خرائط متداخلة وبلدات «معزولة» في شرق الفرات

TT

خرائط متداخلة وبلدات «معزولة» في شرق الفرات

رسمت العملية العسكرية التركية الأخيرة في شرق الفرات واقعاً جغرافياً مغايراً وأفرزت حدود تماس ومناطق نفوذ بين الخصوم والحلفاء في شمال شرقي سوريا، وعزلت مُدنا وبلدات خاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» العربية - الكردية حيث باتت مناطق شرق الفرات شبه معزولة توصلها طرق فرعية قديمة ومجرى نهر الفرات من مدينة منبج غرباً إلى بلدة الباغوز شرقاً.
وأحكم الجيش التركي وفصائل سورية موالية قبضتها على 136 كيلومتراً من الطريق الدولي (M4) الفاصل بين مناطق الجزيرة السورية شرقاً، وبلدة عين العرب (كوباني) بريف حلب الشرقي ومدينتي منبج والعريمة غربي نهر الفرات، بعد أن وصلت وتيرة العمليات العسكرية إلى بلدة عين عيسى وتدور اشتباكات عنيفة في محيط المنطقة بهدف تقطيع أوصال جغرافيا مناطق «الإدارة الذاتية لشمال وشرق» سوريا، المُعلنة منتصف العام 2018.
وانتزع الجيش التركي وفصائل سورية مسلحة تنضوي في عملية «غصن الزيتون» مدينة عفرين الواقعة بريف حلب الشمالي من قبضة «وحدات حماية الشعب» الكردية في شهر مارس (آذار) العام الفائت، بينما خسرت هذه الإدارة مدينة رأس العين وبلدة تل أبيض بريف الرقة الشمالي الشهر الماضي.
ويحتفظ النظام السوري بـ«مربعين أمنيين» في مدينتي الحسكة والقامشلي اللتين تقعان ضمن مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية»، كما تشهد هذه المنطقة الحدودية توتراً متصاعدا بعد الهجوم التركي، وأعاد الجيش السوري انتشاره على طول الشريط الحدودي.
ومنذ 23 مارس (آذار) الماضي وبعد أن تمكنت «قوات سوريا الديمقراطية» من تجريد التنظيم من مناطق سيطرته داخل بلدة الباغوز، والقضاء التام على سيطرته الجغرافية ودولته المزعومة التي أعلنها بداية 2014 على مناطق شاسعة في سوريا والعراق المجاور، وأصبحت محافظة دير الزور منقسمة السيطرة بين مناطق بادية الجزيرة الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» المطلة على نهر الفرات، ومن بين أبرز مدنها وبلداتها البصيرة وأبو حمام وغرانيج، بالإضافة إلى السوسة والشعفة والباغوز، حيث بات حوض نهر الفرات وبطول 610 كيلومترات وسهله الممتد من ريف حلب الشرقي عند مدينة منبج غرباً، حتى مدينة البوكمال التابعة لمحافظة دير الزور الواقعة أقصى شرق سوريا، خطّ تماس بين المناطق الخاضعة للقوات النظامية الموالية للأسد من جهة الغرب والجنوب، مع تلك الخاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» من الجهتين الشمالية والشرقية.
وبقيت مدينة الرقة إحدى أبرز المناطق الخاضعة لنفوذ الإدارة الذاتية، بعد تحريرها من قبضة تنظيم داعش المتطرف في شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2017. أما مدينة الطبقة التابعة إداريا لمحافظة الرقة وتعد ثاني أهم مدنها بقيت خاضعة للإدارة الذاتية، وهي المدينة الوحيدة الواقعة جنوب نهر الفرات خاضعة لسيطرة «قوات سوريا الديمقراطية»، تشكل منقطة تماس وعقدة مواصلات تربط المناطق الخاضعة للقوات النظامية؛ بالحدود الإدارية للمناطق الخاضعة لنفوذ «قوات سوريا الديمقراطية» شمال شرقي البلاد.



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».