حملة ضد «عدم المساواة» تلقي الضوء على مأساة العاملات

السفير البريطاني في بيروت يتبادل الأدوار مع مدبرة منزله

حملة ضد «عدم المساواة» تلقي الضوء على مأساة العاملات
TT

حملة ضد «عدم المساواة» تلقي الضوء على مأساة العاملات

حملة ضد «عدم المساواة» تلقي الضوء على مأساة العاملات

ظهر السفير البريطاني لدى لبنان، توم فليتشر في مؤتمر صحافي وإلى جانبه كالكان فتاة من إثيوبيا، تعمل بصفتها مدبرة منزل لديه.
والملفت أن السفير فليتشر استبدل وظيفته من صفة سفير لبلاده إلى مدبر منزل ليوم واحد. أما الهدف فكان لفتة منه لإلقاء الضوء على معاناة عاملات الخدمة في المنازل، وما يتعرضن له من انتهاكات لحقوقهم ولشتى أنواع الظلم، في بلد لا نظام كفالة ولا مؤسسات رسمية تعنى بشؤون العمالة الأجنبية وحل مشاكلها، مثله مثل حال العديد من دول العالم، حيث يتعرض العمال الأجانب الى التمييز العنصري والطبقي.
وتأتي اللفتة بعد الحوادث المأساوية العديدة التي تعرضت لها العاملات في لبنان خلال الآونة الأخيرة.
ومن على حسابه على "تويتر" غرّد السفير فليتشر قائلا، "سأستبدل مكاني اليوم مع عاملة المنزل كالكيدن من أثوبيا، سنحاول من خلال ذلك الإضاءة على حقوق العمال الأجانب في لبنان".
وعلى طريقته أطلق السفير حملة تضامن مع جميع العاملات. وتحول فليتشر ليوم واحد من سفير إلى مدبر منزل.
وتأتي مبادرته في إطار احتفال "Blog action day" نشاط تنظمه (مجموعة من المدونين ومؤسسات المجتمع المدني وناشطون)، يوم غد الخميس في 16 أكتوبر (تشرين الاول)؛ واختار السفير قضية هذا العام موضوع "عدم المساواة".
وفي اتصال خاص لــ«الشرق الأوسط»، بالسفير فليتشر قال، إنه في حفل عشاء في مكان خاص، لاحظ أن هناك لافتة كتب عليها "للضيوف غير اللبنانيين"، الأمر الذي أثار اهتمامه هو وجود هذا النوع من التمييز، مما دفعه للانضمام إلى من أطلق عليهم "الرفاق من غير اللبنانيين".
كما أفاد فليتشر، بأنّ كافة البلدان تناضل، بما فيها بلده بريطانيا، ضدّ مختلف قضايا "عدم المساواة".
وعبر السفير عن إعجابه بلبنان وبشعبه وباهتمامه بهذا البلد من خلال تغريداته على حسابه على "تويتر". معربا عن تحمسه لفكرة الاستجابة التي لاحظها حيال مبادلة الوظائف، وأن العديد من الناس يحاولون فعلا وبمختلف الوسائل تحسين حقوق العمال المهاجرين. وأن هناك أفرادا وجمعيات غير حكومية تقوم بعمل رائع من أجل ذلك.
وعن الحلول والنصائح للتخفيف من ظاهرة التمييز، اعتبر فليتشر أن ذلك يكون من خلال ضمان أن يعرف الجميع حقوقهم إلى وضع القوانين التي ينبغي أن تحميهم. وأضاف أنّه من المهم وجود منظمات تعمل على حماية أولئك المعرضين للمخاطر من خلال التمييز. ويعود ليردد تغريدة من على صفحته تعليقا على ما حصل: "ان كرم وسخاء المجتمع لا يقاس بطريقة معاملته للسفراء، بل بطريقة تصرفه مع الأشخاص الأكثر ضعفاً فيه".
ويعبر فليتشر عن سعادته جراء هذا العمل الذي لفت الانتباه إلى هذه الجزئية، ويحيّي عمل كالكيدان كما يكن لها الاحترام، وأضاف أن كالكيدان مدبرة المنزل الاثيوبية، تتكرم عليه بالقيام بالأعمال اليسيرة.
وأخيرا رغب في ختام الحديث أن يضيف جملة فقال، "إنه ليس من الاعتيادي أن يقوم سفير بهذا العمل. غير أن المساواة هي من الأمور التي تستحق أن نتخلى عن دبلوماسيتنا من أجلها. وإذا ما اتفق معي الناس أم لا، فإنني أرجو أن يثير هذا الأمر حالة من النقاش. وبمزيد من الأهمية، أرجو أن يتيح الناس المجال، للعمال المهاجرين كي يرووا قصصهم".



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.