السوريون في لبنان أقل تضرراً من غلاء المعيشة بسبب خطوط التهريب

TT

السوريون في لبنان أقل تضرراً من غلاء المعيشة بسبب خطوط التهريب

أدت الأزمة الاقتصادية الأخيرة في لبنان إلى تراجع القدرة الشرائية بمعدل 25 إلى 30 في المائة، وإلى زيادة معدلات التضخم إلى أكثر من 9 في المائة، وإلى غلاء المواد الاستهلاكية ما بين 10 و30 في المائة، وتأثر بها المواطن اللبناني بما يتخطى النازح السوري في لبنان، رغم أن العامل السوري المقيم في لبنان تأثرت تحويلاته إلى بلاده أيضاً بالعملة الصعبة.
ويوضح الخبير الاقتصادي الدكتور باسم البواب لـ«الشرق الأوسط» أن انفجار الأزمة الاقتصادية والمالية هذا العام، والشح في السيولة، لا سيما الدولار، واتخاذ المصارف إجراءات صارمة، من خلال تحديد سقف للمسحوبات بالليرة اللبنانية، ومنع سحب الدولار إلا بمبلغ يتراوح بين 300 و1000 دولار أسبوعياً كأقصى حد، ومنع أي تحويلات مالية إلى خارج البلاد، وحجب المصارف الدولار عن المستوردين، دفع هؤلاء إلى اللجوء إلى السوق الموازية أو سوق الصيارفة، وشراء الدولار بسعر لامس الـ1900 ليرة لبنانية للدولار الواحد، إضافة إلى الضرائب التي سبق وفرضتها الدولة اللبنانية، وما يستتبع ذلك من تداعيات تطال النازح السوري، شأنه شأن المواطن اللبناني، كل ذلك أدى إلى تراجع القدرة الشرائية بمعدل 25 إلى 30 في المائة.
ويستطرد البواب: «لكن الطبيعة الاستهلاكية للنازح قد تختلف عن نمط الاستهلاك للبناني. فالنازحون، أو معظمهم، يشترون الحاجيات الأساسية دون الكماليات، وكثير منهم يتسوق من سوريا، نظراً لفارق الأسعار بين البلدين».
وعلى الرغم من الحرب في سوريا طيلة هذه السنوات الثماني، فإن تهريب المواد الاستهلاكية والخضراوات واللحوم بقي على وتيرة تنافسية مع البضاعة اللبنانية. هذه الحركة التي نشطت على المعابر غير الشرعية، كانت من العوامل الثانوية أيضاً لتسريب الدولار من لبنان إلى سوريا؛ إذ رفض التجار تقاضي ثمن البضائع المهربة إلا بالدولار. ونظراً إلى شح الدولار في السوق المحلية، كان المشترون يلجأون إلى السوق الموازية أو الصيرفة، ما سبب ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية، ومزيداً من التدهور في سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار، لا سيما في الفترة ما بعد شهر أغسطس (آب) وقت تكشفت أزمة الدولار في لبنان.
وتتفاقم أزمة وجود الدولار نتيجة تنامي عمليات التهريب إلى سوريا، التي تشمل «تهريب» العملة الخضراء من لبنان إلى سوريا (تدخل فيها العمالة السورية التي ازداد عددها وأسرها)، وأيضاً بسبب تهريب المحروقات من لبنان إلى سوريا؛ إذ تشير أرقام الجمارك إلى أن حاجة لبنان من المشتقات النفطية التي تبلغ 5 ملايين طن سنوياً ارتفعت إلى 12 مليوناً في إشارة واضحة إلى تهريب هذه المادة إلى سوريا، بالإضافة إلى ارتفاع استيراد المازوت بنسبة 40 في المائة.
وتقدر القوى العاملة السورية في لبنان بـ500 ألف عامل، يتقاضى كل واحد منهم، بحسب البواب، نحو 20 دولاراً يومياً. ويقدر إجمالي المبلغ بملياري دولار ما بين الادخار والتحويل إلى سوريا. وهذا يعني أن توقف تدفق الدولار من لبنان إلى سوريا، بسبب وقف أي تحويلات إلى الخارج، عزز الأسباب التي أدت إلى ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية أيضاً.
ويتوقع البواب أن يزداد تدهور سعر صرف الدولار في كل من سوريا ولبنان في الأشهر المقبلة، ما دامت حاجة التجار للدولار ستزداد، ما يعني مزيداً من الطلب على الدولار لدى محال الصيرفة.



انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.