحكومة الوفاق، برئاسة فائز السراج، والتي زعمت قتل عدد من عناصر الجيش، وتدمير آلياتهم خلال المواجهات التي دخلت شهرها التاسع على التوالي.
وقال اللواء أحمد أبو شحمة، آمر غرفة العمليات الميدانية بعملية بركان الغضب التي تشنها قوات السراج، إن قواته تصدت لمحاولات الجيش التسلل إلى محور الخلاطات، ودمّرت 10 آليات مسلحة لقوات الجيش.
لكن الجيش الوطني نفى هذه المزاعم، وأكد في بيان للمركز الإعلامي لغرفة عمليات الكرامة التابع له، أن منطقة الخلاطات تحت سيطرة الجيش، لافتاً إلى أن منطقة «مشروع الهضبة» شهدت مساء أول من أمس، ما وصفها بمعارك شرسة. واعتبر المركز أن «احتمالات انهيار الميليشيات فيه، ودخول منطقة أبو سليم من قبل قوات الجيش واردة في أي لحظة».
وكانت حكومة السراج، المعترف بها دولياً، قد اتهمت قوات الجيش الوطني بشن ضربات جوية على طرابلس والصحراء في الجنوب، أسقطت قتلى وجرحى من المدنيين، معظمهم نساء وأطفال، لكن قوات الجيش الوطني نفت شن الضربات، واتهمت خصومها بـ«القصف العشوائي».
بدوره، أدان يعقوب الحلو، المنسق الإنساني في ليبيا، الغارات الجوية التي استهدفت مؤخراً عدة مناطق مختلفة من ليبيا، وتسببت في مقتل مدنيين، وقال في بيان: «أشعر بالفزع إزاء هذه الهجمات المروعة التي تشكل انتهاكاً صارخاً آخر للقانون الإنساني الدولي وقوانين حقوق الإنسان». ودعا جميع أطراف النزاع إلى التقيد بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي، والقانون الدولي لحقوق الإنسان لحماية الأطفال والمدنيين، معتبراً أن مثل هذه الهجمات ضد المدنيين والعاملين في مجال الصحة، وكذلك البنية التحتية المدنية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس، «يجب أن تنتهي على الفور».
وتمثل الضربات أحدث تصعيد في الحملة الجوية، فيما يواصل الجيش الوطني الليبي هجومه العسكري على مشارف طرابلس، ويسعى لاستعادة السيطرة على المناطق الصحراوية في الجنوب.
من جهة أخرى، أعلن السراج أنه اتفق مع رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري خلال اجتماعهما في طرابلس، أمس، على العمل معاً من أجل اجتياز البلاد للأزمة الراهنة، لافتاً إلى أنهما ناقشا مستجدات الوضع السياسي والاقتصادي في البلاد، وتطورات الوضع الميداني في طرابلس. كما بحث السراج أمس، مع وزراء التخطيط والاقتصاد والمالية، ورئيس المؤسسة الوطنية للنفط بطرابلس احتياجات قطاع النفط، ليتمكن من رفع الإنتاج والترتيبات المالية اللازمة لذلك.
إلى ذلك، دعا مجلس الأمن الدولي جميع الدول إلى تطبيق حظر الأسلحة المفروض على ليبيا، والابتعاد عن الصراع، وحث على «عدم التدخل في الصراع، أو اتخاذ إجراءات من شأنها تأجيجه».
وعبّر أعضاء المجلس في بيان صدر صباح أمس، عن قلقهم بشكل خاص إزاء التقارير التي تتناول انتهاكات حظر الأسلحة والمشاركة المتزايدة للمرتزقة. وطالب المجلس بالامتثال التام لحظر الأسلحة من جانب جميع الدول الأعضاء، تماشياً مع قرار مجلس الأمن رقم 1970. ودعا جميع الدول الأعضاء إلى عدم التدخل في الصراع، أو اتخاذ تدابير من شأنها أن تؤدي إلى تفاقم الصراع. كما كرر أعضاء المجلس دعوتهم لجميع الليبيين إلى العمل بصورة بنّاءة من أجل توحيد المؤسسات العسكرية والاقتصادية الليبية، وإنشاء قوات أمن وطنية موحدة، مؤكدين دعمهم الكامل لعمل غسان سلامة، رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».