معضلة درنة

معضلة درنة
TT

معضلة درنة

معضلة درنة

تتمثل معضلة درنة في الجبال والوديان التي تحيط بها، ولهذا ستكون عملية طرد المتطرفين الذين يحتلونها مسألة صعبة قد تستغرق وقتا طويلا وتستنزف قوات الجيش الوطني الليبي. وقبل سنوات قليلة كانت المدينة الواقعة على شاطئ البحر المتوسط، بين مدينتي طبرق والبيضا في شرق البلاد، مركزا للفنون والآداب والإبداعات الجديدة في الشعر الشعبي وموسيقى المزمار البدوي، لكنّ المتطرفين سيطروا عليها بعد سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي، وأصبحت تفتقر إلى أي مظهر من مظاهر الدولة. وزاد الطين بلة ما أفاد به شهود عيان عن أن ميناء المدينة البحري استقبل في أواخر شهر رمضان الماضي نحو 500 من تنظيم «داعش» كانوا قادمين من سوريا، بعضهم عرب والآخرون أجانب من إنجلترا وفرنسا. وأعلنت الجماعات المتشددة هناك موالاتها لـ«داعش» بالفعل قبل نحو أسبوع.
ويسيطر على المدينة جماعة أنصار الشريعة، وذلك على المساحة الممتدة من منطقة «رأس هلال» التي تنتشر فيها الغابات الشجرية، وصولا إلى منطقة منحدر «الفتايح». وتحت وطأة ضربات الجيش المؤيد من البرلمان الجديد، أقام المتطرفون في المدينة الكثير من المتاريس والحواجز. وجرى إغلاق الطريق من منطقة «سوسة» حتى «رأس هلال»، بكتل حجرية ضخمة، لمنع دخول قوات الجيش وخفر السواحل المتمركزة قرب «سوسة».
ومن أشهر قيادات المتطرفين في المدينة رجل يدعى سفيان بن جومة، وهو سجين سابق في غوانتانامو، وتمكنت جماعته، وفقا للمصادر، من حشد إمكانات عسكرية كبيرة مثل الصواريخ والأسلحة «التي لا مثيل لها في الجيش الرسمي». ويوجد في درنة أيضا جماعات موالية لتنظيم القاعدة وأخرى لا تزيد عن كونها جماعات من السلفيين أصبحوا عرضة لهجمات «داعش» و«القاعدة»، كان آخرها الهجوم على «كتيبة سجن أبو سليم» ذات التوجه السلفي. كما وقعت مواجهات أخرى بين مجموعات من أنصار الشريعة والقاعدة في منطقة «وادي كرسة» بتضاريسه الوعرة.
وسبق للقذافي في منتصف تسعينات القرن الماضي أن شن هجوما على وديان درنة التي كان يتحصن فيها بضع عشرات من المتطرفين، لكن شهود عيان قالوا إن الوضع اختلف الآن، حيث أصبح هؤلاء المتشددون أكثر قوة من السابق، ولديهم معسكرات في الكثير من الوديان والجبال، وأسلحة متنوعة.
وبسبب وعورة الوديان، وكثرتها أيضا في جنوب درنة، التي تقع أساسا بين جبلين، لا أحد يستطيع أن يعطي تقديرا دقيقا لأعداد المتطرفين المسلحين هناك، فأحيانا تخرج مجموعات في قوافل بسيارات الدفع الرباعي، بعدد يصل إلى نحو 300 شخص، وأحيانا يزيد إلى 800، وأحيانا أخرى لا ترى من هؤلاء المتطرفين إلا نفرا قليلا، خصوصا أمام «ساحة الصحابة» التي جرى فيها تأسيس أول «محكمة شرعية» يديرها المتطرفون منذ رمضان الماضي، وجرى فيها الحكم بالإعدام على 20 على الأقل من الليبيين والمصريين وغيرهم.
ومن بين الجنسيات العربية المتطرفة التي لجأت إلى درنة، جزائريون وسوريون وعراقيون وشبان ملتحون بثيابهم القصيرة من أفغانستان والشيشان ودول أفريقية. وأصبح يكثر في المدينة أعمال النهب والسرقة والخطف وطلب الفدى من المقتدرين.



تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)
TT

تاريخ مظلم للقيادات في كوريا الجنوبية

تشون دو - هوان (رويترز)
تشون دو - هوان (رويترز)

سينغمان ري (الصورة الرئاسية الرسمية)

إلى جانب يون سوك - يول، فإن أربعة من رؤساء كوريا الجنوبية السبعة إما قد عُزلوا أو سُجنوا بتهمة الفساد منذ انتقال البلاد إلى الديمقراطية في أواخر الثمانينات.

وفي سلسلة من التاريخ المظلم لقادة البلاد، عزل البرلمان الرئيسة بارك غيون - هاي، التي كانت أول امرأة تتولى منصب الرئاسة الكورية الجنوبية، ثم سُجنت في وقت لاحق من عام 2016. ولقد واجهت بارك، التي هي ابنة الديكتاتور السابق بارك تشونغ - هي، اتهامات بقبول أو طلب عشرات الملايين من الدولارات من مجموعات اقتصادية وصناعية كبرى.

وفي الحالات الأخرى، انتحر روه مو - هيون، الذي تولى الرئاسة في الفترة من 2003 إلى 2008، بصورة مأساوية في مايو (أيار) 2009 عندما قفز من منحدر صخري بينما كان قيد التحقيق بتهمة تلقي رشوة، بلغت في مجموعها 6 ملايين دولار، ذهبت إلى زوجته وأقاربه.

وعلى نحو مماثل، حُكم على الرئيس السابق لي ميونغ - باك بالسجن 15 سنة في أكتوبر (تشرين الأول) 2018 بتهمة الفساد. ومع ذلك، اختُصرت فترة سجنه عندما تلقى عفواً من الرئيس الحالي يون سوك - يول في ديسمبر (كانون الأول) عام 2022.

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ أدين تشون دو - هوان، الرجل العسكري القوي والسيئ السمعة، الملقّب بـ«جزار غوانغجو»، وتلميذه الرئيس نوه تاي - وو، بتهمة الخيانة لدوريهما في انقلاب عام 1979، وحُكم عليهما بالسجن لأكثر من 20 سنة، ومع ذلك، صدر عفو عنهما في وقت لاحق.

بارك غيون- هاي (رويترز)

الأحكام العرفية

باعتبار اقتصاد كوريا الجنوبية، رابع أكبر اقتصاد في آسيا، وكون البلاد «البلد الجار» المتاخم لكوريا الشمالية المسلحة نووياً، تأثرت كوريا الجنوبية بفترات تاريخية من الحكم العسكري والاضطرابات السياسية، مع انتقال الدولة إلى نظام ديمقراطي حقيقي عام 1987.

والواقع، رغم وجود المؤسسات الديمقراطية، استمرت التوترات السياسية في البلاد، بدءاً من تأسيسها بعد نيل الاستقلال عن الاستعمار الياباني عام 1948. كذلك منذ تأسيسها، شهدت كوريا الجنوبية العديد من الصدامات السياسية - الأمنية التي أُعلن خلالها فرض الأحكام العرفية، بما في ذلك حلقة محورية عام 1980 خلّفت عشرات القتلى.

وهنا يشرح الصحافي الهندي شيخار غوبتا، رئيس تحرير صحيفة «ذا برنت»، مواجهات البلاد مع الانقلابات العسكرية وملاحقات الرؤساء، بالقول: «إجمالاً، أعلنت الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية 16 مرة على الأقل. وكان أول مرسوم بالأحكام العرفية قد أصدره عام 1948 الرئيس (آنذاك) سينغمان ري، إثر مواجهة القوات الحكومية تمرداً عسكرياً بقيادة الشيوعيين. ثم فرض ري، الذي تولى الرئاسة لمدة 12 سنة، الأحكام العرفية مرة أخرى في عام 1952».

مع ذلك، كان تشون دو - هوان آخر «ديكتاتور» حكم كوريا الجنوبية. وتشون عسكري برتبة جنرال قفز إلى السلطة في انقلاب إثر اغتيال الرئيس بارك تشونغ - هي عام 1979، وكان بارك جنرالاً سابقاً أعلن أيضاً الأحكام العرفية أثناء وجوده في السلطة لقمع المعارضة حتى لا تنتقل البلاد رسمياً إلى الديمقراطية. نيودلهي: «الشرق الأوسط»