البرلمان العراقي يتجه لتشريع قانون انتخابي جديد

وسط استمرار الجدل حول الانتخاب الفردي أو بالقوائم

TT

البرلمان العراقي يتجه لتشريع قانون انتخابي جديد

في وقت يتجه البرلمان العراقي إلى تشريع قانون انتخابات جديد في مسعى أخير لإرضاء الشارع الغاضب أعلن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي أنه يؤيد قانون انتخابات على أساس فردي وليس طبقا للقوائم. وأكد الحلبوسي في مؤتمر صحافي عقده أمس داخل مبنى البرلمان، بالتزامن مع بدء النواب قراءة مشروع قانون الانتخابات قراءة ثانية، على ضرورة العمل من أجل استعادة ثقة الشارع العراقي بالعملية السياسية.
وقال الحلبوسي إن «الوضع الراهن يتحتم علينا ألا نقف عند مصلحة أي حزب لكوننا أمام قضية وطن». وشدد على «العمل من أجل إعادة الثقة بين الشارع العراقي والعملية السياسية»، مؤكداً على «أهمية المضي بتشريع قانوني انتخابات مجلس النواب والمفوضية العليا للانتخابات». وأضاف أن «جدول الأعمال لجلسة اليوم (أمس الاثنين) يتضمن قانوني انتخابات مجلس النواب ومفوضية الانتخابات، ونعتقد أن هذه القوانين سترسم خريطة طريق لمشهد سياسي أكثر وثوقا للشعب العراقي، وإعادة الثقة بين الشعب والعملية السياسية بوضوح وصراحة». وتابع أن «القانون المطروح حاليا لانتخابات مجلس النواب يتضمن 50 في المائة قوائم فردية وأخرى 50 في المائة قوائم انتخابية مع خصوصية لبعض المحافظات خاصة منها التي تعرضت لاحتلال (داعش) الإرهابي وعدم عودة النازحين». وأردف الحلبوسي «شخصيا أدعم أن يكون الانتخاب فرديا لكل أبناء الشعب العراقي وأن تكون نسبة 100 في المائة هي لمرشحين فرديين ونراعي الخصوصية التي تعالج بعض الحالات في المحافظات». وبشأن مهلة الـ45 يوماً التي منحتها بعض الكتل للحكومة، قال الحلبوسي: «لا نحكم أنفسنا بتوقيتات زمنية قد تكون أقل من ذلك لكن بعض القوانين تحتاج إلى رؤية واسعة لإشباع المناقشات وأخذ آراء المختصين ليكون الموعد أقرب أو أقل من المحدد قليلا».
وعن تقليص عدد أعضاء مجلس النواب، قال الحلبوسي إن «الحاكم هو الدستور وهذا واضح في الفقرة التي تتحدث عن تمثيل لكل فائز 100 ألف نسمة ورأي القوى السياسية في لجنة التعديلات الدستورية مع تقليل عدد أعضاء مجلس النواب من خلال الإجراءات الدستورية والقانونية».
إلى ذلك بحث الحلبوسي مع زعيم كتلة الفتح، هادي العامري، وعدد من قادة الكتل السياسية القضايا التي تخص قانوني الانتخابات ومفوضية الانتخابات. وطبقا لمصدر برلماني فإن «الاجتماع تناول الأوضاع التي تشهدها البلاد والاحتجاجات وقضايا المظاهرات في عموم العراق».
من جهته، قال عضو البرلمان عن تحالف القوى العراقية عبد الله الخربيط في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إنه «برغم كل ما يعلن من كلام حول جدية الكتل السياسية في إقرار قانون عادل للانتخابات يرضي الشارع الغاضب لكن في حقيقة الأمر هي تريد تشريع قانون ينسجم مع ما تريد هي لا ما يريده الشارع»، مبينا أن «الكتل السياسية ليست جادة في إحداث تغيير جدي سواء على صعيد القانون أو المفوضية التي يراد استبدالها حيث سيتم استبدال شخصياتها بواسطة آخرين مع بقاء الكوادر الوسطى المؤدلجة كما هي، علما بأن هذه الكوادر هي من تقوم بعمليات التزوير».
من جهته يرى النائب السابق والقيادي في حزب تقدم، حيدر الملا، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المبدأ العام في تشريع قوانين استراتيجية ومهمة في وضع ملتهب غير صحيح، حيث إن الذهاب إلى دوائر متعددة ينطوي على جوانب إيجابية وأخرى سلبية، حيث إن الإيجابي فيها هي أنها تضعف الكثير من نفوذ الأحزاب». وأضاف الملا أن «الجانب السلبي في الأمر هو أننا نتحدث عن سلطة اتحادية ترسم استراتيجيات عامة للدولة، بينما نأتي بمن يمكن أن يمثل عقليات محلية إلى البرلمان وهذا أمر غير صحيح، يضاف إلى ذلك أن أمر تشكيل الحكومة سوف يكون في غاية التعقيد لأنهم ليسوا أحزابا يمكن أن تتفاهم بل هم أفراد وقد يصعب جمعهم عند تصور معين». وأوضح أن «النظام السياسي الآن كله هو موضع نقاش طبقا لما يدور اليوم في لجنة التعديلات الدستورية، وبالتالي يصعب الحديث عن مخرجات انتخابية لنظام سياسي هو كله الآن موضع بحث ونقاش، وهو ما يعني أننا لو قررنا الذهاب إلى نظام شبه رئاسي سنحتاج الذهاب إلى قانون انتخابي آخر يختلف عن القانون الحالي الذي يتعلق بنظام برلماني اتحادي»، موضحا أنه «حتى لو بقينا في نفس صيغة النظام الحالي فإننا نحتاج إلى تعديل دستوري يتعلق بالغرفة الثانية للبرلمان وهي مجلس الاتحاد الذي لم يشرع حتى الآن وبالتالي فإن تعديل هذه الفقرة أمر مهم، وأي حديث عن قانون انتخابي قبل الحديث عن التعديلات الدستورية ليس أكثر من عبث في المنطق التشريعي».



هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

TT

هل يشغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة العربية؟

مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)
مقرّ جامعة الدول العربية في القاهرة (الشرق الأوسط)

تزامناً مع الاستعداد لزيارة وفد من جامعة الدول العربية إلى دمشق خلال أيام، أثيرت تساؤلات بشأن ما إذا كان قائد الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع سيشغل مقعد بلاده في اجتماعات الجامعة المقبلة.

وأعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، في تصريحات متلفزة مساء الأحد، أنه «سيزور العاصمة السورية دمشق خلال أيام على رأس وفد من الأمانة العامة للجامعة لعقد لقاءات من الإدارة السورية الجديدة وأطراف أخرى؛ بهدف إعداد تقرير يقدم للأمين العام، أحمد أبو الغيط، وللدول الأعضاء بشأن طبيعة التغيرات في سوريا».

وكانت «الشرق الأوسط» كشفت قبل أيام عن عزم وفد من الجامعة على زيارة دمشق بهدف «فتح قناة اتصال مع السلطات الجديدة، والاستماع لرؤيتها»، وفقاً لما صرح به مصدر دبلوماسي عربي مطلع آنذاك.

وخلال تصريحاته، عبر شاشة «القاهرة والناس»، أوضح زكي أنه «قبل نحو ثلاثة أيام تواصلت الجامعة العربية مع الإدارة السورية الجديدة لترتيب الزيارة المرتقبة».

وبينما أشار زكي إلى أن البعض قد يرى أن الجامعة العربية تأخرت في التواصل مع الإدارة السورية الجديدة، أكد أن «الجامعة ليست غائبة عن دمشق، وإنما تتخذ مواقفها بناءً على قياس مواقف جميع الدول الأعضاء»، لافتاً إلى أنه «منذ سقوط نظام بشار الأسد لم يحدث سوى اجتماع واحد للجنة الاتصال العربية المعنية بسوريا منتصف الشهر الماضي».

وأوضح الأمين العام المساعد أن «الجامعة العربية طلبت بعد ذلك بأسبوع اجتماعاً مع الإدارة السورية الجديدة»، وقال: «نقدّر الضغط الكبير على الإدارة الجديدة، وربما عدم وجود خبرات أو أفكار كافية لملاحقة مثل هذه الطلبات».

وعقدت لجنة الاتصال الوزارية العربية المعنية بسوريا اجتماعاً بمدينة العقبة الأردنية، في 14 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أكدت خلاله الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الانتقالية.

وحول الهدف من الزيارة، قال زكي: «هناك دول عربية تواصلت مع الإدارة الجديدة، لكن باقي أعضاء الجامعة الـ22 من حقهم معرفة وفهم ما يحدث، لا سيما أنه ليس لدى الجميع القدرة أو الرغبة في التواصل». وأضاف أن «الزيارة أيضاً ستتيح الفرصة للجانب السوري لطرح رؤيته للوضع الحالي والمستقبل».

ولن تقتصر زيارة وفد الجامعة إلى سوريا على لقاء الإدارة الجديدة، بل ستمتد لأطراف أخرى فصَّلها زكي بقوله: «سنلتقي أي أطراف من المجتمع المدني والقيادات الدينية والسياسية». لكنه في الوقت نفسه نفى إمكانية لقاء «قسد»، وقال «(قسد) وضعها مختلف، كما أنها بعيدة عن العاصمة، حيث ستقتصر الزيارة على دمشق».

ومنذ إطاحة نظام بشار الأسد، في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، تسعى الإدارة السورية الجديدة إلى طمأنة الدول العربية والمجتمع الدولي. وفي هذا السياق، تواصلت دول عربية عدة مع الإدارة الجديدة، سواء عبر زيارات رسمية أو وفود برلمانية واستخباراتية أو اتصالات هاتفية.

