قطاع الأعمال الخليجي يواجه تحديات تعزيز النزاهة ومكافحة الممارسات المشبوهة

رغم كل الجهود التي تقوم عليها حكومات بلدان دول مجلس التعاون فإن قطاع الأعمال الخليجي يواجه جملة من التحديات المرتبطة بالنزاهة ومكافحة الممارسات المشبوهة في مجالات وأنشطة اقتصادية عديدة بينها سلاسل القيمة، إذ أفصح تقرير رصدي قامت به منظمة دولية مستقلة، أن التطورات في مجال الأعمال الحديثة دفعت لمزيد من تحديات مواجهة الفساد في منطقة تعد الأكثر حراكاً تجارياً واقتصادياً في الشرق الأوسط.
وأشار تقرير لمبادرة «بيرل»، وهي منظمة مستقلة غير ربحية تعمل على تحسين المساءلة والشفافية المؤسسية في منطقة الخليج، إلى أن مجال سلاسل القيمة يعد أحد التحديات التي يتعين على الشركات أن تتأكد فيه من نزاهة الشركاء والموردين والعملاء، موضحاً أن التحديات تتزايد على شريحة الشركات الصغيرة، مشدداً على ضرورة التسلح بالموارد الكفيلة بقنوات الإبلاغ عن المخالفات وتعزيز جهود القطاع الخاص لمواكبة التغييرات التنظيمية والتشريعية التي تدعم إجراءات محاربة الممارسات غير المشروعة وغير الملائمة في قطاع الأعمال.
ولفت التقرير إلى أن بلدان الخليج، على صعيد الحكومات، قطعت أشواطاً كبيرة في وضع تعاريف أفضل للفساد والسلوكيات غير المشروعة في القوانين ذات الصلة بما في ذلك لوائح مكافحة الفساد وغسل الأموال والمشتريات، بيد أن أثر هذا القوانين –وفقاً للتقرير- لا يزال متبايناً، حيث إن عناصر في التشريعات وجوانب في بعضها، لا تنظر إلى سلوكيات كتقديم الهدايا على أنها مخالفة للقوانين المعمول بها.
ويرى التقرير أن المخاطر المرتبطة بالفساد تمثل مصدر قلق في بعض البلدان بمنطقة الخليج، الأمر الذي يدفع إلى تحسين ممارسات نزاهة الأعمال في القطاع الخاص ويعزز أهمية جذب الاستثمارات وتوطيد الروابط الاقتصادية للشركات في منطقة الخليج.
ويرى التقرير الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن معظم بلدان المنطقة تحتاج إلى مواصلة السعي نحو وضع وإنفاذ تشريعات مكافحة للرشوة وما يرتبط بها من قواعد تخص مكافحة غسل الأموال والتمويل غير المشروع، مفيدةً بأنه من بين تحديات إنفاذ التشريعات الحالية فاعلية منظومة المحاكم ووجود آليات للمساعدة في تحديد المخالفات.
وتؤكد منظمة «بيرل» –التي تتخذ من الإمارات العربية المتحدة مقراً لها– أنه بإمكان مؤسسات الأعمال في الخليج تحسين النظرة لجودة بيئة الأعمال وممارسة النزاهة لديها إذا تمكنت من هدف ترسيخ ثقافة النزاهة في جميع أنحاء هياكلها التنظيمية، مبينةً في الوقت ذاته أن الجهات في قطاع الأوراق المالية والمصارف المركزية الحكومية كرّست جهوداً فعالة لمراجعة أداء الشركات وتقييم امتثالها للقوانين واللوائح.
ودعت المنظمة المديرين التنفيذيين ومجال الإدارات في الشركات والقطاع الخاص إلى متابعة التطورات القانونية والتنظيمية على الصعيد الدولي والمحلي وكذلك التقييم المستمر من جانبهم لمصادر المخاطر المرتبطة بالنزاهة التي تواجهها مؤسساتهم ووضع أطر العمل المنافسة لمعالجتها.
وحسب استبيان للمديرين التنفيذيين أجرته منظمة التعاون والتنمية قبل ثلاث سنوات وشمل مديرين من بلدان الخليج، فإن النزاهة تكتسب المزيد من الأولوية وتشهد زيادة في الإنفاق عليها، حيث أشارت 80% من العينة المشاركة إلى الجهود التي كرّستها مجالس إدارات الشركات التي يعملون ضمنها لوضع سياسة واضحة، فيما قدر 20% أن الميزانية المرصودة زادت من 25% إلى 50% على مدى السنوات الخمس السابقة.
ومعلوم أن دول الخليج منذ قرابة عقد من الزمن بدأت في سن التشريعات المباشرة لتنظيم الحوكمة ومكافحة الفساد وتأسيس أجهزة حكومية معنية بتعزيز النزاهة في القطاعين العام والخاص.