بيروت تفيق على آثار مواجهات الليل

متظاهرون يروون لـ«الشرق الأوسط» لحظات الاعتداء عليهم

شرطة مكافحة الشغب تشتبك مع متظاهرين يسدون طريقاً في بيروت (أ.ب)
شرطة مكافحة الشغب تشتبك مع متظاهرين يسدون طريقاً في بيروت (أ.ب)
TT

بيروت تفيق على آثار مواجهات الليل

شرطة مكافحة الشغب تشتبك مع متظاهرين يسدون طريقاً في بيروت (أ.ب)
شرطة مكافحة الشغب تشتبك مع متظاهرين يسدون طريقاً في بيروت (أ.ب)

بدموع وحسرة، يروي نزيه خلف كيف هاجم أنصار «الثنائي الشيعي»، المتمثل بـ«حزب الله» وحركة «أمل»، خيم المحتجين في ساحات وسط بيروت، ليل أول من أمس، حاملين شعار الإمام الحسين وأعلام الحزبين. يقول خلف، وهو أحد المعتصمين الذين كانوا موجودين في موقف العازرية لحظة الاعتداء، إن «المشهد كان مخيفاً جداً، والأصعب أنني كنت أحاول إسعاف صديقة عانت من هبوط سكر الدم لديها من شدة الخوف الذي اعتراها، لكنني لم أتمكن من فعل شيء بسبب هجوم الشبان».
ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «جل ما عرفناه بعد أن أقدم المتظاهرون على قطع طريق جسر الرينغ، وهو أحد الشوارع المؤدية إلى وسط بيروت، أن هناك مجموعة من الشبان الذين يرفعون رايات الحزب والحركة استفزهم، بحسب ما قيل، شتم أحد المتظاهرين لأمين عام الحزب حسن نصر الله، وقد تمّ طرده من بين المتظاهرين الذين رفضوا توجيه الشتائم، ليتضح لنا لاحقاً أنه توجه إلى حيث يوجد شبان الخندق الغميق، وهو شارع مقابل الرينغ تقطنه عائلات من الطائفة الشيعية، الذين ينتظرون شرارة للانقضاض على المتظاهرين، وهذا ما حصل بالفعل، لتشهد المنطقة بعدها كراً وفراً بين الشبان والقوى الأمنية التي وقفت حاجزاً بينهم وبين المتظاهرين».
لكن في ساعات الصباح الأولى من يوم أمس، سرعان ما تبدل مشهد وسط بيروت، لا سيما مبنى موقف العازرية الذي كانت له الحصة الكبرى في تكسير وتخريب الخيم.
هنا، الشبان يعيدون تركيب خيمة «شباب الحوار» التي تم تكسيرها للمرة الثانية منذ بدء التحركات الشعبية، إذ إنها ليست المرة الأولى التي يتم فيها الاعتداء على خيم المتظاهرين من قبل أنصار الحزب والحركة، والأمر نفسه بالنسبة إلى خيمة «بدنا وطن» التي حاولوا إحراقها وتكسيرها، وغيرها من الخيم التي تجري إعادة نصبها.
أما في ساحة رياض الصلح، فلم يتمكن سوى قلة من الشبان المهاجمين من الوصول قرب خيمة حراك بعلبك الهرمل (المدني)، التي تعرضت بدورها لمحاولة الحرق والتكسير، لكن القوى الأمنية حالت دون تكسيرها بالكامل، بحسب ما أفاد به شبان معتصمون في خيمهم.
ويقول محمد، وهو أحد المعتصمين في الشارع المؤدي إلى رياض الصلح، لـ«الشرق الأوسط» إن «القوى الأمنية حولت المنطقة إلى ساحة أمنية من أجل حماية المتظاهرين، ومنع الشبان من التخريب». وتشير هدى، وهي إحدى المتظاهرات اللواتي يبتن في الساحة يومياً منذ أكثر من أسبوع، إلى أن «المشهد كان مرعباً لدرجة أننا ودعنا بعضنا، أنا ورفاقي، لا سيما عندما تم رمي قنبلة، فشعرنا وكأن الحرب الأهلية عادت من جديد».
وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «اختبأت أنا وشابات عند مدخل كراج في ساحة رياض الصلح، في الوقت الذي حاول فيه الشبان تجميع العصي للدفاع عن أنفسهم... الساحات كانت مخيفة، لكن القوى الأمنية شكلت حاجزاً منعهم من الوصول إلينا، وقد اضطروا لأجل ذلك لاستخدام القنابل المسيلة للدموع». ويروي أحدهم، كيف ضرب أحمد وسُحِل من قبل الشبان على الدراجات النارية في أثناء محاولته إيصال صديقاته، وكيف تعرض أشخاص آخرون للضرب والعنف لمجرد وجودهم في المكان.
وفي المقابل، يختلف المشهد في ساحة الشهداء، حيث لم تلحق أضرار بالخيم، وبعض الشبان يواصلون عملهم على إنجاز مجسم طائر الفينيق في وسط الساحة، إلى جانب «قبضة الثورة». ويقول أحد المعتصمين في خيمة «شباب البقاع» إن «الساحة بعد الهجوم بقيت فيها قلة قليلة من الشبان»، وإن «القوى الأمنية منعت شبان الشارع الآخر من الدخول إلى الساحة».
وأمام موقف العازرية، لا تزال إحدى السيارات التي جرى تكسيرها مقابل الخيم موجودة في المكان. ويتحدث البعض عن 3 سيارات تعرضت للتكسير هناك، فيما يتحدث آخرون عن أن بعض أنصار الأحزاب استخدموا مادة المولوتوف حين وصلوا إلى وسط بيروت، وأن القوى الأمنية والجيش نالت حصتها من الحجارة، كما المعتصمين في الساحات.
وفي شارع مونو، حيث حاصرت القوى الأمنية أنصار الحزب والحركة، مشهد سيارات محروقة، وأخرى جرى تكسيرها من خلال رمي الحجارة الكبيرة عليها، فيما تعرضت واجهات بعض المحال لأضرار مادية أيضاً.
وهنا، تروي إحدى السيدات لـ«الشرق الأوسط» كيف دخل الشبان إلى الشارع الذي تسكن فيه، وكيف علت أصوات النسوة خوفاً مما ينتظرهن، متسائلة عن سبب التخريب الذي طال الأملاك الخاصة للناس، وتقول: «نحن سلميون. لماذا يتعرضون لنا؟ لم نكن على الطرقات، ولم نشارك في المظاهرات، من سيعوض أضرار الناس؟».
وأمس، قام الأمين العام للهيئة العليا للإغاثة اللواء محمد خير بجولة تفقدية في المنطقة التي وقعت فيها الاشتباكات، وسط بيروت، بتوجيهات من رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، تمهيداً لتكليف الفرق الفنية بإجراء كشف ميداني عليها لتحديد الأضرار وتعويض أصحابها.
كذلك باشرت الأجهزة القضائية والأمنية تحقيقاتها، بإشراف النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات، في إشكالات منتصف ليل أمس، التي نتج عنها إصابة عدد كبير من العسكريين والمدنيين، وتحطيم سيارات ومحال تجارية في شارع مونو، والاعتداء على الآمنين وترويعهم، بحسب ما ذكرته «الوكالة الوطنية للإعلام».



