«الداخلية» التونسية تكشف تفاصيل مخططات إرهابية وكيفية وصول الأسلحة إلى الإرهابيين

3 آلاف مقاتل تونسي في سوريا والعراق.. 80% منهم تحت راية «داعش»

محمد علي العروي
محمد علي العروي
TT

«الداخلية» التونسية تكشف تفاصيل مخططات إرهابية وكيفية وصول الأسلحة إلى الإرهابيين

محمد علي العروي
محمد علي العروي

كشف محمد علي العروي، المتحدث باسم وزارة الداخلية التونسية، عن إحباط مجموعة من المخططات الإرهابية كانت تستهدف إحدى الشخصيات السياسية وعن نجاح قوات الأمن في إحباط محاولة تفخيخ سيارة خلال الأسبوع الماضي. كما قدم لأول مرة تفاصيل حول شبكة العلاقات المتشابكة التي أقامها تنظيم أنصار الشريعة وطريقة إيصال الأسلحة والتمويلات الضرورية للعناصر الإرهابية المتحصنة منذ فترة طويلة في الجبال الغربية للبلاد.
وقال العروي إن تلك المجموعات الإرهابية كانت تستهدف بالأساس العملية الانتخابية، وترمي إلى خلط الأوراق وإدخال البلاد في مرحلة سياسية عصيبة قد تكون لها تأثيراتها المباشرة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تنطلق نهاية هذا الشهر والشهر المقبل.
وكشف في مؤتمر صحافي، عقده أمس في العاصمة التونسية، عن أن وحدات الاستعلامات والاستخبارات والفرقة الوطنية للأبحاث في الجرائم الإرهابية، هي التي تابعت عبر تحرياتها المكثفة طريقة تمويل الخلايا الإرهابية لوجيستيا، وخصوصا الخلايا المرابطة في جبال الكاف والشعانبي (شمال وسط غربي تونس). وأضاف أن أسلوب التعامل والتمويل بين المجموعات الإرهابية المتحصنة في الغابات يجري عبر حافظ بن حسين شقيق زعيم تنظيم أنصار الشريعة المحظور الذي هو على علاقة مباشرة مع «أبو عياض». وقال إنه كان على علاقة وطيدة بالمتهم أحمد العكرمي المكلف إعانة أرامل وعائلات الإرهابيين المعتقلين في السجون التونسية وتمويل المخططات الإرهابية.
وأشار العروي إلى أن حسن بريك، المتحدث السابق باسم تنظيم أنصار الشريعة المحظور، هو الذي يشرف على تحركات كل من حياة الخزري ومالك البرقوقي وميلاد البرقوقي، وهو الذي يقدم الإعانات المختلفة لأنصار التنظيم عبر التحويلات المالية البنكية والبريدية.
وبشأن الخلية الإرهابية التي كانت تعد لتفخيخ سيارة من نوع (فيات) بإيعاز من المتهم خالد الشايب الملقب بـ«لقمان أبو صخر» قائد كتيبة عقبة بن نافع المتحصنة بجبال الشعانبي، فقد أكد العروي أنها تتركب من كل من فاطمة الزواغي، وحسام الدين الشاذلي الطرابلسي الملقب بـ«أبو الفداء»، وسيف الدين الشاذلي الطرابلسي الملقب بـ«أبو العبادلة».
وكان أحمد نجيب الشابي، القيادي في «الحزب الجمهوري»، أشار عبر برنامج تلفزي بث مساء الأحد الماضي إلى نجاته من عملية اغتيال وصفها بـ«المروعة» باستعمال سيارة مفخخة. وقال إن قوات الأمن أوصته بمزيد منالاحتياط والحذر وتدعيم الإجراءات الأمنية المتوافرة له منذ أكثر من سنة.
وكشفت الأبحاث عن أن فاطمة الزواغي هي المشرفة على التنسيق مع بقية الخلايا الإرهابية النائمة أو الناشطة المحتضنة لأفكار العناصر الإرهابية. وأشار إلى أن الزواغي كانت على علاقة مباشرة مع «لقمان أبو صخر»، وأفادت في اعترافاتها بأنه هو الذي خطط معظم العمليات الإرهابية وهو الذي أشرف على تمويلها. وتتمركز هذه الخلية في منطقة الكرم الواقعة في الضاحية الشمالية للعاصمة التونسية.
وبين العروي أن المتهم عفيف العموري هو الذي يشرف على الجناح الإعلامي لتنظيم أنصار الشريعة الإرهابي بالاعتماد على تحركات فاطمة الزواغي الطالبة في كلية الطب بالعاصمة التونسية. وقال إن الجناح الإعلامي كان يهدف إلى استقطاب الشبان والتغرير بهم للالتحاق بالخلايا الإرهابية وتوفير الدعم المالي ونشر الأخبار الزائفة وتوثيق العمليات الإرهابية وتلميع صورة الإرهابيين.
في السياق ذاته، تمكنت الوحدات الأمنية التابعة لإقليم الأمن بالكاف (160 كلم شمال غربي تونس) من توقيف مروان بن إبراهيم البوغانمي القيادي في تنظيم أنصار الشريعة المحظور والمصنف بالإرهابي الخطير، وذلك أثناء التحضير لنقل شحنات من الأسلحة إلى العناصر الإرهابية المتحصنة بجبال الكاف والشعانبي في القصرين. ووفق ما ذكره محمد علي العروي المتحدث باسم وزارة الداخلية خلال المؤتمر الصحافي، فإن المتهم تستر وراء التجارة المتنقلة وتمكن من إدخال بعض التحويرات على سيارته لتهريب السلاح والتموين اللوجيستي للخلايا الإرهابية في جبال الكاف والشعانبي.
