غواية الانقلابات... وجنون العظمة لجنرالات البلاغ رقم 1

فؤاد مطر يكتب عن «عسكر سوريا... وأحزابها»

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
TT

غواية الانقلابات... وجنون العظمة لجنرالات البلاغ رقم 1

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

في ضوء الذي جرى في كل من السودان والجزائر وما يحدث الآن في كل من لبنان والعراق، أخرج الكاتب والمؤلف فؤاد مطر من إضباراته أوراقاً كان بدأ قبْل نحو نصف قرن تحبير وقائع وأفكار عليها حول الانقلاب العسكري الأول في العالم العربي الذي كان المحفِّز أو الملهم لمزيد من الانقلابات العسكرية، وهو انقلاب حسني الزعيم في سوريا عام 1949، الذي استلهم محاولة انقلاب خجولا قام بها الفريق بكر صدقي الكردي العراقي أباً وأماً، عام 1936.
هذه الأوراق شكلت كتاب مطر الجديد «عسكر سوريا.. وأحزابها - غواية الانقلابات والتقلبات والولاءات الحنظلية ودراميديا الثعلبة وجنون العظمة لجنرالات البلاغ رقم 1»، الصادر عن (الدار العربية للعلوم - ناشرون) في 296 صفحة من القطع الكبير. وهو يتضمن إلى جانب فصوله التي تسرد الوقائع وتحلل ظروفها وتضيء على الرموز الانقلابية والحزبية، عشرات الصور التاريخية والحدثية فضلاً عن الوثائق التي ترتبط بالأحداث المتلاحقة.
في تقديمه للكتاب يكتب الصحافي رياض نجيب الريس مستحضراً زمن والده الراحل نجيب الريس منشئ وناشر صحيفة «القبس» والشاهد على الزمن الانقلابي السوري: «هذا الكتاب محطة صغيرة من محطات التاريخ السوري الحديث، ومحطة لم توثَّق كما يجب، رغم أن أرشيف العالم قد فُتح أمام المؤرخين والباحثين. وما قام به فؤاد مطر، علامة مميزة لموضوع كان سبباً أساسياً فيما وصل إليه العالم العربي اليوم، واستمرت تداعياته عبْر أكثر من نصف قرن على أحداث هذه الأمة. أتمنى ألاّ يكون الزميل العزيز فؤاد مطر قد ظنّ أنني سأضيف أشياء جديدة إلى ما عنده من قديم. كم واحداً منا نحن صحافيي هذا الزمان العربي الرديء يملك دأب فؤاد مطر وعزيمته وجهده في مختلف مجالات اهتماماته العربية ورفْده المكتبة العربية حتى الآن بثلاثة وثلاثين كتاباً تجمع مضامينها بين التحليل والتوثيق لحقبة عربية مبهرة يحزن المرء مثل حالنا كصحافيين جابوا الديار العربية من أقصاها إلى أقصاها، على خسوفها. هناك قول إنجليزي، وأنا وفؤاد في الثمانين من العمر، أن (لا وطن للمسنين) من أمثالنا. وأنا أقول: نحن وطننا القلم والورق والذاكرة قبْل أن تبهت ألوانها وتزداد ثقوبها».
وفي توضيح دواعي وظروف تأليفه للكتاب يقول فؤاد مطر: «إن الانقلابات العسكرية كانت مغامرات جنرالات وعقداء ورواد حنظلية في محصلتها النهائية وعادت على البلاد والعباد بما لم يخدم الاستقرار. وأنا في تركيزي بالذات على الظاهرة الانقلابية في سوريا فلأن الانقلاب الذي قام به الزعيم حسني الزعيم كان نموذجاً للانقلاب الذي يصمد لبعض الزمن ويعكس المشاعر الدفينة غير الودية من جانب العسكر ضد المدنيين وأحزابهم. كما أن هذا الانقلاب الذي حاولتُ قدْر الإمكان الإحاطة بالممكن والمتيسر من وقائعه وما تلاه من انقلابات كان بمثابة إطلاق الإشارة لعساكر الأمة من أجْل أن يتقاسموا الحُكْم مع أهل السياسة، أو إذا أمكنهم الاستفراد بها، وتحويل رموز المجتمع السياسي إلى سلطات تنفيذية لهم. وأما واجب الحفاظ على السيادة ورد الأذى الخارجي عن الأوطان فتلك مسألة فيها نظر. مع الأمل بأن يفيد هذا الكتاب الآلاف من أبناء جيليْن لم يتسنَ لهم الإحاطة بظاهرة حدثت في زمن الأجداد وقاسى من تداعياتها الآباء وأصيبت البلاد بالكثير من الويلات، بدليل أن غواية الانقلابات والتقلبات والولاءات وحالات جنون العظمة لدى بعض جنرالات تلك الحُقب الحنظلية كانت دراميديا، أي مزيج من الدراما السوداء بالكوميديا الأقرب إلى التهريج، بدأت في سوريا ولا تندثر... وكأنما كانت بداية حالة لا نهاية لها. أعان الله الأمة من هذه الغواية».
وفي تقييمه للكتاب والمؤلف يكتب الدكتور خليل أحمد خليل: «بالوثائق والصور؛ حيث كلُّ صورة بألف كلمة وكلمة، يستكملُ صادقُ عصرِنا، فؤاد مطر، تأصيلَ حديقته الفكرية، من زاوية التراجيكوميديا الانقلابية كما استنبطها واستذكرها في المدار السُّوري. وهنا حيثُ التاريخ جغرافيا بالمقلوب، يصحُّ القول عن الجغرافيا السياسية العربية المعاصرة إنها تاريخ بالمقلوب»!


