«غوغل ستاديا» لن تزيح منصات ألعاب الفيديو

خدمة لتشغيل الألعاب وبثّها على الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية عبر الإنترنت

أداة التحكم بخدمة «ستاديا» للألعاب
أداة التحكم بخدمة «ستاديا» للألعاب
TT

«غوغل ستاديا» لن تزيح منصات ألعاب الفيديو

أداة التحكم بخدمة «ستاديا» للألعاب
أداة التحكم بخدمة «ستاديا» للألعاب

ألن يكون من الرائع أن تندثر منصات ألعاب الفيديو بشكل نهائي وأن نتمكّن من اللعب على أي جهاز نريده؛ ففي النهاية، فإن المحتوى هو ما يهمّ الناس، وليس الآلات؟ هذا هو الطموح الذي تسعى «غوغل» إلى تحقيقه مع «ستاديا»؛ خدمة تشغيل الألعاب التي أعلنت الشركة عن إصدارها أخيراً.

بثّ الألعاب
لا يعتمد المنتج الجديد على أدوات كتلك الموجودة اليوم في منازلنا، بل على مراكز «غوغل» للبيانات، والتي تقدّم القوّة الحاسوبية المطلوبة لتشغيل الألعاب وبثّها على الهواتف الذكية، والأجهزة اللوحية، والتلفازات عبر الإنترنت. هذا يعني أنّها لن تشبه المنصّات التقليدية التي تشغّل الألعاب مباشرة عبرها. والنتيجة: عندما نشغّل الألعاب بواسطة «ستاديا»، نكون في الحقيقة نشاهد فيديوهات اللعبة التي تبثّها خوادم «غوغل». عندما نضغط على زرّ ما، يتمّ إرسال هذا الأمر إلى خوادم «غوغل» للتحكّم بالحدث الحاصل في اللعبة، ومن ثمّ، يظهر تنفيذ الأمر أمامنا في الفيديو. يبدو المشهد مثيراً للاهتمام، أليس كذلك؟ ولكن الفكرة الجديدة تعني أنّكم يجب أن تتوقّعوا حصول بعض التأخير من وقت إلى آخر بين زمن الضغط على الزرّ وزمن حصول الأحداث على الشاشة، وهذا الأمر سيحصل دون شكّ.
وفي الاختبارات التي قمت بها أخيراً وشملت ألعاباً عدّة في «ستاديا»، أعجبت بمتانة البثّ الذي رأيته، حيث إن الرسوميات المعقّدة تظهر بشكل واضح على شاشة التلفاز، أو اللابتوب، أو حتّى هاتف ذكي رخيص. ولكنّني في المقابل اصطدمت ببعض العيوب ومشكلات النوعية الناتجة عن سرعات الإنترنت غير المستقرة وبعض المشكلات البرمجية المبكرة. لذا؛ وبصفتي شخصاً مارس هواية ألعاب الفيديو منذ الطفولة، أقول إنني لن أستبدل بمنصّة اللعب خاصتي مشروع «غوغل» الجديد، لأن محبّي الألعاب يبحثون عن حركة خالية من العيوب أثناء اللعب. ومع ذلك، لا بدّ من القول إنّ فكرة «غوغل» الجديدة تشكّل لمحة مذهلة عن تطوّر ألعاب الفيديو الذي سنشهده في السنوات القليلة المقبلة، بالتزامن مع زيادة سرعات الإنترنت وقوّة مراكز البيانات.