من جهته، أكد أعلية العلاني، الباحث التونسي المتخصص بالجماعات الإسلامية، أن «عدد التونسيين الذين يقاتلون في سوريا والعراق يناهز الـ3 آلاف مقاتل، ويمثلون العدد الأهم من بين المقاتلين الأجانب في سوريا والعراق، 80% منهم في صفوف (داعش)».
وبين العلاني، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «التحاق أغلب التونسيين بصفوف (داعش) يعود في جانب منه إلى الإغراءات المالية وللإمكانات المادية واللوجيستية الضخمة التي توجد تحت تصرف (داعش) مقارنة بالتنظيمات الجهادية الأخرى في سوريا»، مضيفا أن «المقاتلين التونسيين الذين بقوا في (جبهة النصرة) أو في باقي التنظيمات الجهادية السورية الأخرى يعدون قلة قليلة، وذلك حتى قبل أن تسيطر (داعش) على الموصل وعلى أراض أخرى في العراق».
وكانت صحيفة «الغارديان» البريطانية قدرت في عددها يوم أمس أن يكون عدد التونسيين المقاتلين في صفوف «داعش» هو الأكبر بين الجنسيات الأخرى المنضوية في التنظيم، وأشارت إلى أن وجهات سفر هؤلاء معروفة، حيث إنها من مطار تونس إلى إسطنبول أو بالبر عبر مخيمات التدريب الليبية.
وفسر أعلية العلاني ظاهرة التحاق أعداد كبيرة من الشباب التونسي للقتال في سوريا بعدة أسباب محلية داخلية وعالمية، وخاصة بسبب «غياب استراتيجية في التعامل مع ظاهرة التشدد الديني، وبوجود فراغ برزت معه مجموعات جهادية متشددة، استثمرت الأوضاع الاجتماعية والحياتية الصعبة للكثير من الشبان التونسيين والقيام بعملية غسل أدمغة لهم»، وأشار العلاني إلى «ضعف التأطير للظاهرة الدينية في تونس بعد سقوط النظام السابق في 14 يناير (كانون الثاني) 2011 والفشل في الإحاطة بالكثير من الشبان التونسيين الذين تلقفتهم مجموعات متشددة دينيا، قامت فيما بعد ذلك بترحيل عدد منهم نحو سوريا، مستثمرة ظروفهم الاجتماعية والحياتية الصعبة»، مبينا أن «أغلبية هؤلاء ينحدرون من عائلات إمكاناتها المالية بسيطة أو معدمة»، مضيفا أن «عددا من هؤلاء ناقمون على أوضاعهم، وبعضهم من خريجي الجامعات العليا الذين لم يجدوا عملا سنوات طويلة بعد تخرجهم»، مبينا «وجود استثناءات لشبان تونسيين من أوساط مرفهة نسبيا وحتى ثرية، سافروا بدورهم إلى سوريا للقتال لأسباب آيديولوجية حسب اعتقادهم».
وقال العلاني، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن «وضعية المساجد، وخاصة تلك التي ظلت فترات طويلة زمن حكم الترويكا خارجة عن سيطرة الدولة، ساهمت بشكل كبير في عملية غسل الأدمغة التي تعرض لها عدد من الشباب التونسي الذين سافروا إلى سوريا»، مضيفا أن «بعض المساجد فرخت الكثير من الخلايا المتشددة التي قامت بترحيل الكثير من هؤلاء الشبان»، وأنه «لا تزال تجري إلى اليوم محاولات لاستمالة شبان تونسيين وترحيلهم إلى سوريا»، مستشهدا بـ«تواصل توقيف السلطات التونسية خلايا وأشخاصا متورطين في عمليات ترحيل شبان تونسيين للقتال في سوريا».
وحول أفضل طريقة في التعامل مع الجهاديين التونسيين في صورة عودتهم إلى تونس، قال علية العلاني لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك جانبا أمنيا وجانبا تأهيليا في التعامل مع هذه المسألة»، مضيفا أنه «مطروح على تونس اليوم القيام بحوار وطني شامل وعميق حول ظاهرة التشدد الديني وتأطير الشباب وحمايتهم من محاولات التغرير بهم وغسل أدمغتهم.. حوار تشارك فيه كل الجهات الدينية والأكاديمية والأمنية وكل قوى المجتمع المدني التونسي للوقوف على أسباب هذه الظاهرة ومحاولة إيجاد أفضل الحلول لها».
وتجدر الإشارة إلى أن مسألة سفر الشبان التونسيين للقتال في سوريا تحولت في السنوات الثلاث الأخيرة إلى قضية رأي عام بالغة الحساسية وأصبحت تشغل بال الشارع التونسي عموما والعائلات التونسية التي سافر أحد أبنائها إلى القتال في سوريا على وجه الخصوص، خاصة عند ورود أنباء عن مقتل أحد هؤلاء الشبان في المعارك الدائرة هناك. وقد عابت الكثير من الجهات خاصة على الحكومات السابقة «عدم بذل الجهود اللازمة لمنع سفر الشبان التونسيين والتهاون مع الجماعات والأشخاص التي تستخدم المساجد لاستقطاب الشباب التونسي وتسفيرهم إلى سوريا».
أما الحكومة الحالية، فقد أعلنت أكثر من مرة اتخاذ إجراءات للتصدي لسفر الشبان التونسيين إلى سوريا للقتال، وتحقيق نتائج ملموسة في هذا الصدد. وفي هذا الإطار، كان لطفي بن جدو، وزير الداخلية التونسي، كشف في تصريحات صحافية عن أن «وزارة الداخلية منعت ما بين 8700 و8800 تونسي من السفر إلى سوريا».



