المرزوقي يستقيل من رئاسة «حراك تونس الإرادة» ويعتزل السياسة

إثر هزيمته في الانتخابات الرئاسية الأخيرة

TT

المرزوقي يستقيل من رئاسة «حراك تونس الإرادة» ويعتزل السياسة

أعلنت الهيئة السياسية لحزب «حراك تونس الإرادة» قبول استقالة منصف المرزوقي الرئيس التونسي السابق، من رئاسة الحزب الذي أسسه سنة 2015، وقررت تكليف خالد الطراولي رئيس الهيئة السياسية، برئاسة الحزب إلى حين عقد مؤتمر انتخابي. وأشارت قيادات الحزب إلى نضالات وتضحيات المرزوقي والإرث الفكري والمعرفي الذي تركه وقررت تعيينه رئيساً شرفياً.
وتقدم حزب حراك الإرادة إلى الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة، ومني المرزوقي بالهزيمة في الدور الأول ولم يحصل سوى على 2.97 في المائة فقط من أصوات الناخبين، ولم يستطع الانتقال إلى الدور الثاني الذي انحصرت المنافسة فيه بين قيس سعيد ونبيل القروي، وكانت النتيجة النهائية لفائدة سعيد بأكثر من 70 في المائة من الأصوات. أما على مستوى نتائج الانتخابات البرلمانية، فلم يحصل حزب «حراك تونس الإرادة» على أي مقعد برلماني وهو ما عجل برحيل المرزوقي والتوجه نحو تجديد القيادة السياسية للحزب.
وكان المرزوقي قد شغل منصب رئيس الجمهورية من 2011 إلى 2014 وخاض المنافسات الرئاسية ضد الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، لكنه مني بالهزيمة في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية. يذكر أن الهيئة السياسية لهذا الحزب أبقت على هياكل الحزب وكلفتها بالانطلاق في تنفيذ برنامج عمل مرحلي معمق هدفه التقييم الشامل لأداء الحزب ولأسباب الهزيمة المدوية التي تعرض لها خلال الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة.
على صعيد آخر، أعلنت مجموعة من الأحزاب التونسية الصغيرة التي فازت بعدد قليل من المقاعد البرلمانية، اصطفافها إلى جانب الأحزاب المعارضة للائتلاف الحكومي الذي تتزعمه حركة النهضة. وفي هذا الشأن، قال فوزي الشرفي رئيس حزب المسار الديمقراطي الاجتماعي (حزب يساري) أن حزبه غير معني مباشرة بالمشاركة في الحكومة المقبلة لكنه سيظل ملماً بالشأن الوطني والسياسي وسيكمل مسيرته في كل المراحل السياسية، مؤكداً أن حزبه معني بكل ما يمس القرارات التنفيذية في الدولة.
وفي السياق ذاته، أعلن حزب «آفاق تونس» الذي كان يتزعمه ياسين إبراهيم قبل أن يقدم استقالته، أنه اعتذر عن تلبية دعوة رئيس الحكومة المكلف الحبيب الجملي قائلا إن «الحزب غير معني بالصفقات والمحاصصات في إطار المشاورات التي تعقدها حركة النهضة الحزب الفائز في الانتخابات لتشكيل الحكومة». وكان حزب آفاق تونس الفائز بمقعدين برلمانيين قد أعلن شغور منصب رئيس الحزب وتكليف رئيس المجلس الوطني، خالد الفراتي بمهام رئاسة الحزب بالنيابة، وذلك إثر استقالة ياسين إبراهيم. وحدد الحزب تاريخ مؤتمر وطني جديد نهاية أبريل (نيسان) 2020، وتكليف المكتب السياسي بالإعداد لهذا المؤتمر طبقا لأحكام النظام الداخلي للحزب.
من ناحيته، قال زياد الأخضر، رئيس حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحد (حزب يساري فائز بمقعد برلماني وحيد) إن حزبه غير معني بتشكيل الحكومة المقبلة، وأكد إثر لقاء جمعه مع رئيس الحكومة المكلف أن حزبه يبقى قوة سياسية معنية بتحقيق أهداف ثورة 2011 التي لم تتحقق طيلة السنوات الماضية.
في غضون ذلك وعلى الرغم من الصعوبات التي تعيق المشاورات حول تشكيل الحكومة التونسية المقبلة، فقد اعتبر عماد الخميري المتحدث باسم حركة النهضة أن اللقاءات التي عقدها الحبيب الجملي مرشح النهضة لرئاسة الحكومة كانت «مفيدة» من ناحية شرح فكرته حول تشكيل الحكومة وما يراه مناسباً من أولويات على مستوى الرؤية والبرنامج، كما أنها أخذت منحى شاملاً اتجه نحو جميع الأطراف، مما وسع دائرة التشاور. وبشأن سعي حزب «قلب تونس» بزعامة نبيل القروي للمشاركة في الحكومة مقابل رفض حزبه لذلك، قال الخميري إن «حركة النهضة هي الحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية، وقد قطعت وعوداً على نفسها أمام ناخبيها، وهي ضد إشراك «قلب تونس» في الحكم، وما على رئيس الحكومة إلا إثبات قدرته على التفاوض».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.