منحوتات «المسافر»... فلسفة مغايرة للترحال في معرض فني مصري

محمد ثابت ترك للمشاهد تخيل الأجزاء المفقودة في الشخوص

جانب من افتتاح المعرض
جانب من افتتاح المعرض
TT

منحوتات «المسافر»... فلسفة مغايرة للترحال في معرض فني مصري

جانب من افتتاح المعرض
جانب من افتتاح المعرض

في كتابه الشيق «فن السفر» يجيب المؤلف ألين دي بوتون عن سؤال: «لماذا أطلق بعض الفلاسفة على السفر اسم «الازدهار الإنساني»؟ عندما يقول: «السفر ليس وجهة يشد الرحال إليها وإنما يحقق رغبة إنسانية في الانتقال» وبرؤية فلسفية مغايرة وأسلوب فني مبتكر يجسد الفنان المصري محمد ثابت فكرة السفر عبر مجموعة من الأعمال النحتية التي يضمها معرضه المقام حالياً، بغاليري «ضي» بالقاهرة تحت عنوان «المسافر».
فلم يتناول ثابت السفر كرغبة إنسانية، ولم يره مجرد حالة من الازدهار أو حتى الترحال والتجوال في أرجاء الدنيا سعياً وراء الفوائد السبع الشهيرة، لكنه جسده عبر معنى أكثر عمقاً و«فلسفة»، إذ قدمه في إطار علاقته بالمكان والزمان، يقول: «السفر هو الحركة التي لا تنفصل عن الزمن أو الأرض بأي حال من الأحوال، فكل من في الكون متحرك أي «على سفر»، ففي حالة ما إذا وقف الشخص ثابتاً فإن المتعارف عليه أنه غير متحرك، لكنه في الحقيقة متحرك بفعل حركة الأرض». ويتابع: «حتى الأعمال الفنية في المعرض قد يراها المشاهد ثابتة على قواعدها. لكنها في الحقيقة متحركة للسبب نفسه»، ويقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا أتناول السفر كحدث أو فعل يقوم به الإنسان إنما كفلسفة».
قليل من التشكيليين، لا سيما النحاتين هم من تناولوا موضوع السفر في أعمالهم، ربما لمحدودية الأفكار المرتبطة به وتكرارها، فهي تكاد تنحصر في الانتظار والوداع والشجن وحتى اللقاء قد يشوبه حزن ما بعد طول الانتظار وتغير الأحوال، إلا أن الفنان محمد ثابت أراد أن يخوض التحدي، وأن يعبر عن السفر بأحاسيس ورؤى مختلفة، وكان ذلك منذ سنوات قليلة حين قرر أن يبدع عملا نحتياً لمطار القاهرة: «لم يكتمل لكنه كانت البداية التي استلهمت منها فكرة معرضي حيث تبلورت الفكرة، وتطورت إلى مجموعة فنية نحتية تضم نحو 30 منحوتة عن السفر».
ويُعد المعرض الذي يضم جانباً كبيراً من هذه الأعمال بمثابة رحلة حياة الإنسان بمختلف محطاتها وانعطافاتها، إذ يلتقي المشاهد في بداية زيارته بعمل يمثل بداية الحياة، فيجد في استقباله في القاعة منحوتة الطفل المولود، ومن ثم ينتهي بعمل يصور شخصاً متوفى داخل مقبرته تاركاً حقيبته التي ترمز إلى كل ما يملكه في الخارج، وفي الرحلة من البداية إلى النهاية يلتقي المشاهد بمراحل وتجارب إنسانية مختلفة مثل أعمال تمثل حزن الوداع، أو لهفة الانتظار تحت المطر، أو الحنين إلى الوطن، أو الغربة أو السفر الجماعي.
وربما بعد تأمل أعمال الفنان قد نعيد النظر في رؤيتنا للسفر حتى إننا قد لا ننخدع بعد اليوم بالصور والكتيبات السياحية التي نتأثر بها جميعاً عند السفر، ولن نعتبره مجموعة من الجولات الممتعة فقط، لكن سنتجاوز ذلك إلى ما هو أكثر عمقاً... إنه قد يجعلنا ننظر إلى السفر باعتباره فناً قائماً بذاته وفلسفة تستوقفنا للتفكير طويلاً في مغزاها وما وراءها.
فحتى حقيبة السفر التي تكاد لا تخلو منها أعماله الفنية بالمعرض هي لا تحمل الملابس والمستلزمات الشخصية وحدها، إنما تحمل أيضاً المشاعر والذكريات والأحلام والأوجاع والموروث الثقافي والاجتماعي للمسافر، كما أن السفر لا يعني الفراق وحده، إنما هو كذلك تواصل واندماج في مجتمع أو عالم جديد، ولذلك لا تعتمد بعض منحوتاته على شكل منفرد، واحد. فعلى غير الشائع في عالم النحت نجد أن التكوين عنده يميل إلى الثنائية أو التعددية، كما أن العلاقة التي تضم الشكلين، بعيدة عن كونها علاقة صراع أو تضاد، حيث هناك أجواء من الانسجام والتآلف، وكأنه يدعو إلى ضرورة تمتع الإنسان بالقوة اللازمة لمواجهة تحديات الحياة وتكيفه مع بعضها الآخر خلال رحلة سفره، مما يجعل أعماله تتحاور مع الزمن وتلتقي بالمكان والحضارات المختلفة.
ولا يتمتع المضمون وحده بالابتكار إنما جاء الأسلوب الفني كذلك حديثاً ومغايراً، لا سيما في أجساد الشخوص ذات القطع المفقودة، والتي تحمل جزءاً مرئياً للمشاهد وآخر غير مرئي تاركاً للمشاهد تخيله. حيث قام بربط الجذع مع ساق واحدة بعنصر ما، والساق الأخرى تكون منفصلة وثابتة على القاعدة. لتدهش هذه الأعمال المتلقي، وتذكره بأعمال الفنان الفرنسي برونو كاتالانو الذي اعتاد اللعب بالكتلة والفراغ التي تنجح دوماً في إثارة دهشة المشاهد والاستحواذ على انبهاره، عبر الأجزاء المفقودة من مجسماته.



