انخفاض عوائد السندات العالمية... والإصدارات الخليجية قوية

الدين الخليجي الإجمالي المتراكم 514 مليار دولار

متعامل في بورصة نيويورك في الولايات المتحدة الأميركية.(رويترز)
متعامل في بورصة نيويورك في الولايات المتحدة الأميركية.(رويترز)
TT

انخفاض عوائد السندات العالمية... والإصدارات الخليجية قوية

متعامل في بورصة نيويورك في الولايات المتحدة الأميركية.(رويترز)
متعامل في بورصة نيويورك في الولايات المتحدة الأميركية.(رويترز)

استمر انخفاض عوائد السندات العالمية في الربع الثالث من 2019. وذلك بسبب تراجع النمو الاقتصادي العالمي، وانخفاض التضخم، وانتهاج سياسة تيسيرية من قبل الفيدرالي الأميركي، بالإضافة إلى عدم إحراز تقدم في النزاع التجاري الأميركي - الصيني.
وفي غضون ذلك، اقتفت عوائد سندات مجلس التعاون الخليجي أثر نظيراتها العالمية، مع تراجعات أكثر حدة رغم ارتفاع المخاطر الجيوسياسية. وقد تأثرت عوائد سندات دول مجلس التعاون الخليجي، وفقا لتقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، بسياسة خفض أسعار الفائدة، والطلب القوي على إصدارات الدين الإقليمية والناتج عن إدراجها في المؤشر القياسي (EMBI)، إضافة إلى العوائد الجيدة نسبيا مقارنة بالمخاطر.
وكانت إصدارات دول مجلس التعاون الخليجي قوية مجددا في الربع الثالث من 2019. مستفيدة من انخفاض تكاليف الاقتراض وبيئة الطلب المواتية، حيث بلغ مجموع إصدارات السندات والصكوك (المحلية والدولية) 30 مليار دولار أميركي، هيمنت عليها السندات السيادية وإصدارات البنوك المحلية في الإمارات وقطر.

العوائد العالمية
أكد التقرير أن عوائد السندات العالمية حافظت على مسار سلبي في الربع الثالث من 2019. وذلك بسبب استمرار عدم حالة اليقين، واتخاذ السياسات النقدية مساراً توسعياً، إضافة إلى انخفاض مستويات التضخم وتباطؤ النمو الاقتصادي. وشكّل الجانب السياسي مزيدا من الضغط، مع تطورات التحقيق بعزل الرئيس الأميركي دونالد ترمب واستمرار عدم اليقين بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. فقد شهد الربع الثالث تخفيض مجلس الاحتياط الفيدرالي لسعر الفائدة مرتين على التوالي، بمقدار 25 نقطة أساس في كل مرة (يوليو/ تموز وسبتمبر/ أيلول)، مما ساعد على بقاء عوائد السندات منخفضة، في حين قدّم البنك المركزي الأوروبي تحفيزا جديدا في سبتمبر.
وشهدت عوائد السندات الحكومية البريطانية أكبر التراجعات الربعية بمقدار 35 نقطة على أساس ربعي، تلتها عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات وعوائد السندات الألمانية التي انخفضت بمقدار 33 نقطة أساس و24 نقطة أساس على التوالي. ولكن عوائد الحكومة اليابانية كانت أقل تأثرا، إذ انخفضت بمقدار 6 نقاط أساس فقط، ولكنها، إلى جانب عوائد السندات الألمانية، أصبحت الآن في النطاق السلبي بشكل قوي. وإضافة إلى ذلك، تجدر الإشارة إلى أن منحنى العائد الأميركي لم يعد معكوسا، حيث دفع خفض أسعار الفائدة الأخير منحى العائد صوب اتجاه إيجابي بشكل طفيف.
وكما كان متوقعا، تبلور ثالث خفض لمجلس الاحتياط الفيدرالي بمقدار 25 نقطة أساس في أكتوبر (تشرين الأول) ليصل بذلك إلى النطاق المستهدف 1.50 - 1.75 في المائة، ولكن المجلس قد اعتمد موقفا أكثر حيادية مستقبلا، مشيراً إلى أن دورة التيسير قد لا تستمر حيث جاء ذلك في أعقاب صدور تقرير إيجابي للوظائف الأميركية ويبقى القطاع الاستهلاكي جيدا نسبيا رغم أن النشاط التجاري والصناعي لا يزال ضعيفاً في الولايات المتحدة وأوروبا. كما انخفضت أيضا توترات السوق في أكتوبر (تشرين الأول) وسط بعض التطورات الإيجابية بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والنزاع التجاري الأميركي - الصيني.
وقد أدّى التحول في الثقة إلى انخفاض الطلب على الملاذات الآمنة وإلى انتعاش في أسواق الأسهم. وبسبب ذلك، ارتفع عائد سندات الخزينة الأميركية لآجل عشر سنوات من 1.5 في المائة في أغسطس (آب) إلى 1.7 في المائة في بداية نوفمبر (تشرين الثاني).

