ابتكارات علمية تحوّل «ورد النيل» لوقود وأعلاف وفلاتر

أزمة المياه في مصر فتحت «خزانة الأبحاث»

ابتكارات علمية تحوّل «ورد النيل» لوقود وأعلاف وفلاتر
TT

ابتكارات علمية تحوّل «ورد النيل» لوقود وأعلاف وفلاتر

ابتكارات علمية تحوّل «ورد النيل» لوقود وأعلاف وفلاتر

فرضت أزمة المياه في مصر ضرورة الاستفادة من كل قطرة تصلها عبر نهر النيل، الأمر الذي دفع باحثين للعمل على إيجاد حلول لأحد أهم التحديات التي تواجه النهر، وهو ذلك النبات الشره لامتصاص المياه، والمسمى شعبيا بـ«ورد النيل»، واسمه العلمي (Water Hyacinth)، والذي يتسبب في خسارة 3.5 مليار متر مكعب من المياه، في بلد يعاني من فقر مائي. ودخل هذا النبات مصر في عهد الخديوي توفيق (1879 - 1892) كأحد نباتات الزينة لتمتعه بزهرة جميلة بنفسجية اللون، إلا أنه صار أحد أهم العوامل السلبية المؤثرة على حصة مصر من المياه، وهو ما دفع أحد باحثين بكلية الزراعة جامعة المنصورة (شمال شرقي القاهرة) إلى العمل على إنتاج مبيد حيوي يساعد في التخلص منه.
وأنتج الدكتور ياسر شبانة، الأستاذ بكلية الزراعة، هذا المبيد في صورة مستحلب يمكنه القضاء على ورد النيل في غضون 7 أسابيع من تطبيقه، وفاز عنه بجائزة أحسن بحث تطبيقي في أسبوع القاهرة للمياه 2019 في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
إلا أن الإشادة التي نالها هذا المنتج، لم تمنع البعض من التعليق مطالبين بالتفكير في الموضوع من وجهة نظر عملية عبر فتح خزانة أبحاث ورد النيل، والتي تمتلئ بالعشرات من الأبحاث التي تحوله من نقمة يسعى الدكتور شبانة إلى إبادتها، إلى نعمة يمكن أن تدر دخلاً اقتصادياً.
ويقول الدكتور خالد شلبي، الأستاذ بكلية العلوم جامعة الزقازيق (شمال شرقي القاهرة) لـ«الشرق الأوسط»: «هناك الكثير من الأفكار التي تخلق من هذا المصدر وقودا حيويا، وآن الأوان لتطبيقها، لخلق قيمة اقتصادية تدفع للحرص على التطهير الدائم للمجاري المائية من هذا النبات».
ومن بين الأبحاث التي سعت لاستخدام ورد النيل في إنتاج الوقود الحيوي، ذلك الذي خرج من جامعة القاهرة، ونشر بدورية (Waste and Biomass Valorization) في فبراير (شباط) عام 2018.
في هذا البحث، الذي نفذه كل من سناء شنب وعماد شلبي وإيمان حنفي، تم جمع عينات ورد النيل في أربعة مواسم خلال عامي 2014 و2015، ثم تم تحديد نسبة الدهون، ومحتوى الغلسرين، والكربوهيدرات وغير ذلك من المركبات الكيميائية الحيوية. وأظهرت النتائج أن محتويات الدهون المتغيرة في ورد النيل كانت تتراوح بين (6.79 - 10.45 في المائة)، والتي أنتجت عن طريق التحول وقودا حيويا بنسبة (3.22 - 6.36 في المائة).
وكان الوقود الحيوي المنتج من ورد النيل، ضمن معايير الوقود المصرية الموصى بها، ويتمتع بثبات جيد ومقبولية للاستخدام في محركات الديزل.
سماد للتربة الرملية
ومن الوقود للزراعة، حيث أشار الدكتور عبد الله عبد المطلب بكلية الزراعة جامعة الفيوم (جنوب غربي القاهرة) إلى استخدامه كسماد. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «التاريخ يقول إن كل المحاولات السابقة للسيطرة على النبات سواء بالوسائل البيولوجية والميكانيكية، لم تحقق النجاح الكامل، والتحدي الحقيقي ليس في كيفية التخلص من النبات لكن في كيفية الاستفادة منه». وأشار عبد المطلب إلى أفكار خرجت حول استخدامه كأحد العناصر المساعدة في تسميد التربة. ومنها ما جاء في دراسة للباحث الدكتور محمود عبد الصبور، من هيئة الطاقة الذرية، نشرتها دورية (Electronic Journal of Environmental، Agricultural and Food Chemistry) في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2010 لإمكانية استخدامه في تسميد التربة الرملية.
