اللبنانيون يلبون دعوة التظاهر في «أحد الوضوح»

طريق القصر الرئاسي محطة للمحتجين ومؤيدي عون

جانب من احتجاجات أمس تحت شعار  «أحد الوضوح»
جانب من احتجاجات أمس تحت شعار «أحد الوضوح»
TT

اللبنانيون يلبون دعوة التظاهر في «أحد الوضوح»

جانب من احتجاجات أمس تحت شعار  «أحد الوضوح»
جانب من احتجاجات أمس تحت شعار «أحد الوضوح»

كانت طريق القصر الجمهوري، أمس، محطة لدعوتين للتظاهر، إحداها من قبل المتظاهرين والحراك المدني، والأخرى من قبل «التيار الوطني الحر» دعماً لرئيس الجمهورية ميشال عون، في موازاة الدعوة للتظاهر في مختلف المناطق اللبنانية تحت عنوان «أحد الوضوح»، للضغط باتجاه الإسراع في تشكيل الحكومة. وتأتي دعوة مناصري «التيار الوطني الحر» لدعم الرئيس عون، معتبرين أنه أطلق مبادرات عديدة للحوار معهم، لكنها لاقت رفضاً من الآخرين، ومشددين على «أن رئيس الجمهورية خط أحمر، وموقع رئاسة الجمهورية ليس مكسر عصا».
وفيما سجل انتشار أمني مكثف في المنطقة، منذ ساعات الظهر، أقفلت كل الطرقات المؤدية إلى القصر الجمهوري بالشريط الشائك، ووضعت حواجز للجيش على كل المفارق. وبعد وقوع بعض الاشتباكات بين الطرفين، عمدت عناصر مكافحة الشغب إلى الفصل بين المؤيدين للرئيس عون وبين المتظاهرين الذين أكدوا أن «وجودهم سلمي، ولا يهدفون إلا إلى تحقيق مطالبهم وإنقاذ البلد من الفاسدين في ظل حكومة مستقلة وطنية». وذكرت «وكالة الأنباء المركزية» أن مناصري «التيار الوطني الحر» قطعوا طريق الحدث - بعبدا، وبعضهم حمل العصي مرتدياً القمصان السود، كما اعتدوا على عناصر الجيش اللبناني الموجودين على طريق بعبدا، في محاولة للوصول إلى المتظاهرين الموجودين في الجهة المقابلة.
وقال العميد المتقاعد جورج نادر، في حديث تلفزيوني، إن «مناصري (التيار الوطني الحر) استنفروا كل قوتهم لمنع وصولنا، ولم يوفروا الكلام النابي وكل أشكال الاستفزاز لمنع الناس من التعبير عن رأيهم». وفيما احتشد المتظاهرون في ساحات المناطق تلبية لدعوة «أحد الوضوح»، نظمت بعد الظهر مسيرات في العاصمة بيروت من ثلاث مناطق، هي المتحف والحمراء وجعيتاوي، بعنوان «وحدة وتضامن الشعب اللبناني»، والتقت معاً متوجهة إلى ساحتي الشهداء ورياض الصلح في وسط بيروت.
وطالب المتظاهرون بـ«حكومة انتقالية لا تتمثل فيها منظومة السلطة، من أجل اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة الانهيار الاقتصادي الذي تسببت فيه الطبقة الحاكمة، واستقلالية القضاء، والمباشرة بملاحقة الفاسدين وناهبي الأموال والممتلكات العامة والخاصة، بما في ذلك الودائع المصرفية، وإسقاط فزاعة الحرب الأهلية ونظامها السياسي والثقافي، والتأكيد على وحدة ساحات الانتفاضة الشعبية وسلميتها».
كان مصرف لبنان أيضاً محطة لتجمع عشرات المتظاهرين في منطقة الحمرا في بيروت، حيث أطلقوا الشعارات المناهضة للسياسات المالية القائمة. وفي عاصمة الجنوب، صيدا، نظمت مسيرة حاشدة للتأكيد على المطالب، وتجمع عدد من المحتجين أمام مبنى مصرف لبنان، وعلقوا لافتات، منددين بسياسة المصرف المالية، وأطلقوا هتافات مناهضة لحاكم «المركزي»، وافترشوا الأرض، وأقيم لقاء حواري، بعنوان «نحنا والمصارف شو إلنا وشو علينا»، وسط انتشار لعناصر من الجيش.
وأطلقت مجموعة من المحتجين على أنفسهم تسمية «الجناح الثوري لصيدا تنتفض»، للبدء في تنفيذ تحركات فعلية بوجه ما وصفوه بـ«سلطة السرقة والنهب والفساد»، عن طريق توجيه رسائل مباشرة إليهم. وكانت البداية عند محلات الصيرفة، حيث قاموا ليلاً بإلصاق عبارة «محتكر الدولار فاسد» على أبواب المحلات، ورش أقفال المحلات باللون الأحمر، في إشارة إلى ضرورة إقفال هذه المحلات بالشمع الأحمر. ونظم حراك منطقة كفر رمان في الجنوب مظاهرة شعبية رفضاً لاحتكار الشركات للمحروقات، مطلقين كذلك هتافات ضد حكم المصرف والاحتكار، والتقوا بعدها مع مسيرة حراك النبطية التي احتشدت في الساحة رفضاً لسياسة النفط الاحتكارية.
واتجهت المسيرتان وسط تدابير أمنية للجيش والقوى الأمنية إلى مصرف لبنان، منددين بحكم المصرف والحاكم رياض سلامة والطبقة السياسية، ثم جاءوا في شوارع النبطية، وعادوا إلى محيط سرايا النبطية؛ حيث نظم حفل فني في ساحة الحراك في النبطية بحراسة أمنية للجيش. وفي الشمال، لبّى مواطنون من مناطق العبدة وحلبا ووادي خالد والدريب في ساحة البيرة، دعوة «أحد الوضوح» ورفعوا شعار «قبضة الثورة» على غرار تلك المرفوعة في وسط بيروت. وقد عبر المعتصمون عن «الوجع والفقر وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية في الأسواق اللبنانية، وارتفاع أسعار السلع والمواد الغذائية»، ورفع المشاركون الأعلام اللبنانية، وعلت الهتافات ضد السلطة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».