فرنسا تكرم عسكرييها القتلى في مالي... وتبحث عن دعم أوروبي

ماكرون في مراسم التأبين: دافعتم عن الحرية في العالم وقيمنا ستنتصر

جنود يحملون نعوش 13 جندياً فرنسياً قتلوا في مالي أثناء مطاردتهم المتشددين الأسبوع الماضي... قبل حفل أقيم لتكريمهم في العاصمة باريس أمس (رويترز)
جنود يحملون نعوش 13 جندياً فرنسياً قتلوا في مالي أثناء مطاردتهم المتشددين الأسبوع الماضي... قبل حفل أقيم لتكريمهم في العاصمة باريس أمس (رويترز)
TT

فرنسا تكرم عسكرييها القتلى في مالي... وتبحث عن دعم أوروبي

جنود يحملون نعوش 13 جندياً فرنسياً قتلوا في مالي أثناء مطاردتهم المتشددين الأسبوع الماضي... قبل حفل أقيم لتكريمهم في العاصمة باريس أمس (رويترز)
جنود يحملون نعوش 13 جندياً فرنسياً قتلوا في مالي أثناء مطاردتهم المتشددين الأسبوع الماضي... قبل حفل أقيم لتكريمهم في العاصمة باريس أمس (رويترز)

كانت علامات الحزن بارزة، أمس، في باريس، حداداً على مقتل 13 جندياً (منهم 12 ضابطاً وصف ضابط» في مالي، الأسبوع الماضي، بسبب سقوط طوافتين، إحداهما مقاتلة والأخرى للنقل، كانتا تقومان بمهمة عسكرية لملاحقة جهاديين مفترضين في المنطقة المسماة «الحدود الثلاثية» (مالي والنيجر وبوركينا فاسو).
وأمس، في ساحة «الأنفاليد» العسكرية، أقيمت مراسم التأبين الرسمية بحضور ما لا يقل عن 2500 شخص، يتقدمهم الرئيس إيمانويل ماكرون. وقام ماكرون بتعليق وسام جوقة الشرف على نعوش العسكريين الـ13 الذين مع مقتلهم تكون فرنسا قد أصيبت بأكبر خسارة عسكرية منذ مقتل 58 من جنودها العاملين وقتها في لبنان، في عام 1983، في إطار القوة الدولية. وفي كلمته التأبينية، انحنى ماكرون أمام «التضحية» الكبرى التي قدمها العسكريون الذين ماتوا في مسرح العمليات «من أجل فرنسا، وحماية سكان بلدان الساحل (الأفريقية)، ومن أجل أمن مواطنيهم، ومن أجل الحرية في العالم، ومن أجلنا جميعاً نحن الموجودين في هذا المكان». وأضاف ماكرون: «إن الدموع تنهمر على كل الأراضي الفرنسية لكنها دموع يمتزج فيها الحزن بالعزم والأمل. نحن عازمون على أن تنتصر قيم جمهوريتنا، وعازمون على أن نقف صفاً واحداً، لتنعم الشعوب الحرة بحريتها التي اكتسبتها بفضل قواتنا». وكان ماكرون يلقي كلمته بحضور الرئيس المالي إبراهيم بوبكر كايتا، الذي جاء خصيصاً إلى باريس للمشاركة في التأبين. وإلى جانب التأبين الرسمي، عبر الفرنسيون، والباريسيون خصوصاً، عن تأثرهم العميق للخسارة الكبرى التي حلت بالقوات المسلحة الفرنسية المنخرطة في عمليات محاربة الإرهاب في مالي منذ عام 2014، وقد اصطفوا بالمئات على جسر «ألكسندر الثالث» المفضي إلى «الأنفاليد»، لتحية الوداع للعسكريين الذين قتلوا عندما ارتطمت المروحيتان اللتان كانتا تناوران على ارتفاع منخفض ليلاً. وحتى أمس، لم تكن اللجنة التي شكلتها وزارة الدفاع للتحقيق في ظروف الحادث، وجلائه تماماً، قد كشفت عن النتائج التي توصلت إليها. إلا أن رئيس الأركان الفرنسي الجنرال فرنسا لو كوانتر كذب قطعياً ادعاءات «داعش» في بلدان الساحل، الذي هو امتداد للتنظيم الإرهابي، التي زعمت أن إطلاقاً للنيران على الطوافتين هو ما أدى إلى سقوطهما. ومن جانبها، قالت وزيرة الدفاع فلورانس بارلي، في حديث لصحيفة «جي دي دي» الأسبوعية، إن الحرب في مالي «ستكون طويلة زمنياً».
