مجلس «النهضة» يختار غداً الأسماء المرشحة لتولي حقائب وزارية

وسط خلافات داخلية حول اختيار الجملي لتشكيل الحكومة

TT

مجلس «النهضة» يختار غداً الأسماء المرشحة لتولي حقائب وزارية

قال عبد اللطيف المكي، قيادي حركة النهضة (إسلامية) إن الحبيب الجملي، رئيس الحكومة التونسية المكلف، «هو من يجري المشاورات الجدية المتعلقة بتشكيل الحكومة الجديدة، وليس رئيس الحركة راشد الغنوشي»، وذلك ردا على انتقادات بعدم استقلالية القرارات التي سيتخذها الجملي، وخضوعه لإملاءات «النهضة». مبرزا أن مجلس شورى «النهضة» سيجتمع غدا الأحد ليقترح على رئيس الحكومة المكلف الأسماء المرشحة لتولي حقائب وزارية.
وأضاف المكي بعد لقاء جمعه، أمس، بالجملي أن الغنوشي لم يلتق رؤساء الأحزاب ليتشاور معهم حول تركيبة الحكومة الجديدة. مبرزا أن «النهضة» لا تصادر أحقية رئيس الحكومة المكلف في رؤيته لتشكيل حكومته، لكنها تعتبر أن مقترح الأقطاب الوزارية مهم، باعتبار أن الحكومة تسيّر حاليا كل القطاعات، لكن دون تنسيق فيما بينها، وهو ما يفقدها النجاعة المطلوبة.
وبخصوص استقالة زياد العذاري، الأمين العام لحركة النهضة، من كل مسؤولياته الحزبية، قال المكي إن الموقف الذي اتخذه العذاري «جاء نتيجة خلافات داخل الحركة، وهو أمر يلزمه شخصيا»، معتبرا أن هذه الاستقالة «لن تؤثر على مسار تشكيل الحكومة الجديدة، كما لن تؤثر استقالة أي شخصية أخرى على رئيس الحكومة المكلف».
وشدد المصدر ذاته على أن الخلافات داخل حركة النهضة «تأتي بسبب اختلاف الرؤى، ومن أجل إعلاء المصلحة العليا للبلاد.. وترتبط أساسا بالتقديرات حول هذه المصلحة».
وكان العذاري قد أعلن استقالته المفاجئة من جميع المسؤوليات داخل الحزب، بعد خلافات حول تكليف «النهضة» للجملي بتشكيل الحكومة الجديدة، معتبرا أن حصول النهضة على رئاسة البرلمان «كان يقتضي تسليم رئاسة الحكومة إلى شخصية مستقلة مشهود لها بأعلى درجات الكفاءة والنزاهة والجرأة، وتجمع أوسع طيف ممكن من التونسيين، وتكون قادرة على استعادة الثقة في الداخل، وتعزيز إشعاع تونس في الخارج»، حسب ما جاء في مبررات استقالته، معتبراً أن خيار مجلس الشورى «وضع البلاد على سكة محفوفة بالمخاطر، ولا نعرف تداعياتها وكلفتها على البلاد».
ويرى مراقبون أن استقالة العذاري قد تكون وراءها «حسابات انتخابية داخل الحزب»، الذي ينتظر عقد مؤتمره الانتخابي في شهر مايو (أيار) 2020، خاصة أنه لم يعد بإمكان راشد الغنوشي الترشح من جديد، وفق النظام الداخلي لحركة النهضة.
ويعتبر العذاري من القيادات الشابة في حركة النهضة، وهو الوزير الوحيد الذي واصل تولي حقائب وزارية في جميع حكومات ما بعد 2014، وتقلد ثلاث وزارات، هي التشغيل، والصناعة، ثم وزارة الاستثمار والتنمية والتعاون الدولي، وهو أيضاً نائب في البرلمان عن دائرة سوسة(وسط شرقي)، وكان من بين الأسماء المرشحة لرئاسة الحكومة في حال اختارت حركة النهضة أحد المرشحين من داخلها.
يذكر أن العذاري قدم في السابع من هذا الشهر كذلك استقالته من وزارة التنمية والاستثمار والتعاون الدولي في حكومة تصريف الأعمال التي يقودها يوسف الشاهد، تفاديا لازدواج المسؤولية بين عضوية البرلمان وعضوية الحكومة.
على صعيد آخر، أعلنت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عن ترشح 34 قائمة انتخابية، بصفة أولية، للمنافسة في الانتخابات البلدية الجزئية، التي ستجري خلال شهر يناير (كانون الثاني) المقبل في خمس بلديات. وقال فاروق بوعسكر نائب رئيس هيئة الانتخابات إن القوائم المرشحة تتوزع بين 22 قائمة مستقلة، و12 قائمة حزبية، تمثل أحزاب «حركة النهضة»، و«حركة نداء تونس» و«حركة الشعب»، و«حركة مشروع تونس» و«التيار الديمقراطي».
ويتوزع المترشحون بين 5 قوائم انتخابية في بلدية الدندان (منوبة)، و9 قوائم في بلدية نفزة (باجة)، و12 قائمة في بلدية رقادة (القيروان)، و3 قوائم في بلدية قصيبة الثريات(سوسة)، و5 قوائم في بلدية البطان (منوبة).



الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
TT

الأمم المتحدة تطالب بإغاثة 10 ملايين يمني

الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)
الاستجابة الأممية في 2025 تركز على إغاثة قرابة 4 ملايين نازح يمني (الأمم المتحدة)

بالتزامن مع تحذيرها من تفاقم الأزمة الإنسانية، ووصول أعداد المحتاجين للمساعدات العاجلة إلى أكثر من 19 مليون شخص، أطلقت الأمم المتحدة وشركاؤها خطة الاستجابة للاحتياجات الإنسانية في اليمن للعام الحالي لمساعدة أكثر من 10 ملايين محتاج.

ويأتي ذلك في ظل تراجع حاد للعملة اليمنية، إلى أدنى مستوياتها على الإطلاق، بعد تجاوز سعر الدولار 2160 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، التي عجزت عن سداد رواتب الموظفين منذ 4 أشهر، بعد أكثر من عامين من تسبب الجماعة الحوثية في توقف تصدير النفط، واشتداد أزمات الخدمات العامة، وانقطاع الكهرباء في عدن حيث العاصمة المؤقتة للبلاد لأكثر من نصف اليوم.

ودعت الأمم المتحدة المجتمع الدولي والمانحين إلى توفير مبلغ 2.47 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية لليمن للعام الحالي، لتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة لأكثر من 19.5 مليون شخص.

وجاءت الدعوة على لسان جوليان هارنيس، منسق الشؤون الإنسانية في اليمن، الذي طالب بتقديم الدعم اللازم لضمان الوصول إلى الفئات الأكثر ضعفاً وتقديم المساعدات المنقذة للحياة لـ10.5 مليون شخص، مشيراً إلى أن الجهود السابقة خلال العام الماضي، شملت أكثر من 8 ملايين شخص بدعم تجاوز 1.4 مليار دولار.

نصف الأطفال اليمنيين يعانون من سوء تغذية وتعدّ النساء والفتيات من الفئات الأكثر ضعفاً (الأمم المتحدة)

وشدَّد هاريس على أن الاحتياجات خلال العام الحالي تتطلب استجابة أوسع وأكثر شمولية لتحقيق الاستقرار وبناء قدرة المجتمعات على الصمود، منوهاً بأن تدهور الأوضاع الاقتصادية، والظروف المناخية القاسية، والتطورات العسكرية الإقليمية أسهمت في مضاعفة الاحتياجات الإنسانية.

ويواجه نصف السكان تقريباً انعداماً حاداً في الأمن الغذائي، ويعيش أكثر من 13 مليون شخص في ظل نقص حاد في مياه الشرب النظيفة، بينما تعمل 40 في المائة من المرافق الصحية بشكل جزئي أو لا تعمل.

وكانت الأمم المتحدة طالبت العام الماضي بـ2.7 مليار دولار لخطة الاستجابة الإنسانية، لكنها لم تحصل سوى على تعهدات ضئيلة، ما تسبب في عجز كبير في تلبية احتياجات المستهدفين.

تناقض الاحتياجات والمطالب

ويؤكد جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أرقام الاحتياجات الإنسانية التي تعلن عنها الأمم المتحدة ووكالاتها والمنظمات الدولية، لكنه يشير إلى التناقض بين ما تعلن عنه من احتياجات ومساعيها للحصول على تمويل لتلبية تلك الاحتياجات، إلى جانب عدم قدرتها على الوصول إلى المستهدفين بسبب نقص المعلومات والبيانات، بالإضافة إلى التغيرات الديموغرافية الحاصلة بفعل النزوح.

استمرار الصراع ترك اليمنيين في حالة احتياج دائم للمساعدات (الأمم المتحدة)

وفي تصريحه لـ«الشرق الأوسط» أعرب بلفقيه عن مخاوفه من عدم إمكانية الحصول على المبالغ المطلوبة لصالح الاستجابة الإنسانية بسبب سوء الترويج للأزمة الإنسانية في اليمن لدى المانحين، لافتاً إلى أن طرق تعامل المنظمات الدولية والأممية في الإغاثة لم تتغير منذ عام 2015، رغم فشلها في تلبية احتياجات اليمنيين، وإنهاء الأزمة الإنسانية أو الحد منها.