احتفال خاص للبريد الملكي البريطاني بمسلسل «قسيسة ديبلي»

دفء الشخصيات (رويال ميل)
دفء الشخصيات (رويال ميل)
TT

احتفال خاص للبريد الملكي البريطاني بمسلسل «قسيسة ديبلي»

دفء الشخصيات (رويال ميل)
دفء الشخصيات (رويال ميل)

أصدر البريد الملكي البريطاني (رويال ميل) 12 طابعاً خاصاً للاحتفال بمسلسل «The Vicar of Dibley» (قسيسة ديبلي) الكوميدي الذي عُرض في تسعينات القرن الماضي عبر قنوات «بي بي سي».

وذكرت «الغارديان» أنّ 8 طوابع تُظهر مَشاهد لا تُنسى من المسلسل الكوميدي، بما فيها ظهور خاص من راقصة الباليه السابقة الليدي دارسي بوسيل، بينما تُظهر 4 أخرى اجتماعاً لمجلس أبرشية في ديبلي.

وكان مسلسل «قسيسة ديبلي»، من بطولة ممثلة الكوميديا دون فرينش التي لعبت دور القسيسة جيرالدين غرانغر عاشقة الشوكولاته، قد استمرّ لـ3 مواسم، من الأعوام 1994 إلى 2000، تلتها 4 حلقات خاصة أُذيعت بين 2004 و2007.

في هذا السياق، قال مدير الشؤون الخارجية والسياسات في هيئة البريد الملكي البريطاني، ديفيد غولد، إن «الكتابة الرائعة ودفء الشخصيات وطبيعتها، جعلت المسلسل واحداً من أكثر الأعمال الكوميدية التلفزيونية المحبوبة على مَر العصور. واليوم، نحتفل به بإصدار طوابع جديدة لنستعيد بعض لحظاته الكلاسيكية».

أخرج المسلسل ريتشارد كيرتس، وكُتبت حلقاته بعد قرار الكنيسة الإنجليزية عام 1993 السماح بسيامة النساء؛ وهو يروي قصة شخصية جيرالدين غرانغر (دون فرينش) التي عُيِّنت قسيسة في قرية ديبلي الخيالية بأكسفوردشاير، لتتعلّم كيفية التعايش والعمل مع سكانها المحلّيين المميّزين، بمَن فيهم عضو مجلس الأبرشية جيم تروت (تريفور بيكوك)، وخادمة الكنيسة أليس تنكر (إيما تشامبرز).

ما يعلَقُ في الذاكرة (رويال ميل)

وتتضمَّن مجموعة «رويال ميل» طابعَيْن من الفئة الثانية، أحدهما يُظهر جيرالدين في حفل زفاف فوضوي لهوغو هورتون (جيمس فليت) وأليس، والآخر يُظهر جيرالدين وهي تُجبِر ديفيد هورتون (غاري والدورن) على الابتسام بعد علمها بأنّ أليس وهوغو ينتظران مولوداً.

كما تُظهر طوابع الفئة الأولى لحظة قفز جيرالدين في بركة عميقة، وكذلك مشهد متكرّر لها وهي تحاول إلقاء نكتة أمام أليس في غرفة الملابس خلال احتساء كوب من الشاي.

وتتضمَّن المجموعة أيضاً طوابع بقيمة 1 جنيه إسترليني تُظهر فرانك بيكل (جون بلوثال) وأوين نيويت (روجر لويد باك) خلال أدائهما ضمن عرض عيد الميلاد في ديبلي، بينما يُظهر طابعٌ آخر جيم وهو يكتب ردَّه المميّز: «لا، لا، لا، لا، لا» على ورقة لتجنُّب إيقاظ طفل أليس وهوغو.

وأحد الطوابع بقيمة 2.80 جنيه إسترليني يُظهر أشهر مشهد في المسلسل، حين ترقص جيرالدين والليدي دارسي، بينما يُظهر طابع آخر جيرالدين وهي تتذوّق شطيرة أعدّتها ليتيتيا كرابلي (ليز سميث).

نال «قسيسة ديبلي» جوائز بريطانية للكوميديا، وجائزة «إيمي أوورد»، وعدداً من الترشيحات لجوائز الأكاديمية البريطانية للتلفزيون. وعام 2020، اختير ثالثَ أفضل مسلسل كوميدي بريطاني على الإطلاق في استطلاع أجرته «بي بي سي». وقد ظهرت اسكتشات قصيرة عدّة وحلقات خاصة منذ انتهاء عرضه رسمياً، بما فيها 3 حلقات قصيرة بُثَّت خلال جائحة «كوفيد-19».