وهو ما وصفه رئيس وحدة الدراسات العربية والإقليمية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور محمد عز العرب، بـ«الانفتاح العربي». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اختيار وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني للسعودية أولى محطاته الخارجية يعدّ تأكيداً على رغبة دمشق في تعميق علاقتها العربية، لا سيما مع حاجتها إلى دعمها من أجل رفع العقوبات عن البلاد وإعادة إعمارها».

وأكد عز العرب أن «زيارة وفد الجامعة العربية المرتقبة إلى دمشق ستعمّق العلاقات العربية - السورية، في سياق انفتاح متبادل بين الجانبين».

واتفق معه أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور أحمد يوسف أحمد، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الجامعة العربية تتحرك بما يتلاءم مع توجهات أعضائها أو على الأقل الدول الوازنة فيها».

هذا الانفتاح العربي يأتي إيماناً بأن «سوريا دولة كبيرة ومهمة»، بحسب الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، الذي قال: «سوريا تحتاج إلى كل الدعم العربي السياسي والمادي»، مضيفاً: «قد يكون الوضع غير مرضٍ للبعض، ويمكن تفهم هذا، لكن الشأن السوري أمر مرتبط بالسوريين أنفسهم إلى أن يبدأ في التأثير على دول قريبة».

وأضاف: «سوريا تمر بمرحلة جديدة، لكتابة التاريخ بأيدي مواطنيها، وعلى الدول العربية مدّ يد العون لها».

وبشأن شغل الشرع مقعد سوريا في الجامعة، قال زكي إن «القرار بيد الدول العربية وليس الأمانة العامة»، موضحاً أنه «لو كانت سوريا غير ممثلة ومقعدها شاغر كان من الممكن بحث عودتها الآن وربما وضع بعض المطالب لتحقيق ذلك».

وأضاف: «الواقع يقول إن سوريا موجودة في الجامعة وتشغل مقعدها، أما من يمثلها في هذا المقعد فهو أمر سوري في الأساس. عند تغيير الحكم في أي دولة يمثل الحكم الجديد بلده في المنظمة». لكن زكي أشار في الوقت نفسه إلى أن «هناك أموراً تتعلق بتمثيل شخص معين للدولة، وهنا قد يكون الأمر مرتبطاً بمجلس الأمن، حيث إن هناك قرارات تخصّ التنظيم الذي يرأسه الشرع لا بد من التعامل معها بشكل سريع وسلس».

وقال: «سوريا دولة كبيرة وما يحدث لها يعني العرب، ونظام الحكم الحالي غير النمطي قد لا يسهل الانفتاح عليه، لكن في النهاية دولة بهذه التركيبة لا يمكن أن تترك من جانب العرب».

وأقرّ مجلس وزراء الخارجية العرب في اجتماع طارئ عقد في القاهرة في 7 مايو (أيار) 2023 عودة سوريا لمقعدها بالجامعة، منهياً قراراً سابقاً بتعليق عضويتها صدر في نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، بعد 8 أشهر من اندلاع الاحتجاجات في سوريا.

بدوره، قال الكاتب والباحث السياسي السوري، غسان يوسف، لـ«الشرق الأوسط» إن «الإدارة الحالية هي التي تقود العملية السياسية في سوريا، وهي سلطة الأمر الواقع، وأي اجتماع في الجامعة العربية سيحضره من يمثل هذه الإدارة لأنه ليس هناك بديل آخر الآن».

بينما أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة إن «شغل الشرع لمقعد بلاده يتطلب اعترافاً من الجامعة العربية بالإدارة الجديدة، فالتواصل الذي حدث حتى الآن لا يعني بالضرورة اعترافاً به». وأشار إلى أن «الأمر قد يرتبط أيضاً بقرارات مجلس الأمن بهذا الشأن وما إذا كان سيسقط تكييف (الإرهاب) عن (هيئة تحرير الشام)».

لكن أحمد أشار إلى أن «الانفتاح العربي الحالي قد يحل المسألة، لا سيما مع وجود سوابق تاريخيّة اعترفت فيها الجامعة بحكم انتقالي كما حدث في العراق عام 2003».

وفي سبتمبر (أيلول) عام 2003 أعلنت الجامعة العربية، عقب اجتماع على مستوى وزراء الخارجية، الموافقة على شغل مجلس الحكم الانتقالي العراقي مقعد بلاده في الجامعة بصورة مؤقتة إلى حين قيام حكومة شرعية في بغداد.

وأعرب عز العرب عن اعتقاده أن «الفترة المقبلة ستشهد رفعاً للعقوبات الدولية عن سوريا، وتعزيزاً لشرعية الإدارة الجديدة».

وبينما أكد غسان يوسف أن «العقوبات لم ترفع عن سوريا حتى الآن»، أبدى تفاؤلاً بـ«إمكانية تغير الوضع مع عقد مؤتمر الحوار الوطني في سوريا الذي سيعطي مشروعية للحكومة».

وكانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف سابقاً باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت علاقتها به عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما أن قائدها أحمد الشرع، وكان وقتها يكنى «أبو محمد الجولاني» مدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.