رغم تدهور الليرة... افتتاح مزيد من منشآت 5 نجوم في دمشق

وزير السياحة اعتبر أنها تعيد الألق إلى وسط العاصمة

البعض يتسوق  الملابس المستعملة في العاصمة (إ.ب.أ)
البعض يتسوق الملابس المستعملة في العاصمة (إ.ب.أ)
TT

رغم تدهور الليرة... افتتاح مزيد من منشآت 5 نجوم في دمشق

البعض يتسوق  الملابس المستعملة في العاصمة (إ.ب.أ)
البعض يتسوق الملابس المستعملة في العاصمة (إ.ب.أ)

لم تهدأ بعد عاصفة الاستهجان التي عمت الشارع السوري بعد افتتاح مطعم «أم شريف» من فئة 5 نجوم في فندق «الفور سييزن» منتصف الشهر الماضي، بحضور رسمي، بتعرفة 30 ألف ليرة سورية (38 دولاراً أميركياً)، للوجبة الواحدة، أي ما يعادل نصف راتب موظف حكومي، إذ احتفلت وزارة السياحة في حكومة النظام بافتتاح فندق راقٍ وسط العاصمة دمشق. وهو ما اعتبره وزير السياحة رامي مارتيني أنه «يعيد الألق إلى وسط العاصمة دمشق».
وفندق «جوليا دومنا» الذي يقع في شارع 29 أيار قريبا من ساحة السبع بحرات، يضم مطعم «أراندا» ومقهى «موسكو» من سلسلة مقاهٍ عالمية، بطاقة استيعابية تصل إلى نحو 130 كرسياً، بالإضافة إلى مركز لرجال الأعمال وصالة خاصة لإقامة المعارض الفنية والمنتجات المختلفة، وذلك قريباً من مبنى المصرف المركزي المطل على ساحة السبع بحرات، الذي يعيش حاليا أصعب أيامه في مواجهة أزمة انهيار لليرة السورية، أمام الدولار الأميركي، حيث تجاوز سعر صرف الدولار عتبة الـ830 ليرة وسط توقعات بوصول سريع إلى الـ900 ليرة.
وبينما كان وزير السياحة يتغنى بما سيضفيه بناء الفندق على الاستثمار السياحي في سوريا، من «لمسة مميزة» و«إعادة الحياة للعمارة الدمشقية»، كانت محافظة دمشق تشكل فريقا ميدانيا من أعضاء مجلس المحافظة ترافقه دورية من التموين، لمراقبة الأسعار في الأسواق، ضمن حملة تقوم فيها مختلف الأجهزة التموينية والصحية لضبط الأسعار والتأكد من سلامة المواد الغذائية في الأسواق. وتم تشكيل هذا الفريق بعد الفوضى التي بدأت تعم الأسواق السورية على وقع التدهور الحاد في قيمة الليرة، وتفاقم معاناة السوريين من الغلاء الفاحش وانعدام قدرتهم الشرائية.
أما المفارقة، فإن الفندق الجديد الذي وصفه وزير السياحة بـ«الجميل» والذي يضم 32 غرفة لن ينعم غالبية السوريين بدخوله، سيما وقد تجاوزت نسبة الفقراء منهم الـ85 في المائة. كما هو الحال مع مطعم أم شريف الذي افتتح مؤخراً، ليكشف عن الهوة الواسعة بين طبقة الأثرياء الجدد وعموم السوريين الذين حطمتهم الحرب. وأثار منشور لأحد رواد مطعم أم شريف على صفحة «وين تغديت» بـ«فيسبوك» الخاصة بأخبار المطاعم والمقاهي عاصفة من الاستهجان، إذ نشر صورا للمائدة تضمنت أطباقا صغيرة جدا من مأكولات شعبية كالمجدرة والحمص والفلافل إلى جانب طبق فيه بضعة قطع من اللحم، كما ظهر في الصور سيجار كوبي على المائدة، وقال إن التكلفة 30 ألف ليرة متضمنة الضرائب! أحد المعلقين على الصور قال إن هذا المطعم لا «يدخله ابن البلد، وإنما من نهب البلد». ناهيك عن آلاف التعليقات الساخرة من التكلفة المرتفعة المتضمنة الضرائب ومنظر السيجار الفاخر إلى جانب الفجل والمجدرة.
السوريالية السوداء في سوريا تزداد قتامة مع كشف وزير السياحة أن فندق «جوليا دومنا» هو باكورة 5 مشاريع سياحية تتم متابعتها من الوزارة، ومن المتوقع دخول مشروعين آخرين مطلع العام القادم.
يشار إلى أن السياحة في سوريا خلال سنوات الحرب اقتصرت على السياحة الدينية «الشيعية»، ويقصد سياحها بالدرجة الأولى مناطق تواجد العتبات المقدسة والمراقد الشيعية في ريف دمشق وفي دمشق القديمة، وغالبيتهم ينزلون في فنادق شعبية نظراً لإمكانياتهم المادية الضعيفة. وفي تقريرها السنوي الصادر قبل يومين قالت وزارة السياحة إن نسبة السياح الدينيين زادت بمعدل 24 في المائة من بداية عام 2019 الجاري ولغاية أكتوبر (تشرين الأول) مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2018، حيث بلغ عدد الزوار 212 ألف زائر قضوا قرابة 1.215 مليون ليلة سياحية، بزيادة مقدارها 23 في المائة عن الفترة نفسها من عام 2018 ومعظمهم من الجنسيات العراقية والباكستانية والهندية والبحرينية والكويتية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم