باباجان سيطلق حزبه مطلع العام... ويعتبر تركيا في نفق مظلم

أنقرة تتحدث عن تطور إيجابي من واشنطن بشأن منظومة «باتريوت»

TT

باباجان سيطلق حزبه مطلع العام... ويعتبر تركيا في نفق مظلم

في أول ظهور إعلامي له منذ ما يقرب من 6 سنوات، كشف نائب رئيس الوزراء وزير الاقتصاد والخارجية وشؤون المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي التركي الأسبق، علي باباجان، أن حزبه الجديد الذي يعمل على تأسيسه الآن سيخرج إلى النور مع مطلع العام الجديد، مشيراً إلى أن تركيا دخلت في نفق مظلم في جميع المجالات، بسبب حكم الرجل الواحد الذي أضرّ بالبلاد. وقال بابا جان، في لقاء مع قناة «خبر تورك» التركية ليل الثلاثاء - الأربعاء، إنه استقال من حزب العدالة والتنمية الحاكم، في يوليو (تموز) الماضي، بعد خلافات عميقة، وعندما وجد انحرافاً من الحزب في القيم، وليس في المبادئ فقط، فضلاً عن التعسف في اتخاذ القرارات داخل الحزب... وأضاف: «الأزمات تعاظمت في كل المجالات، وشعرنا بأن البلاد دخلت نفقاً مظلماً». وأوضح: «رأينا أن تركيا دخلت نفقاً مظلماً مع تزايد مشكلاتها في كل قضية كل يوم... بالتالي بدأنا جهودنا لإنشاء حزب جديد».
وتحاشى باباجان انتقاد إردوغان بشكل مباشر، لكنه كرر مرات خلال اللقاء أن غياب الديمقراطية في ظل حكم الرجل الواحد أضر بالبلاد.
وتابع باباجان، الذي كان أحد مؤسسي حزب «العدالة والتنمية» الحاكم وأصغر وزير خارجية في تاريخ تركيا (حيث تولى المنصب وعمره 36 عاماً)، وكان نائباً لإردوغان عندما كان رئيساً للوزراء ومسؤولاً عن الملف الاقتصادي بالكامل حتى عام 2013.
«اقتضى الأمر الخروج بتحدّ جديدٍ (في إشارة إلى تأسيسه حزباً جديداً) لحل المشكلات والأزمات التي تواجهها البلاد. انسلخنا عنه (الحزب الحاكم) مخافة أن نشارك في إلحاق ضرر بالبلاد ونظامها». وبشأن تحمله جزءاً من أخطاء حزب «العدالة والتنمية»، لأنه كان قيادياً ومسؤولاً سابقاً بالحزب والحكومة، قال باباجان: «آلية النقد الذاتي داخل الحزب معطلة، في حين أن القوانين التي تأسس عليها الأحزاب تقتضي تفعيل جميع الآليات التي من شأنها تعزيز مبادئ الديمقراطية داخلها، وهذا غير موجود بـ(العدالة والتنمية)». وفيما يتعلق بالحزب الجديد الذي يعمل على تأسيسه، وما إذا كان رئيس الجمهورية السابق عبد الله غل سيكون له دور فيه، قال باباجان: «الاستعدادات جارية على قدم وساق، الرئيس السابق عبد الله غل أكد من قبل أنه لا يرغب في أن يكون له أي منصب بالحزب الجديد، لكنه يدعمنا من الخارج بخبراته وتجاربه، لأن رؤيته تتفق مع رؤيتنا قلباً وقالباً، وألتقي به في الشهر مرة أو مرتين... لن يشارك بنشاط في الحزب، لكنه يعمل كمستشار أو (أخ كبير)». وواصل: «كما أننا نلتقي بكل من لهم مكانة سياسية لها اعتبارها في تركيا، وهدفنا الاستفادة من جميع الخبرات، والوصول إلى كيان نستطيع من خلاله تمثيل مختلف أطياف المجتمع».
وقال باباجان: «ستتواصل استعداداتنا حتى نهاية ديسمبر (كانون الأول) المقبل، سنقطع خلال هذه الفترة مسافة جديدة، ونأمل أن نصل إلى نقطة جيدة في هذا الصدد. ونرغب في أن تتشكل سياسة الحزب الجديد بمشاركة الجميع ممن يسعون معنا».
وكان باباجان استقال من حزب «العدالة والتنمية» في يوليو (تموز)، مرجعاً خطوته تلك إلى خلافات عميقة حول رؤية الحزب للمشاكل التي تمرّ بها البلاد، وانحرافه عن مبادئه، وتراجع الاقتصاد والديمقراطية والحريات، وشعوره بحاجة الأجيال الجديدة في تركيا إلى حركة جديدة تعبر عن تطلعاتهم للمستقبل.
وعبر باباجان عن رغبته في إعادة بعض السلطات إلى البرلمان، والعدول عن التعديلات الدستورية الأخيرة التي أدخلت في عام 2017، والتي مكّنت الرئيس رجب طيب إردوغان من إحكام قضبته على البلاد عبر النظام الرئاسي الذي طُبّق العام الماضي. وقال: «ليس من الصحيح استمرار النظام السياسي الحالي... نعمل على إنشاء نظام برلماني مناسب يعطي الأولوية لفصل السلطات ولعمليات التدقيق والتوازنات»، مشيراً إلى أنّ تركيا تعاني من مشكلة فيما يتعلّق بحرية التعبير وقضايا العدالة والاقتصاد.
وعمل باباجان في الحكومة في الفترة التي نما فيها الاقتصاد التركي ثلاثة أضعاف عقب الأزمة المالية في عام 2001، حيث شهدت تركيا طفرة اقتصادية غير مسبوقة، قبل أن تعود لمسار التراجع الذي وصل إلى ذروته، اعتباراً من العام الماضي.
على صعيد آخر، كشف وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، عن أن واشنطن أظهرت للمرة الأولى موقفاً إيجابياً بشأن تزويد تركيا بصواريخ «باتريوت» الأميركية، لكن دون تقديم ضمانات.
وقال جاويش أوغلو، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الصومالي أحمد عيسى عوض، أمس (الأربعاء)، إن «هناك موقفاً إيجابياً للمرة الأولى من الولايات المتحدة، فيما يتعلق بالإنتاج المشترك والتكنولوجيا بشأن منظومة الدفاع الصاروخي (باتريوت)، لكنها لم تقدم ضمانات».
وأضاف أن تركيا «بحاجة إلى أنظمة دفاع جوي جديدة، وفي حال قررت الولايات المتحدة بيع منظومة (باتريوت) فإننا سنشتريها، وليس من الصائب الاعتماد على دولة معينة بهذا الخصوص».
وعن تصريحات وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، التي أعرب فيها عن القلق بشأن التجارب التي أجرتها تركيا، يومي الاثنين والثلاثاء، على منظومة «إس - 400»، قال جاويش أوغلو إننا «لم نشترِ هذا المنتج كي نحتفظ به في المستودع، نحن بحاجة له».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.