مقالات ذات صلة

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

يوميات الشرق «معرض جدة للكتاب 2024» يستقبل زواره حتى 21 ديسمبر الجاري (هيئة الأدب)

انطلاق «معرض جدة للكتاب» بمشاركة 1000 دار نشر

انطلقت، الخميس، فعاليات «معرض جدة للكتاب 2024»، الذي يستمر حتى 21 ديسمبر الجاري في مركز «سوبر دوم» بمشاركة نحو 1000 دار نشر ووكالة محلية وعالمية من 22 دولة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
كتب الفنان المصري الراحل محمود ياسين (فيسبوك)

«حياتي كما عشتها»... محمود ياسين يروي ذكرياته مع الأدباء

في كتاب «حياتي كما عشتها» الصادر عن دار «بيت الحكمة» بالقاهرة، يروي الفنان المصري محمود ياسين قبل رحيله طرفاً من مذكراته وتجربته في الفن والحياة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب «عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

«الشرق الأوسط» (الدمام)
كتب «البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

«البؤس الأنثوي» بوصفه صورة من «غبار التاريخ»

في كتابه الأحدث «البؤس الأنثوي... دور الجنس في الهيمنة على المرأة»، يشير الباحث فالح مهدي إلى أن بغيته الأساسية في مباحث الكتاب لم تكن الدفاع المباشر عن المرأة

محمد خضير سلطان
خاص الكاتب الغزي محمود عساف الذي اضطر إلى بيع مكتبته لأحد الأفران (حسابه على «فيسبوك»)

خاص غزة تحرق الكتب للخبز والدفء

يعاني سكان قطاع غزة، خصوصاً في شماله، من انعدام تام لغاز الطهي، الذي يُسمح لكميات محدودة منه فقط بدخول مناطق جنوب القطاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر
TT

«عورة في الجوار»... رواية جديدة لأمير تاجّ السِّر

«عورة في الجوار»... رواية  جديدة لأمير تاجّ السِّر

بالرغم من أن الرواية الجديدة للكاتب السوداني أمير تاج السر تحمل على غلافها صورة «كلب» أنيق، فإنه لا شيء في عالم الرواية عن الكلب أو عن الحيوانات عموماً.

هي رواية تتنقل بخفة ولغة ساخرة بين المعاناة والحب والسياسة والفانتازيا والأساطير، تحمل اسم «عورة في الجوار»، وسوف تصدر قريباً عن دار «نوفل» للنشر والتوزيع، وتقع في 140 صفحة.

عن عوالمها وفضائها السردي، يقول تاج السرّ لـ«الشرق الأوسط»: «تروي هذه الرواية التحولات الاجتماعية، وحياة الريف المكتنز بالقصص والأساطير، وانتقال البلد إلى (العصرنة) والانفتاح ورصد التأثيرات الثقافيّة التي تهبّ من المدن إلى الأرياف، لكنها ترصد أيضاً تأثير الأوضاع السياسية المضطربة في السودان على حياة الناس العاديين وما تسببه الانقلابات العسكرية من معاناة على السكان المحليين، خاصة في الأرياف... إلى جانب اهتمامها بتفاصيل الحياة اليومية للناس، في سرد مليء بالفكاهة السوداء».

حمل غلاف الرواية صورة الكلب، في رمزية مغوية إلى بطل الرواية، الذي كان الناس يطلقون عليه لقب «كلب الحرّ» كتعبير عن الشخص كثير التنقلّ الذي لا يستقرّ في مكان. كان كثير التنقّل حيث يعمل سائق شاحنة لنقل البضائع بين الريف والعاصمة وبقية المدن، والزمان هو عام 1980، وفي هذا الوقت يلتقي هذا السائق، وكان في العشرينات من عمره بامرأة جميلة (متزوجة) كانت تتبضع في متجر صغير في البلدة التي ينحدرُ منها، فيهيمُ فيها عشقاً حتى إنه ينقطع عن عمله لمتابعتها، وتشمم رائحتها، وكأنها حلم من أحلام الخلود.

وعن الريف السوداني الذي توليه الرواية اهتماماً خاصاً، ليس كرحم مكاني فحسب، إنما كعلاقة ممتدة في جسد الزمان والحياة، مفتوحة دائماً على قوسي البدايات والنهايات. يتابع تاج السر قائلاً: «الريف السوداني يلقي بحمولته المكتنزة بالقصص والأساطير حتى الفانتازيا في أرجاء الرواية، حيث ترصد الرواية ملامح وعادات الحياة الاجتماعيّة... لتنتقل منها إلى عالم السياسة، والانقلابات العسكرية والحروب الداخلية، حيث تسجل صراعاً قبلياً بين قبيلتَين خاضتا صراعاً دموياً على قطعة أرض زراعية، لا يتجاوز حجمها فداناً واحداً، لكنّ هذه الصراعات المحلية تقود الكاتب إلى صراعات أكبر حيث يتناول أحداثاً تاريخيّة كالوقائع العسكريّة والحروب ضدّ المستعمِر الإنجليزي أيّام المهدي محمد أحمد بن عبد الله بن فحل، قائد الثورة المهديّة، ومجاعة ما يعرف بـ(سنة ستّة) التي وقعت عام 1888، حيث تعرض السودان عامي 1889 – 1890 إلى واحدة من أسوأ المجاعات تدميراً».

وعلى الصعيد الاجتماعي، ترصد الرواية الغزو الثقافي القادم من المدن إلى الأرياف، وكيف استقبله الناس، خاصة مع وصول فرق الموسيقى الغربية، وظهور موضة «الهيبيز»، وصولاً إلى تحرر المرأة.

رواية جديدة تتنقل بخفة ولغة ساخرة بين المعاناة والحب والسياسة والفانتازيا والأساطير، سوف تصدر قريباً عن دار «نوفل» للنشر.

يشار إلى أن أمير تاج السر روائي سوداني ولد في السودان عام 1960، يعمل طبيباً للأمراض الباطنية في قطر. كتب الشعر مبكراً، ثم اتجه إلى كتابة الرواية في أواخر الثمانينات. صدر له 24 كتاباً في الرواية والسيرة والشعر. من أعماله: «مهر الصياح»، و«توترات القبطي»، و«العطر الفرنسي» (التي صدرت كلها عام 2009)، و«زحف النمل» (2010)، و«صائد اليرقات» (2010)، التي وصلت إلى القائمة القصيرة للجائزة العالمية للرواية العربية عام 2011، تُرجمَت أعماله إلى عدّة لغات، منها الإنجليزيّة والفرنسيّة والإيطاليّة والإسبانيّة والفارسيّة والصينيّة.

نال جائزة «كتارا» للرواية في دورتها الأولى عام 2015 عن روايته «366»، ووصلتْ بعض عناوينه إلى القائمتَين الطويلة والقصيرة في جوائز أدبيّة عربيّة، مثل البوكر والشيخ زايد، وأجنبيّة مثل الجائزة العالميّة للكتاب المترجم (عام 2017 بروايته «العطر الفرنسي»، وعام 2018 بروايته «إيبولا 76»)، ووصلت روايته «منتجع الساحرات» إلى القائمة الطويلة لجائزة عام 2017.

صدر له عن دار «نوفل»: «جزء مؤلم من حكاية» (2018)، «تاكيكارديا» (2019) التي وصلتْ إلى القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب (دورة 2019 – 2020)، «سيرة الوجع» (طبعة جديدة، 2019)، «غضب وكنداكات» (2020)، «حرّاس الحزن» (2022). دخلت رواياته إلى المناهج الدراسيّة الثانويّة الإماراتيّة والبريطانيّة والمغربية.