الأمن يسحل ويطلق النار... عودة الإنترنت تكشف خفايا المظاهرات الإيرانية

أحد البنوك مُحترق في طهران جراء الاحتجاجات على ارتفاع أسعار الوقود (رويترز)
أحد البنوك مُحترق في طهران جراء الاحتجاجات على ارتفاع أسعار الوقود (رويترز)
TT

الأمن يسحل ويطلق النار... عودة الإنترنت تكشف خفايا المظاهرات الإيرانية

أحد البنوك مُحترق في طهران جراء الاحتجاجات على ارتفاع أسعار الوقود (رويترز)
أحد البنوك مُحترق في طهران جراء الاحتجاجات على ارتفاع أسعار الوقود (رويترز)

نيران الرشاشات كانت الرد على المتظاهرين الذين يُلقون الحجارة، ومسلحو «الحرس الثوري» الإيراني على دراجاتهم النارية يطاردون المتظاهرين، في حين تقوم قوات أمن بملابس مدنية بالإمساك برجل وضربه وسحله وسط الشارع لمصير غامض.
كانت هذه هي الصور التي ظهرت للنور مع استعادة إيران لخدمات الإنترنت بعد تعطيله من جانب الحكومة منذ أسبوع، مع انتشار مقاطع فيديو جديدة للمظاهرات ضد ارتفاع أسعار البنزين في إيران، والحملة الأمنية العنيفة التي تلتها، حسب ما نقلته «وكالة أسوشيتيد برس» الأميركية للأنباء.
ولا تقدم مقاطع الفيديو التي انتشرت مع عودة الإنترنت سوى قدر يسير من الجانب المخفي لما حدث خلال الأسبوع الماضي، لكنها إلى حد ما تملأ الفراغ الكبير، الذي تركته القنوات التلفزيونية والإذاعية، التي تسيطر عليها الدولة في إيران.
وتفرغت وسائل الإعلام الإيرانية لتقديم تفسيرات المسؤولين الحكوميين حول «المؤامرات الأجنبية والجماعات المنفية» التي تحرّض على المظاهرات. وقالت صحيفة «همشهري» اليومية المعتدلة في تحليل، اليوم (الأحد)، إن الصحف لم تقدم إلا دور «العامل في قسم العلاقات العامة للحكومة» فقط.

ولا تعترف وسائل الإعلام الإيرانية أن ارتفاع أسعار البنزين في 15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي بأمر من الحكومة هو ما أجّج الأوضاع في المدن الإيرانية المختلفة، خصوصاً أنه جاء في وقت يشهد فيه سكان إيران البالغ عددهم 80 مليون شخص انخفاضا في المدخرات وقلّة في الوظائف المتاحة، تحت ضغط العقوبات الأميركية المفروضة على طهران.
ولم تقدم السلطات بعدُ أيّ أرقام إجمالية عن عدد الأشخاص الذين قُتلوا أو أُصيبوا أو حتى قُبض عليهم خلال عدة أيام من الاحتجاجات التي اجتاحت نحو 100 مدينة وبلدة إيرانية. في حين قالت «منظمة العفو الدولية» إنها تعتقد أن الاضطرابات والقمع أسفرت عن مقتل 106 أشخاص على الأقل.
وابتداءً من 16 نوفمبر، علقت الحكومة الإيرانية خدمات الإنترنت في جميع أنحاء البلاد، ومنذ أمس (السبت)، بدأت خدمة الإنترنت تعود تدريجياً في البلاد، وعادت تطبيقات المراسلة إلى العمل نسبياً، كما بدأت مقاطع الفيديو تنتشر على نطاق واسع مرة أخرى.
وأظهر فيديو في مدينة شيراز (680 كيلومتراً إلى الجنوب من طهران) حشد من أكثر من 100 محتج تُطلق عليهم الشرطة النار في حين يرد المتظاهرون بإلقاء الحجارة.
فيديو آخر من مدينة كرمان (800 كيلومتر جنوب شرقي طهران) يُظهر أعضاء من قوات «الباسيج» المنتمية لـ«الحرس الثوري»، وهم يطاردون المحتجين بالدراجات النارية. في حين يُظهر مقطع فيديو آخر من كرمانشاه (420 كيلومتر جنوب غربي طهران) قوات الأمن في ثياب مدنية، وهي تسحب رجلاً من شعر رأسه، وغيرها من الفيديوهات التي انتشرت اليوم بشكل كبير مع عودة خدمات الإنترنت.

