بدأ العد التنازلي، أمس، لانتهاء المهلة الدستورية الممنوحة للرئيس العراقي برهم صالح، لتكليف رئيس وزراء جديد بدل المستقيل عادل عبد المهدي، خلال 15 يوماً، وسط «خلافات حادة» خيمت على المشاورات التي بدأتها القوى السياسية لتحديد تركيبة الحكومة الجديدة وتسمية رئيسها.
وعاد الجدل حول «الكتلة الأكبر» التي يحق لها اختيار مرشح منها لتشكيل الحكومة، بعد إعلان كتلة «سائرون» المدعومة من زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر، وهي الأكثر عدداً (45 نائباً)، تنازلها عن تشكيل الحكومة المقبلة أو المشاركة فيها.
وأسهمت «سائرون»، بشكل رئيسي، مع كتلة «الفتح» بزعامة هادي العامري، في اختيار عادل عبد المهدي مرشحاً توافقياً العام الماضي عبر تجاوز جدل الكتلة الأكبر تحت شعار أن «العراق أكبر من الكتلة الأكبر»، وعادت اليوم لتقول إن «الشعب هو الكتلة الأكبر».
مساعي «سائرون» بدت منسجمة إلى حد كبير مع الحركة الاحتجاجية في الشارع العراقي التي أعلنت رفضها لأي اسم يجري تداوله حالياً لتشكيل الحكومة المقبلة. ويرى عضو البرلمان عن كتلة «الفتح» حسين عرب أن «هناك حراكاً برلمانياً واسع النطاق؛ خصوصاً من قبل النواب الشباب في البرلمان، لتخطي إملاءات الكتل السياسية وشروطها لاختيار رئيس الوزراء المقبل». وأوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن «هناك جمع توقيعات من قبل أكثر من 160 نائباً لاختيار رئيس وزراء من الشباب تكون لدينا قناعة أنه قادر على قيادة المرحلة المقبلة، لا سيما أننا نصر على أن يكون من عراقيي الداخل، ولا يحمل جنسية أخرى». وأضاف أن «الكتل السياسية لا تريد ذلك على الإطلاق، فهي لا تستطيع الخروج من شرنقة المحاصصة».
وبدأت الكتل السياسية حراكاً واسعاً من أجل التوصل إلى حل وسط لاختيار رئيس للوزراء يرضيها ويرضي الشارع الغاضب. وفي هذا السياق بحث رئيس البرلمان محمد الحلبوسي مع رئيس «جبهة الإنقاذ والتنمية» أسامة النجيفي، «تطورات الأوضاع السياسية التي تشهدها البلاد بعد استقالة الحكومة، وضرورة اختيار رئيس وزراء جديد قادر على إدارة المرحلة المقبلة»، حسب بيان لمكتب الحلبوسي.
وناقش اللقاء «قانوني المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وانتخابات مجلس النواب العراقي، والتأكيد على أهمية التنسيق بين تحالف القوى العراقية و(جبهة الإنقاذ والتنمية) في المرحلة الراهنة للخروج برؤية مشتركة».
وأكد مصدر حكومي عراقي، أمس، التقارير عن زيارة قائد «فيلق القدس» في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، للعراق، «من أجل إجراء محادثات حول الأزمة السياسية في البلاد»، رغم نفي قوى مقربة من إيران الزيارة.
ويرى المحلل المختص بشؤون العراق حارث حسن، أن إيران «لن تستسلم بسهولة»، حسبما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. لكنه أضاف أن قادة الكتل السياسية «يعلمون أن السقف مرتفع للغاية، ومن الصعب عليهم إرضاء الشارع». وأوضح أنهم «لا يريدون مواجهة مزيد من الغضب والرفض... ولا يدركون كيف يتخلصون من أساليب تفكيرهم التقليدية». واعتبر أن «السيناريو الأفضل هو تشكيل حكومة انتقالية ترسخ إطاراً تشريعياً جديداً للانتخابات المقبلة... ومن يتولاها لا يحتاج إلى أن يكون خبيراً في السياسة، بل يمكنه قيادة هذه المهمة، وبالتأكيد يقدم وعداً بعدم الترشح للانتخابات».