تفاصيل «ستاديا»
ولكن ماذا في تفاصيل «ستاديا»؟
- إعداد صعب: للبدء باستخدام «ستاديا»، احتجت إلى نحو 30 دقيقة لإعدادها، أي أكثر مما تتطلبه منصّات اللعب التقليدية عادة. ويعود هذا الأمر إلى افتقار الإعداد الإلكتروني إلى البديهية التي تتسم بها عملية «الوصل واللعب» في أنظمة ألعاب الفيديو مثل «إكس بوكس وان» من «مايكروسوفت» أو «بلاي ستيشن4» من «سوني».
أولاً، شغّلتُ حسابي الخاص من «ستاديا» على «stadia.google.com»، والذي اتصل بحسابي في «غوغل»، وبالموقع الذي ابتعتُ منه الألعاب. كانت «غوغل» قد زوّدتني باقتراحات لخمسة عناوين لأجرّبها.
للحصول على بثّ «ستاديا» للألعاب على تلفازي، وصلت «غوغل كرومكاست»، محرّكاً صغيراً للبثّ التلفزيوني، وضبطته مع حسابي على «غوغل». بعدها، وبواسطة تطبيق «ستاديا» للهواتف الذكية، جرّبت أداة التحكّم وزامنتها مع «كرومكاست».
هذه العملية تطلّبت منّي أكثر من محاولة قبل النجاح في تشغيل الخدمة، فضلاً عن الاضطرار إلى إطفاء وإعادة تشغيل هاتفي أكثر من مرّة للنجاح أخيراً في دفع أداة التحكّم و«كرومكاست» إلى التواصل.
ولكنّ اللعب على الكومبيوتر كان أسهل. فبواسطة متصفّح «غوغل كروم»، زرت موقع «ستاديا» وتمكّنت من تشغيل الألعاب بسرعة باستخدام لوحة مفاتيح وفأرة، أو عبر شبك أداة التحكّم بمنفذ الـUSB». أمّا لتشغيل ألعاب «ستاديا» على الهاتف، ففتحتُ تطبيق «ستاديا» على جهاز «غوغل بيكسل» ووصلت أداة التحكّم مباشرة بمنفذ الـ«USB» في الهاتف.

شاشات كبرى وصغرى
وقد أظهرت الاختبارات أن المرح يكون أكثر على الشاشات الكبرى، وليس على الهواتف. وقد أمضيت معظم وقت الاختبار في لعبة إطلاق النار «ديستيني2» ولعبة القتال «مورتال كومبات11» على اعتبار أنّهما تضمّان رسوماً قويّة. استمتعت باللعب عبر شاشة تلفازي وعلى اللابتوب أكثر من الهاتف.
برزت معاناة «ستاديا» الكبرى مع لعبة «مورتال كومبات11»، ففي بعض المعارك، بدت الحركة مشتّتة، والرسومات منقّطة في بعض المرّات، مثلما حدث عندما طعنت إحدى الشخصيات خصمها بسيف في بطنه مثلاً.
من جهتها، عدّت «غوغل» أن هذا الأمر قد يكون ناتجاً عن ضعف في سرعة الإنترنت.
عدّلت بعض الإعدادات لتحسين الحركة. ففي تطبيق «ستاديا»، تجدون زرّ «استخدام البيانات والأداء» الذي يسمح لكم بتغيير نوعية الفيديو من «الأفضل» إلى «متوازن» أو «محدود». باختصار، تقدّم لكم الأوضاع الثلاثة مستويات مختلفة من دقّة العرض بحسب سرعة الإنترنت. بعد اختيار الإعداد «متوازن»، بدأ عرض «مورتال كومبات» أكثر متانة والرسومات رائعة.
ولكن قصور «ستاديا» بدا واضحاً في تشغيلها على الهاتف الذكي. تتطلّب الخدمة من مستخدميها وصل أداة التحكّم الخاصة باللعبة بمنفذ الـUSB» في الهاتف، لأنّ الخدمة لا تتماشى مع شاشة الهاتف بشكل يسمح لكم بالاستفادة من ضوابط التحكّم اللمسية الموجودة فيه.

نصائح بالتروي
الخلاصة أن هناك كثيراً من الأمور التي لا تزال مجهولة في «ستاديا»، لذا أنصحكم بالتروّي قبل شراء الخدمة والألعاب المتوفّرة فيها، لا سيّما مع وجود الشكوك التالية:
- لم يتضح بعد ما إذا كانت الألعاب على «ستاديا» ستستمرّ في بثّها المتين. فمع ازدياد أعداد المستخدمين، قد تعاني الخوادم من الضغط، مما قد يؤدّي إلى تراجع في أداء الخدمة. أمّا «غوغل»، فقد صرّحت بأنّ مراكز البيانات الخاصّة بالخدمة صُممت لتتحمّل ذروة الازدحام ببراعة عالية.
- هل يستحقّ سعر هذه الخدمة أن يستبدلها الناس بمنصّاتهم القديمة؟ وكما مزوّدي الألعاب الآخرين، تعتزم «غوغل» بيع خدمتها وفقاً لفاتورة محدّدة، حيث إنها ستقدّم الألعاب المهمة بـ60 دولاراً مثلاً. ولكن للحصول على الألعاب بأعلى دقّة عرض «4 كي»، على اللاعبين أن يسدّدوا اشتراكاً شهرياً بقيمة 10 دولارات. من هنا، قد يفضّل اللاعبون شراء «بلاي ستيشن 4 برو» بـ400 دولار والاستمتاع بالألعاب بدقّة عرض «4 كيبي» بقدر ما يريدون.
- يبقى كتالوغ الألعاب أكبر العناوين المجهولة؛ فمع إصدار «ستاديا»، سيجد الناس نحو 20 عنواناً ليختاروا منها، ومعظمها ألعاب صدرت على أنظمة أخرى. وتجدر الإشارة إلى أنّ منصّة «سويتش» من «نينتندو» كانت قد صدرت مع 10 عناوين فقط في يومها الأوّل، ومن بينها كانت لعبة «زيلدا» التي أذهلت النقّاد.
وتقول «غوغل» إنّ «ستاديا» ستكون لها عناوين جديدة في المستقبل أسوة بأنظمة اللعب الأخرى.
- من سيفضّل اللعب عبر هذه الخدمة؟ إذ إنّ الألعاب الإلكترونية مثل «ديستيني2» ليست ممتعة ما لم يكن لديكم أصدقاء تلعبون معهم. وكما تحتاج شبكات التواصل الاجتماعي إلى مستخدمين، تحتاج «غوغل» إلى كثير من الأشخاص مع أصدقائهم لاستخدام «ستاديا».
أمّا في حال قرّر اللاعبون الوفاء لمنصاتهم من «بلاي ستيشن» و«نينتندو» و«إكس بوكس»، فقد تتحوّل «ستاديا» إلى باحة رقمية مهملة كما حصل مع «غوغل بلاس». هل تذكرونها؟ «غوغل بلاس» كانت محاولة «غوغل» لاختراق شبكات التواصل الاجتماعي.
- خدمة «نيويورك تايمز»



الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت الذي فرضته جائحة «كوفيد»، يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم، رغم الشكوك في منافعه.

وبدأت بلدان عدة توفير أدوات مساعَدة رقمية معززة بالذكاء الاصطناعي للمعلّمين في الفصول الدراسية. ففي المملكة المتحدة، بات الأطفال وأولياء الأمور معتادين على تطبيق «سباركس ماث» (Sparx Maths) الذي أُنشئ لمواكبة تقدُّم التلاميذ بواسطة خوارزميات، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». لكنّ الحكومة تريد الذهاب إلى أبعد من ذلك. وفي أغسطس (آب)، أعلنت استثمار أربعة ملايين جنيه إسترليني (نحو خمسة ملايين دولار) لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي للمعلمين، لمساعدتهم في إعداد المحتوى الذي يدرّسونه.

وهذا التوجّه آخذ في الانتشار من ولاية كارولاينا الشمالية الأميركية إلى كوريا الجنوبية. ففي فرنسا، كان من المفترض اعتماد تطبيق «ميا سوكوند» (Mia Seconde) المعزز بالذكاء الاصطناعي، مطلع العام الدراسي 2024، لإتاحة تمارين خاصة بكل تلميذ في اللغة الفرنسية والرياضيات، لكنّ التغييرات الحكومية أدت إلى استبعاد هذه الخطة راهناً.

وتوسعت أعمال الشركة الفرنسية الناشئة «إيفيدانس بي» التي فازت بالعقد مع وزارة التعليم الوطني لتشمل أيضاً إسبانيا وإيطاليا. ويشكّل هذا التوسع نموذجاً يعكس التحوّل الذي تشهده «تكنولوجيا التعليم» المعروفة بـ«إدتِك» (edtech).

«حصان طروادة»

يبدو أن شركات التكنولوجيا العملاقة التي تستثمر بكثافة في الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي، ترى أيضاً في التعليم قطاعاً واعداً. وتعمل شركات «مايكروسوفت» و«ميتا» و«أوبن إيه آي» الأميركية على الترويج لأدواتها لدى المؤسسات التعليمية، وتعقد شراكات مع شركات ناشئة.

وقال مدير تقرير الرصد العالمي للتعليم في «اليونيسكو»، مانوس أنتونينيس، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أعتقد أن المؤسف هو أن التعليم يُستخدم كنوع من حصان طروادة للوصول إلى المستهلكين في المستقبل».

وأعرب كذلك عن قلقه من كون الشركات تستخدم لأغراض تجارية البيانات التي تستحصل عليها، وتنشر خوارزميات متحيزة، وتبدي عموماً اهتماماً بنتائجها المالية أكثر مما تكترث للنتائج التعليمية. إلاّ أن انتقادات المشككين في فاعلية الابتكارات التكنولوجية تعليمياً بدأت قبل ازدهار الذكاء الاصطناعي. ففي المملكة المتحدة، خيّب تطبيق «سباركس ماث» آمال كثير من أولياء أمور التلاميذ.

وكتب أحد المشاركين في منتدى «مامِز نِت» على الإنترنت تعليقاً جاء فيه: «لا أعرف طفلاً واحداً يحب» هذا التطبيق، في حين لاحظ مستخدم آخر أن التطبيق «يدمر أي اهتمام بالموضوع». ولا تبدو الابتكارات الجديدة أكثر إقناعاً.

«أشبه بالعزلة»

وفقاً للنتائج التي نشرها مركز «بيو ريسيرتش سنتر» للأبحاث في مايو (أيار) الماضي، يعتقد 6 في المائة فقط من معلمي المدارس الثانوية الأميركية أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم يعود بنتائج إيجابية تَفوق العواقب السلبية. وثمة شكوك أيضاً لدى بعض الخبراء.

وتَعِد غالبية حلول «تكنولوجيا التعليم» بالتعلّم «الشخصي»، وخصوصاً بفضل المتابعة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. وهذه الحجة تحظى بقبول من المسؤولين السياسيين في المملكة المتحدة والصين. ولكن وفقاً لمانوس أنتونينيس، فإن هذه الحجة لا تأخذ في الاعتبار أن «التعلّم في جانب كبير منه هو مسألة اجتماعية، وأن الأطفال يتعلمون من خلال تفاعل بعضهم مع بعض».

وثمة قلق أيضاً لدى ليون فورز، المدرّس السابق المقيم في أستراليا، وهو راهناً مستشار متخصص في الذكاء الاصطناعي التوليدي المطبّق على التعليم. وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يُروَّج للذكاء الاصطناعي كحل يوفّر التعلّم الشخصي، لكنه (...) يبدو لي أشبه بالعزلة».

ومع أن التكنولوجيا يمكن أن تكون في رأيه مفيدة في حالات محددة، فإنها لا تستطيع محو العمل البشري الضروري.

وشدّد فورز على أن «الحلول التكنولوجية لن تحل التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية الكبرى التي تواجه المعلمين والطلاب».