سيرك «فونتانا» في لبنان مساحة للترفيه رغم المظاهرات

تفاعل الأطفال مع الشخصيات البهلوانية في سيرك «فونتانا»
تفاعل الأطفال مع الشخصيات البهلوانية في سيرك «فونتانا»
TT

سيرك «فونتانا» في لبنان مساحة للترفيه رغم المظاهرات

تفاعل الأطفال مع الشخصيات البهلوانية في سيرك «فونتانا»
تفاعل الأطفال مع الشخصيات البهلوانية في سيرك «فونتانا»

ضمن لوحات استعراضية تقدم على أحد أكبر المسارح المتنقلة على واجهة بيروت البحرية وتضم عروضاً بهلوانية وأكروبات على النوافير المائية، انطلقت حفلات «فونتانا سيرك لبنان». هذا العمل الاستعراضي المنظّم من قبل شركة «سيرك دو ليبان»، يشارك فيه محترفون من البرازيل ويوغوسلافيا والأرجنتين وأوكرانيا وغيرها وتستضيفه بيروت طيلة شهر ديسمبر (كانون الأول)، ليكون بمثابة مساحة ترفيهية تلائم الصغار والكبار.
ورغم كل ما يجري على أرض وطن الأرز من مظاهرات احتجاجية وأوضاع مالية مضطربة، فإن صاحب هذا المشروع اسحق أبو سالي تمسك بإقامة عروض هذا السيرك الذي يقدم لأول مرة في لبنان، بعد جولة له في بلدان عربية كثيرة. «لم أتردد ولا للحظة في تقديم هذا الاستعراض الرائع في بيروت وهو إنتاج لبناني صرف. ومعه تستعيد عاصمتنا مركزيها الثقافي والفني اللذين لطالما اشتهرت بهما والتصقا باسمها عبر التاريخ». يقول أبو سالي في حديث لـ«الشرق الأوسط». وما يتمسك به اسحق يسانده فيه عدد لا يستهان به من اللبنانيين الذي توافدوا إلى قاعة العرض في الواجهة البحرية لبيروت في موعد افتتاح السيرك يوم الجمعة الماضي، بأعداد كبيرة مصطحبين معهم أولادهم وليوفروا لهم بقعة ضوء طفولية في زمن قاتم وغامض تمر فيه البلاد.
ومنذ اللحظات الأولى لهذا الاستعراض الذي يستغرق نحو 90 دقيقة بدا الأولاد وذووهم متحمسين لمشاهدة لوحات سيرك لبنان. فألوان الديكورات وأزياء المشاركين فيه ومساحات نوافير المياه التي تغطي قسماً كبيراً من المسرح، كانت خير مقدمة للفت أنظارهم. ومع انطلاق أولى لوحات الأكروبات التي تدور على علو شاهق تقدمها 3 فتيات أوكرانيات يتمتعن بلياقة جسدية لافتة، أدرك مشاهدها أن هذا الاستعراض هو سيرك على المستوى المطلوب بعد أن ذكّره بأخرى عالمية كان يستمتع في متابعتها عبر الشاشة الصغيرة. فكر القيمون على هذا العمل الاستعراضي بإرضاء أذواق الكبار والصغار، بالإضافة إلى لوحاته المبهرة. وعلى حبال صلبة أو دراجات هوائية ضخمة أو شلحات حرير ملونة تتدلّى من علو شاهق، بقيت الأنظار والرؤوس مرفوعة ومسمّرة نحوها ولدقائق طويلة من دون الشعور بالملل. أمّا الأطفال، فقد خصص لهم المشرفون على هذا العمل الاستعراضي، اسكتشات كوميدية قصيرة تناسب أعمارهم، وتدور موضوعاتها في إطار النحلة الثائرة والمهرج الذكي والموسيقي الفاشل والفنان المشاغب. فترتسم الضحكات على شفاه بريئة مندهشة بالإضاءة المعتمدة والحركة المسرحية السريعة الطاغية ومرور عفوي لتلك الشخصيات بينها وبقربها. تفاعل الحضور من أعمار صغيرة مع تلك الشخصيات، تُرجم مباشرة على الأرض، عندما تأهبوا يلحقون بها وهي تشق طريقها بين صفوفهم. فتارة يلعبون معها بكرة السلة وشباكها المتنقلة وتارة أخرى يرقصون معها على أنغام موسيقى يعرفونها «Baby sharq» و«ديسباسيتو» وغيرها. وكانت أصواتهم وهتافاتهم تصدح في قاعة السيرك، الذي هو كناية عن خيمتين كبيرتين تصطفّ تحت سقفيهما مدرجات مدروسة تؤمن للحضور مشاهدة واضحة وسهلة لمسرح يتوسطها.
ويتضمن القسم الأول من السيرك لوحات غنائية فردية لمغنية أوبرالية يواكب أداؤها نوافير الماء بحيث يخفت ضغطها أو العكس حسب طلعات صوتها، لتؤلف لوحة استعراضية مائية جميلة. كما يتخلّلها لوحات راقصة وأخرى تصبّ في فنون الأكروبات والـ«ترابيزست» أي التي ترتكز على التأرجح في الهواء على علو مرتفع ضمن لوحات ثنائية وثلاثية تخطف الأنفاس. وبعد فترة استراحة لا تتجاوز الدقائق العشر يعود المسرح لينبض من جديد مع لوحات خارجة عن المألوف. وأبرزها تلك التي تستخدم فيها أقواس السّهام المصوّبة من قبل محترف إلى بالونات تحملها شريكته على المسرح. فيصيبها بعد تركيز تام تارة وهو يفتح عينيه مصوباً نحوها.
أمّا المشهد الاستعراضي الذي حمل بطياته إثارة كبرى لهواة قيادة الدراجات النارية، فتألف من قفزات في الهواء ضمن مساحة تفصل بين المسرح وحجرة منخفضة المستوى موجودة خلف الجمهور. وليتابع الحضور قفزات حماسية ومشوقة استأهلت منهم التصفيق بكثافة للوحة فنية استعراضية لا تشبه غيرها.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».