ودعا النائب عن «تحالف القوى العراقية» رعد الدهلكي، الكتل السياسية، إلى اختيار شخصية غير شيعية لرئاسة الحكومة، طالما أنها تريد الخروج من المحاصصة، وإرضاء الشارع، ما رفضته كتلة برلمانية شيعية اتهمته بأنه «يرقص على جراح محافظات الوسط والجنوب».
كان الدهلكي اعتبر في بيان، أمس، أن «أولى عتبات المحاصصة كانت من خلال اختزال مرشحي الرئاسات الثلاث بمكونات معينة، وبالتالي إذا ما أرادت الجهات التي تدعي رفضها المحاصصة أن تطبق الشعارات التي رفعتها، فعليها أن ترشح شخصية من مكون آخر غير الشيعي لرئاسة الوزراء، وأن تترك خيار الموافقة عليه للجماهير بعيداً عن القوى السياسية». وأضاف أن «هذه الخطوة هي الرسالة الحقيقية لتجاوز الطائفية، وهو ما فعله سابقاً (تحالف الفتح)، حين رشح أسماء من جميع المكونات لحقيبة الدفاع، متجاوزاً العناوين الضيقة، وهو ما نريد أن نراه اليوم من القوى الشيعية المنادية بالإصلاح».
لكن رئيس كتلة «عطاء» البرلمانية الشيعية حيدر الفؤادي، رفض تصريحات الدهلكي، واصفاً إياها بأنها «رقص على جراحات محافظات الوسط والجنوب». وقال الفؤادي، في بيان، «نستغرب من طريقة الطرح أن يتم إلغاء المحاصصة عن طريق ترشيح شخصية غير شيعية لرئاسة مجلس الوزراء»، متسائلاً: «هل عجز الشيعة عن تقديم شخصيات كفوء ومستقلة؟». وأضاف أن «هذه الرسالة غير موفقة وهي شعارات زائفة ولا تعالج المشكلات التي يعاني منها أبناء البلد. مع الأسف بعض الشخصيات بدأت تستثمر الفرصة للحصول على مكاسب معينة على حساب معاناة محافظات الوسط والجنوب».
ويواصل محتجون تأكيد مطالبهم في بغداد ومدن أخرى في جنوب البلاد، بينها الحلة والكوت والنجف التي تعيش توتراً شديداً منذ إحراق القنصلية الإيرانية مساء الأربعاء، قبل استهدافها مجدداً مساء أول من أمس.
ويرى المتظاهرون أن مشكلات البلاد تتطلب حلولاً جذرية تتجاوز استقالة عبد المهدي. وقال محمد المشهداني، وهو طبيب متظاهر في ميدان التحرير ببغداد أمس: «نطالب بتغيير كامل الحكومة من جذورها».
وعلى مقربة منه، قال طالب القانون الشاب عبد المجيد الجميلي، إن «هذا يعني أن على رئيس البرلمان المغادرة وحتى رئيس الجمهورية». وأضاف: «إذا تخلصوا من عبد المهدي وجلبوا شخصاً آخر من الطبقة السياسية، فلن يتغير شيء».
واستمرت المواجهات ليل الأحد - الاثنين عند قبر رجل الدين الشيعي البارز محمد باقر الحكيم، على بعد مئات الأمتار من ساحة التظاهر الواقعة في وسط النجف، وأطلق مسلحون يرتدون ملابس مدنية الرصاص على متظاهرين. وتدخل زعماء عشائر صباح أمس لوقف المواجهات، لكنهم لم يستطيعوا الوصول لاتفاق.
«خلافات حادة» تخيّم على معركة خلافة عبد المهدي
توتر ومظاهرات في بغداد والنجف ومدن جنوبية... وتأكيد لزيارة سليماني
«خلافات حادة» تخيّم على معركة خلافة عبد المهدي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة