مظاهرات حاشدة ضد الرئيس الكولومبي

الولايات المتحدة اتهمت فنزويلا وكوبا بإثارة الفتنة في أميركا اللاتينية

جانب من الاحتجاجات في العاصمة الكولومبية أول من أمس (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات في العاصمة الكولومبية أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

مظاهرات حاشدة ضد الرئيس الكولومبي

جانب من الاحتجاجات في العاصمة الكولومبية أول من أمس (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات في العاصمة الكولومبية أول من أمس (أ.ف.ب)

شارك الكولومبيون بكثافة في تظاهرات نظمت لليوم السابع، احتجاجا على إدارة الرئيس إيفان دوكي الذي يحكم البلاد منذ أكثر من 15 شهرا.
وينوي قادة التعبئة تعزيز الضغط على الرئيس اليميني، ودعوا إلى إضراب جديد هو الثاني منذ بدء تحركاتهم الاحتجاجية في 21 نوفمبر (تشرين الثاني).
وفي بداية الحراك الشعبي، بدا أن هذا الإضراب «الوطني» لا يلقى تجاوبا واسعا في العاصمة بوغوتا التي تعد مركز الحراك الأهم في البلاد منذ سبعينات القرن الماضي، إلا أن التظاهرات اتسعت مع مرور الوقت وكان على رأسها الكثير من الشبان. وفي العاصمة، تراجعت حركة النقل وأغلق الكثير من المتاجر، بينما جرت تجمعات في أماكن أخرى مثل ميديين وكالي، ثاني وثالث مدن البلاد.
وتظاهر المحتجون على وقع قرع أواني الطبخ كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية، وهم يرفعون لافتات والعلم الوطني، فيما تنكّر بعضهم بأزياء مهرّجين لإدانة سياسات دوكي. وفي إحدى الساحات بشمال بوغوتا، عزفت أوركسترا موسيقى كلاسيكية وألحانا شعبية.
وقالت مانويلا سالازار (22 عاما) التي تدرس علم النفس للوكالة الفرنسية: «بلغنا قوة شعبية لم نر مثيلا لها منذ فترة طويلة في كولومبيا». وأضافت: «كنت أخشى أن يشعر الناس بالإحباط في اليوم الأول، لكنني أدركت الآن أن هذا لم يحدث. ما زال الناس ينزلون إلى الشوارع وسنواصل تحركنا». ومع أن معظم التظاهرات سلمية، قتل أربعة أشخاص وجرح نحو 500 آخرين من مدنيين وشرطيين وعسكريين. كما تم اعتقال 184 شخصا، وطرد ستين مهاجرا فنزويليا لقيامهم «بأعمال تخريب» منذ الخميس الماضي.
وتأتي هذه التعبئة ضد الرئيس الذي يحكم البلاد منذ أغسطس (آب) 2018، لكن 69 في المائة من الكولومبيين يشعرون بالاستياء من إدارته، في أجواء من الأزمات الاجتماعية والسياسية التي تهزّ أميركا اللاتينية.
واتّهمت الولايات المتحدة خصميها فنزويلا وكوبا الأربعاء بإثارة الفتنة في أميركا الجنوبية. وقال إليوت أبرامز الذي يقود الجهود الأميركية للإطاحة بالزعيم اليساري في فنزويلا نيكولاس مادورو، إن الحكومتين استخدمتا وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها لإثارة الاضطرابات.
وقال للصحافيين: «بدأت تظهر أدلة على أن النظامين في كوبا وفنزويلا يبذلان جهوداً لمفاقمة المشكلات في أميركا الجنوبية». وأشار أبرامز إلى طرد كولومبيا، حليف الولايات المتحدة، مؤخراً 59 من الفنزويليين لمشاركتهم في تظاهرات حاشدة ضد الرئيس المحافظ إيفان دوكي.
ودعا دوكي الثلاثاء الماضي المسؤولين عن الاحتجاجات إلى الحوار. وقالت وزيرة العمل الكولومبية أليسيا أرانغو، إنّ «الرئيس سيجتمع مع ممثّلي الإضراب الوطنيّ» الثلاثاء المقبل. غير أنّ هؤلاء لم يؤكّدوا حضورهم.
وهذا اللقاء الذي يُفترض أن يضمّ مسؤولين نقابيين وطلّاباً، يأتي في إطار «حوار اجتماعيّ» دعا إليه الرئيس الجمعة استجابة للتظاهرات التي تخرج يومياً ضدّ السياسات الاقتصاديّة والاجتماعيّة لحكومته.
ويطالب المحتجّون في كولومبيا بالتصدّي لتهريب المخدّرات وأعمال العنف وتحسين أوضاع العمّال والتقديمات التقاعديّة. ويُطالب البعض أيضاً بتقديم دعم للتعليم الرسمي وحماية السكّان الأصليين والمدافعين عن الحقوق، واحترام اتفاق السلام الموقّع عام 2016 مع تنظيم «فارك» المسلّح سابقاً، والذي يعتبره دوكي اتفاقاً متساهلاً جداً.
وبالإضافة إلى سياسته الأمنية التي تركز على محاربة تجارة المخدرات، وتزايد العنف في بعض المناطق منذ توقيع اتفاق السلام مع متمردي فارك في 2016، يندد المحتجون بميله إلى إضفاء مرونة على سوق العمل، وإضعاف الصندوق العام للرواتب التقاعدية لصالح الشركات الخاصة، ورفع سن التقاعد.



أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
TT

أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)

في إطار سعيهما لتعزيز قبضتهما على السلطة، يهاجم رئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا ونائبته وزوجته روزاريو موريو الكنيسة الكاثوليكية، بعدما عملا على سجن أو نفي شخصيات معارضة.
بدأ المقاتل السابق في جبهة التحرير الوطني الساندينية، بدعم قوي من زوجته، بالتأسيس لاستمرارية في السلطة منذ عودته إليها في عام 2007. وسمحت تعديلات دستورية في العامين 2011 و2014 برفع الحظر المفروض على إعادة انتخاب الرئيس، الذي كان منصوصاً عليه سابقاً في الدستور، حسبما تقول عالمة الاجتماع إلفيرا كوادرا التي تعيش في المنفى في كوستاريكا.
وتشير كودارا لوكالة «الصحافة الفرنسية» إلى أن أورتيغا (76 عاماً) «حوّل بذلك شكل الحكومة التي نصّ عليها الدستور» من أجل الانتقال إلى نظام «استبدادي» يضع «صنع القرار المطلق في أيدي الثنائي الرئاسي».
ومنذ القمع الدامي لاحتجاجات عام 2018 التي كانت تُطالب باستقالة الزوجيْن، تمرّ نيكاراغاوا بـ«أزمة مطوّلة لا يمكن تخطّيها» لأن أورتيغا وزوجته «أكّدا استمراريتهما في السلطة خلال انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2021. ومن خلال مأسسة الدولة البوليسية».
وأُعيد انتخاب أورتيغا لولاية رابعة على التوالي خلال انتخابات غاب عنها جميع منافسيه الأقوياء المحتملين، بسبب اعتقالهم أو إرغامهم على العيش في المنفى.
ولطالما دان المجتمع الدولي أفعال النظام في نيكاراغوا. وطالبت منظمة الدول الأميركية، أول من أمس الجمعة، الحكومة في نيكاراغوا بوقف «المضايقات والقيود التعسّفية» بحق المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والمنظمات الدينية والمعارضين. وطالبت أيضاً بـ«الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين الذين يُقدّر عددهم بنحو 190».
ويعتبر المحلل والنائب السابق في نيكاراغوا إيليسيو نونييز، الذي يعيش هو أيضاً في المنفى، أن جبهة التحرير الوطني الساندينية «تنتقل من موقع الحزب المهيمن إلى موقع الحزب الواحد (...) مع خلق عبادة شخصية لا مثيل لها حالياً في أميركا اللاتينية».
ومنذ عام، تمّ اعتقال 46 معارضاً أو مجرد منتقد للحكومة وحُكم عليهم بالسجن لفترات تصل إلى 13 عاماً. وكان سبعة منهم يريدون الترشّح إلى الرئاسة.
- قمع الإعلام
وكانت وسائل الإعلام أيضاً من الأهداف الأولى للسلطة.
لم تعد صحيفة «لا برينسا» La Prensa، التي كانت تنشر نسخة ورقية، موجودة إلّا على الإنترنت، بعدما اختار صحافيوها المنفى خوفاً من الاعتقال، وذلك عقب مصادرة مقرّها وزجّ مديرها لورينزو هولمان بالسجن.
وأغلقت السلطات أيضاً المحطة التلفزيونية التابعة للكنيسة الكاثوليكية في نيكاراغوا، بالإضافة إلى عدة إذاعات في أبرشيات مختلفة، وعشرات وسائل الإعلام المستقلة.
في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2020. أصدرت نيكاراغوا تشريعاً يستهدف الذين يتلقون أموالاً من الخارج ويفرض تسجيلهم لدى السلطات بصفة «عملاء أجانب». وأثار هذا القانون انتقادات المجتمع الدولي لما يشكله من خطر على الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان.
وبموجب هذا القانون، اعتبرت أكثر من ألف مؤسسة ومنظمة غير حكومية كان بعضها يكرّس عمله للدفاع عن حقوق الإنسان، غير قانونية. وأغلقت جامعات خاصة ومنظمات ثقافية بين عشية وضحاها.
في يوليو (تموز) اضطرت راهبات مجمّع الإرساليات الخيرية الذي أسسته الأم تيريزا، إلى الرحيل من نيكاراغوا، وطُردن كأنّهن «منبوذات»، حسبما قال مركز نيكاراغوا للدفاع عن حقوق الإنسان.
- «كنيسة صامتة»
وتُظهر الكنيسة الكاثوليكية نفسها على أنها آخر معقل يحمي من الإجراءات التعسّفية. لكن الموالين للحكومة يعتبرون الكهنة والأساقفة الذين ينتقدون النظام «أنبياء مزيّفين».
ومنعت الشرطة أسقف ماتاغالبا (شمال شرق) المونسنيور رولاندو ألفاريز من التنقّل، منذ 4 أغسطس (آب)، مما يعكس ذروة الأزمة مع نظام يسعى إلى إسكات رجال الدين في الكنيسة الكاثوليكية المحلية لقمع أصوات المعارضة.
وقال ألفاريز في إحدى عظاته: «لطالما أرادت الحكومة كنيسة صامتة، لا تريدنا أن نتكلّم وأن نندّد بالظلم».