السعودية تحاصر التعدي على أملاك الدولة باشتراط «الصك» الرسمي

آلاف الصكوك غير المثبتة كانت توثق سنوياً بعد استيفاء الشروط

الأمر الملكي الخاص بالأراضي المنفكة من شأنه أيضاً إيجاد سوق عقارية أكثر تنظيماً تخضع بشكل مباشر للقوانين الحكومية وليس للأعراف (تصوير: خالد الخميس)
الأمر الملكي الخاص بالأراضي المنفكة من شأنه أيضاً إيجاد سوق عقارية أكثر تنظيماً تخضع بشكل مباشر للقوانين الحكومية وليس للأعراف (تصوير: خالد الخميس)
TT

السعودية تحاصر التعدي على أملاك الدولة باشتراط «الصك» الرسمي

الأمر الملكي الخاص بالأراضي المنفكة من شأنه أيضاً إيجاد سوق عقارية أكثر تنظيماً تخضع بشكل مباشر للقوانين الحكومية وليس للأعراف (تصوير: خالد الخميس)
الأمر الملكي الخاص بالأراضي المنفكة من شأنه أيضاً إيجاد سوق عقارية أكثر تنظيماً تخضع بشكل مباشر للقوانين الحكومية وليس للأعراف (تصوير: خالد الخميس)

