النواب العرب في البرلمان الإسرائيلي يتلقون عشرات التهديدات بالقتل

متظاهرون من اليمين ضربوا الطيبي على رأسه

TT

النواب العرب في البرلمان الإسرائيلي يتلقون عشرات التهديدات بالقتل

في أعقاب الاعتداء الذي تعرض له د. أحمد الطيبي، كشف النائب العربي في الكنيست، النقاب عن عشرات التهديدات بالقتل التي يتلقاها هو وعدد من زملائه النواب في «القائمة المشتركة»، بسبب نشاطهم السياسي. وقد حملوا رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، مسؤولية هذه التهديدات واعتبروها «نتاجاً طبيعياً للتحريض العنصري الذي يقوده ضدنا».
وقال النائب أيمن عودة، رئيس «القائمة المشتركة»، إن الاعتداء على الطيبي والتهديدات بالقتل له وللكثير من النواب العرب الآخرين، تدل على تدهور خطير في المجتمع الإسرائيلي وتؤكد على عودة الأجواء التي سبقت اغتيال إسحق رابين. وأضاف: «القاتل الذي يخطط لاغتيال سياسي آخر يتجول في الشوارع ويتأهب لتنفيذ جريمة قتل أخرى أو أكثر. فرئيس الوزراء، نتنياهو، بات في حالة (ظهره إلى الحائط)، يقوم بتسميم الأجواء للعنف السياسي عموماً وللعداء العنصري تجاه العرب بشكل خاص. وهذه السموم تنتشر مثل النار في الهشيم».
وكان النائب الطيبي، رئيس الكتلة البرلمانية للقائمة المشتركة، قد دعي للمشاركة في ندوة سياسية مع شخصيات يهودية كثيرة في مدينة «رمات هشرون»، بمبادرة من البلدية ومن مؤسسة «يد لبنيم» (يد للأبناء)، المتخصصة في مساعدة العائلات الثكلى من الحروب. وما أن نشر أمر عقد هذه الندوة، حتى خرج نشطاء اليمين المتطرّف يطالبون بإلغاء هذه المشاركة بدعوى أن «الطيبي مخرب ويدافع عن الإرهاب». وقد رضخت البلدية للضغوط ونقلت الندوة إلى مكان آخر في المدينة، لكنها رفضت الطلب بإلغاء مشاركة الطيبي وقالت مفسرة قرارها: «نحن نتخلف مع الطيبي جوهرياً في السياسة ولكن ندواتنا ترمي إلى الحوار والنقاض مع الآخر».
وفي يوم الأول من أمس، السبت، حضر العشرات من نشطاء اليمين المتطرف إلى مكان الندوة وهم يلوحون بالأعلام الإسرائيلية، وعندما وصل النائب الطيبي، حاولوا منعه بالقوة من دخول القاعة وهم يزعقون: «الطيبي قاتل وإرهابي»، و«الطيبي يمجد الإرهابيين الشهداء» و«أنت مستشار لكبير الإرهابيين ياسر عرفات»، «أنت غير مرغوب هنا». وقام اثنان منهم بضرب الطيبي على رأسه، بعصا العلم الذي يحملانه، وقامت متظاهرة أخرى برش الرمل على وجهه. فوقف عدد من المواطنين اليهود يواجهون المتطرفين ويحيطون الطيبي بحاجز بشري حتى دخل القاعة. وقد قامت الشرطة الإسرائيلية بتوقيف اثنين من المتظاهرين بتهمة الاعتداء على الطيبي، ثم ما لبثت أن أطلقت سراحهما.
وقد علق النائب الطيبي على الحادث بالقول: «هذا الاعتداء وهذه الهتافات العنصرية من قِبل المتطرفين ووصفي بالقاتل المخرب، هي نتيجة مباشرة لتحريض رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو ضدي وضد النواب العرب. هذه المحاولات المغرضة لن تثنينا عن أسماع صوتنا وصوت قضيتها العادلة لن تنجح. نحن أصحاب حق، ونتنياهو صاحب ملفات فساد جنائية. وقد سبق له وتسبب بقتل رئيس حكومة، لذلك فإنه يدرك تماماً معنى ونتيجة هذا التحريض الدموي، وقد يتسبب هذا التحريض بمقتل أحدنا من قبل اليمين المتطرف». لكن الطيبي أعرب عن ارتياحه لأن القاعة اكتظت بالحضور الذين استقبل غالبيتهم كلماته بحرارة وتصفيق أكثر من مرة خلال رده على الأسئلة.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.