غوتيريش يدين إحالة الحوثيين موظفين أمميين إلى المحاكمة

عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
TT

غوتيريش يدين إحالة الحوثيين موظفين أمميين إلى المحاكمة

عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي خلال حشد مسلح نظمته الجماعة في محافظة عمران شمال صنعاء (أ.ف.ب)

بالتوازي مع تنديد الأمم المتحدة بإحالة الحوثيين موظفين يمنيين في المنظمة الدولية إلى المحاكمة، شدّد مسؤولون في الحكومة اليمنية على توسيع التنسيق العسكري لمواجهة الجماعة المدعومة من إيران، وتعزيز حضور مؤسسات الدولة، وتحسين البيئة التشغيلية للمنظمات الإنسانية.

وفي هذا السياق، عبّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه البالغ إزاء استمرار الحوثيين في احتجاز 59 من موظفي الأمم المتحدة، إلى جانب عشرات العاملين في منظمات غير حكومية، ومؤسسات مجتمع مدني، وبعثات دبلوماسية.

وفي البيان، الذي ورد على لسان ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام، ندد غوتيريش بإحالة الموظفين الأمميين إلى محكمة جنائية خاصة تابعة للحوثيين، عادّاً الخطوة «انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، ولحصانة موظفي الأمم المتحدة، بمن فيهم المواطنون اليمنيون، تجاه أي إجراءات قانونية مرتبطة بمهامهم الرسمية».

وأشار البيان إلى أن هؤلاء الموظفين «يُحتجزون بمعزل عن العالم الخارجي، بعضهم منذ سنوات، من دون أي إجراءات قانونية واجبة». ودعا سلطات الحوثيين إلى «التراجع الفوري عن هذه الإحالة، والإفراج عن جميع المحتجزين من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والسلك الدبلوماسي».

سجناء في صنعاء أمرت محكمة حوثية بإعدامهم بتهمة «التخابر» (إ.ب.أ)

كما جدد تأكيد التزام الأمم المتحدة «بمواصلة دعم الشعب اليمني، وتقديم المساعدة الإنسانية رغم التحديات المتصاعدة» في مناطق سيطرة الحوثيين.

وفي سياق متصل، رحّبت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في الحكومة اليمنية، بقرار منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) نقل مقرها الرئيسي من صنعاء الخاضعة للحوثيين إلى العاصمة المؤقتة عدن.

وأوضحت الوزارة في بيان، أن الخطوة تأتي استجابة لدعواتها المتكررة التي طالبت خلالها بنقل مقار المنظمات الدولية والأممية من صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، «حفاظاً على سلامة كوادرها وضماناً لعدم خضوعها للابتزاز أو العرقلة».

وأكد البيان أن القيادة الحكومية، ممثلة في وزير الشؤون الاجتماعية والعمل محمد الزعوري، «ستوفر كل أشكال الدعم والتسهيلات لتمكين (اليونيسيف) من أداء مهامها بفاعلية أكبر من مقرها الجديد».

تعزيز الجهود العسكرية

وإلى ذلك، شهدت العاصمة اليمنية المؤقتة عدن، اجتماعاً بين عضو «مجلس القيادة الرئاسي» عبد الرحمن المحرمي ووزير الدفاع محسن الداعري. ناقشا خلاله «مستجدات الأوضاع العسكرية في مختلف الجبهات، ومستوى الجاهزية القتالية، وانضباط الوحدات العسكرية، إضافة إلى جهود الوزارة في مجالات التدريب والتأهيل ورفع القدرات الدفاعية»، وفق ما أورده الإعلام الرسمي.

وفي حين نقلت وكالة «سبأ» الحكومية عن الداعري تأكيده أن القوات المسلحة «تعمل بتناغم وانسجام كاملين في مواجهة الحوثيين»، شدد المحرمي، على «ضرورة تعزيز التنسيق بين التشكيلات العسكرية، وحشد الطاقات نحو العدو المشترك، باعتبار ذلك أساسياً لحماية الأمن والاستقرار في المناطق المحررة».

عضو «مجلس القيادة الرئاسي» اليمني عبد الرحمن المحرمي مع وزير الدفاع محسن الداعري (سبأ)

ومن مأرب، بعث عضو «مجلس القيادة الرئاسي» اللواء سلطان العرادة، برسالة وطنية جامعة خلال لقاء موسع ضم أعضاء من مجلسي «النواب» و«الشورى» ومحافظين ومسؤولين ووجهاء من مختلف المحافظات.

وأكّد العرادة أن اليمن «يعيش لحظة فارقة تتطلب رصّ الصفوف وتعزيز التلاحم الوطني». وقال في كلمته: «إن ما يجمع اليمنيين هو إيمانهم الراسخ بأن اليمن لا يُهزم ولا يموت، وأن أبناءه يجددون دائماً قدرتهم على الصمود رغم العواصف» التي تمر بها البلاد.

وأشار العرادة إلى أن التجارب التي مرت بها البلاد «رفعت منسوب الوعي الشعبي بأهمية الدولة وضرورة حماية مؤسساتها»، مؤكداً أن «استعادة مؤسسات الدولة من ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران تُمثل اليوم أولوية وطنية لا بديل عنها».

وشدد على أن «الدفاع عن الوطن مسؤولية مشتركة لا تخص محافظة بعينها، بل هي واجب يتحمله جميع اليمنيين دون استثناء، وأن طريق النصر، وإن بدا طويلاً، يظل واضحاً لمن يمتلك الإرادة والعزيمة ووحدة الهدف».


الأمم المتحدة تندد بإحالة عدد من موظفيها المحتجزين على محكمة تابعة للحوثيين

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
TT

الأمم المتحدة تندد بإحالة عدد من موظفيها المحتجزين على محكمة تابعة للحوثيين

الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)
الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش (رويترز)

ندد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، الثلاثاء، بإحالة المتمردين الحوثيين في اليمن على محكمتهم الخاصة عدداً من موظفي الأمم المتحدة الـ59 الذين يحتجزونهم «تعسفياً».

وأفاد ستيفان دوجاريك، الناطق باسم غوتيريش، بأن الأمين العام «يدين إحالة سلطات الأمر الواقع الحوثية موظفين من الأمم المتحدة على محكمتهم الجنائية الخاصة»، مشيراً إلى أن هذه الإحالة تشمل عدداً لم يحدده من موظفي الأمم المتحدة المُحتجَز بعضهم منذ سنوات.

وأضاف: «ندعو سلطات الأمر الواقع إلى إلغاء هذه الإحالة والعمل بحسن نية للإفراج الفوري عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والسلك الدبلوماسي».

ونفذ الحوثيون المدعومون من إيران في السنوات الأخيرة موجات عدة من الاعتقالات، ولا يزالون يحتجزون 59 موظفاً من الأمم المتحدة، جميعهم من الجنسية اليمنية، وهم محرومون من أي تواصل مع العالم الخارجي.

وعلّل الحوثيون احتجاز هؤلاء بتهم تجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل، لكنّ الأمم المتحدة نفت الاتهامات مؤكدة عدم جواز ملاحقة موظفيها على أساس أنشطتهم الرسمية.

أما مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك فأشار في بيان إلى أن أحد زملائه أحيل على المحكمة الخاصة لدى الحوثيين بناء على «اتهامات كاذبة بالتجسس»، وقال: «هذا أمر غير مقبول على الإطلاق ويشكّل انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان»، مجدداً المطالبة بالإفراج الفوري عن جميع موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى.

ودأب القضاء التابع للحوثيين، الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء وأجزاء واسعة من اليمن، على استدعاء عاملين في منظمات غير حكومية وصحافيين ومعارضين.


ترحيب في مقديشو بنجم «تيك توك» صومالي رحّلته واشنطن

الصومالي مهاد محمود (أ.ف.ب)
الصومالي مهاد محمود (أ.ف.ب)
TT

ترحيب في مقديشو بنجم «تيك توك» صومالي رحّلته واشنطن

الصومالي مهاد محمود (أ.ف.ب)
الصومالي مهاد محمود (أ.ف.ب)

في 24 أكتوبر (تشرين الأول)، شنّ البيت الأبيض هجوماً على الصومالي مهاد محمود، واصفاً إياه بأنه «حثالة مجرم» واتهمه خطأ على ما يبدو بالمشاركة في اختطاف جاسوسين فرنسيين في مقديشو، لكنّ بلده استقبله كالأبطال بعد ترحيله من الولايات المتحدة.

ووفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية، ذاك المنشور الذي ورد يومها على منصة «إكس» وأُرفِق بصورة لشخص ذي لحية قصيرة يرتدي قميصاً بنقشات مربعات، فاجأ مواطني محمود، إذ يُعَدّ في بلده الأصلي نجماً على وسائل التواصل الاجتماعي يحظى بشعبية واسعة، ويبلغ عدد متابعيه على «تيك توك» نحو 450 ألفاً.

تواجه الصومال منذ عام 2006 تمرداً تقوده حركة «الشباب» المتطرفة المرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولا تزال الحرب مستمرة إلى اليوم على بعد 60 كيلومتراً من العاصمة مقديشو. في هذا الواقع، يركّز مهاد محمود على المناوشات الكلامية بين الفصائل الصومالية المتناحرة ويبدو بعيداً جداً عن أجواء المتمردين المتطرفين.

وأجرت وكالة الصحافة الفرنسية عملية تحَقُق من هذا الرجل الذي رُحِّل إلى الصومال في نوفمبر (تشرين الثاني)، وترى فيه مصادر أمنية صومالية وفرنسية ضحية جديدة لسياسة إدارة ترمب المتعلقة بالهجرة، لا ضالعاً في قضية هزّت فرنسا، ينفي أي دور له فيها.

ففي 14 يوليو (تموز) 2009، أقدمت مجموعة من المسلحين على خطف اثنين من عملاء مديرية الأمن الخارجي الفرنسية من «فندق صحافي العالمي» (Sahafi international) الذي كانا يقيمان فيه بمقديشو، وما لبث أحدهما ويُدعى مارك أوبريير أن تمكن من الهرب بعد شهر.

أما الآخر، وهو دوني أليكس، فتوفي بعد ثلاث سنوات ونصف سنة من الأسر، في يناير (كانون الثاني) 2013، وأكدت باريس أن خاطفيه أعدموه عندما كانت القوات الفرنسية تحاول تحريره.

«ليس صحيحاً»

وصف منشور البيت الأبيض مهاد محمود بأنه «حثالة مجرم خارج على القانون»، واتهمه بأنه «ضالع في اختطاف مسؤولين فرنسيين في فندق صحافي وقتل أحدهما من قِبل حركة الشباب».

