توتر تركي ـ فرنسي قبل القمة الرباعية في لندن

TT

توتر تركي ـ فرنسي قبل القمة الرباعية في لندن

هاجم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، معتبرا أنه «في حالة موت دماغي»، ردا على تصريحات انتقد فيها عملية «نبع السلام» العسكرية التركية في شمال شرقي سوريا.
كان ماكرون وصف حلف شمال الأطلسي (ناتو) بأنه في «حالة موت دماغي»، وهي الجملة التي اقتبسها إردوغان ليرد عليه في تصريحات أمس (الجمعة) قائلا: «عليك قبل أي شيء أن تفحص موتك الدماغي أنت نفسك. هذه التصريحات لا تليق سوى لأمثالك الذين هم في حالة موت دماغي».
وتشهد العلاقات التركية - الفرنسية توترا شبه مستمر بسبب الكثير من القضايا منها مطالبتها بإخراج تركيا من الناتو ومعارضتها انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي والخلاف حول قضية إبادة الأرمن في 1915 ودعم الأكراد وأخيرا رفض فرنسا للعملية العسكرية التركية ضد المقاتلين الأكراد في شمال شرقي سوريا.
وجدد ماكرون، أول من أمس، رفضه «فرض» تركيا عمليتها بشمال سوريا كأمر واقع، مؤكدا أنها عرقلت عمل التحالف الدولي ضد تنظيم «داعش» الإرهابي وأنها تهدد الحلفاء وأن على تركيا أن لا تتوقع تضامن حلفائها في الناتو معها طالما تصرفت بهذا الشكل.
واتهم وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو ماكرون بأنه داعم للإرهاب. وقال في تصريحات: «إنه (ماكرون) بالفعل الراعي للمنظمة الإرهابية (وحدات حماية الشعب الكردية) ويستضيفهم باستمرار في قصر الإليزيه. إذا قال إن حليفه هو المنظمة الإرهابية… فليس هناك ما يُقال أكثر بالفعل». وأضاف الوزير التركي: «هناك فراغ في أوروبا حاليا يحاول ماكرون أن يستغله ليصبح زعيما للقارة، لكن القيادة مسألة طبيعية». وطالب الوزير التركي ماكرون بإدراك أن تركيا حليف في الناتو، وأن عليه أن يقف بجانب الحلفاء.
وسبق أن استقبل ماكرون، الشهر الماضي، جيهان أحمد المتحدثة باسم قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تقودها الوحدات الكردية، ليعبر عن تضامن فرنسا مع تلك القوات.
ويتوقع أن يؤثر هذا التوتر بين تركيا وفرنسا على قمة الناتو في لندن الأسبوع المقبل، والتي تتزامن مع الذكرى السبعين لتأسيسه، والتي من المقرر أن تعقد على هامشها قمة تركية - فرنسية - ألمانية - بريطانية حول سوريا.
وأعلنت تركيا رفضها خطة الحلف الدفاعية الخاصة بدول البلطيق وبولندا ما لم تتلق دعما سياسيا لعمليتها العسكرية ضد الوحدات الكردية.
في السياق، استأنفت ألمانيا تصدير الأسلحة لتركيا شريكتها في حلف الناتو، بعد أن أعلنت وقف هذه الصادرات عقب إطلاق تركيا عمليتها العسكرية في شمال شرقي سوريا التي وصفتها ألمانيا بأنها تخالف القانون الدولي.
وذكرت وزارة الاقتصاد الألمانية ردا على طلب إحاطة من النائبة البرلمانية عن حزب «اليسار» المعارض، سيفيم داغدلين، أن الحكومة أعطت الضوء الأخضر لأربع صفقات تسليح لتركيا بقيمة 3.09 مليون يورو خلال الأسابيع الستة الأولى عقب بدء التوغل العسكري التركي في شمال سوريا في 9 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وأوضح الرد أن الصفقات الأربع لم تتضمن أي أسلحة حربية.
كانت الحكومة الألمانية أصدرت عقب ذلك التوغل حظرا جزئيا على تصدير الأسلحة لتركيا، إلا أن هذا الحظر يسري فقط على الأسلحة والعتاد العسكري الذي يمكن استخدامه في سوريا. وجاء في رد الوزارة، الذي أطلعت عليه وكالة الأنباء الألمانية أمس أن «التصاريح لا تتعلق ببضائع تسليح يمكن استخدامها في سوريا».



مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر: «كشك باب النصر» يعيد الجدل بشأن «التعدي» على الآثار

مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)
مطالب بإعادة النظر في الصورة الجمالية للقاهرة التاريخية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

جدد بناء «كشك نور» بالطوب الأحمر، في مكان بارز بمنطقة الجمالية الأثرية في مصر، مطالب خبراء أثريين بتشديد الرقابة على المناطق الأثرية وحمايتها من الاعتداء بالاستناد إلى قانون حماية الآثار.