وتوصل في الدراسة إلى أن استخدام ورد النيل كسماد خاصة في التربة الرملية، يمكن أن يحسن بعض الخصائص الفيزيائية والكيميائية للتربة ويزود المحاصيل الزراعية بالكثير من العناصر الغذائية.
وأشارت إلى ميزة أخرى، وهي أنه إذا كانت بيئة المياه التي نما فيها ورد النيل نظيفة، فإن مستويات المعادن الثقيلة في السماد المعد منه، ستكون أقل من الأسمدة العضوية الشائعة في السوق،
أعلاف عالية القيمة
أيضا هناك أبحاث، هي الأقدم، لتوظيف ورد النيل في الإنتاج الحيواني، كما يشير الدكتور محمد حمدي، الأستاذ بكلية الزراعة بجامعة الزقازيق. يقول حمدي لـ«الشرق الأوسط»: «رغم قدم هذه الأبحاث ووصولها لنتائج تطبيقية مهمة، فإنها لم تأخذ حيز التنفيذ حاليا، وقد حان وقت خروجها للنور».
وفي دراسة لفريق يضم (حسين عبد الشافي ومحمد فريد وعلي شمس الدين) من كليتي الزراعة بجامعتي المنوفية والزقازيق، وقسم تلوث المياه بالمركز القومي للبحوث، نشرت في نوفمبر 2016 بدورية (Egyptian Journal of Chemistry)، أخذ عينات نبات ورد النيل من المجرى الرئيسي للنهر في منطقة القناطر الخيرية بمحافظة القليوبية (شمال القاهرة)، وتم أخذ العينات في شهور مارس (آذار) وأغسطس (آب) وديسمبر (كانون الأول) لمدة عامين متتاليين هما 2014 و2015.
تم تقدير السكريات والكربوهيدرات الكلية في أجزاء النبات المختلفة، حيث أظهر الساق أعلى تراكم للسكريات المختزلة، في حين كان أعلى تركيز للسكريات غير المختزلة والكلية في الأوراق وذلك خلال موسمي الدراسة.
وأظهر تحليل العناصر وجود كل من الصوديوم والبوتاسيوم والماغنسيوم والكالسيوم بتركيزات مرتفعة نسبيا، في حين كانت نسبة الحديد والزنك والمنجنيز متوسطة، أما العناصر الثقيلة مثل الكوبلت والرصاص فقد وجدت بتركيزات منخفضة.
وخرج الباحثون من هذه الدراسة بنتيجة أن نبات ورد النيل يمكن استخدامه كعلف للماشية، بشرط عدم وجود أي من العناصر الثقيلة في المياه التي يوجد بها، لقدرته الكبيرة على امتصاص تلك العناصر من المياه.
فلاتر للتنقية
الشرط الذي وضعه الفريق البحثي الخاص باكتشاف قدرات ورد النيل كعلف، هو الذي أوحى لفريق بحثي من المركز القومي للبحوث باستخدام ورد النيل في إنتاج فلاتر لتنقية المياه.
وحصل الفريق البحثي، الذي يقوده الدكتور مدحت إبراهيم، من قسم الطيف بشعبة البحوث الفيزيقية بالمركز القومي للبحوث، على براءة اختراع في ديسمبر 2015، حول طريقة لتنقية المياه من المخلفات الصناعة باستخدام ورد النيل.
يعتمد المنتج على تحويل ورد النيل لمسحوق بعد تجفيفه، ثم خلطه بمادة بوليمرية لها خاصية امتصاص المخلفات غير العضوية، وهي مادة كيتوزان، ويتم الجمع بين المسحوق والكيتوزان على هيئة كريات متناهية الصغر، حجمها يتراوح بين 700 لـ900 ميكرومتر.
يقول إبراهيم لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الكريات عند وضعها في المياه المحملة بالمخلفات غير العضوية مثل الرصاص والكادميوم تقوم بجذب تلك المخلفات.