وقال محمود في حديث مع وكالة الصحافة الفرنسية، السبت، إن هذا الاتهام «ليس صحيحاً»، موضحاً أنه كان يقيم بين عامَي 2008 و2021 في جنوب أفريقيا ولم يكن موجوداً في الصومال لدى حصول هذه الواقعات، مندداً باتهامات «تخدم الأجندة السياسية» للسلطات الأميركية.

ومع أن مهاد محمود لا يمتلك أي مستندات إدارية تثبت أقواله، أكد اثنان من أقربائه لوكالة الصحافة الفرنسية روايته.

وأظهرت وثيقة صادرة عن الشرطة الصومالية في 28 يونيو (حزيران) 2025 اطلعت عليها وكالة الصحافة الفرنسية أن سجلّه العدلي لا يتضمن أي سوابق.

كذلك رأى مصدران أمنيان صوماليان استصرحتهما وكالة الصحافة الفرنسية أن الاتهامات الأميركية تفتقر إلى الصدقية، وقال أحدهما: «ليس لدينا أي دليل على ارتباطه مباشرة» بالخطف، فيما توقع الآخر «أن تكون الولايات المتحدة تلقّت معلومات مغلوطة».

أما في فرنسا التي بقيت استخباراتها الخارجية تسعى طوال سنوات إلى العثور على المسؤولين عن خطف عميليها، فقد أكّد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية جازماً أن مهاد محمود ليس ضالعاً في ذلك.

وفي المنشور الذي تضمّن اتهامه، أشاد البيت الأبيض بـ«العمل البطولي» لإدارة الهجرة والجمارك الأميركية التي «سحبته» من شوارع مدينة مينيابوليس في ولاية مينيسوتا (بشمال الولايات المتحدة)، حيث تعيش جالية صومالية كبيرة.

ودانت منظمات دولية عدة ارتكاب سلطات الهجرة الأميركية انتهاكات كثيرة لحقوق الإنسان في إطار سياسة الترحيل الجماعي التي اتبعتها إدارة الرئيس دونالد ترمب.

«ضحية ظلم»

روى محمود أن رجالاً «ذوي وجوه مغطاة ويرتدون سترات واقية من الرصاص» طوقوه لدى خروجه من منزله واقترابه من سيارته في 27 مايو (أيار) الفائت و«وجهوا مسدساً» إلى رأسه وأوقفوه.

ورغم إقراره بأنه لم يتلقَ معاملة سيئة لدى توقيفه، ولا خلال أكثر من خمسة أشهر تلته من الاحتجاز، شكا محمود الموجود في الولايات المتحدة منذ عام 2022 «الظلم» الذي قضى على حلمه.

وقال محمود الذي عمل خصوصاً مع «أوبر» و«أمازون»: «ترمب مسؤول عما حدث لي (...) ولكن لست الوحيد. فقد طال ذلك ملايين الأشخاص من مختلف أنحاء العالم الذين يعيشون في الولايات المتحدة، سواء أكانوا صوماليين أم لا».

إلا أن الجالية الصومالية التي ينتمي إليها تبدو مستهدفة بالفعل.

فترمب أدلى بتصريحات لاذعة ضد الصوماليين، واعتبر أن «عصابات» منهم تُرهّب مينيسوتا. وقال في مطلع ديسمبر (كانون الأول): «لا أريدهم في بلدنا (...) وسنذهب في الاتجاه الخاطئ إذا استمررنا في قبول القمامة».

أما مهاد محمود الذي يؤكد «كرامة» شعبه و «أخلاقه»، فرُحِّل في نهاية المطاف إلى مقديشو، عبر كينيا، في بداية نوفمبر (تشرين الثاني)، مع سبعة صوماليين آخرين.

ومنذ عودته إلى بلده، راح نجم «تيك توك» ينشر مقاطع فيديو تُظهِر الترحيب به. وبلغت شعبيته ذروتها، إذ انضم نحو مائة ألف متابع إضافي إلى حسابه على «تيك توك»، وحظيَ أحد مقاطع الفيديو التي نشرها عليه بنحو مليونين ونصف مليون مشاهَدة.

وأكد مهاد محمود الذي لم يكن عاد إلى الصومال منذ مغادرته إياها إلى جنوب أفريقيا عام 2008، أنه «سعيد جداً» بهذا الاستقبال الذي ناله في بلده. لكنه لاحظ أنه «يعود في جزء كبير منه إلى أن الناس» يرونه «ضحية ظلم».