أكد عبد الله العليان، المستثمر العقاري، بأن قرار الحكومة السعودية الذي يفضي إلى وضع الدولة يدها على جميع الأراضي المنفكة عن الملكية الخاصة الثابتة بصك ملكية لتصبح ملكاً للدولة، أمر من شأنه أن يساهم في إيجاد طرق أكثر صرامة لكف أيدي بعض المعتدين على أملاكها، وهو الأمر الذي كان يشكل ثغرة كبيرة في تحديد ملكيات الأراضي التي غالباً تفتقد إلى صك ملكية رسمي من الدولة على تبعيتها للأفراد، وعدم الاعتراف بالقوانين الرجعية من وضع اليد أو الوثائق العادية، التي اعتبرها مدخلاً للتعدي على أملاك الآخرين.
وأردف العليان «بأن القرار من شأنه أيضاً إيجاد سوق عقارية أكثر تنظيماً تخضع بشكل مباشر إلى القوانين الحكومية المعترفة وليس إلى الأعراف والتقاليد التي غالباً ما تنتهي إلى المحاكم والمشاكل العائلية فيما يخص الوثائق اليدوية أو غير الموثقة والمتناقلة»، وزاد بأن الدولة نبهت مراراً إلى ضرورة توثيق هذه الصكوك منذ مراحل نشأتها لتكون أكثر تنظيماً وفق إطار تكاملي يحفظ للجميع حقوقه.
وكانت الدولة قد كلفت لجنة مختصة بأراضي الدولة بالاشتراك مع الجهات ذات العلاقة، إعداد القواعد والضوابط اللازمة لما يخص تملك الأراضي والعقارات للمتقدمين بطلبات للمحاكم قبل تاريخ الأمر الملكي، واقتراح آلية ومدة لنظر طلبات من لم يتقدم قبل ذلك، على ألا يتعارض ذلك مع المخططات التنظيمية، وتحديد المواقع التي لا يجوز اكتساب الملكية الخاصة فيها، على أن تشمل حدود الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة وأبنيتها، والأراضي الساحلية وحرم الحدود والمحميات الوطنية وقمم الجبال ومجاري الأودية والمواقع الأثرية، وحددت تطبيق قواعد وضوابط وآليات خاصة للتوثيق على أن ترفع نتائجها خلال مدة لا تتجاوز 60 يوماً من تاريخ الأمر.
من جهته، أكد مدلول الشمري، المحكم العقاري، بأن الدولة سهلت للجميع وكفلت لهم سابقاً توثيق الملكيات التي لا تحتوي على صكوك رسمية بعد التثبت والتأكد منها، وأنها سهلت ذلك لتحفظ للجميع حقه وتقضي بسيادة من يمتلكها بعد استيفاء الإجراءات والشروط، وكانت المحاكم تسجل آلاف الصكوك اليدوية بشكل إلكتروني موثق بشكل ميسر وبسيط للحث على توثيق الملكيات لإيجاد أرضية نظامية تضمن للجميع حقوقهم بعيداً عن النزاعات أو التعديات التي كانت تتسيد الملكيات ذات التوثيق القديم غير المعتمد؛ إذ إن الأمر انعكس أيضاً على حل الكثير من المشكلات الاجتماعية والعائلية، خصوصاً في المدن والقرى الصغيرة التي تتشعب فيها الملكيات وتفتقد إلى الضبط، وهو ما ينعكس على كوارث عائلية نسمع عنها من حين إلى آخر.
وأضاف الشمري، بأن هذا من شأنه أيضاً ضخ كميات جيدة من الأراضي المتوقفة منذ عشرات أو مئات السنين والتي كانت محرمة على الجميع وتوقفت وألقت بظلالها بشكل أو آخر على كميات العرض، ناهيك على أن الدولة عمدت لذلك لحفظ حقوقها وسيادتها على الأراضي وتسخيرها فيما يخدم سكانها عبر إقامة المشاريع أو المرفقات الحكومية، لافتاً بأن هناك عجزاً في توفير أراضٍ في بعض القرى والمحافظات نتيجة ازدواجية الصكوك وعدم ثبوت صحتها، وبالتالي تعطيلها وهو ما يتشكل في نهاية المطاف بتوقف الاستفادة منها أو استخدامها وهو ما يتنافى أيضاً وعمارة الأرض.
وكلف مجلس الوزراء في قراره، وزارة العدل التنسيق مع وزارة الشؤون البلدية والقروية بمراجعة مشروع نظام تملك العقار ومنحه، بما يتفق مع ما ورد في الأمر الملكي، بما في ذلك اقتراح عقوبات رادعة للمعتدين على أراضي الدولة، ورفع ما يتم التوصل إليه في مدة لا تتجاوز 60 يوماً، متضمناً قيام وزارة الإسكان بمراجعة تنظيم الدعم السكني واللوائح والقرارات المتصلة به، بما يتفق مع ما ورد في الأمر، ورفع ما يتم التوصل إليه في مدة لا تتجاوز 60 يوماً.
وفي صلب الموضوع، أوضح عبد الله البواردي، الذي يمتلك مكتباً مختصاً للوساطة العقارية، بأن هناك حالات كبيرة تمت معالجتها فيما يختص بتوثيق الأراضي غير المحتوية على أوراق ثبوت ملكية جديدة أو صك إلكتروني، وأن معظم من ترك على حالها فإنها متوقفة منذ عقود، وتعتبر أحد أوجه الهدر غير المستفاد منه، ومن باب أولوية المصلحة العامة الاستفادة منها وتطويرها لخدمة أهالي المنطقة، لافتاً بأن القانون كفل للجميع حق نقل الأرض بشكل موثق دون تعقيد، في حين يجب أن يتم ضبط ملكيات الأراضي لمصلحة الدولة وهو قانون يحمي ويكفل للجميع الانتفاع بها بدلاً من بقائها معطلة.
وبيّن أن باب عظيم من أبواب التعدي على أملاك الدولة قد تم إغلاقه وتضييق الخناق على المتهاونين فيه.
ونص الأمر الملكي أيضاً على أن تقوم وزارة الداخلية ووزارة الشؤون البلدية والقروية بالعمل على إعداد برنامج مشترك لتطوير آليات مراقبة التعديات على عقارات وأراضي الدولة، بما يمكّنها من أداء مهامها على الوجه المنوط بها، وعدم التهاون مع المعتدين والتعامل معهم بحزم.
وشمل الأمر، أن تقوم هيئة الخبراء بمجلس الوزراء بالاشتراك مع الجهات ذات العلاقة بمراجعة نظام المرافعات الشرعية، والأنظمة الأخرى والأوامر والمراسيم الملكية والقرارات واللوائح التنظيمية ذات الصلة.



الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة
TT

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

الأحياء المصرية العريقة تربح سوق الوحدات الفارهة

يَعدّ المصريون الاستثمار العقاري من بين أكثر أنواع الاستثمار أمناً وعائداً، مع الأسعار المتزايدة يوماً بعد يوم للوحدات السكنية والتجارية في مختلف الأحياء المصرية، بناءً على تغيّرات السوق، وارتفاع أسعار الأراضي ومواد البناء، ورغم أن هذه المتغيرات تحدد سعر المتر السكني والتجاري، فإن بعض الوحدات السكنية قد تشذّ عن القاعدة، ويخرج سعرها عن المألوف لوقوعها في حي راقٍ شهير وسط القاهرة وتطل على النيل، أو حتى في عمارة سكنية شهيرة.
وبتصفح إعلانات بيع الوحدات السكنية على المواقع الإلكترونية والتطبيقات المخصصة لذلك قد يصطدم المشاهد برقم غريب يتجاوز الأسعار المتعارف عليها في الحي بشكلٍ كبير جداً، لتقفز من وحدات سكنية سعرها 3 ملايين جنيه مصري (الدولار الأميركي يعادل 15.6 جنيه مصري)، إلى أخرى مجاورة لها بأربعين مليوناً، هذه الإعلانات التي يصفها متابعون بأنها «غريبة جداً» على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط أسئلة منطقية عن السبب الرئيسي وراء هذه الأسعار، التي تؤكد تفوق أسعار بيع بعض الشقق السكنية على أسعار فيلات بالمدن الجديدة.
على كورنيش النيل، تطل واحدة من أشهر العمارات السكنية بحي الزمالك وسط القاهرة، تحديداً في عمارة «ليبون» التي سكنها عدد من فناني مصر المشهورين في الماضي، تُعرض شقة مساحتها 300 متر للبيع بمبلغ 40 مليون جنيه، أي نحو 2.5 مليون دولار، رغم أن متوسط سعر المتر السكني في الحي يبلغ 23 ألف جنيه، وفقاً لموقع «عقار ماب» المتخصص في بيع وشراء الوحدات السكنية في مصر.
ولا يشتري الناس بهذه الأسعار مجرد شقة، بل يشترون ثقافة حي وجيراناً وتأميناً وخدمات، حسب حسين شعبان، مدير إحدى شركات التسويق العقاري بحي الزمالك، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «عمارة ليبون واحدة من أعرق العمارات في مصر، وأعلاها سعراً، والشقة المعروضة للبيع كانت تسكنها الفنانة الراحلة سامية جمال»، مؤكداً أن «هذه الإعلانات تستهدف المشتري العربي أو الأجنبي الذي يبحث عن عقار مؤمّن، وجيراناً متميزين، وثقافة حي تسمح له بالحياة كأنه في أوروبا، فسعر الشقة ربما يكون مماثلاً لسعر فيلا في أفضل التجمعات السكنية وأرقاها في مصر، لكنه يبحث عن شقة بمواصفات خاصة».
وفي عام 2017 أثار إعلان عن شقة بجوار فندق «أم كلثوم» بالزمالك، الجدل، بعد عرضها للبيع بمبلغ 3 ملايين دولار، وتبين فيما بعد أن الشقة ملك للسياسي المصري أيمن نور، لكن شعبان بدوره يؤكد أن «الناس لا تهتم بمن هو مالك الشقة في السابق، بل تهتم بالخدمات والجيران، وهذا هو ما يحدد سعر الشقة».
ويعد حي الزمالك بوسط القاهرة واحداً من أشهر الأحياء السكنية وأعلاها سعرها، حيث توجد به مقرات لعدد كبير من السفارات، مما يجعله مكاناً لسكن الأجانب، وينقسم الحي إلى قسمين (بحري وقبلي) يفصلهما محور (26 يوليو)، ويعد الجانب القلبي هو «الأكثر تميزاً والأعلى سعراً، لأنه مقر معظم السفارات»، وفقاً لإيهاب المصري، مدير مبيعات عقارية، الذي أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «ارتفاع الأسعار في الزمالك مرتبط بنقص المعروض في ظل ازدياد الطلب، مع وجود أجانب يدفعون بالعملات الأجنبية، وهم هنا لا يشترون مجرد إطلالة على النيل، بل يشترون خدمات وتأميناً عالي المستوى».