وقبيل إطلاقها خطة الاستجابة الإنسانية للعام الحالي، حذّرت الأمم المتحدة، من اشتداد الأزمة الإنسانية في اليمن، بعد تجاوز أعداد المحتاجين إلى مساعدات إنسانية هذا العام 19.5 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.3 مليون شخص مقارنة بالعام الماضي، مبدية قلقها على الأطفال الذين يعانون من سوء تغذية، وعلى الفئات الأكثر تهميشاً من بينهم، مثل النساء والفتيات والنازحين البالغ عددهم 4.8 مليون شخص.

وقالت نائبة رئيس مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، جويس مسويا، أمام مجلس الأمن الدولي إنّ اليمنيين ما زالوا يواجهون أزمة خطرة على الصعيدين الإنساني وحماية المدنيين، مشيرة إلى أن تقديرات النداء الإنساني للعام الحالي الذي يجري إعداده، كشفت عن تفاقم الأزمة.

وباء الكوليرا عاد للتفشي في اليمن بالتزامن مع ضعف القطاع الصحي (رويترز)

ووفق حديث مسويا، فإنّ نحو 17 مليون يمني، أي ما يقدر بنصف سكان البلاد، لا يستطيعون تلبية احتياجاتهم الغذائية الأساسية، وما يقرب من نصف الأطفال دون سنّ الخامسة يعانون من تأخر خَطرٍ في النمو بسبب سوء التغذية، مع انتشار مروّع لوباء الكوليرا، بينما يعاني النظام الصحي من ضغوط شديدة.

انهيار العملة

وواصلت العملة اليمنية تراجعها إلى أدنى المستويات، وتجاوز سعر العملات الأجنبية المتداولة في البلاد 2160 ريالاً للدولار الواحد، و565 ريالاً أمام الريال السعودي، بعد أن ظلت تتراجع منذ منتصف العام الماضي، وهي الفترة التي شهدت تراجع الحكومة اليمنية عن قراراتها بفرض حصار على البنوك التجارية المتواطئة مع الجماعة الحوثية.

ويرجع الخبراء الاقتصاديون اليمنيون هذا الانهيار المتواصل للعملة إلى الممارسات الحوثية ضد الأنشطة الاقتصادية الحكومية، مثل الاعتداء على مواني تصدير النفط الخام ومنع تصديره، وإجبار الشركات التجارية على الاستيراد عبر ميناء الحديدة الخاضع للجماعة، إلى جانب المضاربة غير المشروعة بالعملة، وسياسات الإنفاق الحكومية غير المضبوطة وتفشي الفساد.

العملة اليمنية واصلت تدهورها الحاد خلال الأشهر الستة الماضية (رويترز)

ويقدر الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار الفجوة التمويلية لأعمال الإغاثة والاستجابة الإنسانية، بأكثر من 3 مليارات دولار، ويقول إن تراكمات هذا العجز خلال السنوات الماضية أوصل نسبة تغطية الاحتياجات الإنسانية في البلاد إلى 52 في المائة.

ولمح النجار في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تضرر الاقتصاد اليمني بفعل أزمة البحر الأحمر وما سببته من تحول طرق التجارة العالمية أو ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، مع عدم بروز إمكانية لتحسن اقتصادي دون توقف الجماعة الحوثية عن ممارساتها أو إلزامها بالكف عنها، بالتوازي مع إجراءات داخلية لتحسين الإيرادات.

استهداف الحوثيين للسفن التجارية في البحر الأحمر ضاعف من تدهور الاقتصاد اليمني (أ.ف.ب)

وحثّ النجار الحكومة اليمنية على اتباع سياسات تزيد من كفاءة تحصيل الإيرادات المحلية، وتخفيف فاتورة الاستيراد، ومن ذلك تشجيع الأنشطة الزراعية والسمكية وتوفير فرص عمل جديدة في هذين القطاعين اللذين يشكلان ما نسبته 30 في المائة من حجم القوى العاملة في الريف، وتشجيع زراعة عدد من المحاصيل الضرورية.

يشار إلى أن انهيار العملة المحلية وعجز الحكومة عن توفير الموارد تسبب في توقف رواتب الموظفين العموميين منذ 4 أشهر، إلى جانب توقف كثير من الخدمات العامة الضرورية، ومن ذلك انقطاع الكهرباء في العاصمة المؤقتة عدن لمدد متفاوتة تصل إلى 14 ساعة يومياً.