عوائد السندات الخليجية
تبعت عوائد سندات مجلس التعاون الخليجي السيادية عوائد نظيراتها العالمية وانخفضت في الربع الثالث من 2019. ولكن بشكل أكبر عموما. فقد تأثرت عوائد سندات دول مجلس التعاون بعوامل عالمية منها المخاوف بشأن النمو، وسياسة التيسير النقدي، وعدم اليقين المحيط بالمفاوضات التجارية. ولكن عوامل أخرى أثرت على تراجعات العوائد، وبشكل رئيسي التدفقات الأجنبية الكبيرة التي جاءت بسبب إدراج السندات السيادية لخمس دول من مجلس التعاون الخليجي (باستثناء عمان) في المؤشر القياسي «جي بي مورغان» للأسواق الناشئة (EMBI) بأصول مدارة تقدّر قيمتها بمبلغ 300 مليار دولار قياسا إلى هذا المؤشر. ونتج عن الإدراج، الذي بدأ في يناير (كانون الثاني) 2019 وانتهى في سبتمبر (أيلول)، تدفقات أجنبية بنحو 30 مليار دولار، شكّلت نحو 11 في المائة من المؤشر المذكور لدول مجلس التعاون الخليجي الخمس. والجدير ذكره أن هذه العوامل عوضت ارتفاع العائد الذي كاد أن ينتج عن ازدياد المخاطر الجيوسياسية التي طرأت عقب الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها المنشآت النفطية السعودية في سبتمبر (أيلول) الماضي.
وشهدت عمان والبحرين أكثر التراجعات حدة في عوائد سنداتها السيادية، التي تراجعت بمقدار 84 و83 نقطة أساس على التوالي، إذ أن الدولتين اعتمدتا إصلاحات تهدف إلى ضبط أوضاع المالية العامة. وبالفعل، تشير التقارير الحديثة إلى تحسن ملحوظ في الوضع المالي الحالي لعُمان، ويبدو أن البحرين تمضي في مسارها للتخلص من عجز الميزانية بحلول 2022. ونتيجة لذلك، كانت عوائد الإصدارات السيادية الجديدة للبحرين وعمان في سبتمبر وأغسطس، على التوالي أقل من عوائد الإصدارات السابقة.
وقد يكون إطلاق «البرنامج الوطني للتوازن المالي» الجديد قد ساعد على ارتفاع الطلب على الدين العماني، الأمر الذي يمكن أن يسرّع ضبط أوضاع المالية العامة عن طريق خفض الإنفاق وتحسين زيادة الإيرادات. وفي هذه الأثناء، تراجعت عوائد السندات السيادية الكويتية في الأسواق الثانوية بمقدار 23 نقطة أساس، تماشيا مع المسارات العالمية والإقليمية.
وقد تستمر على الأرجح عوائد سندات دول مجلس التعاون الخليجي مستقبلا بالتأثر بالعوائد العالمية، التي انخفضت في الربع الثالث من 2019 بسبب المخاوف من تباطؤ النمو والتجارة. ولكن تراجع عوائد سندات دول مجلس التعاون الخليجي قد تكون محدودة إذا ما بدأ تباطؤ النمو العالمي بالتأثير على الطلب على النفط، ليخفض بذلك أسعار النفط ويزيد العجز المالي ومتطلبات التمويل في دول مجلس التعاون الخليجي. ومن ناحية أخرى، فإن ازدياد التوترات الإقليمية الجيوسياسية أو استمرارها سيرفع على الأرجح عوائد هذه السندات.