وعلى موقع «أوليكس» المخصص لبيع وتأجير العقارات والأدوات المنزلية، تجد شقة دوبليكس بمساحة 240 متراً في الزمالك مكونة من 4 غرف، معروضة للبيع بمبلغ 42 مليون جنيه، وشقة أخرى للبيع أمام نادي الجزيرة مساحة 400 متر بمبلغ 40 مليون جنيه.
ورغم ذلك فإن أسعار بعض الوحدات المعروضة للبيع قد تبدو مبالغاً فيها، حسب المصري، الذي يقول إن «السعر المعلن عنه غير حقيقي، فلا توجد شقة تباع في عمارة (ليبون) بمبلغ 40 مليون جنيه، وعند تنفيذ البيع قد لا يتجاوز السعر الثلاثين مليوناً، وهو سعر الوحدة السكنية في عمارة (العبد) المطلة على نادي الجزيرة والتي تعد أغلى عقارات الزمالك».
والشريحة المستهدفة بهذه الأسعار هي شريحة مختلفة تماماً عن الشريحة التي يستهدفها الإسكان الاجتماعي، فهي شريحة تبحث عن أسلوب حياة وإمكانيات معينة، كما يقول الخبير العقاري تامر ممتاز، لـ«الشرق الأوسط»، مشيراً إلى أن «التعامل مع مثل هذه الوحدات لا بد أن يكون كالتعامل مع السلع الخاصة، التي تقدم ميزات قد لا تكون موجودة في سلع أخرى، من بينها الخدمات والتأمين».
وتتفاوت أسعار الوحدات السكنية في حي الزمالك بشكل كبير، ويقدر موقع «بروبرتي فايندر»، المتخصص في بيع وتأجير العقارات، متوسط سعر الشقة في منطقة أبو الفدا المطلة على نيل الزمالك بمبلغ 7 ملايين جنيه مصري، بينما يبلغ متوسط سعر الشقة في شارع «حسن صبري» نحو 10 ملايين جنيه، ويتباين السعر في شارع الجبلاية بالجانب القبلي من الحي، ليبدأ من 4.5 مليون جنيه ويصل إلى 36 مليون جنيه.
منطقة جاردن سيتي تتمتع أيضاً بارتفاع أسعار وحداتها، وإن لم يصل السعر إلى مثيله في الزمالك، حيث توجد شقق مساحتها لا تتجاوز 135 متراً معروضة للبيع بمبلغ 23 مليون جنيه، ويبلغ متوسط سعر المتر في جاردن سيتي نحو 15 ألف جنيه، وفقاً لـ«عقار ماب».
وتحتل الشقق السكنية الفندقية بـ«فورسيزونز» على كورنيش النيل بالجيزة، المرتبة الأولى في الأسعار، حيث يبلغ سعر الشقة نحو 4.5 مليون دولار، حسب تأكيدات شعبان والمصري، وكانت إحدى شقق «فورسيزونز» قد أثارت الجدل عندما عُرضت للبيع عام 2018 بمبلغ 40 مليون دولار، وبُرر ارتفاع السعر وقتها بأن مساحتها 1600 متر، وتطل على النيل وعلى حديقة الحيوانات، وبها حمام سباحة خاص، إضافة إلى الشخصيات العربية المرموقة التي تسكن «فورسيزونز».
وتحدد أسعار هذا النوع من العقارات بمقدار الخدمات والخصوصية التي يوفّرها، وفقاً لممتاز، الذي يؤكد أن «العقار في مصر يعد مخزناً للقيمة، ولذلك تكون مجالاً للاستثمار، فالمشتري يبحث عن عقار سيرتفع سعره أو يتضاعف في المستقبل، ومن المؤكد أنه كلما زادت الخدمات، فإن احتمالات زيادة الأسعار ستكون أكبر، خصوصاً في ظل وجود نوع من المستهلكين يبحثون عن مميزات خاصة، لا تتوافر إلا في عدد محدود من الوحدات السكنية».