الناشط الأميركي مورتنسون يعود لأفغانستان لتجاوز فضيحة الماضي

صاحب كتاب «3 أقداح من الشاي» مصر على استعادة سمعته

مورتنسون في إحدى المدارس التي يرعاها («واشنطن بوست»)
مورتنسون في إحدى المدارس التي يرعاها («واشنطن بوست»)
TT

الناشط الأميركي مورتنسون يعود لأفغانستان لتجاوز فضيحة الماضي

مورتنسون في إحدى المدارس التي يرعاها («واشنطن بوست»)
مورتنسون في إحدى المدارس التي يرعاها («واشنطن بوست»)

قاد غريغ مورتنسون سيارته مسرعًا عبر شرق أفغانستان، آملا ألا يتعرض للهجوم من «طالبان». منذ بضع سنوات، عندما كان مورتنسون، صاحب كتاب «3 أقداح من الشاي»، أحد أكثر النشطاء شعبية على مستوى العالم كان يقف في انتظاره مجموعة من المسؤولين الأميركيين، لكن الآن وبعد أن تلطخت سمعته تمامًا، عاد مورتنسون بهدوء لأفغانستان.
وتأتي عودة الناشط الأميركي المثير للجدل لأفغانستان سعيا لإحياء نشاط منظمته الخيرية، «معهد آسيا الوسطى»، بالبلاد. وكان مورتنسون قد اكتسب شهرة واسعة باعتباره ناشطا بالمجال الإنساني بنى مئات المدارس في أفغانستان. وقد سعى بعض كبار الجنرالات الأميركيين للحصول على نصيحته بخصوص الديناميكيات القبلية الأفغانية، وتبرع الرئيس أوباما بـ100 ألف دولار لصالح منظمته. كما أثنى عليه الرئيس السابق بيل كلينتون، بينما اشترى كتابه 4 ملايين شخص.
والآن، ينظر الكثير من مريديه سابقا باعتباره مجرد محتال. ويرجع ذلك إلى تحقيق أجري عام 2012 بخصوص المنظمة الخيرية الخاصة به، «معهد آسيا الوسطى»، وكشف أنه خصص الملايين من التبرعات التي جمعها لنفقات شخصية، منها السفر وشراء ملابس. كما اتضح أن كتابه يحتوي قصصًا مختلقة، واتضح أن بعض المدارس التي تباهى بها ليس فيها طلاب، بل ويبدو أن بعضها لم يجر بناؤه من الأساس.
الآن، يحاول مورتنسون البدء من جديد والخروج من سنوات الألم والعار، بعد أن تلاشت التبرعات الموجهة لمنظمته الخيرية، وانتحر الكاتب الذي شاركه تأليف الكتاب من خلال إلقاء نفسه أمام قطار، وحاولت ابنته الانتحار، بينما أوشك مورتنسون نفسه على الموت جراء إصابته بأزمة قلبية.
ومع عودة مورتنسون للحياة العامة، تعاود التساؤلات التي طرحت حول كتابه والمنظمة التي يديرها للظهور، لكنه يأمل في تجاوزها. أما داخل أفغانستان، فما يزال مورتنسون يحتفظ بصورته القديمة باعتباره «مستر غريغ»، الرجل القادر على إحداث تحول في قرية من المزارعين الأميين فقط من خلال كتابة شيك. أما العار الذي لحق به فيكاد لا يكون له أثر هنا.
يذكر أن مورتنسون زار أفغانستان عدة مرات منذ سقوطه المدوي، حيث زار عدة مدارس في هدوء. إلا أنه خلال رحلة له هذا الصيف، دعا أحد المراسلين لقضاء بضعة أيام برفقته، وذلك في خطوة أولى للعودة إلى الحياة العامة وهي رحلة لا يبدو مستعدًا لها.
وقال مورتنسون بينما كانت السيارة تقطع طريقها بين كابل ومدرسة للفتيات في إقليم لوغار على بعد 20 ميلا: «الأميركيون يرغبون في وجود أبطال كي يؤمنوا بهم».
ومع ذلك، رحب مورتنسون بعالم الشهرة، حيث وجد فجأة العالم يشيد بالرجل الذي جرى تأليهه في كتاب «3 أقداح من الشاي»، وهو كتاب جرت صياغته بدقة، بل وخداع، كي يضع مورتنسون في صورة البطل.
وبالنسبة لأميركا التي كانت في حرب مع أفغانستان البعيدة، نجح مورتنسون في كسب بعض المصداقية على الأقل، حيث تنقل لسنوات بين باكستان وأفغانستان، وبنى أول مدرسة له بمنطقة ريفية باكستانية عام 1996.