وذكر موقع «ميزان» الإخباري التابع للقضاء الإيراني أن قيادياً بارزاً بـ«الحرس الثوري» دعا السلطة القضائية لإصدار أحكام صارمة على مَن وصفهم «بالمرتزقة» الذين شاركوا في الاحتجاجات، على رفع أسعار الوقود، الأسبوع الماضي.
وقال الأميرال علي فداوي أحد نواب قائد الحرس الثوري: «قبضنا على كل المرتزقة الذين اعترفوا بالقيام بأعمال لحساب أميركا، وإن شاء الله النظام القضائي في البلاد سيعاقبهم بأشد العقوبات».
وشهدت شوارع المدن الإيرانية الكبرى احتجاجات على تحصيص ورفع سعر المحروقات في البلاد، وتأتي المظاهرات في مرحلة دقيقة بالنسبة إلى السلطات الإيرانية، قبل بضعة أشهر من انتخابات تشريعية مقررة في فبراير (شباط) المقبل.
ويعاني الاقتصاد الإيراني انكماشاً بالغاً جراء انسحاب الولايات المتحدة، عام 2018 من الاتفاق الدولي حول البرنامج النووي الإيراني المُوقع في 2015، وإعادة فرض عقوبات أميركية مشددة على طهران.



انتحار مواطن سويسري في أحد سجون إيران

عناصر من الشرطة الإيرانية (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الشرطة الإيرانية (أرشيفية - رويترز)
TT

انتحار مواطن سويسري في أحد سجون إيران

عناصر من الشرطة الإيرانية (أرشيفية - رويترز)
عناصر من الشرطة الإيرانية (أرشيفية - رويترز)

ذكرت وكالة «ميزان» التابعة للسلطة القضائية في إيران، اليوم الخميس، نقلاً عن رئيس المحكمة العليا في إقليم سمنان الإيراني، أن مواطناً سويسرياً اعتُقل في إيران بتهمة التجسس، انتحر في السجن، وفقاً لوكالة «رويترز».

وقال محمد صادق أكبري: «انتحر مواطن سويسري، صباح اليوم، في سجن سيمنان. واعتقلت الأجهزة الأمنية هذا المواطن السويسري بتهمة التجسس... وكان يجري التحقيق في قضيته».

ولم تقدم وكالة «ميزان» مزيداً من التفاصيل حول هوية المواطن السويسري، وأضافت أن جهود إنعاش السجين باءت بالفشل.

وبحسب «ميزان أون لاين»، فإن المواطن السويسري طلب من سجين معه في الزنزانة إحضار بعض الطعام من مقصف السجن، و«استغلّ الوقت الذي كان فيه وحيداً للانتحار». وأضاف المصدر، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، أن سلطات السجن «تدخّلت على الفور (لمحاولة) إنقاذ حياته، لكن جهودها لم تثمر».

ولم يكشف الموقع عن أيّ تفاصيل فيما يتعلّق بتاريخ اعتقال السويسري أو كيفية انتحاره.

وفي السنوات القليلة الماضية، اعتقل «الحرس الثوري» الإيراني العشرات من المواطنين مزدوجي الجنسية والأجانب، معظمهم بتهم تتعلق بالتجسس والأمن.

وتلعب سويسرا دور الوسيط المهم بين واشنطن وطهران؛ إذ تمثل المصالح الأميركية في إيران، وتشارك الرسائل بين البلدين.

وتقبع في سجن «إيوين» في طهران الفرنسية سيسيل كولر مع شريك حياتها جاك باري اللذان أُوقفا خلال رحلة سياحية، ووجّهت إليهما السلطات الإيرانية تهمة «التجسّس»، ما «يرفضه بشدة» أقرباؤهما.

وفي يونيو (حزيران) الماضي، تم الإفراج عن سويديين كانا معتقلين في إيران، في إطار عملية تبادل سجناء شملت خصوصاً دبلوماسياً في الاتحاد الأوروبي.

وفي عام 2023، رعت سلطنة عُمان مفاوضات للإفراج عن ستة أوروبيين، بينهم الناشط الإنساني البلجيكي أوليفييه فانديكاستيل المدان بالتجسس، والذي كان احتجز لسنة ونيّف.