إصدارات دول مجلس التعاون
كانت إصدارات دول مجلس التعاون الخليجي (المحلية والعالمية) في الربع الثالث من 2019. قوية وبلغت 30 مليار دولار، شكّلت الصكوك نحو 2.3 مليار دولار منها. وجاء نصف هذه الإصدارات تقريبا من الإمارات العربية، بينما أصدرت الحكومة القطرية ما قيمته 4 مليارات دولار. وتضمنت الإصدارات في الربع الثالث من 2019 إصدار عُمان لما قيمته 3 مليارات دولار من السندات الدولية على شريحتين في أغسطس (آب)، استفادت فيها من الأسواق العالمية للمرة الأولى في 18 شهرا، وإصدار البحرين في سبتمبر (أيلول) لما قيمته 2 مليار دولار من السندات والصكوك، وهو الإصدار الأول منذ تسلم حزمة المساعدة من دول مجلس التعاون الخليجي السنة الماضية. وكانت حكومة أبوظبي هي أكبر مصدر، حيث بلغ إصدارها في سبتمبر (أيلول) 10 مليارات دولار من سندات الدولية في ثلاث شرائح مدة استحقاقها 5 و10 و30 سنة، فيما أصدرت السعودية في يوليو ما قيمته 3.3 مليار من السندات في جزأين. وارتفع مجموع الدين القائم (المحلي والعالمي) من 500 مليار دولار تقريبا في الربع الثاني إلى 514 مليار دولار في نهاية الربع الثالث.
ويعزى الطلب العالمي القوي على سندات دين دول مجلس التعاون الخليجي إلى تزايد الديون ذات العائد المنخفض والسالب بشكل كبير في أسواق الديون العالمية. وبالإضافة إلى ذلك، تستمر العوائد التي كانت منخفضة لعدة سنوات في تقديم حافز لحكومات دول مجلس التعاون الخليجي لإصدار المزيد من سندات الدين، يقابل ذلك استحقاقات كبيرة نسبيا للديون الخليجية. ويستحق ما قيمته 43 مليار دولار من السندات والصكوك في 2019. منها 36 مليار استحقت بالفعل حتى نهاية أكتوبر (تشرين الأول). وفي ظل هذه المتغيرات، يتوقع أن تبقى الإصدارات قوية خلال ما تبقى من هذه السنة، ويبدو أن سنة 2019 ستكون سنة قوية فيما يخص إصدارات سندات الدين الإقليمية.



تحت رعاية ولي العهد... السعودية تستضيف المؤتمر السنوي العالمي 28 للاستثمار

ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز (الشرق الأوسط)
ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز (الشرق الأوسط)
TT

تحت رعاية ولي العهد... السعودية تستضيف المؤتمر السنوي العالمي 28 للاستثمار

ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز (الشرق الأوسط)
ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز (الشرق الأوسط)

تحت رعاية ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، تستضيف المملكة المؤتمر السنوي العالمي الثامن والعشرين للاستثمار (دبليو آي سي)، في الرياض، خلال الفترة من 25 إلى 27 نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، الذي تنظمه منصة «استثمر في السعودية»، بالشراكة مع الرابطة العالمية لوكالات ترويج الاستثمار (دبليو إيه آي بي إيه).

وسيلتقي في هذا الحدث البارز الذي يركز على تسخير التحول الرقمي والنمو المستدام عن طريق توسيع فرص الاستثمار، نخبة من أبرز الشخصيات العالمية من القطاعين الحكومي والخاص، ومن كبار المستثمرين، وممثلي المنظمات والهيئات الدولية، والجهات ذات العلاقة بتنمية وتنويع وتعزيز الاستثمار.

وأكّد وزير الاستثمار المهندس خالد الفالح، أن المملكة في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، أصبحت وجهة رئيسة جاذبة للمستثمرين والاستثمارات، وتشهد في إطار «رؤية 2030» نمواً غير مسبوق في إجمالي حجم الاستثمارات وتنوعها.