دراسة أسترالية: ارتفاع درجات الحرارة يتباطأ داخل المدن الكبرى الملوثة

دراسة أسترالية: ارتفاع درجات الحرارة يتباطأ داخل المدن الكبرى الملوثة
TT

دراسة أسترالية: ارتفاع درجات الحرارة يتباطأ داخل المدن الكبرى الملوثة

دراسة أسترالية: ارتفاع درجات الحرارة يتباطأ داخل المدن الكبرى الملوثة

إن مسألة ما إذا كان الانحباس الحراري العالمي يتسارع، هي مسألة مثيرة للجدال بشدة بين علماء المناخ، ففي حين زعم ​​البعض أن معدل الانحباس الحراري الحالي -الذي بلغ أعلى مستوى له على الإطلاق في العام الماضي- يرتبط ارتباطاً وثيقاً بزيادة انبعاثات الوقود الأحفوري وبالتالي يتماشى مع نماذج المناخ الحالية؛ يُحذر آخرون من أن الأرض أضحت أكثر حساسية لتأثيرات الوقود الأحفوري مما كان يُعتقد سابقاً، وأن البشرية تتجه نحو نقاط تَحوّل لا يمكن العودة منها.

وتيرة ارتفاع الحرارة أقل داخل مومباي والقاهرة

في دراسة حديثة، زادت مجموعة من الباحثين من جامعة ملبورن تعقيد هذا النقاش من خلال تحليل معدلات الانحباس الحراري في جميع أنحاء العالم والأسباب المحتملة للاختلافات الإقليمية.

النتيجة الرئيسية التي توصلوا إليها: تزداد حرارة الكرة الأرضية بمعدل أسرع، لكن هذا التسارع يحدث بشكل غير متساوٍ. ولكن من المثير للدهشة أن المناطق ذات الكثافة السكانية العالية مع التركيزات الكبيرة من الفقر -المدن الكبرى مثل القاهرة ومومباي-ـ ترتفع درجة حرارتها ببطء أكثر من المراكز الحضرية في أوروبا وأميركا الشمالية.

دقائق الهباء الجوي تعكس أشعة الشمس

لماذا؟ وجد الباحثون أن الكمية الكبيرة من دقائق الهباء الجوي في الهواء في المدن شديدة التلوث تعكس ضوء الشمس إلى الفضاء، وعلى الأقل في الأمد القريب، يمكن أن يكون لها تأثير تبريدي صافٍ على السكان.

وأشادت إديث دي جوزمان، المتخصصة في سياسة التكيف في مركز لوسكين للابتكار بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس، بالباحثين، على عملهم.

وأكد مؤلفو الورقة البحثية أن النتيجة لا ينبغي أن تؤخذ على أنها علامة جيدة. فمن ناحية، من المرجح أن تكون مؤقتة فقط. وثانياً، تأتي الحماية، كما هي، فقط من الملوثات الضارة. ووافقت دي جوزمان على هذا الاستنتاج، قائلةً إن الاحترار المتسارع يعني أن «السكان الذين هم بالفعل عُرضة بشكل صارخ لمجموعة متنوعة من الظلم البيئي والمناخي سوف يكونون أكثر عرضة للخطر».

التخلص من التلوث الجوي يزيد الحرارة

ومع تطور البلدان اقتصادياً، تميل حكوماتها إلى تبني سياسات لتنقية البيئة من التلوث، ولكن مع صفاء الهواء، سوف تتعرض الفئات السكانية الضعيفة لخطر التعرض للحرارة الشديدة. وقد قدم كريستوفر شوالم، مدير برنامج المخاطر في مركز «وودويل لأبحاث المناخ»، مثال الصين، حيث بدأت الحكومة في تجهيز محطات الطاقة التي تعمل بالفحم بتقنيات الحد من الانبعاثات مثل أجهزة التنظيف، لمنع السخام من التسرب من المنشأة. وقال إن مثل هذه التدابير جيدة لجودة الهواء، لكنها ستسمح بتسرب مزيد من الحرارة من الشمس.

الفقر يزيد تأثيرات ارتفاع الحرارة

وسوف يكون الأكثر تضرراً هم أولئك الذين لا يستطيعون الوصول إلى مكيفات الهواء والمناطق المظللة. وأضاف شوالم: «كلما كنت أكثر فقراً، ارتفعت درجة الحرارة، حيث تكون الحرارة استعارة لجميع أشكال اضطراب المناخ».

وأوضح شوالم أن المجتمع العلمي لديه نحو ثلاثين نموذجاً مناخياً متطوراً للغاية يُنظر إليه بشكل جماعي على أنه «لجنة من الخبراء» حول مسار الانحباس الحراري العالمي. يعتقد أن دراسة الاحترار المتسارع مفيدة لأنها يمكن أن تساعد البلدان على التخطيط لتدابير التكيف مع المناخ وفهم مدى واقعية أهداف سياسة المناخ الحالية -أو عدمها.

تغيرات مناخية مؤثرة

في العام الماضي، لم يحقق العالم أهداف الانبعاثات من اتفاقية باريس لعام 2015، وهو في طريقه لفعل نفس الشيء هذا العام. أصبح العلماء أكثر صراحةً بشأن ما تسمى وفاة التزام اتفاقية باريس بالحفاظ على العالم دون زيادة في درجة الحرارة بمقدار 1.5 درجة مئوية (2.7 درجة فهرنهايت)، في محاولات لإجبار صناع السياسات على التعامل مع حتمية موجات الحر المتفاقمة والأحداث الجوية المتطرفة القادمة.

يقدم مؤلفو ورقة ملبورن رؤى مطلوبة بشدة حول شكل المستقبل وكيف يجب على الدول الاستعداد: «يجب أن تشجع نتائجهم «استراتيجيات التكيف مع المناخ المستهدفة» الموجهة إلى أفقر المجتمعات الحضرية في جميع أنحاء العالم.

* مجلة «فاست كومباني»، خدمات «تريبيون ميديا».