الجيش الأميركي: مقاتلات «إف-35» شاركت في ضرب الحوثيين

مقاتلة أميركية تستعد للإقلاع لتوجيه ضربة إلى مواقع الحوثيين (الجيش الأميركي)
مقاتلة أميركية تستعد للإقلاع لتوجيه ضربة إلى مواقع الحوثيين (الجيش الأميركي)
TT

الجيش الأميركي: مقاتلات «إف-35» شاركت في ضرب الحوثيين

مقاتلة أميركية تستعد للإقلاع لتوجيه ضربة إلى مواقع الحوثيين (الجيش الأميركي)
مقاتلة أميركية تستعد للإقلاع لتوجيه ضربة إلى مواقع الحوثيين (الجيش الأميركي)

كشف الجيش الأميركي عن مشاركة مقاتلات من طراز «إف-35 سي» في الضربات الأخيرة على مواقع الحوثيين، مؤكداً استهداف منشآت لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة، في سياق الحد من قدرات الجماعة المدعومة من إيران على مهاجمة السفن التجارية والعسكرية في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويأتي استخدام الجيش الأميركي لطائرات «إف-35 سي» في ضرباته على الحوثيين بعد أن استخدم الشهر الماضي القاذفة الشبحية «بي-2» لاستهداف مواقع محصنة تحت الأرض في صعدة وصنعاء.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية في بيان، أن قواتها نفذت سلسلة من الغارات الجوية الدقيقة على عدد من منشآت تخزين الأسلحة الحوثية الواقعة داخل الأراضي التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن، يومي 9 و10 نوفمبر (تشرين الثاني).

وبحسب البيان تضمنت هذه المرافق مجموعة متنوعة من الأسلحة التقليدية المتقدمة التي يستخدمها الحوثيون المدعومون من إيران لاستهداف السفن العسكرية والمدنية الأميركية والدولية التي تبحر في المياه الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن. كما أفاد بأن أصولاً تابعة للقوات الجوية والبحرية الأميركية بما في ذلك طائرات «إف-35 سي» شاركت في الضربات.