حملت كلمة ماكرون رسالة أساسية بقوله إن الفرنسيين «يقفون صفاً واحداً» وراء «قوة برخان» المتشكلة من 4500 رجل، وتدعمها وحدات جوية مقاتلة، المنتشرة في مالي منذ عام 2014، بعد أن أمر الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا هولاند، بالتدخل العسكري في مالي، لمنع المتطرفين من النزول من المناطق الشمالية، واحتلال العاصمة باماكو. وكان اسم العملية وقتها «سرفال»، الذي حول لاحقاً إلى «برخان»، مع إعادة نشر القوات الفرنسية الموجودة في منطقة الساحل، وتحديد مهمتها الأساسية بمحاربة المجموعات الإرهابية المتنوعة الناشطة في منطقة مترامية الأطراف تزيد مساحتها على مساحة أوروبا. وحتى اليوم، ما زال التدخل الفرنسي في مالي يحظى بدعم أكثرية من الفرنسيين (58 في المائة)، وفق ما بينه استطلاع للرأي نشرت نتائجه أمس صحيفة «لو فيغارو» اليمينية. وإذا كانت الطبقة السياسية قد امتنعت حتى اليوم عن إطلاق الجدل بشأن الوجود العسكري في مالي، باستثناء رئيس حزب «فرنسا المتمردة» اليساري المتشدد الذي يرأسه المرشح الرئاسي السابق والنائب الحالي جان لوك ميلونشون، الذي دعا إلى انسحاب القوات الفرنسية، إلا أن هذه المسألة سوف تثار حتماً بعد انقضاء فترة الحداد. كان الرئيس ماكرون قد أكد يوم الخميس الماضي، أنه سوف يعيد النظر بالاستراتيجية المتبعة لمحاربة الإرهاب في بلدان الساحل، داعياً الأوربيين إلى الانخراط إلى جانب الفرنسيين. وقال ما حرفيته: «إن السياق الذي نعيش في ظله في الساحل يقودنا اليوم إلى النظر في كافة الخيارات الاستراتيجية». كذلك اعتبرت بارلي أن كافة الخيارات قيد المناقشة «من أجل توفير أكبر فعالية لعمليات محاربة الإرهاب في بلدان الساحل»، مضيفة أن «الوضع (الأمني) يتدهور، لكن قوة (برخان) التي تواكب القوات الأفريقية تحقق نجاحات». وأفادت مصادر رئاسية، في لقاء يوم الجمعة الماضي، لعرض المتوقع من القمة الأطلسية، بأن الرئيس الفرنسي سيثير الموضوع خلال قمة الأطلسي التي ستلتئم في لندن اليوم وغداً. ومن المنتظر أن يطالب ماكرون الحلفاء في إطار الحلف الأطلسي، خصوصاً الأوروبيين.
الواقع، أن باريس تشعر أنها «وحيدة» في حربها على الإرهاب في مالي وبلدان الساحل الأخرى، على الرغم من أنها «تحارب نيابة عن العالم أجمع»، وفق ما قاله ماكرون. وليس هناك كثيرون يوافقون الوزيرة الفرنسية الرأي حول النجاحات المحققة في محاربة الإرهاب، إذا ما أخذت بعين الاعتبار الخسائر الكبيرة التي ألحقتها المجموعات الإرهابية «القاعدة» و«داعش» بالقوات المالية والأفريقية في الأشهر الأخيرة. وما تريده باريس أن تكون القوات الأوروبية إلى جانبها في مالي، وألا تكون وحيدة في الميدان.
حقيقة الأمر أن باريس ليست وحدها في مالي. فالأوروبيون (ألمانيا، وبريطانيا، وإسبانيا، وبلجيكا، وأستونيا)، إضافة إلى الولايات المتحدة، موجودون إلى جانب باريس، لكنهم ينشطون فقط في الدعم اللوجستي، بينما وحدات «برخان» هي الوحيدة التي تخوض معارك ميدانية إلى جانب القوات المالية. وتسعى باريس للدفع بتشكيل «قوة كوماندوز أوروبية» تحت مسمى «تابوكا»، التي تعني «السيف». لكن هذه القوة ليست فاعلة بعد، بل هي قيد التأسيس، وتضغط فرنسا باتجاه أن تكون فاعلة العام المقبل. لكن حتى اليوم لم يعرف العديد المنتظر. لكن الدنمارك وبلجيكا وإسبانيا والسويد والتشيك والبرتغال أعلنت عن استعدادها للمساهمة في هذه القوة الوليدة التي تعلق فرنسا عليها الكثير من الآمال.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».