وعمل على التواصل مع القيادات القبلية لمعاونة الجنرالات الأميركيين المعنيين بالتصدي للتمرد. وداخل أندية الكتب الأميركية، قال: «الحرب سيتم إحراز النصر فيها نهاية الأمر عبر الكتب، وليس القنابل»، وهي عبارة لم تجد صدى لها لديه هو شخصيًا، حيث كان يعي أن الكثير من المسلحين المتشددين لن يسمحوا مطلقًا بوجود مدرسة علمانية داخل قريتهم. ومع ذلك، وجدت العبارة صدى لها لدى الآخرين.
نجح مورتنسون في حصد تبرعات لصالح منظمته قاربت 23 مليون دولار عام 2010، ثم جاء السقوط. عام 2011، خرج برنامج «60 دقيقة» التلفزيوني ليكشف أن الجزء الأكبر من محتويات الكتاب الذي ألفه مورتنسون محض اختلاق، وأنه يستولي على الأموال الموجهة للمنظمة.
كما اتهمه جون كراكور، الذي يعد كتابه «3 أقداح من الخداع» أهم تحليل لجرائم مورتنسون، بالكذب حيال كل ما ادعاه تقريبًا، منها «الأعمال النبيلة التي قام بها، والمخاطر التي خاضها، والأشخاص الذين التقاهم، وعدد المدارس التي بناها».
بعد 3 سنوات، وأثناء جلوسه داخل الفندق الذي يقيم به في كابل، اعترف مورتنسون باقترافه بعض الأخطاء، منها نشره أكاذيب في ثنايا كتابه. إلا أنه استطرد بأنه لم يول اهتمامًا كبيرًا للكتاب، حيث عده مجرد أداة لنشر الوعي وجمع التبرعات. جدير بالذكر أن الجزء الأكبر من الكتاب صاغه الكاتب الذي شاركه التأليف، ديفيد أوليفر ريلين.
وتبقى أيضا مسألة عدد المدارس التي بناها. وعند سؤاله عن إحصاءات محددة بهذا الشأن، أجاب أنه لا يملك سوى التخمين. في الواقع، حتى المؤسسة العسكرية الأميركية ذاتها تجد صعوبة في تحديد عدد المدارس التي ما تزال عاملة من بين تلك التي أنشأتها. أحيانًا، يقول مورتنسون ما يعتقد أنه سيرضي الآخرين - أو على الأقل هذا ما أخبره به معالجه النفسي.
أما الاتهام الأكبر الذي أدين به مورتنسون فهو سوء إدارته المالية - خاصة استغلاله تبرعات موجهة لـ«معهد آسيا الوسطى» في تمويل جولات للترويج لكتابه «3 أقداح من الشاي» والتتمة التي صدرت بعده بعنوان «أحجار داخل المدرسة». يذكر أن مورتنسون تقاضى عشرات الآلاف من الدولارات مقابل الكلمات التي ألقاها في هذه الجولات، علاوة على نصيبه من عائدات بيع الكتاب. ومع ذلك، فإنه في الكثير من الحالات حمل المنظمة الخيرية التي يديرها تكاليف تولى سدادها بالفعل رعاة آخرون.
عام 2012، أصدر مكتب المدعي العام في مونتانا، حيث يعيش مورتنسون، قرارًا يجبره على رد مليون دولار للمنظمة، وهو ما فعله مورتنسون من مبيعات كتابه. كما جرى إجباره على التنحي من منصبه كعضو صاحب حق تصويت داخل مجلس إدارة المنظمة. إلا أنه ما يزال مسؤولا رفيع المستوى بالمنظمة، ويتقاضى أكثر من 150 ألف دولار سنويًا.
على مدار سنوات، ألح عليه الموظفون بالمنظمة لتوثيق نفقاته وتحسين مستوى الممارسات الإدارية، إلا أنه «رفض أو تجاهل هذه الطلبات»، حسبما ذكر تقرير المدعي العام.
وعلى الرغم من ذلك، لا يمكن نبذ مورتنسون تماما باعتباره مجرد استغلالي جشع، ذلك أن الحقيقة تبقى أنه يعرض نفسه لمخاطر جمة كي يتابع المدارس التي يتولى إدارتها. جدير بالذكر أن التهديدات الأمنية تحول دون زيارة الكثير من عمال الإغاثة الأجانب الموجودين بكابل لمشاريعهم، إلا فيما ندر.
وعلى الرغم من كل أخطائه، يبقى «معهد آسيا الوسطى» أحد أكبر المنظمات التعليمية غير الربحية بجنوب ووسط آسيا، حيث يرتاد المدارس التابعة للمنظمة آلاف الأطفال، معظمهم من الفتيات. ويعود هذا الأمر في جزء منه لكمية الأموال التي نجح مورتنسون في جمعها، علاوة على نجاح منظمته في بناء علاقات قوية بصورة فريدة من نوعها مع المجتمعات الريفية التي بنى المدارس بها.

* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»



لقطات جوية تظهر انتهاك كوريا الشمالية للعقوبات المفروضة على النفط الروسي

سفينة تتبع كوريا الشمالية في ميناء روسي (صورة نشرتها مجموعة «أوبن سورس سنتر»)
سفينة تتبع كوريا الشمالية في ميناء روسي (صورة نشرتها مجموعة «أوبن سورس سنتر»)
TT

لقطات جوية تظهر انتهاك كوريا الشمالية للعقوبات المفروضة على النفط الروسي

سفينة تتبع كوريا الشمالية في ميناء روسي (صورة نشرتها مجموعة «أوبن سورس سنتر»)
سفينة تتبع كوريا الشمالية في ميناء روسي (صورة نشرتها مجموعة «أوبن سورس سنتر»)

خلص تحليل لصور التقطتها أقمار اصطناعية ونشرتها هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) ومجموعة «أوبن سورس سنتر» التي مقرها بريطانيا، الجمعة، إلى ترجيح أن كوريا الشمالية تلقت أكثر من مليون برميل من النفط من روسيا على مدى ثمانية أشهر خلال العام الحالي، وهو ما يمثل انتهاكاً للعقوبات التي تفرضها الأمم المتحدة.

وأفاد التقرير، الذي نشر على الموقع الإلكتروني لمجموعة «أوبن سورس سنتر» البحثية، بأن ناقلات نفط من كوريا الشمالية أجرت أكثر من 40 زيارة إلى ميناء «فوستوتشني» في أقصى شرق روسيا منذ مارس (آذار)، وفقا لوكالة «رويترز».

وجاء في التقرير: «عشرات الصور عالية الدقة من الأقمار الاصطناعية وبيانات نظام التعريف الآلي، والصور التي نشرتها بعثات استطلاع بحري مكلفة بمراقبة أنشطة كوريا الشمالية ذات الصلة بخرق عقوبات الأمم المتحدة، تظهر ناقلات كورية شمالية وهي تجري عمليات تحميل متكررة بمحطة نفط في ميناء فوستوتشني الروسي»، مضيفاً أن وزارة الخارجية الروسية لم ترد على طلب للتعليق.