الحكومة السودانية تنفي سحب بلاغات «فض الاعتصام»

حمدوك: لا بد من رؤية شاملة لتحقيق السلام في جميع ولايات البلاد

TT

الحكومة السودانية تنفي سحب بلاغات «فض الاعتصام»

نفت الحكومة السودانية سحب البلاغات المقدمة من أسر ضحايا الاحتجاجات التي أسقطت نظام الرئيس السابق عمر البشير، وذلك إثر ذيوع أنباء بأن لجنة التحقيق في أحداث فض الاعتصام سحبت البلاغات من النيابة العامة.
ومنذ أول من أمس، يشهد عدد من أحياء الخرطوم احتجاجات ومظاهرات، على خلفية تداول كثيف في منصات التواصل الاجتماعي للأنباء التي تحدثت عن سحب البلاغات.
في غضون ذلك، أطلع رئيس الحكومة عبد الله حمدوك مجلس وزرائه، في اجتماع، حول زيارته الخارجية إلى دولة إرتيريا ومدينة بورتسودان، على خلفية أحداث العنف التي شهدتها المدينة الساحلية الأسبوعين الماضيين. وقال المتحدث باسم الحكومة، وزير الإعلام فيصل محمد صالح في تصريحات، أمس، إن رئيس الوزراء أكد خلال الاجتماع على أهمية المفاوضات التي تجري بشأن السلام، وأهمية قيامها على ما أسماه «رؤية شاملة لا تستثني أحداً، ولا منطقة في البلاد» لتحقيق حلول استراتيجية لمشاكل البلاد على المدى البعيد.
وأكد صالح استباب الأمن في مدينة بورتسودان بولاية البحر الأحمر، التي شهدت قبل نحو أسبوعين صدامات بين المواطنين استُخدِمت فيها الأسلحة البيضاء، وخلّفت عدداً من القتلى والجرحى. وبحسب المتحدث باسم الحكومة، فإن رئيس الوزراء أجرى لقاءات مع حكومة الولاية واللجان الأمنية والمكونات السياسية والاجتماعية كافة، نتجت عنها هدنة هدأت الأوضاع، وتوصلت الأطراف لعقد اتفاق صلح أهلي يعرف بـ«القلد»، ووضع ترتيبات تحول دون تكرار مثل هذه الأحداث.
من جهته، كشف وزير المالية إبراهيم البدوي للاجتماع زيادة الإنفاق الحكومي على ولايات شرق السودان الثلاث بورتسودان، كسلا، والقضارف، في موازنة عام 2020، وأن يستمر ذلك لخمس سنوات لتتساوى في مستويات التنمية مع بقية ولايات البلاد.
وأرجع البدوي نشوب الصدامات بين المكونات القبلية إلى تردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع معدلات الفقر في ولايات شرق البلاد، موضحاً أن مواجهة مثل هذه التحديات تتطلب «تمييزاً إيجابياً لولايات الشرق»، إضافة لتوظيف الخبراء والأكاديميين لبحث جذور وأسباب الصراعات وتوفير الحلول العلمية لها.
وقال المتحدث باسم الحكومة إن زيارة رئيس الوزراء إلى إريتريا كان الهدف منها فتح أبواب الحوار بين البلدين، والتأكيد على نهج الحكومة الانتقالية في التعاون مع كل دول الجوار وعملها من أجل تحقيق الاستقرار في الإقليم.
وأشار صالح إلى المباحثات التي أجراها وزير الداخلية، الفريق شرطة الطريفي إدريس، مع نظيره الإريتري لرفع مستوى التعاون بين البلدين في مكافحة الاتجار بالبشر والتهريب والقضايا الحدودية، وتوصل الطرفان خلال المباحثات إلى اتفاق يقضي بأن تدرب الشرطة السودانية نظيرتها الإثيوبية.
ونفى صالح أن يكون كل من النائب العام ورئيس لجنة التحقيق المستقلة في فض اعتصام القيادة العامة، قد سحبا بلاغات شهداء ثورة ديسمبر (كانون الأول) من النيابات، وأن عمل اللجنة في جمع المعلومات حول أحداث فض الاعتصام لا يستدعي سحب البلاغات. وكشف عن عقد اجتماع مشترك بين مجلس الوزراء ومجلس السيادة لإجازة القوانين، التي أجازها مجلس الوزراء أول من أمس، قائلاً إن «اجتماع المجلسين سيناقش مشروعات القوانين، وهي قابلة للإضافة والتعديل، قبل إجازتها من المجلسين».
واعتمد مجلس الوزراء في اجتماع استثنائي، أول من أمس، مشروعات قوانين تفكيك النظام المعزول، والنظام العام، وإصلاح المنظومة القانونية والعدلية، وأجرى تعديلات على المشروعات المقدمة من وزير العدل.
من جانبه، شرع وزير الإعلام في إعادة هيكلة وزارته لتلافي الترهل وتداخل الاختصاصات الذي أضعف الأداء العام للوزارة، وقال إن الهيكلة ستتم وفقاً للضوابط التنظيمية والوظيفية المتبعة في الوزارات الحكومية، وتهدف إلى وضع هيكل رشيق يؤدي مهام الوزارة وفقاً لمتطلبات المرحلة. وينتظر أن تتضمن الهيكلة دمج الإدارات المتشابهة في قطاعي الثقافة والإعلام، فضلاً عن القضاء على التشوهات في التعيينات والترقيات، واستحداث إدارات جديدة وفقاً لمهام الوزارة.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».