وقال إن انعقاد مؤتمر الاستثمار العالمي هذا العام في الرياض، سيوفّر منصة تطرح فيها المملكة رؤيتها الاستراتيجية أمام شركائها من حضور المؤتمر، كما سيكون فرصة سانحةً لتسليط الضوء على مكانة وإمكانات البلاد بوصفها شريكاً موثوقاً به في الاستثمار والنمو الاقتصادي المستدام، مبيناً أن السعودية ترحب بقادة الاستثمار والمؤثرين فيه من جميع أنحاء العالم، لبناء شراكات من شأنها أن تعود بالنفع على الدولة والعالم أجمع.

وبينما أسفرت رؤية 2030 عن إصلاحات اقتصادية رائدة؛ أصدرت المملكة ما يزيد على 28900 رخصة استثمار أجنبي؛ تعكس بوضوح كيف أصبحت الرياض وجهة رئيسة للمستثمرين الدوليين، خصوصاً مع السماح بالملكية الأجنبية بنسبة 100 في المائة في قطاعات محددة، ومع تبسيط إجراءات السجلات التجارية واستخراج التأشيرات، وغير ذلك من التسهيلات التي أفضت مجتمعة إلى توفير مناخ ملائم وجاذب للمستثمرين في قطاعات متنوعة؛ مثل الطاقة المتجددة والخدمات اللوجيستية والذكاء الاصطناعي.

كما تمكن البيئة الاستثمارية الجاذبة التي طورتها المملكة من تشكيل اقتصاد مرن يتصدر طليعة الاقتصادات المستندة إلى الابتكار والتطوير.

من جهته، أوضح المدير التنفيذي وكبير الإداريين التنفيذيين للرابطة العالمية لوكالات ترويج الاستثمار إسماعيل إرساهين، أن الحدث سيشكل مساحةً ثريةً تتيح الفرصة للمستثمرين والهيئات والجهات المهتمة بترويج الاستثمار لمناقشة الفرص الاستثمارية الناشئة على الساحة العالمية، التي تتسم بسرعة النمو والتطور.

ولفت إلى أن الرابطة تثمن اهتمام قيادة المملكة، ووضوح رؤيتها التنموية، عادّاً هذين العنصرين جوهريين في جعل هذه النسخة من المؤتمر العالمي للاستثمار لقاءً مثمراً لجميع المشاركين.

وسيضم برنامج المؤتمر العالمي الثامن والعشرين للاستثمار مجموعة من الفعاليات والمسارات المهمة؛ مثل الحوارات الوزارية رفيعة المستوى، والجلسات الحوارية المُعمّقة حول التقنية والاستدامة والتعاون الاقتصادي، بالإضافة إلى ورش العمل التي يقدمها الخبراء للعاملين في مجال الاستثمار.

وسيركّز مسار الفعاليات المخصص لريادة الأعمال على الدور التحولي الذي تنهض به الشركات الناشئة والمبتكرون، في حين ستُيسر جلسات التعارف الحصرية بناء الشراكات الاستراتيجية بين المستثمرين والشركات الصغيرة والمتوسطة، وغير ذلك من الشركاء المحتملين.

وسيشهد المشاركون في المؤتمر الاحتفاء بإنجازات وكالات ترويج الاستثمار في الفعالية المخصصة لذلك، حيث سيتم تكريم الابتكار والتميُّز في تيسير الاستثمار.

ومن المتوقع أن يكتسب المؤتمر العالمي الثامن والعشرون للاستثمار أهمية خاصةً، لأنه يتماشى مع موضوعات الاستثمار العالمية، التي تشمل التأثير الهائل للتقنيات والذكاء الاصطناعي، ومرونة سلاسل الإمداد العالمية، والتحولات في مجال الطاقة نحو الاستدامة، والدور التحولي الذي يُمكن أن يقوم به رواد الأعمال والشركات الناشئة في إعادة تشكيل البيئة الاستثمارية.

وسيناقش القياديون وذوو العلاقة بالاستثمار، دور هذه العوامل في إعادة صياغة الاقتصادات، وتعزيز ودعم نماذج الاستثمار الطموحة في جميع أنحاء العالم. وقد صُمم برنامج فعاليات المؤتمر لتزويد الحاضرين بالوسائل والمعرفة وقنوات التواصل اللازمة لتحقيق التأثير الاقتصادي الهادف، مع التركيز على تنمية فرص الاستثمار.