وطبقاً لتقارير عسكرية، تمتلك مقاتلة «إف-35» قدرات شبحية للتخفي تفوق مقاتلتي «إف-22» و«إف-117»، وقاذفة «بي-2»، ولديها أجهزة استشعار مصممة لاكتشاف وتحديد مواقع رادارات العدو وقاذفات الصواريخ، إضافة إلى تزويدها بحجرات أسلحة عميقة مصممة لحمل الأسلحة وتدمير صواريخ المنظومات الدفاعية الجوية من مسافة بعيدة.

وجاءت الضربات -وفق بيان الجيش الأميركي- رداً على الهجمات المتكررة وغير القانونية التي يشنها الحوثيون على الملاحة التجارية الدولية، وكذلك على السفن التجارية الأميركية وقوات التحالف في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن. وهدفت إلى إضعاف قدرة الحوثيين على تهديد الشركاء الإقليميين.

تصد للهجمات

أوضحت القيادة المركزية الأميركية أن المدمرتين «يو إس إس ستوكديل» و«يو إس إس سبروانس» إلى جانب طائرات القوات الجوية والبحرية الأمريكية، نجحت في التصدي لمجموعة من الأسلحة التي أطلقها الحوثيون أثناء عبور المدمرتين مضيق باب المندب.

وطبقاً للبيان الأميركي، اشتبكت هذه القوات بنجاح مع ثمانية أنظمة جوية من دون طيار هجومية أحادية الاتجاه، وخمسة صواريخ باليستية مضادة للسفن، وأربعة صواريخ كروز مضادة للسفن؛ مما ضمن سلامة السفن العسكرية وأفرادها.

مقاتلات «إف-35» الأميركية تمتلك قدرات حربية غير مسبوقة (أ.ب)

وإذ أكدت القيادة المركزية الأميركية عدم وقوع أضرار في صفوفها أو معداتها، وقالت إن إجراءاتها تعكس التزامها المستمر بحماية أفرادها والشركاء الإقليميين والشحن الدولي، مع الحفاظ على الأمن والاستقرار في المنطقة.

وأضافت أنها «ستظل يقظة في جهودها لحماية حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر وخليج عدن، وستواصل اتخاذ الخطوات المناسبة لمعالجة أي تهديدات للاستقرار الإقليمي».

ويزعم الحوثيون أنهم يشنون هجماتهم البحرية لمنع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، في سياق مساندتهم للفلسطينيين في غزة، وأخيراً لمساندة «حزب الله» في لبنان.

22 غارة

وكان إعلام الحوثيين أفاد بتلقي الجماعة نحو 22 غارة بين يومي السبت والثلاثاء الماضيين، إذ استهدفت 3 غارات، الثلاثاء، منطقة الفازة التابعة لمديرية التحيتا الواقعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية التي تتخذ منها الجماعة منطلقاً لشن الهجمات البحرية، واستقبال الأسلحة الإيرانية المهربة.

ويوم الاثنين، اعترفت الجماعة أنها تلقت 7 غارات وصفتها بـ«الأميركية والبريطانية»، استهدفت منطقة حرف سفيان شمال محافظة عمران، إلى جانب غارتين استهدفتا منطقة الرحبة في مديرية الصفراء التابعة لمحافظة صعدة، حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

كما أقرت بتلقي 4 غارات استهدفت منطقة جربان في الضواحي الجنوبية لصنعاء، إلى جانب غارة استهدفت معسكر «الحفا» في صنعاء نفسها، وغارتين ضربتا منطقة حرف سفيان في محافظة عمران، يوم الأحد.

طوربيد بحري استعرضه الحوثيون أخيراً زاعمين أنه بات ضمن أسلحتهم (إعلام حوثي)

وبدأت الموجة الجديدة من الضربات الغربية المتتابعة، مساء السبت الماضي؛ إذ استهدفت 3 غارات معسكرات الجماعة ومستودعات أسلحتها في منطقتي النهدين والحفا في صنعاء.

وبلغت الغارات الغربية التي استقبلها الحوثيون نحو 800 غارة، بدءاً من 12 يناير الماضي (كانون الثاني)؛ كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية لأول مرة، في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، في استهداف المواقع المحصّنة للجماعة في صنعاء وصعدة.

يشار إلى أنه منذ نوفمبر 2023، تبنّت الجماعة الحوثية قصف أكثر من 200 سفينة، وأدت الهجمات في البحر الأحمر إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وتقول الحكومة اليمنية إن الضربات الغربية ضد الجماعة غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانيها، وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي، واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.