ويرى الخبير الأثري الدكتور محمد حمزة أن واقعة بناء كشك كهرباء داخل «حرم موقع أثري»، صورة من أوجه مختلفة للاعتداء على الآثار في مصر، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، ويضيف: «يمثل هذا الكشك مثالاً لحالات البناء العشوائي التي لا تراعي خصوصية المناطق الأثرية، وتشويهاً معمارياً مثل الذي شهدته بنفسي أخيراً ببناء عمارة سكنية في مواجهة جامع «الحاكِم» الأثري في نهاية شارع المعز التاريخي، بما لا يتلاءم مع طراز المنطقة، وأخيراً أيضاً فوجئنا بقرار بناء مسرح في حرم منطقة سور مجرى العيون الأثرية، وهناك العديد من الأمثلة الأخيرة الخاصة بهدم آثار كالتعدي على قبة الشيخ عبد الله بمنطقة عرب اليسار أسفل قلعة صلاح الدين الأيوبي، وتلك جميعها صور من الاعتداء التي تتجاهل تماماً قوانين حماية الآثار».

كشك كهرباء باب النصر (حساب د. محمد حمزة على فيسبوك)

وحسب الدكتور محمد عبد المقصود، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للآثار، فإن بناء هذا الكشك «هو حالة متكررة لمخالفة قانون حماية الآثار بشكل واضح»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط»، مضيفاً: «يجب أن تتم إزالته، فهو يؤثر بشكل واضح على بانوراما المكان الأثري، علاوة على أنه كيان قبيح ولا يليق أن يتم وضعه في موقع أثري، ويتسبب هذا الكشك في قطع خطوط الرؤية في تلك المنطقة الأثرية المهمة».

ويضيف عبد المقصود: «المؤسف أن وزارة السياحة والآثار لم تعلق على هذا الأمر بعد، مثلما لم تعلق على العديد من وقائع الاعتداء على مواقع أثرية سواء بالبناء العشوائي أو الهدم قبل ذلك، رغم أن الأمر يقع في نطاق مسؤوليتهم».

قانون الآثار المصري يمنع بناء مبان أعلى من المنشآت الأثرية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وأثار تشويه بعض نقوش مقبرة مريروكا الأثرية في منطقة سقارة بالجيزة (غرب القاهرة) ضجة واسعة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وسط دعوات بضرورة تطبيق قانون حماية الآثار الذي تنص المادة 45 منه رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته، على أنه «يعاقَب كل من وضع إعلانات أو لوحات للدعاية أو كتب أو نقش أو وضع دهانات على الأثر أو شوّه أو أتلف بطريق الخطأ أثراً عقارياً أو منقولاً أو فصل جزءاً منه بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 10 آلاف جنية ولا تزيد على 500 ألف جنيه أو إحدى هاتين العقوبتين».

الآثار الإسلامية تتوسط غابة من الكتل الخرسانية (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وترى الدكتورة سهير حواس، أستاذة العمارة والتصميم العمراني بقسم الهندسة المعمارية بجامعة القاهرة، أن منطقة القاهرة التاريخية مسجلة وفقاً لقانون 119 لسنة 2008، باعتبارها منطقة أثرية لها اشتراطات حماية خاصة، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «تشمل تلك الحماية القيام بعمل ارتفاعات أو تغيير أشكال الواجهات، وأي تفاصيل خاصة باستغلال الفراغ العام، التي يجب أن تخضع للجهاز القومي للتنظيم الحضاري ووزارة الثقافة».

شكاوى من تشويه صور الآثار الإسلامية بالقاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

وحسب القانون يجب أن يتم أخذ الموافقة على وضع أي كيان مادي في هذا الفراغ بما فيها شكل أحواض الزرع والدكك، وأعمدة الإضاءة والأكشاك، سواء لأغراض تجميلية أو وظيفية؛ لذلك فمن غير المفهوم كيف تم بناء هذا الكشك بهذه الصورة في منطقة لها حماية خاصة وفقاً للقانون.

ويرى الخبير الأثري الدكتور حسين عبد البصير أنه «لا بد من مراعاة طبيعة البيئة الأثرية، خاصة أن هناك العديد من الطرق التي يمكن بها تطويع مثل تلك الضرورات كتوسيع الطرق أو البنية التحتية أو إدخال تطويرات كهربائية بطريقة جمالية تلائم النسيج الجمالي والبصري للأماكن الأثرية».